صناعة الهيدروجين العالمية قابلة للتطور.. ومستهدفات 2030 "غير واقعية"
هبة مصطفى
اكتسبت صناعة الهيدروجين زخمًا عالميًا لافتًا للنظر خلال السنوات القليلة الماضية، وتسابقت الحكومات والشركات فيما بينها لإعلان مستهدفات طموحة بحلول عام 2030.
ورغم أن الصناعة تُعد حديثة العهد نسبيًا مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى، فإنها ظهرت بتنوع قوي استهدف خفض الانبعاثات وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وخلال متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لفعاليات مؤتمر "غازتك 2024" -المنعقد في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، وتنتهي فعالياته اليوم الجمعة 20 سبتمبر/أيلول- احتل الحديث حول "واقعية الإطار الزمني" لأهداف الصناعة مساحة مهمة لدى المشاركين.
ولفت مشاركون إلى أن الوقوف على مدى قابلية تنفيذ هذه الأهداف، خلال السنوات القليلة المقبلة، يُعد سببًا رئيسًا في نجاح أوروبا بالمضي قدمًا تجاه تنفيذها مقابل إخفاق أميركي.
إطار زمني غير واقعي
اتهم مشاركون في "غازتك 2024" أطراف صناعة الهيدروجين بطرح مستهدفات ذات إطار زمني لا يمت بصلة إلى الواقع.
وقالت المديرة التنفيذية للهيدروجين لدى شركة إي دي بي رينيوبلز (EDP Renewables)، آنا كالوس، إن إنتاج الهيدروجين حسب المستهدفات الطموحة في وقت قريب "غير واضح".
وأشارت إلى أن التأسيس للصناعة يتطلّب قواعد وسياسات تستغرق وقتًا، ما يفسّر التقلبات التي شهدتها سوق الهيدروجين في أميركا والتفوق الأوروبي عليها فيما يتعلق بوضوح الأطر التنظيمية.
واستبعدت كالوس تنفيذ مستهدفات نهاية العقد، لكن "لا يُعد تأخر تحقيقها دلالة على استحالة تحولها إلى واقع"، بحسب قولها.
وأقر المشاركون في غازتك 2024 بهدوء حالة الصخب المحيطة بالصناعة، ما يستلزم التوقف وإعادة النظر في المستهدفات والتوقعات حتى تسنح الفرصة بإطلاق المشروعات.
وأكدوا أنه في الوقت نفسه هناك ضرورة مُلحّة لمواصلة التطوير، إذ إن الهيدروجين يُعد إحدى الركائز الرئيسة لمستقبل متوافق مع أهداف الحياد الكربوني، لكن يتعيّن مراعاة الإطار الزمني الواقعي.
استثمارات غير مدروسة
تطرّق المدير التنفيذي لمركز العمليات الخاص بشركة تكنيب إنرجي في مدينة كليرمونت بأميركا، فيناي كورانا، إلى زاوية أخرى من مظاهر التأسيس غير الدقيق لصناعة الهيدروجين.
وقال إن "عدم واقعية" طموحات الصناعة لا تقتصر على المستهدفات الزمنية فقط، وإنما تمتد إلى تقديرات ضخ الاستثمارات بها، بحسب تصريحات نقلها موقع إس آند بي غلوبال (S&P Global).
وأشار كورانا إلى أن سوق الهيدروجين باتت تجتذب مطورين جددًا يفرطون في تقدير النفقات الرأسمالية والتشغيلية، دون التركيز على التخطيط والتأسيس لمشروعاتهم بصفة جيدة.
ولفت إلى أن المستثمرين يدركون التقديرات الواقعية لمشروعاتهم، عقب إعداد عدد من الدراسات والتصميمات الهندسية.
وبدت نظرة مسؤول تحول الطاقة في شركة ترافيغورا (Trafigura) ماراغواكس مور أكثر تفاؤلًا، إذ أكد أن إدراك التكلفة الواقعية لمشروعات الهيدروجين دلالة على "نضج السوق"، حتى وإن جاءت متأخرة بعض الشيء.
وتابع مشيرًا إلى إمكان تحقيق مستهدفات 2030 إذا تضافرت الجهود لإعادة النظر في تحديات صناعة الهيدروجين، وتحديد خريطة طريق تعزّز من احتمال تنفيذ الأهداف الطموحة بحلول نهاية العقد.
المعضلة الحقيقية
إلى جانب عدم تقدير الإطار الزمني والتكلفة بصورة واقعية، يُعد معدل الطلب على الهيدروجين وتوافر المشترين أبرز التحديات التي تواجه الصناعة.
وبحسب المشاركين في مؤتمر غازتك 2024، ركزت التوقعات على أن الطلب على الهيدروجين النظيف سيكون مدفوعًا بالمشترين من: "مصافي التكرير والصناعات الثقيلة، ومنتجي الأسمدة".
ومن شأن هذه العوامل أن تعزّز "لامركزية" السوق، التي قد تستفيد صناعة الهيدروجين بها في تخطي تعقيدات النقل والتوزيع، وفتح المجال أمام مواقع التطوير المتاحة في أنحاء العالم.
ويقدّم قانون التضخم الأميركي مزايا عدة للتوريدات، غير أن الطلب لم يحظ -حتى الآن- بالتشجيع المناسب.
وأحرزت مشروعات الهيدروجين النظيف العالمية تقدمًا محدودًا حتى الآن، إذ تُشير تقديرات إلى أن 7% من المشروعات المستهدفة وصلت إلى مرحلة الاستثمار النهائي، حسب تحليل إس آند بي غلوبال للسوق في مايو/أيّار الماضي.
وتُعد المشروعات طويلة الأجل أكثر صعوبة في ضخ الاستثمارات، إذ تشهد عزوفًا، ما دفع المشاركين إلى اقتراح "دمج" عدد من المشروعات والتقنيات في أعمال أوسع نطاقًا.
وأكدوا أن تطوير صناعة الهيدروجين يجب أن يصبح تدريجيًا، ويبدأ -في أميركا على سبيل المثال- بإنتاج الوقود من الغاز الطبيعي (هيدروجين أزرق) لانخفاض سعره.
موضوعات متعلقة..
- أندرو فورست يتوقع نمو صناعة الهيدروجين الأخضر إلى 16 تريليون دولار
- عدد مشروعات الهيدروجين النظيف يرتفع 7 مرات منذ 2020 (تقرير)
- أغلب مشروعات إنتاج الهيدروجين النظيف لم يصل مرحلة الاستثمار النهائي (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- استقرار عدد حفارات النفط الأميركية عند أعلى مستوى منذ يونيو 2024
- 5 ملفات دعّمت تجديد الثقة في صالح الخرابشة وزيرًا للطاقة الأردني
- بالأرقام.. مشروعات قطاع الطاقة في الجزائر تنعش الناتج المحلي وتدعم الاقتصاد