مقالات الغازالمقالاترئيسيةغاز

صادرات الغاز المسال الأميركية.. لماذا يلتزم بها ترمب متجاهلًا الاعتبارات البيئية؟ (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • من المتوقع أن تتأثر أسواق الطاقة العالمية كثيرًا بخطط ترمب بشأن الغاز المسال
  • • زيادة شحنات الغاز المسال الأميركية قد تتسبب بزيادة العرض في السوق العالمية
  • • تركيز ترمب على صادرات الغاز المسال يتعارض مع أهداف المناخ للاتحاد الأوروبي
  • • إستراتيجية الرئيس ترمب للغاز المسال تهدف إلى تحسين الوضع الجيوسياسي للولايات المتحدة

جدّد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، التزامه بزيادة صادرات الغاز المسال الأميركية، متجاهلًا الاعتبارات البيئية التي يراعيها شركاؤه في الاتحاد الأوروبي.

ونتيجة للتركيز على صادرات الغاز المسال، تمهّد الولاية الرئاسية الثانية لترمب لتغيير كبير في سياسة الطاقة الأميركية.

وأظهر ترمب التزامًا متجددًا بزيادة صادرات الغاز المسال الأميركية، من خلال إلغاء حظر إدارة بايدن على تراخيص التصدير الجديدة.

ويتوافق هذا التغيير مع خطة ترمب الشاملة لترسيخ "هيمنة الطاقة الأميركية" واستعمال موارد الطاقة لزيادة النفوذ الجيوسياسي للولايات المتحدة.

دور صادرات الغاز المسال الأميركية

جعلت سياسة ترمب الخارجية والتجارية، خصوصًا مع أوروبا، من صادرات الغاز المسال ركيزة أساسية.

وباستعمال صادرات الطاقة لتعزيز التأثير الجيوسياسي والنفوذ التجاري، هددت الإدارة بفرض رسوم جمركية على الصادرات الأوروبية ما لم تزد القارة من وارداتها من الغاز الطبيعي الأميركي.

ولوضع الولايات المتحدة في موقف تنافسي ضد الصين، أكبر مستورد للغاز المسال في العالم، حددت الإدارة أهدافًا نبيلة، مثل مضاعفة قدرة البلاد على تصدير الغاز المسال بحلول عام 2028.

وكان تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي هدفًا إضافيًا لهذه الخطة، التي دعمها ترمب منذ مدة طويلة.

صادرات الغاز المسال الأميركية

من ناحيتها، روّجت الولايات المتحدة للبدائل الأميركية مع دعم استمرار، أو تمديد العقوبات على مشروعات الغاز المسال الروسية في إطار هذا المسعى.

سياسة الغاز المسال وإستراتيجية "أميركا أولًا"

ترتبط إستراتيجية ترمب "أميركا أولًا"، التي تولي اهتمامًا كبيرًا بخلق فرص العمل والتوسع الاقتصادي واستقلال الطاقة في الولايات المتحدة، ارتباطًا وثيقًا بهدفه بشأن الغاز المسال.

وكان ترمب يهدف إلى تعزيز مكانة الولايات المتحدة بصفتها دولة منتجة رائدة في العالم وتقليل الاعتماد على واردات الطاقة الأجنبية من خلال زيادة إنتاج البلاد من الوقود الأحفوري، خصوصًا الغاز المسال.

وتهدف هذه الخطة إلى تعزيز التوسع الاقتصادي، وإتاحة فرص العمل في صناعات مثل البناء وتوليد الكهرباء، وضمان حصول المستهلكين والشركات الأميركية على الطاقة بأسعار معقولة.

وكان من المتوقع أن يوفر نمو البنية الأساسية للغاز المسال عددًا كبيرًا من فرص العمل، ما يدعم هدف ترمب المتمثل في إحياء قوة العمل الأميركية.

على صعيد آخر، كانت صادرات الغاز المسال أداة حيوية في زيادة النفوذ الجيوسياسي للولايات المتحدة، بالإضافة إلى المزايا الاقتصادية.

ومن خلال تعزيز الصادرات إلى أوروبا وآسيا، سعت الولايات المتحدة إلى تقليل اعتمادها على الطاقة الروسية، وتعزيز أمن الطاقة في الولايات المتحدة ونفوذها في السياسة العالمية.

إضافة إلى ذلك، كانت هذه الإستراتيجية متوافقة مع الأهداف الأكبر لدى ترمب فيما يتصل بسياسة التجارة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بتصحيح العجز التجاري مع حلفاء مهمين، مثل الصين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب- الصورة من بلومبرغ

ومن خلال تسهيل إجراءات الترخيص وإلغاء الضوابط البيئية، أدى نهج ترمب في إبطال القيود التنظيمية إلى تسريع الموافقات على مشروعات الغاز المسال وإظهار مثابرته في تحقيق المزايا الاقتصادية والتجارية والجيوسياسية للولايات المتحدة، غالبًا على حساب المخاوف البيئية والالتزامات المناخية الدولية.

تأثُّر أسواق الطاقة العالمية بخطط ترمب

من المتوقع أن تتأثر أسواق الطاقة العالمية بشكل كبير بخطط ترمب بشأن الغاز المسال، التي ستؤثّر في العرض والطلب والعوامل الجيوسياسية.

وكانت مضاعفة قدرة تصدير الغاز المسال في الولايات المتحدة تقريبًا، بحلول عام 2028، أحد أكثر أهداف الإدارة طموحًا، وتحقق ذلك من خلال تحرير القيود وإجراءات التراخيص السريعة.

وكان هدف هذا الدافع القوي لتولّي زمام المبادرة في سوق الغاز المسال العالمية هو تغيير تدفقات الطاقة والتأثير في أسعارها بجميع أنحاء العالم.

وقد تتسبب زيادة شحنات الغاز المسال الأميركية بزيادة العرض في السوق العالمية، ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار.

وفي الوقت نفسه، ما تزال تقلبات الأسعار تشكّل قضية خطيرة، لأن التغييرات في إنتاج تحالف أوبك+ أو التوترات الجيوسياسية قد تعوّض عن تأثير الفائض.

ويمكن أن تتحول حصص السوق العالمية وتتغير ديناميكيات السوق بسبب زيادة المنافسة من مورّدي الغاز المسال الراسخين مثل أستراليا وقطر وروسيا.

ومن خلال توفير بديل للغاز الروسي، قد يعزز توسيع إمدادات الغاز المسال الأميركية أمن الطاقة الأوروبي من خلال تقليل اعتماد القارة العجوز على مصادر الطاقة الروسية.

وتتمتع خطط ترمب للغاز المسال بالقدرة على تغيير تجارة الطاقة الدولية والعلاقات السياسية من منظور جيوسياسي.

خزانات محطة فريبورت للغاز المسال في ولاية تكساس الأميركية
خزانات محطة فريبورت للغاز المسال في ولاية تكساس الأميركية – الصورة من رويترز

تجدر الإشارة إلى أن الإدارة كانت قادرة على الاستفادة من صادرات الطاقة بصفتها وسيلة ضغط في محادثات التجارة مع الصين وأوروبا، من خلال تقديم الغاز المسال الأميركي بديلًا تنافسيًا للطاقة الروسية.

ويمكن أن تؤدي العقوبات المشددة ضد مشروعات الطاقة الروسية إلى تقليل أرباح صادراتها والتدخل في تدفّقات الطاقة الدولية.

رغم ذلك، فإن هذا النهج المغامر لتوسيع قدرات الغاز المسال والافتقار إلى الاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة قد تكون له آثار بيئية طويلة الأجل، ويزيد من صعوبة تحقيق أهداف تغير المناخ العالمي.

المنافسة في أسواق الطاقة العالمية

كان من المقرر أن يكون لسياسات ترمب بشأن صادرات الغاز المسال الأميركية، التي زادت من المنافسة في أسواق الطاقة العالمية وغيّرت الاعتبارات الجيوسياسية، تأثير كبير في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.

نتيجة لذلك، زادت التوترات بين البلدين، عندما دعمت الإدارة تعزيز إمدادات الغاز المسال إلى أوروبا، ما يشكّل تحديًا مباشرًا لهيمنة روسيا على سوق الغاز في المنطقة.

بدوره، سعى ترمب إلى تقليل اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية، من خلال الترويج للغاز المسال الأميركي بديلًا تنافسيًا لنظيره الروسي، ومن ثم زيادة النفوذ الجيوسياسي للولايات المتحدة.

من جهتها، قد تؤدي العقوبات الصارمة على مشروعات الطاقة الروسية، خصوصًا الغاز المسال، إلى تقليل دخل روسيا من صادرات الطاقة وقوّتها التفاوضية في الخارج، خصوصًا ما يتعلق بالأزمة الحالية في أوكرانيا.

وربما كان ترمب قد تبنّى إستراتيجية أكثر انتقائية، وتقليل القيود المفروضة على مشروعات الغاز المسال الروسية في القطب الشمالي، بالرغم من أن الإلغاء الكامل للعقوبات المفروضة على صناعة الطاقة الروسية ظل مستبعدًا.

ورغم أن هذا الاتفاق ما يزال قائمًا في مجالات أخرى من العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، فإن من شأنه أن يمنح روسيا بعض الحرية في سوق الغاز المسال العالمية.

ومن الممكن أن تكون المناقشات التي جرت خلف الكواليس بين ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قد شكّلت سياسة الطاقة الأميركية، ما سمح لبعض مشروعات الغاز المسال الروسية بالمضي قدمًا، على الرغم من العقوبات الأوسع نطاقًا.

العلاقات التجارية بين أميركا وأوروبا

أثّرت سياسات ترمب بشأن الغاز المسال، التي وفرت فرص التعاون والنزاع المحتمل، بشكل كبير في اتجاه العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وكان احتمال زيادة شحنات الغاز المسال إلى أوروبا عنصرًا أساسيًا في خطّته، حيث دفع ترمب نحو إجراءات التراخيص السريعة وضمانات التوريد.

وتوافقت هذه الإستراتيجية مع الأهداف الأميركية القديمة لتقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، وتعزيز أمن الطاقة في القارة.

وفي مواجهة ديناميكيات الطاقة العالمية المتغيرة، قد يُعزَّز التعاون الاقتصادي والسياسي الأعمق من خلال توطيد تجارة الطاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتعزيز الشراكة عبر الأطلسي.

من ناحية ثانية، كانت هناك عيوب في الدفع لتعزيز صادرات الغاز المسال، وربما خضع الاتحاد الأوروبي للضغوط لتعزيز واردات الغاز المسال من الولايات المتحدة في مقابل تجنُّب الضرائب على السلع الأوروبية، حيث كان موقف ترمب مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمفاوضات تجارية أكبر.

ناقلة غاز مسال في محطة شينير بمدينة كوربوس كريستي في ولاية تكساس
ناقلة غاز مسال في محطة شينير بمدينة كوربوس كريستي في ولاية تكساس – الصورة من بلومبرغ

وحتى لو كانت هناك منافع قد تعود على جميع الأطراف، فقد أظهر هذا مدى اعتماد دبلوماسية ترمب على التعاملات التجارية، وهو ما قد يؤدي إلى توتر العلاقات إذا رأى زعماء الاتحاد الأوروبي أنها قسرية.

إضافة إلى ذلك، فإن تركيز ترمب على صادرات الغاز المسال يتعارض مع أهداف المناخ للاتحاد الأوروبي، ومن جهة ثانية، يتعارض تركيز ترمب على صادرات الغاز المسال مع جهود الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتماده على الوقود الأحفوري والتحول إلى الطاقة المتجددة.

وربما عرقل هذا التفاوت في سياسة المناخ التعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن القضايا البيئية الدولية، وتسبَّب بنزاع في محادثات التجارة اللاحقة.

وكان مستقبل علاقتهما سيتأثر بطريقة تعامل الطرفين مع هذه الخلافات، على الرغم من أن الروابط التجارية الوثيقة للغاز المسال كانت تهدف إلى تحسين العلاقات في مجال الطاقة.

الخلاصة

من خلال الاستفادة من صادرات الطاقة، تهدف إستراتيجية الرئيس ترمب للغاز المسال إلى تحسين المكانة الجيوسياسية للولايات المتحدة.

وتهدف الحكومة إلى تغيير تدفقات الطاقة العالمية، وتقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع حلفاء مهمين مثل أوروبا وآسيا، من خلال الدفع بقوة بالغاز المسال الأميركي.

من ناحية ثانية، كانت هناك العديد من المخاطر المرتبطة بزيادة صادرات الغاز المسال، بما في ذلك تلك المتعلقة بالبيئة، وتشبُّع السوق، والتوترات الدبلوماسية المحتملة.

وعلى الرغم من أن سوق الغاز المسال المشبعة قد تزعزع استقرار تجارة الطاقة العالمية، يرى المنتقدون أن نمو إنتاج الغاز الطبيعي عاقَ محاولات مكافحة تغير المناخ.

وكانت قدرة ترمب على إيجاد التوازن بين ديناميكيات التجارة العالمية المعقّدة والتوسع الاقتصادي المحلي والاستدامة البيئية أمرًا بالغ الأهمية لنجاح سياسته بشأن الغاز المسال.

وكانت سياسات الولايات المتحدة التجارية الصارمة والضغوط على الحلفاء لتعزيز واردات الغاز المسال تعقّد العلاقات الدبلوماسية، خصوصًا مع الصين وأوروبا.

إضافة إلى ذلك، كانت قدرة الإدارة على معالجة المخاطر المرتبطة بالمقاومة البيئية واضطراب السوق أمرًا بالغ الأهمية لنجاح إستراتيجية الغاز المسال على المدى الطويل.

خلاصة القول، ربما قدّم نهج الغاز المسال مزايا جيوسياسية واقتصادية قصيرة الأجل، ولكن جدواه على المدى الطويل كانت تتوقف على نجاح الولايات المتحدة في معالجة هذه المخاطر، وتنسيق سياسة الطاقة مع التجارة الدولية والمعايير البيئية.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق