الطاقة الشمسية سلاح مصر لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز (تقرير)
الطاقة
تُشكِّل الطاقة الشمسية سلاحًا في يد الحكومة المصرية لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز عالميًا، وتراجع الإنتاج محليًا، مستفيدةً في ذلك من طقسها المتميز بقلة السحب ووجود مساحات شاسعة من الأراضي في الصحاري.
ويدعم مشروعات الطاقة المتجددة أيضًا امتلاك مصر شبكة كهرباء متطورة، وتمتلك القاهرة كل المقومات اللازمة لتوسع ضخم في توليد الكهرباء من الألواح الشمسية، وتتحرك حاليًا لاستغلالها، بعد أن قفزت تكلفة واردات الغاز المسال.
وكان الانخفاض الحاد في إنتاج الغاز محليًا، إلى جانب تزايد الاستهلاك، قد فاجأ السلطات العام الماضي وأدى إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر خلال فصل الصيف الحار.
واستوردت مصر نحو 2.50 مليون طن خلال عام 2024، حسب تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024"، الصادر عن منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
الطاقة الشمسية في مصر
قال رئيس قسم الطاقة في مصر لدى البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير (EBRD) أحمد مرتضى: "ما حدث خلال العام الماضي كان ذلك بمثابة جرس إنذار كبير، وهذا هو السبب وراء إعلان الحكومة مؤخرًا حزمة طوارئ كبيرة والتوسع بمشروعات الطاقة الشمسية في مصر".
واضطرت مصر إلى إنفاق أكثر من مليار دولار أكثر مما توقعته لاستيراد الغاز المسال العام الماضي، ويقدر المحللون أنها ستنفق مليارات أخرى في عام 2025.
وواجهت القاهرة خلال صيف 2024 أزمة كبيرة في قطاع الكهرباء بسبب عدم قدرتها على توفير الغاز الذي يعتمد عليه القطاع بنسبة تتجاوز 60%، وهو ما دفعها إلى العودة للسوق العالمية مستورِدةً، مع التوقف عن التصدير.
وتعاقدت البلاد رسميًا على وحدتين لإعادة التغويز بقدرة 750 مليون قدم مكعبة يوميًا لكل سفينة، في ظل اتفاقها على استيراد عدد كبير من شحنات الغاز المسال هو الأكبر في تاريخ مصر منذ سنوات.
وتشير تقديرات أولية إلى أن إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال 2024 قد انخفض إلى 4.4 مليار قدم مكعبة يوميًا، مقابل 5.5 مليار قدم مكعبة يوميًا في 2023.
يوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة، إنتاج مصر من الغاز:
وفي المقابل، ارتفع استهلاك مصر من الغاز في توليد الكهرباء والتدفئة خلال العام الماضي إلى 5.9 مليار قدم مكعبة يوميًا، مقارنة بـ5.8 مليار قدم مكعبة يوميًا في 2023.
أسعار كهرباء الطاقة الشمسية في مصر
تقول شركات الطاقة الشمسية في مصر إنها تستطيع توفير الكهرباء بسعر أرخص بكثير من تلك التي تولّدها توربينات الغاز، باستعمال ألواح رخيصة الثمن من الصين، لكنها تشكو من أن دعم الكهرباء يشوّه السوق.
وقال رئيس شركة أميا بارو (AMEA Power) المنتجة للطاقة المتجددة ومقرها الإمارات حسين النويس، للصحفيين، في ديسمبر/كانون الأول: "لقد أنعم الله على مصر بموارد طاقة شمسية جيدة حقًا، وموارد جيدة جدًا من الأراضي".
وافتتحت أميا باور محطة طاقة شمسية بقيمة 500 مليون دولار و500 ميغاواط في أسوان، على بُعد 650 كيلومترًا جنوب القاهرة، الشهر الماضي، وتخطط لبناء محطة ثانية بقدرة 1000 ميغاواط في مكان قريب.
وأشار النويس إلى أن شركته ستقدم 300 مليون دولار من أموالها الخاصة حتى تتمكن من البدء في بناء محطة طاقة شمسية جديدة قبل التوصل إلى اتفاق تمويل نهائي بحلول شهر مايو/أيار تقريبًا، ويُتوقع أن يبدأ الإنتاج منها بحلول الربع الأول من عام 2026.
وأضاف النويس أن الكهرباء المنتجة في محطات الطاقة الشمسية بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا ستتكلف ما بين 2 و3 سنتات أميركية لكل كيلوواط/ساعة، مضيفًا: "بالتأكيد ستكون أرخص من محطة الغاز".
دعم الوقود والكهرباء في مصر
من الصعب قياس تكلفة الكهرباء الناتجة عن توربينات الغاز بسبب دعم الوقود والكهرباء الذي تطبقه مصر حاليًا، لكن أحد المنتجين قدّر تكلفة الإنتاج بما يتراوح بين 7 و9 سنتات لكل كيلوواط/ساعة.
وتشتري شركة الهيئة العامة للبترول (شركة النفط المملوكة للحكومة) الغاز من المنتجين المحليين بأقل من سعر السوق، ثم تبيعه لمحطات الكهرباء بخصم إضافي.
ويبيع الموزعون الحكوميون الكهرباءَ للمستهلك النهائي بأسعار أقل مرة أخرى، حتى بعد زيادة الرسوم لبعض الأسر بنسبة تصل إلى 50% العام الماضي.
وتُعَد أميا باور واحدة من 3 منتجين يخططون لإنشاء محطات شمسية كبيرة لتغذية شبكة الكهرباء في مصر.
ووقّعت شركة سكاتك ومقرّها النرويج اتفاقًا، في سبتمبر/أيلول، لمشروع بقدرة 1000 ميغاواط، في حين وقّع تحالف يضم إنفينيتي ومصدر الإماراتيتين وشركة حسن علام المصرية اتفاقًا في نوفمبر/تشرين الثاني لتوليد 1200 ميغاواط من الطاقة الشمسية في مصر.
لكن النويس قال إن من المرجح أن تحتاج مصر إلى آلاف الميغاواط الإضافية من القدرة الإضافية لتلبية الطلب في السنوات المقبلة.
تحديات صناعة الطاقة الشمسية في مصر
يقول المطّلعون على الصناعة إن أحد أسباب التحول البطيء في مصر إلى الطاقة الشمسية هو أن الإدارات الحكومية المختلفة ليس لديها حافز كبير للتركيز على التكلفة الإجمالية للطاقة.
وقال أحد مسؤولي شركة سولاريز إيجيبت التي توفر الطاقة الشمسية بشكل رئيس للشركات الخاصة ياسين عبدالغفار: "مشكلة مصر هي أنها مجموعة من الجزر، لا يوجد نهج مركزي ينسق فيه الوزراء".
وتهدف مصر إلى زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 42% بحلول عام 2030، مقارنة بـ11.5% المولّدة عن طريق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية حاليًا.
وقال مرتضى إن الحكومة تتطلّع إلى دعم دولي لتعزيز الشبكة وتوسيعها لتشمل مواقع إنتاج الطاقة الشمسية، ويناقش البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية كيفية المساعدة.
ومع بدء تشغيل الطاقة المتجددة، تخطط مصر لإغلاق محطات الطاقة القديمة والأقل كفاءة تدريجيًا.
وهناك عقبة أخرى أمام التوسع بالطاقة الشمسية في مصر، وهي اللائحة التي تقيد المستهلكين المحليين، الذين يعيشون بشكل رئيس بالمدن المصرية في شقق، من تركيب عدادات كهرباء ذات اتجاهين ما لم يمتلكون المبنى بالكامل؛ إذ ستسمح لهم العدادات بتزويد الشبكة وكذلك الشراء منها.
وتقول مصادر الصناعة إن الحكومة لم تحدد أولويات المقترحات لتغيير هذه القاعدة؛ إذ يقدر الرئيس التنفيذي لشركة تركيب الألواح الشمسية "سولارسول" (SolarSol) التي تخدم المنازل والشركات أيمن راسخ، أن الطاقة الشمسية ستصبح اقتصادية للمستهلكين المنزليين عندما يرتفع سعر الكهرباء من الشبكة الحكومية إلى أكثر من 3 أو 4 جنيهات مصرية لكل كيلوواط/ساعة.
ويتضمّن اتفاق الدعم المالي الذي أبرمته مصر مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، والذي وُقِّعَ في مارس/آذار الماضي، تعهدًا بخفض دعم الطاقة، بعد تأجيل رفع أسعار الكهرباء مرارًا وتكرارًا وسط أزمة اقتصادية.
وقال راسخ: "عندما ترفع الحكومة دعم الكهرباء، سترى الألواح الشمسية على أسطح المنازل مثلما ترى الآن أطباق الأقمار الصناعية".
شهدت أسعار الكهرباء في مصر، خلال أغسطس/آب، زيادة بنسب تتراوح بين 20 و35% حسب الاستهلاك.
وجاءت شرائح الكهرباء في مصر على الفواتير بداية من شهر سبتمبر/أيلول، كما يلي:
- الشريحة الأولى: من صفر كيلوواط/ساعة إلى 50 كيلوواط/ساعة بسعر 68 قرشًا بدلًا من 58 قرشًا.
- الشريحة الثانية: من 51 كيلوواط/ساعة إلى 100 كيلوواط/ساعة بسعر 78 قرشًا بدلًا من 68 قرشًا
- الشريحة الثالثة: من صفر كيلوواط/ساعة إلى 200 كيلوواط/ساعة بسعر 95 قرشًا بدلًا من 83 قرشًا.
- الشريحة الرابعة: من 201 كيلوواط/ساعة إلى 350 كيلوواط/ساعة بسعر 155 قرشًا بدلًا من 125 قرشًا.
- الشريحة الخامسة: من 350 كيلوواط/ساعة إلى 650 كيلوواط/ساعة بسعر 195 قرشًا بدلًا من 140 قرشًا.
- الشريحة السادسة: من 650 كيلوواط/ساعة إلى 1000 كيلوواط/ساعة بسعر 2.1 جنيهًا بدلًا من 140 قرشًا.
- الشريحة السابعة والأخيرة: أكثر من 1000 كيلوواط/ساعة تُحتسب من صفر كيلوواط/ساعة بسعر 2.3 جنيهًا بدلًا من 165 قرشًا.
* (الدولار الأميركي = 50.7 جنيهًا مصريًا)
موضوعات متعلقة..
- محطة أبيدوس.. ماذا تعرف عن أحدث مشروعات الطاقة الشمسية في مصر؟ (صور)
- الطاقة الشمسية في مصر تترقّب إضافة 11 غيغاواط باستثمارات إماراتية وصينية
اقرأ أيضًا..
- حقول النفط والغاز في سوريا.. أرقام عن الاكتشافات والاحتياطيات (ملف خاص)
- صادرات الغاز المسال العماني في 2024 ترتفع لمستوى قياسي.. وهؤلاء أكبر المستوردين
- من المسؤول عن حرائق الغابات في كاليفورنيا؟.. صناعة النفط وتغير المناخ خارج قفص الاتهام
المصدر..