
أثار دخول شركة خاصة لتصدير شحنات نفط ليبية العديدَ من علامات الاستفهام، حول تراجع نفوذ المؤسسة الوطنية للنفط، وتقاسم إيرادات القطاع الأهم في البلاد في ظل حالة الانقسام السياسي.
وصدّرت شركة ليبية خاصة -يدور حديث حول علاقتها بنجل القائد العام لقوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) خليفة حفتر- نفطًا بقيمة 600 مليون دولار على الأقل منذ مايو/أيار 2024.
ويُمثل دخول شركة أركينو (Arkenu) للنفط لتصدير شحنات نفط ليبية نهايةً لاحتكار المؤسسة الوطنية للنفط للصادرات، وفقًا لسجلات الشحن التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بالإضافة إلى خبراء الأمم المتحدة.
والشحنات التي قامت بها شركة أركينو للنفط (تأسست عام 2023) هي الأولى من قِبل شركة ليبية خاصة، وتعني أنه من المحتمل توجيه بعض عائدات النفط في البلاد بعيدًا عن مصرف ليبيا المركزي.
عائدات النفط الليبي
تركزت الخلافات في كثير من الأحيان على توزيع عائدات النفط الليبي من قِبل المصرف المركزي في طرابلس؛ إذ أوقفت قوات حفتر -التي تسيطر على معظم حقول النفط- الإنتاج أو الصادرات بشكل دوري، كان آخرها في أغسطس/آب من العام الماضي؛ لضمان استمرار تدفق الأموال شرقًا.
ومنذ سقوط الرئيس معمر القذافي في عام 2011، تُمزق ليبيا نزاعات بين الفصائل المسلحة، وهي منقسمة إلى حد كبير بين حكومة معترف بها دوليًا ومقرها طرابلس في الغرب، وإدارة منافسة في الشرق تسيطر عليها قوات القائد العسكري خليفة حفتر.
وعلى الرغم من عدم تحديد من يملك شركة أركينو بدقة؛ فإن تقريرًا للجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة صدر في 13 ديسمبر/كانون الأول، أشار إلى أن شركة النفط الخاصة كانت تحت سيطرة صدام حفتر، أحد أبناء خليفة حفتر، بشكل غير مباشر.

وقال مدير التحقيقات في مجموعة "ذا سنتري" المعنية بالتحقيقات والسياسات تشارلز كاتر: "هذه سابقة مذهلة تعكس النفوذ المتزايد للجهات الفاعلة في ليبيا على قطاع النفط".
ووفقًا لموقعها الإلكتروني، يقع المقر الرئيس لشركة أركينو التي تأسست عام 2023، في مدينة بنغازي، وتُعد من أولى الشركات الخاصة في ليبيا بمجال تطوير النفط والغاز وإنتاجهما، بالإضافة إلى تطوير الحقول والمواني النفطية.
وتقول شركة أركينو للنفط إن لديها حفّارات حديثة بقوة 1500 حصان و1200 حصان، بمواصفات عالمية ووفق أحدث مستويات من التقنية والجودة، وتهدف إلى الإسهام في زيادة الإنتاج.
وتضم الشركة فريقًا من الخبراء، الذين يمتلكون خبرة تزيد على 35 عامًا؛ إذ يشمل الفريق مجموعة من الخبراء الذين تقلّدوا مناصب رفيعة في كبرى شركات إنتاج الصناعات النفطية وتطويرها، بحسب بيانات الشركة عبر موقعها الرسمي.
يُشار إلى أن صدام حفتر عُين رئيسًا لأركان القوات البرية للجيش الوطني الليبي في مايو/أيار 2024؛ ما سمح له بزيادة نفوذه ومصالحه الاقتصادية، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة.
صادرات النفط الليبية
ارتبط اسم أركينو لأول مرة بشحنات نفط ليبية عندما حصلت الشركة على شحنة في مايو/أيار 2024، من قِبل شركة الخليج العربي للنفط (أجوكو)، وهي شركة تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط.
ومنذ ذلك الحين، صدرت أركينو 7 شحنات نفط ليبية أخرى، ليصل إجمالي صادراتها بين مايو/أيار وديسمبر/كانون الأول 2024 إلى 7.6 مليون برميل، تبلغ قيمتها نحو 600 مليون دولار، بحسب متوسط سعر خام برنت الشهري.
وحصلت شركة إكسون موبيل الأميركية على إحدى الشحنات المتجهة إلى إيطاليا في 28 أكتوبر/تشرين الأول، وفقًا لبيانات كبلر (Kpler).
واشترت شركة يونيبيك، الذراع التجارية لسينوبك الصينية، أكبر شركة تكرير في العالم، على شحنتين أخريين على الأقل متجهتين إلى بريطانيا وإيطاليا.
وفي 10 يوليو/تموز 2024، بدأت أركينو تصدير النفط الليبي، إذ صدّرت أولى شحناتها البالغة مليون برميل من النفط من خام حقلي السرير والمسلة عبر محطة مرسى الحريقة النفطية على متن ناقلة من فئة سويس ماكس، التي استأجرتها شركة التجارة الصينية "يونيبك".
وفي 16 أغسطس/آب 2024، صدّرت أركينو للنفط ثاني شحنة، بلغ حجمها مليون برميل من النفط من خام حقلي السرير والمسلة عبر محطة مرسى الحريقة النفطية على متن الناقلة ياسا بولاريس، بحسب بيانات تتبع السفن.
وفي 26 أغسطس/آب الماضي صدّرت ثالث شحنة بحجم مليون برميل من خام حقلي السرير والمسلة عبر محطة مرسى الحريقة النفطية إلى تريستي الإيطالية على متن الناقلة ماران بوسيدون، التي استأجرتها شركة بي جي إن (BGN) التركية لتجارة السلع الأساسية.

حالة الفوضى في ليبيا
تشهد ليبيا، ثاني أكبر منتج للنفط في أفريقيا وعضوة منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، حالة من الفوضى منذ الإطاحة بالقذافي، لكن صادرات النفط ظلّت تحت سيطرة الحكومة المركزية.
ولا تزال المؤسسة الوطنية للنفط، التي عملت لمدة طويلة بشكل مستقل وحافظت على الحياد السياسي في البلاد المضطربة، تمثل الجزء الأكبر من الصادرات الليبية.
وشحنت المؤسسة الوطنية للنفط نحو 264 مليون برميل بقيمة تقارب 21 مليار دولار خلال المدة نفسها، تغطي شحنات أركينو الـ8، بناء على بيانات كبلر.
وعادة ما تتم مدفوعات شحنات النفط الخام التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط بالدولار إلى حساب البنك المركزي بالمصرف الليبي الخارجي في نيويورك، قبل نقلها إلى حساب حكومة طرابلس لدى البنك المركزي.
وأظهرت وثائق الشحن أن مدفوعات شحنات أركينو طُلب سدادها إلى حسابات في الإمارات دبي الوطني المرتبط بحكومة دبي وبنك التجارة والإيداع في جنيف.
وبدأ تصدير النفط الليبي بوساطة شركة أركينو بناء على اتفاق مع المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، التي تُخصص لشركة النفط الخاصة حصة غير محددة من إنتاج حقلي السرير والمسلة التابعين لشركة الخليج العربي للنفط، مقابل القيام بأعمال لتعزيز الإنتاج في المواقع.
فإلى جانب السماح لها بتصدير النفط الخام، أصبحت أركينو أيضًا شريكةً في حقلي السرير والمسلة النفطيين الرئيسين، كما أصبحت شريكةً في تطوير 3 حقول نفط أصغر.
وكانت مصادر قد أكدت أن شركة أركينو للنفط لديها حسابات بنكية في سويسرا والإمارات، ولا توجد لديها أي أموال مودعة في حسابات ليبيا، وأنها حاليًا هي المستفيد الوحيد من مبيعات حقلي المسلة والسرير.
موضوعات متعلقة..
- صادرات النفط الليبي تتلقى صدمة.. احتجاجات تمنع تحميل الخام
- إيرادات النفط الليبي في 2024.. أين ذهب فارق الـ6 مليارات دولار؟
اقرأ أيضًا..
- حقل غاز ضخم يستعد لإنعاش مصر بـ800 مليون قدم مكعبة
- حصاد وليد فياض في قطاع الطاقة اللبناني.. ماذا حدث في 40 شهرًا؟
- واردات الغاز المسال الأوروبية تترقب انفراجة.. وقطر في مقدمة المستفيدين (تقرير)
المصدر..