لماذا تفشل قمة المناخ كل مرة؟ وكيف يمكن إنقاذها؟ (دراسة)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- مؤتمرات المناخ عُقدت 29 مرة حتى الآن خلال 3 عقود.
- التهرب من الاتفاقات الملزمة السمة الرئيسة لقمم المناخ السابقة.
- قمة المناخ كوب 29 في أذربيجان انتهت بأهداف متواضعة جدًا.
- الولايات المتحدة تحت رئاسة ترمب ستسعى إلى إضعاف قمة البرازيل 2025.
- أستاذ بريطاني يقترح بناء تحالف رائد من الدول الراغبة في خفض الانبعاثات.
عادةً ما تجتمع وفود الدول في قمة المناخ كل عام لمدة أسبوعين أو أكثر قليلًا، ثم ينصرفون دون الاتفاق على أشياء جادة لمكافحة ظاهرة تغيّر المناخ التي باتت أكثر فتكًا من ذي قبل ويُخشى من تداعياتها المستقبلية.
ورغم الآمال التي تُعلَّق على كل مؤتمر سنوي للمناخ لتدارك ما سبق من فرص بالمؤتمر السابق؛ فإن خيبة الأمل ما زالت تتكرر منذ 3 عقود شهدت انعقاد 29 مؤتمرًا حتى الآن دون جدوى.
في هذا السياق، سلّطت دراسة تحليلية حديثة -حصلت وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) على نسخة منها- الضوء على أسباب فشل قمة المناخ كل عام وكيفية إنقاذها خلال السنوات عبر تفكير مختلف.
وتستهدف كل مؤتمرات المناخ الوصول إلى أهداف ملزمة قانونًا، لكن كل المحاولات الرامية لذلك فشلت بسبب تضارب مصالح الدول الكبرى الأكثر تلويثًا للمناخ؛ بما في ذلك الولايات المتحدة والصين والهند والدول الصناعية الكبرى.
أسباب فشل قمة المناخ منذ 2012
فشلت قمة المناخ في جنوب أفريقيا عام 2012 في التوصل إلى أهداف ملزمة قانونيًا سواء في خفض الانبعاثات أو تمويل الدول النامية، لتحال هذه المهمة إلى مؤتمر باريس عام 2015.
ورغم الضجة التي تثار دائمًا حول اتفاق باريس للمناخ؛ فإن النتيجة الرئيسة للمؤتمر كانت الفشل في فرض أهداف قانونية ملزمة رغم نجاحها جزئيًا في وضع درجة الحرارة العالمية على جدول الأولويات.
وتلا ذلك، المزيد من الإثارة في قمة المناخ كوب 26 في مدينة غلاسكو الاسكتلندية عام 2021، ومع ذلك فإن زيادة الانبعاثات وتركيزات الكربون في الغلاف الجوي مستمرة على الرغم من كل تلك المؤتمرات السنوية.
وكان مؤتمرا كوب 28 في الإمارات وكوب 29 في أذربيجان أكثر واقعية، على الرغم من وجود إجراءات غير قابلة للتنفيذ حول خفض انبعاثات الميثان ومشكلة الوقود الأحفوري.
كما ساد الغموض حول تمويل دول الشمال لبلدان الجنوب التي تطالب بدعم برامجها لخفض الانبعاثات الوطنية، لكن الدول الغنية ما زالت مترددة في الالتزام بتمويل الدول النامية.
ورغم أن الصين وعدت بمنح بعض الأموال طواعية في مؤتمر المناخ كوب 29، كما تعهّدت الدول الغنية بالمساعدة بمبلغ 300 مليار دولار للدول النامية بحلول عام 2035، لكن الثقة بمنح هذه الأموال لا تزال ضعيفة استنادًا إلى تجارب الوعود السابقة منذ عام 2015.
وكانت التوقعات منخفضة للغاية في مؤتمر المناخ كوب 29 لدرجة أن زعماء العالم الرئيسين لم يحضروا، ربما بسبب أن أذربيجان مصنفة ضمن المنتجين الرئيسين للنفط والغاز.
وأسهم ذلك في انتشار انطباع بأن القمة ستكون تحصيل حاصل، وهو الانطباع ذاته، الذي روج عن كوب 28 في الإمارات، التي هوجمت للسبب نفسه آنذاك.
فرص نجاح قمة المناخ 2025 ضعيفة
يعتقد البعض أن هذه المشكلة ربما ستحل في مؤتمر المناخ كوب 30 المقرر انعقاده في البرازيل عام 2025، لكن ذلك سيصطدم بحقيقة أن البرازيل نفسها أعلنت نيتها أن تصبح منتجًا ومصدرًا رئيسًا للنفط خلال السنوات المقبلة.
ومن غير المرجّح أن تعرض البرازيل وقف مشروعاتها النفطية في قمة المناخ التي ستستضيفها عام 2025، خاصة أن الدول المجاورة مثل كولومبيا وغايانا منطلقة -وبسرعة- في تطوير حقولها، كما تبدو الأرجنتين على خط ترمب في تشجيع المزيد من الحفر.
وستواجه هذه القمة غياب الدور الضاغط من الولايات المتحدة تحت رئاسة ترمب الذي يتبني شعار "احفر يا عزيزي احفر"، إضافة إلى تشدد روسيا وإصرارها على زيادة إنتاج النفط والغاز.
كما يُتوقع أن تظل الصين متمسكة بالاعتماد على الفحم، مثل الهند؛ ما يرجّح أن تكون فرصة نجاح قمة المناخ كوب 30 في البرازيل ضعيفة مثل سابقيها، بحسب دراسة أعدها أستاذ السياسة الاقتصادية في جامعة أكسفورد البريطانية ديتر هيلم.
النهج المقترح من أسفل إلى أعلى
ما زالت الأمم المتحدة تعتمد في مؤتمرات المناخ على نهج من أعلى إلى أسفل لزحزحة التحالفات المضادة للاتفاقيات الملزمة على أمل الوصول إلى اتفاق نهائي ملزم يومًا ما، ورغم ذلك فقد أثبت هذا النهج فشله على مدار 29 عامًا.
ويقترح "ديتر هيلم" نهجًا يتكون من 3 محاور يمكنه الإسهام في نجاح مبادرات المناخ العالمية بطريقة مختلفة عن النهج القديم الذي تتبعه الأمم المتحدة، على النحو التالي:
- المحور الأول: الابتعاد عن نهج مؤتمرات المناخ من أعلى إلى أسفل باتجاه بناء تحالف من أسفل إلى أعلى من الراغبين.
- المحور الثاني: تنويع مصادر الطاقة المتجددة في مزيج توليد الكهرباء وخاصة الطاقة النووية.
- المحور الثالث: التوقف عن صياغة الأهداف السخيفة قصيرة الأجل التي تجعل الأمور أسوأ دائمًا.
ويطالب الدكتور هيلم بالابتعاد عن الفكرة القائلة بأن حل مشكلة تغير المناخ لا بد أن يكون عبر اتفاق عالمي تقوده الأمم المتحدة، وأن هذا الاتفاق يجب أن يشمل مساهمات وطنية محددة وتحويلًا للأموال إلى البلدان النامية.
والبديل عن ذلك، هو التحول إلى بناء تحالف من أسفل إلى أعلى من الدول الراغبة في خفض الانبعاثات بالفعل، ولا سيما دول الاتحاد الأوروبي ونيوزيلندا وكندا وأستراليا واليابان، وهي تمثل 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
فإذا سعت هذه الدول إلى تحقيق هدف مناخي ما، يمكنها أن تشد باقي المجموعة الدولية إلى أعلى عبر توسيع التحالف عامًا بعد عام ليتكون التحالف العالمي الأكبر مع الزمن بدلًا من انتظار اتفاق دولي لن يأتي على طريقة مؤتمرات المناخ السنوية.
ويحتاج هذا التحالف الجزئي إلى التركيز على خفض استهلاك الكربون وليس إنتاجه فحسب، وذلك عبر التدقيق في الكربون المضمن في الواردات بالقدر نفسه الذي يتعامل به الإنتاج المحلي للكربون.
وإذا نجحت هذه الدول في ضبط سياسات الواردات على هذه الشاكلة؛ فمن المتوقع أن توفّر مجالًا متساويًا للتأثير الدولي، والطريقة المثلى في تحقيق ذلك هي فرض ضرائب الكربون على السلع الأكبر حجمًا في التجارة كثيفة الطاقة، بحسب الدكتور هيلم.
موضوعات متعلقة..
- قمة المناخ كوب 29.. خبراء يفتحون النار على اتفاقية التمويل ويؤكدون: محبطة
- البيان الختامي لقمة المناخ كوب 28.. تحليل يكشف ثغرات و"تضارب مصالح"
- غضب في قمة المناخ كوب 29 بسبب مجموعة الـ20.. ما القصة؟
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: نجاح أوبك+ أهم أحداث أسواق النفط في 2024.. و3 أهداف تحققت
- أكبر استطلاع لتوقعات أسواق النفط والأسعار في 2025.. 10 خبراء يتحدثون
- سوق النفط في 2025.. تفاؤل حذر على موعد مع سياسات ترمب
المصدر: