لأول مرة.. توربينات غاز تعمل بالهيدروجين تجتاز الاختبارات بنجاح
دينا قدري
اجتازت توربينات غاز تعمل بالهيدروجين الاختبارات بنجاح لأول مرة؛ ما يوفّر طريقة فاعلة من حيث التكلفة لتحويل محطات الكهرباء العاملة بالغاز إلى محطات متوافقة مع المناخ.
ووفق تحديثات قطاع الغاز والهيدروجين لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، نجح مركز الطيران والفضاء الألماني (DLR)، وشركة استشارات خدمات الكهرباء الألمانية (Power Service Consulting)، في اختبار توربينات صغيرة قادرة على حرق الهيدروجين أو الغاز الطبيعي أو كليهما.
وقال المركز الألماني إنه نظرًا إلى أن بناء محطات الكهرباء الجديدة يستغرق وقتًا طويلًا ومكلفًا، فمن الجدير تعديل توربينات الغاز التي تعمل بالغاز الطبيعي في المحطات القائمة، لجعلها متوافقة مع الهيدروجين.
ويرجع ذلك إلى الدور المهم الذي تؤديه محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز بوصفها محطات طاقة ذروة الحمل، إذ تضبط إنتاجها بسرعة ومرونة للتعويض عن فترات ذروة الحمل أو "فترات الركود المظلمة"، دون أشعة الشمس أو الرياح.
تطوير توربينات غاز للعمل بالهيدروجين
سلّط رئيس قسم توربينات الغاز في معهد تكنولوجيا الاحتراق التابع لمركز الفضاء الألماني، بيتر كوتن، الضوء على مزايا تطوير توربينات غاز لاستعمال الهيدروجين للحدّ من الانبعاثات.
وأشار كوتن إلى أن بناء محطة كهرباء جديدة تعمل بتوربينات الغاز بقوة 15 ميغاواط يستغرق نحو 6 سنوات ويتكلّف 31 مليون دولار (30 مليون يورو).
وعلى النقيض من ذلك، فإن تحديث محطة قائمة يستغرق سنة ونصف السنة فقط، ويتكلّف نحو عُشر هذا المبلغ.
وعلاوة على ذلك، حقّق مركز الطيران والفضاء الألماني وشركة استشارات خدمات الكهرباء ما يزعم أنه أول تطوير تجاري قابل للتطبيق لتوربين غاز صغير، ما يمكنه من العمل بالهيدروجين والغاز الطبيعي.
ويهدف هذا الابتكار إلى الاستعداد لمستقبل يصبح الهيدروجين الأخضر فيه متاحًا على نطاق واسع، وفق ما أكدته منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ" (Interesting Engineering).
واستعمل مشروع ريتروفيت إتش 2 (Retrofit H2) توربينات صغيرة بقوة 100 كيلوواط؛ نظرًا إلى ارتفاع نسبة الطاقة إلى الوزن.
وتُستعمل هذه التوربينات عادةً في المناطق النائية، بوصفها كهرباء احتياطية للمستشفيات، وللتدفئة في الفنادق وحمامات السباحة، كما يمكنها تشغيل مرافق مثل مصانع الجعة أو محطات معالجة النفايات التي تستعمل غاز الميثان وقودًا.
تحديات تحويل توربينات الغاز إلى الهيدروجين
مع ذلك، فإن تحويل توربينات الغاز إلى الهيدروجين يمثل عدّة تحديات؛ إذ يُشبه حرق الهيدروجين في توربين غاز طبيعي استعمال البنزين في محرك ديزل؛ فهو غير متوافق بصورة أساسية وخطيرة للغاية.
ووفق قاعدة البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة، يحترق الهيدروجين بدرجة حرارة أعلى بكثير من الغاز الطبيعي، وله نقطة وميض (أدنى درجة حرارة يمكن أن يشكّل عندها مزيج مع الهواء قابل للاشتعال) أقل؛ ما قد يؤدي بسهولة إلى إتلاف غرفة احتراق التوربين الصغير بالحرارة الشديدة والموجات الصدمية.
ولمعالجة هذه المشكلة، طوّر المهندسون موقدًا مُحسَّنًا للهيدروجين؛ إذ يجري ترتيب حاقنات الهواء والوقود في حلقة، على عكس الإعدادات التقليدية؛ ما يؤدي إلى توليد تدفق عكسي في الغرفة.
ويساعد هذا في خلط غازات العادم بخليط الهواء/الوقود الجديد، وخفض درجة الحرارة، والحدّ من انبعاثات النيتروجين، وتثبيت اللهب؛ مما يقلل من درجة الحرارة في غرفة الاحتراق وينتج أكاسيد نيتروجين أقل، كما تعمل إعادة تدوير غازات العادم على تثبيت اللهب بصورة فعّالة.
حتى الآن، جرى تشغيل النظام في محطة تجريبية في لامبولدشهاوزن باستعمال الهيدروجين لمدّة 100 ساعة تقريبًا.
وأوضحت الباحثة في مركز الطيران والفضاء الألماني مارتينا هولوش، أن التفاعل الكيميائي العالي للهيدروجين يمثّل تحديات كبيرة.
وأضافت هولوش: "كنا حريصين على معرفة كيفية أداء التوربين مع نظام غرفة الاحتراق الجديد خارج بيئة المختبر.. أظهرت الاختبارات أنه يمكننا البدء بالهيدروجين دون أي مشكلات، وأن النظام يحقّق النطاق التشغيلي الكامل من الحمل الجزئي إلى الحمل الكامل".
مزايا تطوير توربينات الغاز
تتمثّل ميزة أخرى لمفهوم تطوير توربينات الغاز في مرونة الوقود العالية؛ إذ يجب تشغيل محطات الكهرباء بمزيج من الغاز الطبيعي والهيدروجين حتى يتوافر الهيدروجين الأخضر الكافي.
ويجب أن تعمل توربينات الغاز بكفاءة مع جميع نسب الخلط، إلا أن خصائص الاحتراق المختلفة تشكل تحديًا.
لذلك صمّمت شركة استشارات خدمات الكهرباء الألمانية نظام خلط وتوزيع مرن يضبط توربين الغاز الصغير على خليط الوقود المعني؛ ما يسمح بتشغيل المحطة بمزيج من الهيدروجين والغاز الطبيعي.
وللقيام بذلك، كانت التعديلات في نظام التحكم وتقنيات السلامة مطلوبة، وفق ما أكده المركز الألماني في بيان اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ففي محطة الكهرباء التجريبية في لامبولدهاوزن، اختبر فريق البحث توربين الغاز الصغير المحول في اختبارات طويلة الأمد؛ وتمكنوا من تحقيق هدف حرق الهيدروجين وجميع نسب الخلط بأقل قدر ممكن من الانبعاثات.
وتُستعمل توربينات الغاز الصغيرة بالفعل في توليد الحرارة والكهرباء المشتركين؛ فهي تزوّد الكهرباء حيث يوجد -أيضًا- طلب مرتفع على الحرارة، على سبيل المثال: في الفنادق أو حمامات السباحة أو المستشفيات.
وتعد هذه التقنية مناسبة بصفة خاصة للمناطق حيث سيصبح إمداد مصادر الطاقة المتجددة أكثر تعقيدًا في المستقبل.
وتوفر مرونة الوقود لتوربينات الغاز ميزة تجارية إضافية؛ ففي العمليات الصناعية، حيثما تُنتج الغازات المناسبة بوصفها منتج نفايات، مثل محطات معالجة مياه الصرف الصحي أو مواقع مكبات النفايات، يُمكن استعمال هذه الغازات وقودًا لإمدادات الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- توربينات غاز تعمل بالهيدروجين 100%.. هل تُحدث طفرة في الصناعة؟
- توربينات غاز تعمل بخلايا وقود الهيدروجين.. البداية من أميركا
- تدشين أول وحدة توربينات غاز متقدمة في السعودية
اقرأ أيضًا..
- إنجاز تاريخي لأكبر حقل نفط في العالم.. احتياطياته أكثر من 11 مليار برميل
- واردات الغاز الأوروبية عبر الأنابيب.. روسيا والجزائر وليبيا تسد الفجوة
- وكالة الطاقة الدولية تعلن توقعاتها لذروة الطلب على الفحم
- السيارات الكهربائية الأوروبية في أزمة.. طرح طرازات جديدة يصطدم بـ"نقص البطاريات"
المصادر:
- نجاح اختبار توربينات غاز تعمل بالهيدروجين من الموقع الرسمي لمركز الطيران والفضاء الألماني.
- معلومات إضافية عن تطوير توربينات الغاز من منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ".