استعمال الهيدروجين في المنازل يحتاج إلى إعادة نظر.. وتحذير من خطر (دراسة)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- عدد من شركات المرافق الأميركية تجرب مشروعات الهيدرروجين في المنازل
- عمليات حرق الهيدروجين ليست نظيفة تمامًا وقد تصدر أكاسيد النيتروجين
- التعرض لمستويات مرتفعة من أكاسيد الهيدروجين يزيد من مخاطر أمراض الجهاز التنفسي
- تسرب الهيدروجين في الغلاف الجوي أسرع من الميثان وتأثيراته المناخية أخطر
- فرصة البدائل القائمة على الكهرباء مثل المضخات الحرارية أقوى من الهيدروجين
تواجه خُطط استعمال الهيدروجين في المنازل انتقادات عبر الولايات المتحدة وعدد من البلدان الأوروبية التي تتبنّى خيار وقود الهيدروجين بديلًا للوقود الأحفوري في أغراض التدفئة المنزلية والطهي.
في هذا السياق، حذّرت دراسة نقدية حديثة -حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- من أن استعمال الهيدروجين في تدفئة المنازل وأعمال الطهي ينطوى على مخاطر متعلقة بالصحة والسلامة.
كما توصلت الدراسة إلى أن استعمال الهيدروجين في المنازل وسيلة غير فاعلة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع المباني، داعية الشركات وصناع السياسات إلى إعادة النظر في هذه الخطط.
ويخطّط عدد من شركات المرافق العامة في أميركا للتوسع في مزج الهيدروجين مع الغاز الطبيعي، أو استعماله بصورة شاملة في أغراض التدفئة والطهي بالمنازل في بعض الولايات.
تجارب استعمال الهيدروجين في أميركا
تُدرِج وزارة الطاقة الأميركية استعمال الهيدروجين في المنازل عبر خلطه مع الغاز الطبيعي أو الميثان، ضمن خيارات إزالة الكربون من المباني، ورغم ذلك فلم يثبت أنه خيار واسع التطبيق حتى الآن، إذ ما تزال تجارب مزجه لأغراض التدفئة والطهي محدودة.
وعلى سبيل المثال، أطلقت شركة دومينيون إنرجي الأميركية (Dominion Energy) في عام 2023، مشروعًا تجريبيًا لمزج الهيدروجين مع الغاز بنسبة 5%، لاستعماله في أغراض التدفئة والطهي لـ1800 منزل في ولاية يوتا غرب الولايات المتحدة.
كما تمتلك الشركة مشروعًا تجريبيًا آخر لمزج الهيدروجين بنسبة 5% بمدينة هدسن بولاية أوهايو، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
في السياق ذاته، بدأت شركة مرافق ولاية مينيسوتا، سنتر بوينت إنرجي (Center Point Energy)، مشروعًا متواضعَا في وسط مدينة مينيابوليس عام 2022.
كما أطلقت شركة ناشيونال غرد (National Grid) البريطانية، مشروعًا مماثلًا للتجربة على 800 منزل، في مدينة هيمبستيد بولاية نيويورك عام 2021، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتتوقع بعض الشركات الأميركية -مثل شركة إن دبليو ناتشورال (NW Natural)، التي تقدّم خدماتها في ولاية أوريغون- زيادة مزج الهيدروجين مع الغاز بنسبة تصل إلى 20% خلال السنوات المقبلة.
مخاطر استعمال الهيدروجين في المنازل
تخشى الدراسة النقدية التي نشرها معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي من تزايد مخاطر الصحة والسلامة المترتبة على استعمال الهيدروجين في المنازل، على عكس ما يصوره المؤيدون المستندون إلى أنه وقود نظيف لا ينتج انبعاثات في أثناء حرقه.
ورغم أن هذه المعلومات متداولة بكثافة بين الجمهور، فإنها قاصرة؛ لأن حرق الهيدروجين ليس عملية نظيفة بالكامل، حتى لو كان من النوع الأخضر المستخلص من الماء وليس الوقود الأحفوري.
فقد أثبتت دراسات عديدة أن عمليات حرق الهيدروجين في تطبيقات التدفئة أو توليد الكهرباء، وإن كانت لا تصدر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكن قد تنتج عنها زيادة انبعاثات أكاسيد النيتروجين.
ويمكن لمستويات مرتفعة من هذه الأكاسيد في محيط الهواء المنزلي، أن تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بأمراض الربو والجهاز التنفسي، خاصة في حالات التعرّض الطويل لها.
ولا تقف مخاطر استعمال الهيدروجين في المنازل عند هذا الحد، وإنما تمتد إلى مخاطر تسربه العالية في حالة خلطه مع الميثان، بنسبة تزيد على 50%، بحسب دراسة المعهد.
ورغم أن الهيدروجين لا يُصنّف ضمن الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فإنه أسرع في التسرب للغلاف الجوي من الميثان، كما أن حساب مخاطره المناخية قد تزيد على ثاني أكسيد الكربون 33 مرة خلال 20 عامًا، بحسب دراسة ألمانية حديثة نشرتها وحدة أبحاث الطاقة.
وإلى جانب إمكانات التسرب الأعلى، يتمتع الهيدروجين بقدرة انفجارية أعلى، ودرجة حرارة لهب أعلى، كما أن ألسنة اللهب الهيدروجينية غير مرئية إلى حد كبير في ضوء النهار، بحسب تقارير متصلة صادرة عن وزارة الطاقة الأميركية.
فعلى سبيل المثال حذّر المختبر الوطني للطاقة المتجددة التابع للوزارة، ضمن نتائج فحص قضايا خلط الهيدروجين في شبكات خطوط أنابيب الغاز الطبيعي عام 2013، من احتمالات زيادة الاشتعال والأضرار الناتجة عن حالات المزج مقارنة بالمخاطر التي يفرضها الغاز منفردًا.
فرص بدائل الهيدروجين أقوى
تواجه خطط استعمال الهيدروجين في المنازل مخاطر اقتصادية أخرى، متمثلة في القدرة التنافسية الضعيفة أمام البدائل الأخرى القائمة على الكهرباء والمرشحة لإزالة الكربون من قطاع المباني.
وتُعدّ المضخات الحرارية من أكثر البدائل المرشحة للمنازل في هذا السياق، وهي بديل ذو كفاءة عالية، ويمكنه المنافسة بشدة مع الهيدروجين في المستقبل، بحسب الدراسة.
على الجانب الآخر، ثمة تحديات أخرى متعلقة بطرق استخلاص الهيدروجين وتكاليفه، وما إذا كانت المنازل ستستعمل الهيدروجين المشتق من حرق الوقود الأحفوري الأرخص والأقل نظافة، أم ستستعمل النوع النظيف جدًا، المستخلص من الماء، والأكثر تكلفة.
لهذا السبب، تنصح محللة سياسة الطاقة في معهد اقتصادات الطاقة سوزان ماتي، بإعادة النظر في خطط استعمال الهيدروجين في المنازل الأميركية مع التحذير من اعتماد مراكز الهيدروجين المدعومة من دافعي الضرائب على سوق التدفئة المنزلية والطهي ذات المخاطر العالية والجدوى الاقتصادية الضعيفة.
الخلاصة..
استعمال الهيدروجين في المنازل غير آمن، وينطوي على مخاطر صحية لأصحاب المنازل، كما أنه ضعيف الجدوى الاقتصادية في ظل وجود بدائل ذات قدرة تنافسية أعلى مثل المضخات الحرارية.
موضوعات متعلقة..
- هل استخدام الهيدروجين لتدفئة المنازل خيار مكلف أم حل سحري؟
- طريقة لتدفئة المنازل ستكون أرخص 3 مرات من الهيدروجين الأخضر
- تحويل المنازل إلى الهيدروجين في بريطانيا يتطلب 228 مليار دولار (دراسة)
اقرأ أيضًا..
- الذكاء الاصطناعي الصيني يهدد مشروعات "ترمب".. وأمر مهم للسعودية والخليج (تقرير)
- دراسة: تغير المناخ يرفع أعداد الفئران في المدن الكبرى
- إنتاج مصر من الغاز في 2025.. 5 مؤشرات إيجابية بينها اكتشاف كبير
- واردات الإمارات من الألواح الشمسية الصينية تقفز 110% خلال 2024
- أسعار الغاز الأوروبية تتجاوز 56 دولارًا.. والمخزونات في أدنى مستوياتها
المصادر:
- تحليل مخاطر استعمال الهيدروجين في المنازل من معهد اقتصادات الطاقة.
- تحليل مخاطر تسرب الهيدروجين في الغلاف الجوي من دراسة ألمانية.