المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةغازمقالات الغازمقالات النفطنفط

قطاع النفط والغاز الروسي يترقّب تطور علاقات الطاقة مع أميركا (مقال)

فيلينا تشاكاروفا* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • إيرادات النفط والغاز الروسيين 2025 بلغت 8 مليارات و680 مليون دولار في يناير
  • • شركة غازبروم تواجه تحديات كبيرة في تعويض صادراتها المفقودة عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا
  • • حضور شركات خدمات حقول النفط الأميركية كان ضروريًا لإنتاج الهيدروكربونات في روسيا
  • • إمكانات التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في مجال الطاقة تحمل تداعيات جيوسياسية كبيرة

يترقّب قطاع النفط والغاز الروسي تطوّر علاقات الطاقة مع الولايات المتحدة، خصوصًا بعد تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لولاية رئاسية ثانية في يناير/كانون الثاني الماضي.

في هذا الإطار، أفادت وزارة المالية الروسية بأن إيرادات النفط والغاز في يناير/كانون الثاني 2025 بلغت 789.1 مليار روبل (8 مليارات و680 مليون دولار)، وهو ما يمثّل زيادة كبيرة بنسبة 16.9% مقارنة بالمدة نفسها من العام السابق.

ويأتي هذا في أعقاب إيرادات حقّقها قطاع النفط والغاز الروسي بلغت 790.2 مليار روبل في ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 21.5% على أساس سنوي.

ويمكن أن يُعزى الأداء القوي لإيرادات قطاع النفط والغاز الروسي في يناير/كانون الثاني 2025 -إلى حد كبير- إلى 3 عوامل رئيسة: انخفاض قيمة الروبل الروسي، وارتفاع سعر خام الأورال، وزيادة الضرائب على استخراج المعادن ورسوم التصدير.

*(روبل روسي= 0.011 دولارًا أميركيًا)

تأثير انخفاض قيمة الروبل في صادرات النفط والغاز الروسية

أدّى انخفاض قيمة الروبل دورًا ملحوظًا في تعزيز إيرادات الدولة الروسية، وسجّل متوسط سعر الصرف لشهر يناير/كانون الثاني 2025 نحو 100.4 روبلًا مقابل الدولار الأميركي، وهو انخفاض حاد من 88.7 روبلًا لكل دولار في يناير/كانون الثاني 2024.

تجدر الإشارة إلى أن انخفاض قيمة الروبل يفيد موازنة روسيا، لأن صادرات قطاع النفط والغاز الروسي تُسعّر بالدولار وتُحوّل إلى روبل للاستهلاك المحلي.

وقد أدت هذه الحركة النقدية إلى زيادة كبيرة في الإيرادات المقوّمة بالروبل، ما ساعد في رفد موازنة الدولة على الرغم من الضغوط الاقتصادية الخارجية.

وكان أحد العوامل الرئيسة المساهمة في ارتفاع الإيرادات هو سعر خام الأورال الذي بلغ في المتوسط 67.66 دولارًا للبرميل في يناير/كانون الثاني 2025، مقارنة بـ64.14 دولارًا للبرميل في الشهر نفسه من العام السابق.

القسم البولندي من خط أنابيب الغاز يامال
القسم البولندي من خط أنابيب الغاز يامال – الصورة من أوفشور تكنولوجي

وأدّى الجمع بين الأسعار المرتفعة وسعر الصرف المواتي إلى وصول سعر الروبل للبرميل من خام الأورال إلى نحو 6 آلاف و800 روبل في يناير/كانون الثاني 2025، مقارنة بـ6 آلاف و480 روبلًا في ديسمبر/كانون الأول 2024.

وقد تجاوز هذا التوقعات في الموازنة الأولية، ما يوفّر ملاءة مالية ضرورية للغاية للحكومة.

وشهدت الحكومة الروسية زيادة في إيرادات الضرائب، خصوصًا من ضريبة استخراج المعادن والرسوم الجمركية على صادرات قطاع النفط والغاز الروسي.

وبلغت إيرادات ضريبة استخراج المعادن وحدها 1.049 تريليون روبل في يناير/كانون الثاني الماضي، ارتفاعًا من تريليون روبل في الشهر السابق.

تخفيضات إنتاج النفط التي تعهّدت بها روسيا

على الرغم من تخفيضات إنتاج النفط التي تعهّدت بها روسيا لتحالف أوبك+، وتصل إلى 471 ألف برميل يوميًا في الربع الثاني من عام 2024 مع تمديدها إلى الربع الثالث، فإن الامتثال كان غير منضبط.

في يناير/كانون الثاني 2025، بلغ إنتاج النفط الروسي 8.977 مليون برميل يوميًا، وهو انخفاض متواضع قدره 27 ألف برميل يوميًا مقارنة بشهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وواجهت الحكومة الروسية التزامات بالتعويض عن عدم الامتثال السابق لحصص الإنتاج، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الإنتاج بدءًا من أبريل/نيسان المقبل.

قطاع الغاز الروسي

شهد قطاع الغاز الطبيعي الروسي نموًا في الإيرادات نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، وليس زيادة أحجام الصادرات.

واستفادت شركة غازبروم (Gazprom)، عملاقة الغاز المملوكة للدولة في روسيا، من هذه الأسعار المرتفعة، ولكنها استمرت في التعامل مع قيود مالية كبيرة.

وفي الوقت نفسه، تأثر الوضع المالي للشركة بإلغاء "الإضافة" الخاصة بالغاز من ضريبة استخراج المعادن MET بدءًا من يناير/كانون الثاني 2025، ما أدى إلى تحرير 600 مليار روبل.

إزاء ذلك، برزت الحاجة إلى إعادة استثمار هذه الأموال في مشروعات واسعة النطاق مثل محطة أوست-لوغا للغاز المسال، التي تتطلّب ما يقرب من 2.882 تريليون روبل من الأموال المقترضة، وخط أنابيب "باور أوف سيبيريا-2"، الذي يتطلّب 1.5 تريليون روبل على مدى 5 سنوات.

عمليات إنشاء خط أنابيب الغاز (باور أوف سيبريا 2)
عمليات إنشاء خط أنابيب الغاز "باور أوف سيبيريا-2" - الصورة من صحيفة ذا موسكو تايمز

وتواجه شركة غازبروم تحديات كبيرة في تعويض صادراتها المفقودة عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا.

وعلى الرغم من نقل نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا، في عام 2024، فإنه من غير المرجح أن يستمر هذا الحجم في عام 2025.

وفي إطار محاولات الشركة لزيادة استعمال خط أنابيب "ترك ستريم"، فإن زيادة قدرتها تقتصر على نحو 4-5 مليارات متر مكعب سنويًا.

وقد يوفّر رفع العقوبات المحتمل على خط أنابيب يامال-أوروبا، الذي تبلغ قدرته 33 مليار متر مكعب سنويًا، راحة كبيرة، لكن هذا لا يزال غير مؤكد.

ويُعد تحول شركة غازبروم نحو الصين من خلال خط أنابيب باور أوف سيبيريا محفوفًا بالتحديات، حيث تبيع روسيا الغاز إلى الصين بأسعار أقل بكثير من تلك التي باعتها إلى أوروبا في السابق.

وتعزّزت مرونة الموازنة الروسية في أوائل عام 2025 من خلال مزيج من أسعار الطاقة المرتفعة والروبل الضعيف.

رغم ذلك، لا تزال هناك حالة من الضبابية بشأن استقرار سوق النفط، وفاعلية تخفيضات الإنتاج داخل تحالف أوبك+، وتأثير العقوبات الغربية المستمرة.

وبدأ الروبل في تعزيز قوته في فبراير/شباط الجاري، وانخفض سعر خام الأورال إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل.

بدورها، فإن الزيادة المتوقعة في الإنتاج داخل أوبك+ بحلول نهاية مارس/آذار 2025، التي ستضيف 2.2 مليون برميل يوميًا إلى العرض العالمي، قد تزيد من الضغوط الهبوطية على الأسعار.

مشاركة أميركا تاريخيًا في قطاع النفط والغاز الروسي

قبل الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في عام 2022، أدت شركات الطاقة الأميركية دورًا ملحوظًا في قطاع النفط والغاز الروسي.

وتمثّل دور الولايات المتحدة في مشاركة شركة إكسون موبيل الأميركية (ExxonMobil)، التي تمتلك حصة قدرها 30% في مشروع سخالين-1.

وكان هذا المشروع المشترك مع شركة روسنفط (Rosneft)، التي تديرها الدولة الروسية، أحد أكبر الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة في روسيا.

بالإضافة إلى شركة إكسون موبيل، كان حضور شركات خدمات حقول النفط الأميركية، بما في ذلك هاليبرتون، وشلمبرجيه، وبيكر هيوز، ضروريًا لإنتاج الهيدروكربونات في روسيا.

وقدّمت هذه الشركات خبرات بالغة الأهمية في مجال التكسير المائي الهيدروليكي، والحفر الأفقي، وخدمات حقول النفط، وهي التقنيات التي كانت فعّالة لزيادة كفاءة الإنتاج وتطوير احتياطيات النفط الروسية صعبة الاستخراج.

خزانات الوقود في منشأة تابعة لشركة روسنفط بمنطقة سامارا في روسيا
خزانات الوقود في منشأة تابعة لشركة روسنفط بمنطقة سامارا في روسيا – الصورة من رويترز

وعلى الرغم من أن روسيا كانت من كبار منتجي النفط والغاز، فإنها ظلت تعتمد بصورة كبيرة على التكنولوجيا الغربية.

وكانت البلاد تستورد أكثر من 90% من معدات الحفر، وتعتمد بصفة كاملة على أنظمة الحفر الدوارة الأجنبية.

في المقابل، فإن 50% من معدات التعدين و30% من معدات الاستكشاف الجيوفيزيائي جاءت من موردين غربيين.

في أعقاب غزو أوكرانيا في عام 2022، بدأ انسحاب الشركات الأميركية، ما أثر بشدة في قطاع النفط لدى روسيا.

من ناحية ثانية، انسحبت شركة إكسون موبيل رسميًا من مشروع سخالين-1، على الرغم من أن روسيا عملت على تعقيد العملية من خلال تمديد الموعد النهائي لانسحاب الشركة.

وأوقفت شركات هاليبرتون وشلمبرجيه وبيكر هيوز عملياتها في روسيا، ما أدى إلى خلق فجوة تكنولوجية فورية.

ردًا على ذلك، حدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أهدافًا طموحة لإحلال بدائل محلية محل تقنيات حقول النفط الغربية، ولكن بحلول عام 2025، لم تكن روسيا قد حققت بعد المستوى الضروري من الاكتفاء الذاتي. واستمرت روسيا في استيراد أكثر من نصف معدات التكسير المائي الهيدروليكي في البلاد.

وحول بعض تقنيات الحفر المتخصصة، ظل اعتماد روسيا على الموردين الأجانب عند مستوى يقارب 100%.

آفاق التعاون بين أميركا وروسيا في القطب الشمالي

يُعد القطب الشمالي منطقة إستراتيجية رئيسة لإنتاج الطاقة العالمية، حيث يحتوي على ما يُقدّر بنحو 13% من النفط غير المستغل في العالم، و30% من احتياطياته من الغاز الطبيعي.

وتحتل روسيا موقعًا مهيمنًا في موارد الهيدروكربونات بالقطب الشمالي، مع وجود مكامن رئيسة في شبه جزيرة يامال وبحري كارا وبارنتس.

في الماضي، كان القطب الشمالي منطقة تعاون بين شركات الطاقة الروسية والأميركية.

وأطلقت شركتا إكسون موبيل وروسنفط مشروعات مشتركة طموحة لاستكشاف النفط في القطب الشمالي، لكن هذه المشروعات تعطّلت بسبب العقوبات في عام 2014 بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم.

وبحلول عام 2018، تخلّت شركة إكسون موبيل بالكامل عن عملياتها بالقطب الشمالي في روسيا.

وخلال المحادثات الأميركية الروسية الأخيرة في العاصمة السعودية، أعرب رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي، كيريل دميترييف، عن أمله في عودة شركات النفط الأميركية إلى روسيا.

وسلّط دميترييف الضوء على إمكانات المشروعات المشتركة في القطب الشمالي، مؤكدًا أن التعاون يمكن أن يعزّز الربحية لكلا الجانبين.

رغم ذلك، لا تزال هناك عقبات كبيرة، حيث تمنع العقوبات الغربية المستمرة الولايات المتحدة من التعامل مع إيران.

من جهتها، تواجه روسيا، حاليًا، تحديات كبيرة في التعامل مع مشكلة القطب الشمالي، حيث تمنع العقوبات الغربية الشركات الأميركية من المشاركة في مشروعات القطب الشمالي، ويزيد اعتماد روسيا المتزايد على الشراكات الصينية في مجال الطاقة من تعقيد إمكان المشاركة الأميركية.

ويعتمد إمكان تجديد التعاون في مجال الطاقة بين الولايات المتحدة وروسيا إلى حد كبير على حدوث تحول كبير في السياسة الخارجية الأميركية تجاه روسيا بعد عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عام 2025.

مشروع يامال للغاز المسال التابع لشركة نوفاتك الروسية في القطب الشمالي
مشروع يامال للغاز المسال التابع لشركة نوفاتك الروسية في القطب الشمالي - الصورة من إنرجي إنتليجنس

التداعيات الجيوسياسية لعلاقات الطاقة بين أميركا وروسيا

تحمل إمكانات التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في مجال الطاقة تداعيات جيوسياسية كبيرة.

وفي حال كانت الولايات المتحدة عازمة على العودة إلى قطاع النفط والغاز الروسي، فسوف يتطلب ذلك إعادة تقييم سياسة العقوبات التي كانت ركيزة في إستراتيجية واشنطن ضد موسكو منذ عام 2014.

وفي الوقت نفسه، تُعطي رئاسة ترمب الأولوية للمصالح الاقتصادية على حساب المواجهة الجيوسياسية، ما يخلق مساحة لشركات النفط الأميركية لإعادة دخول روسيا.

ومن المرجح أن يواجه أي تعاون من هذا القبيل مقاومة من جانب الحلفاء الأوروبيين، الذين يظلون ملتزمين بتقليص الاعتماد على قطاع النفط والغاز الروسي.

من ناحيتها، تؤدي الصين دورًا مهمًا في هذه المعادلة، وعلى مدى العقد الماضي، وجهت روسيا صادراتها من الطاقة بصورة متزايدة نحو الصين، وعرضت حسومات كبيرة لتأمين عقود طويلة الأجل.

وإذا تحركت الولايات المتحدة لإعادة تأسيس وجود اقتصادي في قطاع النفط والغاز الروسي، فقد يؤدي ذلك إلى تعطيل هيمنة بكين بصفتها الشريك الأساسي لروسيا في مجال الطاقة.

وسيكون مثلث الطاقة المتطور بين الولايات المتحدة وروسيا والصين عاملًا حاسمًا في تحديد استقرار الطاقة العالمية والتوافقات الجيوسياسية في السنوات المقبلة.

فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق