أنس الحجي: عقوبات ترمب قد ترفع أسعار النفط.. وهذا موقفه من الهند
أحمد بدر
يتوقع خبراء أن يؤدي قرار الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب بفرض عقوبات على النفطَيْن الفنزويلي والإيراني، وزيادة التعرفة الجمركية على كندا والمكسيك، إلى كثير من الإشكاليات خلال المرحلة المقبلة، وفي مقدمتها زيادة الطلب على النفط، ومن ثم ارتفاع أسعاره.
لذلك يرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن هناك حاجة إلى حلحلة الأمور من جانب الرئيس الأميركي، لتفادي ارتفاع أسعار النفط بصورة كبيرة خلال المدة المقبلة.
وأضاف: "العقوبات التي فرضها بايدن في الأسبوع الأخير من وجوده في البيت الأبيض كانت مفاجئة، وكان عدد ناقلات النفط مفاجئًا أيضًا، وتسبّبت في بلبلة كبيرة في السوق، ورفع الأسعار بحدود 6 دولارات للبرميل من خام برنت".
وتابع: "الخاسر الأكبر من عقوبات بايدن على روسيا هو الهند التي بدأت تتجه الآن إلى السعودية والعراق لاستيراد المزيد من النفط، وذلك خوفًا من انخفاض صادرات روسيا إلى الهند، كما وعدوا بشراء المزيد من النفط الأميركي".
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدّمه الحجي أسبوعيًا عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، التي جاءت هذا الأسبوع تحت عنوان: "ما آثار إعلان ترمب حالة الطوارئ في قطاع الطاقة؟".
سياسات الطاقة في الهند
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، إن هناك مشكلة كبيرة في سياسات الطاقة في الهند، ولكن عندما أعلن وزير الطاقة الهندي أنه سيشتري مزيدًا من النفط والغاز الأميركيين لإرضاء ترمب، وهو أمر يحدث للمرة العاشرة، فهنا نجد محاولة لإرضاء الطرف الأميركي كما يحدث دائمًا.
وأضاف: "حدث من قبل أن أعلنت الهند أنها ستشتري كميات كبيرة من النفط والغاز الأميركييْن، وبالفعل تشتري ناقلة أو ناقلتَيْن من هذا النفط، قبل أن تعود إلى عادتها في شراء النفط الأرخص، وهو النفط الروسي في هذه الحالة".
وأوضح أنس الحجي، أنه بما أن رئيس الوزراء الهندي مودي صديق لدونالد ترمب، فإنه سيطالبه باستثناء بلاده من العقوبات التي فرضها بايدن، أو رفع العقوبات كلها.
ولكن، وفق الحجي، لن يفعل ترمب ذلك، لسبب بسيط، وهو أن بايدن أعطاه "كارتًا قويًا" للتفاوض مع بوتين بشأن أوكرانيا، ومن ثم، فإن ترمب لن يتخلى عن هذه العقوبات، ولكن قد يُعطي الهند استثناءات مشروطة.
الإشكالية الأخرى المرتبطة بذلك، أن إعانات السيارات الكهربائية التي كانت تمنحها الحكومة لم تكن تذهب فقط إلى الشركات الأميركية -مثل "جي إم" و"فورد"- وإنما إلى الشركات الصينية والكورية والأوروبية التي تبيع السيارات داخل الولايات المتحدة.
الآن، لا توجد إعانات، ومن ثم فإن هذه ضربة لصناعة السيارات في هذه الدولة، وستضطر شركات السيارات إلى تغيير خططها والعودة إلى إنتاج سيارات البنزين والديزل، لكن من الواضح أن هناك اتجاهًا كبيرًا إلى الوقود المزدوج.
وتابع: "الوقود المزدوج، هو البنزين، ولكن عندما تنخفض سرعة السيارة يتم التحول إلى المحرك الكهربائي، بما يخفّف استهلاك البنزين، والغريب في الأمر عند الحديث عن الوقود المزدوج أنه إذا تم تبنّي هذه السيارات بصورة كبيرة فإنها ستخفّض الطلب على النفط أكثر من انخفاضه بسبب السيارات الكهربائية".
وأكد أنس الحجي أن هذا الأمر قد يُثير الدهشة، ولكنه بحسابات بسيطة يمكن النظر إليه من ناحية أن انتشار سيارات الوقود المزدوج تؤثر سلبًا في الطلب على النفط أكثر من السيارات الكهربائية، وبالتالي فإن وضع دول الخليج مع السيارات الكهربائية أفضل من سيارات الوقود المزدوج، لكن يبدو أن هذا هو الاتجاه العالمي الآن.
لذلك، يبدو أن ترمب ضرب 20 عصفورًا بحجر واحد في يوم واحد، وجزء من هذه "العصافير" أجنبي، خاصة صناعة السيارات الكورية، لذلك سارعت كوريا إلى إعلانها شراء مزيد من النفط والغاز المسال الأميركيين.
لعبة الكراسي الموسيقية
قال أنس الحجي، إنه عندما تعلن الدول الأوروبية وكوريا والهند شراء مزيد من النفط الأميركي لإرضاء ترمب، فإن هذا يُسمّى لعبة الكراسي الموسيقية، وهذه اللعبة الآن في أسواق النفط والغاز، ولكن هناك كراسي للجميع.
وأضاف: "إذا قررت كوريا أن تشتري من الولايات المتحدة فسيكون على حساب دول أخرى، وغالبًا على حساب روسيا أو دول الخليج، وإذا قررت الهند أن تشتري فسيكون على حساب روسيا ودول الخليج، والأمر نفسه بالنسبة إلى أوروبا".
ولكن، وفق خبير اقتصادات الطاقة، إذ أرادت كل هذه الدول أن تشتري النفط والغاز من أميركا فإنها لن تستطيع ذلك؛ لأنه لا توجد كميات كافية للجميع، ومن ثم فإنها ستعود إلى دول الخليج في كل الحالات، ولكن هي لعبة الكراسي.
هل ينجح ترمب في تحقيق أهدافه؟
أجاب أنس الحجي عن سؤال: هل ينجح ترمب في تحقيق أهدافه؟ بالقول إنه من الواضح من سياسة الرئيس الأميركي وإعلانه حالة الطوارئ في قطاع النفط أنه وضع هدفًا عاليًا جدًا، للحصول على أكبر كمية ممكنة من المنافع.
وأضاف: "هو يعلم تمامًا أنه لن يحقّق أهدافه أو أغلبها، ولكن كلما رفع الهدف حصل على المزيد، ففي مجال السيارات الكهربائية سيحقّق ما يريده، وكذلك في مجال الرياح البحرية، أي -بعبارة أخرى- سيحقّق أهدافه في الجوانب التقنية، لأنه مسيطر عليها، وكلها تحتاج إلى إعانات حكومية وإلا ستتوقف".
ولكن، في مجال زيادة إنتاج النفط فإن ترمب لن يحقق أهدافه، وكذلك بالنسبة إلى الغاز المسال، إذ إن صناعة الغاز المسال الأميركية لديها مخطط حتى عام 2030، وهذا المخطط لن يتغيّر، وكل ما يستطيع الرئيس عمله هو تسريع عملية التراخيص.
وتابع: "إلا أن مشكلة صناعة الغاز المسال هي بناء المحطات التي تعد مكلفة جدًا، إذ إن بعض المشروعات تتكلف ما بين 40 و50 مليار دولار، وتستغرق وقتًا طويلًا، ودائمًا معروف عنها أنها تتأخر لعامين أو 3 أعوام".
وفي ضوء هذه المبالغ الضخمة والتقنيات وغيرها، لا يستطيع ترمب أن يفعل المزيد، أو زيادة إنتاج الغاز المسال بهذه الطريقة، لأن هذا الغاز -بغض النظر عمن هو رئيس الولايات المتحدة- أصبح جزءًا لا يتجزّأ من سياسة أميركا الخارجية، ومن ثم سيستمر العمل به في كل الحالات.
موضوعات متعلقة..
- قطاع الطاقة في عهد ترمب.. 4 قرارات خلال الساعات الأولى (تقرير)
- مكافحة تغير المناخ قد ينسفها ترمب بـ8 قرارات في أول يوم
- قطاع الطاقة الأميركي يترقب ثورة ترمب المضادة.. هل يجهضها القضاء؟
اقرأ أيضًا..
- حصاد وحدة أبحاث الطاقة.. تغطية عربية وعالمية لأحداث 2024 وتوقعات 2025
- مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024 (ملف خاص)
- أكبر الدول الأفريقية المنتجة للنفط في أوبك خلال 2024
المصادر: