أسواق الغاز المسالالتقاريرتقارير الغازرئيسيةغاز

تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي يمهد طريق إمدادات كندا والمكسيك لآسيا

هبة مصطفى

يُعَد تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي، بعد تجميد الرئيس جو بايدن موافقات المحطات الجديدة، مثالًا حيًا على مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد".

وتسعى الجارتان في قارة أميركا الشمالية، كندا والمكسيك، إلى الاستفادة من هذا التعليق بالتوسع في التصدير، وتضعان نصب أعينهما السوق الآسيوية هدفًا لصادراتهما من الغاز المسال.

وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) لتطورات مشروعات كل منهما، يُعَد طموح البلدين محاطًا بعدد من التحديات واسعة النطاق؛ ما يعزز حالة عدم اليقين في كونهما بديلين للإمدادات الأميركية.

ورغم أرقام صادرات الغاز المسال "المحدودة نسبيًا" للدولتين العام الجاري؛ فإن هناك تقديرات متفائلة لإمكانات التصدير بحلول عام 2040.

ضخ استثمارات

يعد تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي فرصة ذهبية لدول أميركا الشمالية؛ إذ قد تستفيد دول مثل كندا والمكسيك من توقف إصدار موافقات محطات التصدير الجديدة في أميركا.

وفي ظل زيادة الطلب الآسيوي على الغاز المسال، يمكن أن تنضم كندا والمكسيك إلى حلبة المنافسة على التصدير؛ ما قد يشعل السوق بانضمام لاعبين جدد.

وتسعى الدولتان الواقعتان في أميركا الشمالية لضخ استثمارات في مشروعات الغاز المسال تؤهلهما للتصدير، ويبدو أن جذب المشترين الآسيويين يعد هدفًا رئيسًا في ظل التراجع المتوقع للصادرات الأميركية.

وحدات تخزين غاز مسال على متن ناقلة
وحدات تخزين غاز مسال على متن ناقلة - الصورة من ERIA

ويستعد قطاع الغاز المسال في الدولتين لاستقبال استثمارات تقدر بنحو 63 مليار دولار، للإنفاق على المشروعات التي تترقب قرارات الاستثمار النهائي، أو التي شرعت في البناء بالفعل، حسب تقديرات شركة الأبحاث المتخصصة ريستاد إنرجي.

وتسارعت وتيرة هذه التطورات في البلدين بعد أن ألزم الرئيس الأميركي جو بايدن -نهاية يناير/كانون الثاني 2024- الهيئات المعنية بتعليق موافقات مشروعات التصدير الجديدة؛ ما أدى إلى توقف تطوير عدد من المحطات.

وجاء ذلك على إثر تصاعد المعارضة البيئية والمناخية جراء تزايد معدل صادرات الغاز المسال الأميركي، والمراجعة التي قررت وزارة الطاقة إجراءها لجدوى هذه المشروعات.

إمكانات التصدير

مع نمو حالة عدم اليقين في مستقبل صادرات الغاز المسال الأميركي، يبحث العملاء والمستهلكون عن موردين موثوقين.

ويتعطش العملاء الآسيويون للإمدادات، سواء من الغاز المسال القطري الموثوق، أو البدائل المتوقعة مستقبلًا في أميركا الشمالية، مثل كندا والمكسيك.

وبحلول عام 2040، تملك كندا القدرة على تصدير 36.2 مليون طن غاز مسال سنويًا، في حين قد تصدر المكسيك كميات تزيد قليلًا بما يصل إلى 36.7 مليون طن، طبقًا لبيانات وود ماكنزي.

وتعكس الصادرات المتوقعة عقب 16 عامًا طموحًا من مستوى الصادرات الحالي، وفق ما نقلته صحيفة فايننشال تايمز (Financial Times).

ولم تصدر كندا أي شحنات منذ مطلع العام الجاري حتى الآن، في حين صدرت المكسيك 0.49 مليون طن فقط.

وبالمقارنة مع صادرات الغاز المسال الأميركي، الذي ما زالت كفته راجحة حتى الآن؛ فإن هناك فجوة رقمية واضحة قد تحد من طموح كندا والمكسيك في تعويض فاقد إمدادات واشنطن إلى الأسواق، خاصة آسيا.

وصدّرت أميركا العام الماضي 2023 ما يصل إلى 88 مليون طن، لكن التوقعات تُشير إلى إمكانها تصدير 325.83 مليون طن سنويًا بحلول عام 2040 أيضًا.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم الطلب الآسيوي على الغاز المسال، خلال الربع الأول من 2023:

الطلب على الغاز المسال في الأسواق الآسيوية

خطط المشروعات

تمتاز مشروعات الغاز المسال -المخطط لها- في كندا والمكسيك بموقع يطل على سواحل البلدين، ومن شأن ذلك أن يوفر ميزة إضافية لصادرات البلدين عبر تجنب الناقلات المرور بقناة بنما المهمة للتجارة.

ويعزز ذلك من إمكان وصول شحنات الغاز المسال منهما إلى السوق الآسيوية بسهولة، بأسعار أقل ثمنًا.

وفي الأسطر التالية، نستعرض خطط وتطورات مشروعات البلدين للاستفادة من تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي، وتوقف موافقات المحطات الجديدة.

كندا

خطط المشروعات

يساعد مشروع يقع في كولومبيا البريطانية -تملك شركة شل العالمية 40% منه- على إطلاق أولى شحنات الغاز المسال الكندي العام المقبل، للمرة الأولى.

وأحرز المشروع تطورات تتجاوز 90%، وترجح سعته بنحو 14 مليون طن سنويًا وفق تقدير شركة شل، في حين قدرت شركة وود ماكنزي سعته بمعدل أقل قليلًا عند 13.5 مليون طن بحلول عام 2027.

ويُنظر إلى المرحلة الأولى من المشروع بوصفها أكبر مشروعات الغاز المسال الكندية، وأحد مشروعات التصدير البارزة في المحيط الهادئ وأميركا الشمالية، ويعد أحد أبرز مصادر التوريد المحتملة إلى آسيا.

ومن المتوقع أن يشهد العامان المقبلان إطلاق مشروعات غاز مسال عدة في كندا، وهناك مشروعان قيد الإنشاء حاليًا يُتوقع أن ينتجا 5.4 مليون طن سنويًا بحلول نهاية العقد، هما: "وودفايبر، وسيدار".

التحديات

تواجه هذه النظرة المتفائلة للمشروعات الكندية تحديات عدة؛ من بينها عدم توافر منشأة معنية بالتصدير حتى الآن، فضلًا عن التأخيرات التي عطّلت عددًا من المشروعات.

وتجدر الإشارة إلى أن أول المشروعات الكندية أُزيح الستار عنه قبل 14 عامًا لكنه لم يشهد تطورات بالقدر الكافي لتلبية طموح الدولة الواقعة في أميركا الشمالية.

ومقابل ذلك، انطلقت مشروعات الغاز المسال الأميركي وأحرزت تقدمًا لافتًا مقارنةً بنظيرتها الكندية.

وبالنسبة لمشروع وودفايبر، قال الرئيس التنفيذي لشركة إينبريدج (Enbridge) المحلية المطورة بحصة 30% "جريج إيبل" إن كندا أضاعت 10 سنوات من تطوير صناعة الغاز المسال، إثر تأخر إصدار تصاريح المشروعات.

وتعاني كندا صعوبات تنظيمية تعطل موافقات مشروعات الغاز المسال؛ ما تسبّب في ارتفاع تكلفة هذه المشروعات.

وقارن مسؤول تحليلات الغاز المسال لدى "ريستاد إنرجي" كوماش راميش، بين المدة الزمنية التي تستغرقها الموافقات البيئية لهذه المشروعات في كل من كندا وأميركا، مشيرًا إلى أن الأخيرة لا تشهد تعطلًا مقارنة بأوتاوا.

موقع قيد البناء لتخزين الغاز المسال في كندا
موقع قيد البناء لتخزين الغاز المسال في كندا - الصورة من LNG Canada

المكسيك

خطط المشروعات

تخطط المكسيك لإطلاق العنان إلى صادرات الغاز المسال من الساحل الغربي للبلاد، بهدف تلبية الطلب الآسيوي.

وشهد شهر أغسطس/آب الماضي، إطلاق أولى شحنات الغاز المسال المكسيكي من أولى محطات التصدير على الساحل الشرقي، وهو مشروع تابع لشركة نيو فورتريس إنرجي (New Fortress Energy) الأميركية.

وتضم أجندة المكسيك أيضًا خططًا لتطوير 4 مشروعات إضافية على الساحل الغربي، بصادرات متوقعة تصل إلى 23.06 مليون طن سنويًا، بحلول نهاية العقد.

ومن بين هذه المشروعات دخل مشروع واحد تابع لشركة "سيمبرا" حيز البناء، وهو مشروع "إنرجيا كوستا أزول".

التحديات

تلتزم غالبية مشروعات الغاز المسال في المكسيك بتغذية المنشآت بتدفقات غاز طبيعي من حوض برميان الأميركي؛ ما يجعلها تقع تحت طائلة تداعيات التعليق الأميركي الذي تبنّاه بايدن للمشروعات الجديدة.

وحتى الآن، لم يتخذ أكبر مشروعات الغاز المسال المكسيكي (مشروع سوارو إنرجيا Saguaro Energia) قرار الاستثمار النهائي لبدء البناء رغم تمتعه بتصريح وزارة الطاقة الأميركية والتزامات التصدير بحلول نهاية العام المقبل بحد أقصى.

وتترقّب المكسيك تولي إدارة جديدة مهام البلاد بدءًا من أكتوبر/تشرين الأول المقبل؛ ما يعزز من المخاوف وحالة عدم اليقين في مستقبل الصناعة.

ورغم ذلك؛ فإنه يرى محللون أن المشروعات المكسيكية يمكنها منافسة تكلفة مشروعات تصدير الغاز المسال الأميركي؛ ما يجعلها مفضّلة أكثر بالنسبة للسوق الآسيوية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق