حقل العمر النفطي في سوريا.. قصة 760 مليون برميل تتحدى الحروب
أحمد بدر
يمثّل حقل العمر النفطي طوق نجاة لقطاع الطاقة في سوريا، الذي واجه على مدى عقد كامل أو يزيد، عمليات تخريب طالت كل القطاعات الرئيسة والحيوية، بما فيها قطاع النفط والغاز.
وبحسب بيانات حقول النفط والغاز العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الحقل النفطي الكبير يعدّ هدفًا للجميع، سواء الجانب الحكومي الراغب في تطوير احتياطياته واستغلالها بما يلبي احتياجات البلاد، أو الجماعات المسلحة التي أرادت السيطرة عليه.
وعلى الرغم من عمليات التخريب والقصف والتدمير والسيطرة والاحتلال التي واجهها حقل العمر النفطي حتى عام 2022، فإنه ما زال صامدًا حتى الآن، إذ تستهدف الحكومة السورية تطوير إمكاناته واستغلالها لتلبية الطلب المحلي على الطاقة.
يشار إلى أن الحقل النفطي السوري كان قد سقط في أيدي جماعات مسلحة حاربت الدولة منذ عام 2013، وتناوبت عليه الجماعات المختلفة، إلى أن تمكنت الحركة الديمقراطية السورية "قسد" من تحريره في عام 2017، ليصبح لاحقًا هدفًا للطائرات وعمليات القصف.
وللاطّلاع على الملف الخاص بحقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة، يمكنكم المتابعة عبر الضغط (هنا)؛ إذ يتضمّن معلومات وبيانات حصرية تغطّي قطاعات الاستكشاف والإنتاج والاحتياطيات.
معلومات عن حقل العمر النفطي
يعدّ حقل العمر أكبر الحقول النفطية في سوريا، سواء من حيث حجم الإنتاج أو المساحة، إذ يقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، ويبعد نحو 10 كيلومترات شرق مدينة "الميادين" في محافظة دير الزور، بحسب ما نشره الموقع الرسمية لوزارة النفط السورية.
واكتشفت سوريا الحقل النفطي الأكبر في تاريخها في عام 1987، ويعدّ من أكثر الحقول النفطية إنتاجًا قبل بدء الحرب، إلّا أن المعارك التي بدأت في عام 2012 جعلته هدفًا لكثير من الجماعات المسلحة، التي تنازعت عليه وتناوبت على احتلاله.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2013، سيطرت جماعة تسمى "الجيش الحر" على حقل العمر النفطي، قبل أن تواجه حربًا شرسة من تنظيم "داعش" الذي تمكّن من إخراجها منه واحتلاله بدلًا منها، وذلك في شهر أغسطس/آب 2014.
واستمر الحقل تحت سيطرة "داعش" حتى اندلعت المعارك بين التنظيم وحركة متحالفة مع التحالف الدولي الذي كان موجودًا في سوريا، وهي الحركة الديمقراطية السورية "قسد"، التي تمكنت بحلول نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017 من السيطرة على الحقل بالكامل.
وعلى الرغم من إزاحة التنظيم المسلح الأخطر في تاريخ سوريا والعراق من حقل العمر النفطي، فإنه لم يسلم من أعمال القصف والاستهداف في السنوات التالية، إذ شهد في 28 يونيو/حزيران 2021 قصفًا مدفعيًا، استهدف قاعدة أميركية في منطقة الحقل.
وحينها، سقطت قذائف مدفعية داخل الحقل، بالإضافة إلى إصابة قذائف أخرى لمساكن الحقل في ريف دير الزور الشرقي، الأمر الذي أسفر عن خسائر مادية كبيرة، وتسبَّب في توقُّف إنتاج الحقل، الذي كان متراجعًا إلى أقل من 5% من طاقته الإجمالية.
وبعد 3 أسابيع، وتحديدًا في 13 يوليو/تموز 2021، تعرَّض محيط القاعدة الأميركية بالحقل مجددًا إلى هجوم صاروخي، ليتّضح أنه الهجوم السابع خلال أسبوع واحد، ما اضطر الأميركيين إلى فرض حصار حول الحقل ومعمل "كونيكو" للغاز.
وفي يوليو/تموز 2022، عادت عمليات الاستهداف للقاعدة الأميركية في الحقل النفطي، بالصواريخ المتفجرة، الأمر الذي تسبَّب في سلسلة انفجارات عنيفة، وعاد إنتاج الحقل إلى التوقف بشكل كامل، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة لملف الطاقة في سوريا.
احتياطيات حقل العمر النفطي
حتى الآن لا توجد إحصاءات رسمية بشأن احتياطيات حقل العمر النفطي في سوريا، إلّا أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أن الحقل يحتوي على مخزونات ضخمة تبلغ نحو 760 مليون برميل من النفط الخام، بحسب ما نشرته منصة "غلوبال إنرجي مونيتور" (Global Energy Monitor).
وبفضل هذه الاحتياطيات الكبيرة، يعدّ الحقل أكبر حقول النفط في سوريا من حيث المساحة والمخزونات، وكذلك الإنتاج، إذ إنه قبل بدء الحرب، كان إنتاجه في عام 2011 يبلغ نحو 80 ألف برميل يوميًا، وهو الرقم الذي تراجع إلى أقل من 5% خلال السنوات الأخيرة.
يشار إلى أن حقول النفط في سوريا تواجه مصيرًا مجهولًا في الوقت الحالي، فبينما تتجه الدولة إلى الاستقرار، يمضي قطاع الطاقة باتجاه التطوير، ولكن تعوقه الإمكانات المالية، التي تجعل الدولة العربية صاحبة احتياطيات عملاقة، وإنتاج ضعيف للغاية.
وبحسب بيانات النفط والغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الاحتياطيات النفطية المؤكدة في سوريا تبلغ نحو 2.5 مليار برميل من النفط الخام.
وتتوزع الحقول النفطية السورية بين عدد من المحافظات، إذ يوجد أغلبها شرق البلاد في محافظة دير الزور، بينما توجد حقول أخرى في الحسكة، ومنطقة تدمر بمحافظة حمص، بالإضافة إلى حقول نفطية أخرى صغيرة بمحافظة الرقة.
إنتاج النفط في سوريا
في ديسمبر/كانون الأول 2023، صرّح وزير النفط السوري الدكتور فراس قدور إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) بأن الخبرات الوطنية في بلاده مؤهلة للعمل بمجال النفط والغاز، إلّا أن البلاد تنقصها بعض التقنيات الضرورية بهذا القطاع.
وأوضح الوزير، في الحوار الذي أجراه معه مدير تحرير "الطاقة" عبدالرحمن صلاح، خلال مشاركته في مؤتمر الطاقة العربي الثاني عشر، في دولة قطر، الذي عقدته منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، أن إنتاج النفط السوري تراجع من 386 ألف برميل يوميًا قبل الحرب، إلى نحو 15 ألفًا، وسط سعي الدولة لإصلاح بعض الحقول المخرّبة، مثل حقل العمر النفطي.
وردًا على سؤال بشأن الدول التي تستورد منها سوريا النفط الخام، قال الدكتور فراس قدور، إن بلاده تعمل على تأمين النفط من الدول الصديقة، في وقت تعمل فيه على زيادة الإنتاج تدريجيًا، مع ضم الحقول المحررة من الجماعات المسلحة.
نرشح لكم..
- أسعار ألواح الطاقة الشمسية في سوريا.. حلم الكهرباء النظيفة يرتطم بصخرة التكاليف
- بطاريات الطاقة الشمسية في سوريا.. الأنواع والأسعار (تقرير)
- تقارير وملفات خاصة من وحدة أبحاث الطاقة