تقارير الغازرئيسيةغاز

"ابنة بوتين المدللة" تشكو وقف الغاز الروسي.. هل أصبحت ورقة ضغط سياسية؟

أسماء السعداوي

ما زالت أصداء المعاناة جراء انقطاع الغاز الروسي عن إحدى الجمهوريات الأوروبية الحديثة مستمرة مع عدم ظهور بديل موثوق في الأفق بعد.

واستقل إقليم ترانسنيستريا عن مولدوفا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات، وتربطه علاقات قوية بموسكو؛ إذ يتحدث معظم سكانه اللغة الروسية كما يوجد هناك ألف و500 جندي روسي.

وبعد انقطاع إمدادات التدفئة والماء الساخن، توقفت المصانع عن العمل بسبب قطع تدفقات الغاز الروسي البالغة ملياري متر مكعب سنويًا، وفق آخر تحديثات قطاع الغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وكان الغاز الروسي يُضخ عبر شبكة الأنابيب الأوكرانية بموجب اتفاق انتهى في أول ساعات العام الجديد بعد سريانه لمدة 5 سنوات، لكن كييف ترفض تجديده كي لا يموّل خزينة موسكو التي احتلت أراضيها قبل نحو 3 سنوات.

أزمة الغاز الروسي

كان سكان ترانسنيستريا البالغ عددهم 450 ألف نسمة أولى ضحايا عدم تجديد اتفاق الغاز الروسي منذ مطلع نهار أول أيام العام الجديد.

وحثّت شركة الطاقة المحلية السكان على وضع البطانيات والستائر الثقيلة على النوافذ والشرفات أو تشغيل أجهزة التدفئة العاملة بالكهرباء والتجمع بغرفة واحدة وارتداء ملابس تحميهم من البرد وسط درجات حرارة وصلت إلى 4 درجات مئوية.

واصطف المواطنون إلى شراء أجهزة التدفئة والمواقد الكهربائية، كما ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والمعكرونة والبطاطين.

وفي تطور جديد، كشف نائب رئيس الوزراء في ترانسنيستريا سيرجي أوبولونيك، عن أن كل المصانع باستثناء المنتجة للأغذية توقفت عن العمل.

كما أكد المسؤول أن المشكلة كبيرة لدرجة أنها لو لم تُحل عاجلًا ستؤدي إلى إحداث تغييرات لا رجعة فيها مثل فقدان الشركات قدرتها على العودة للعمل من جديد.

عامل وسط أنابيب الغاز الأوكرانية
عامل وسط أنابيب الغاز الأوكرانية - الصورة من وكالة رويترز

وفي تصريحات سابقة، قال زعيم المنطقة الموالية لروسيا فاديم كراسنوسيلسكي، إن مخزونات الغاز قد تستمر 10 أيام من الاستهلاك المحدود في المناطق الشمالية وضعف ذلك جنوبًا.

وتحولت محطة الكهرباء الرئيسة إلى الفحم بدلًا من الغاز، ومن المتوقع أن توفر إمدادات على مدار شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط (2025).

يُشار هنا إلى أن محطة الكهرباء في ترانسدنيستريا تزود سكان مولدوفا بالتيار وتلبي 77% من الطلب هناك رغم مساعيها للتخلص من الاعتماد على موارد موسكو.

وكان مليارا متر مكعب سنويًا من الغاز الروسي تتجه إلى مولدوفا لكن منذ عام 2022، اتفقت البلاد مع زعماء ترانسدنيستريا على تخصيص التدفقات لصالح الجمهورية الجديدة.

بدائل الغاز الروسي

اقترح رئيس شركة الغاز في مولدوفا فاديم سيبان، شراء الغاز من الدول الأوروبية لضخه بشبكة التوزيع المحلية في ترانسدنيستريا لتخفيف وطأة عجز الإمدادات.

لكن الجمهورية الجديدة ستدفع مقابل المشتريات الجديدة بأسعار السوق العالمية المرتفعة حاليًا، بعدما ظلت لسنوات عديدة لا تدفع شيئًا بموجب "اتفاق ضمني" مع شركة غازبروم الروسية.

وتقول الشركة الروسية إن وقف الغاز سببه ديون معلّقة بقيمة 709 ملايين دولار، لكن مولدوفا تقول إن المتأخرات تبلغ 8.6 مليون دولار فقط.

ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عدم تجديد اتفاق عبور الغاز الروسي بإحدى أكبر هزائم موسكو.

أما المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا؛ فقد قالت إن حرمان أوروبا من الغاز الروسي سيضر القارة العجوز اقتصاديًا.

وقال زيلينسكي إنه من واجب أوروبا التعاون لأجل دعم مولدوفا خلال ما سماه بـ"مدة تحول الطاقة"، كما حث الولايات المتحدة على تزويد القارة بمزيد من الغاز.

بدورها، قالت زخاروفا إن مسؤولية توقف الغاز الروسي تقع بالكامل على عاتق الولايات المتحدة ونظام كييف "الدمية" والدول الأوروبية التي ضحّت براحة مواطنيها لتقديم الدعم المالي للاقتصاد الأميركي.

وبحسب تحديثات قطاع النفط والغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة، استحوذت أوروبا على غالبية صادرات الغاز المسال الأميركي خلال عام 2024 بنسبة 55% بزيادة 4.5% على أساس سنوي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - الصورة من وكالة بلومبرغ

إلى ماذا يرمي بوتين؟

تُوصف جمهورية ترانسدنيستريا بابنة بوتين المدللة؛ حيث تحظى بدعم سياسي وعسكري وطاقوي حتى انتهاء اتفاق عبور الغاز الروسي للأراضي الأوكرانية.

ويأمل السكان هناك في ألا تتخلى حليفتهم روسيا عن بلادهم التي لم يعترف بها أحد سوى منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين في جورجيا.

من جانبها، تنفي موسكو استعمال الغاز الروسي بوصفه سلاحًا ضد مولدوفا التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

لكن رئيس وزراء مولدوفا دورين ريتشيان، أقر، أمس الجمعة، بأن قطع الغاز الروسي تسبب في أزمة أمنية تستهدف "عودة القوى الموالية لروسيا إلى السلطة واستعمال أراضينا سلاحًا ضد أوكرانيا المجاورة على طول ألف و200 كيلومتر من الحدود".

بدوره، يرى المدير الدولي لمعهد الخدمات المتحدة الملكي للأبحاث (RUSI) ومقره لندن جوناثان إيال، أن هدف روسيا هو الضغط على مولدوفا وافتعال المشكلات بين الحكومة هناك وترانسدنيستريا وتحويل أزمة الطاقة إلى أزمة سياسية.

وبحسب إيال، من مصلحة مولدوفا مساعدة المنطقة المنفصلة عنها لكنها ستتحمل تكلفة شراء الغاز، وهو ما قد يثير نزاعات إضافية.

وتساءل قائلًا: "لا شك أن الحكومة (في مولدوفا) ترغب بالمساعدة، لكن الإشكالية في ما إذا كان الانفصاليون يرغبون بقبول يد العون أو أنها قد تكون مقدمة لصراع أكبر بدلًا من أن تكون بداية لعلاقة تعاون محتملة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

  1. تطورات أزمة الغاز الروسي في ترانسدنيستريا من وكالة رويترز
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق