تقرير يتهم دولًا نفطية بمقاومة جهود إزالة الوقود الأحفوري خلال كوب 29
محمد عبد السند
- تتنامى توجهات العديد من حكومات العالم إلى تسريع التحول الأخضر
- يخشى بعض الدول التخلص من الوقود الأحفوري بحجة أنه غير واقعي
- توقعات بأن يحتل الوقود الأحفوري مساحةً كبيرةً في مناقشات كوب 29
- خُطط إنتاج النفط والغاز في أكبر 20 دولة منتجة تمضي في الاتجاه المعاكس
- خطت السعودية خطوات واسعة في مشروعات الطاقة المتجددة خلال السنوات الأخيرة
تواجه العديد من البلدان الغنية بالنفط اتهامات بعرقلة المساعي المبذولة لإزالة الوقود الأحفوري من مزيج الطاقة العالمي، فيما يُعرف اصطلاحيًا بـ"التحول الأخضر".
وبينما تتنامى التوجهات لدى كثير من حكومات العالم، لا سيما في منطقة الاتحاد الأوروبي، لاستبدال مصادر الطاقة المتجددة بنظيراتها التقليدية الحساسة للبيئة، تواجه دول أخرى أمثال السعودية وروسيا اتهامات برفض هذا المسار على أساس كونه غير واقعي، بل ويهدد أمن الطاقة العالمي.
ومن المرجح أن يحتل مستقبل الوقود الأحفوري مساحة كبيرة على طاولات المناقشات خلال قمة المناخ كوب 29 المقبلة، المقرر انعقادها في أذربيجان، التي ستسعى خلالها دول التكتل إلى اتخاذ كل ما يلزم لتسريع تحول الطاقة.
غير أن تقريرًا أمميًا سبق أن حذّر من أن خُطط إنتاج النفط والغاز في أكبر 20 دولة منتجة تمضي في الاتجاه المعاكس، موضحًا أن الحكومات تخطّط لإنتاج نحو 110% من الوقود الأحفوري بحلول عام 2030؛ ما يهدد الأهداف المناخية، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
اتهامات مُرسَلة
تبذل الدول الغنية بالنفط جهودًا منسقةً لإبطاء وتيرة التقدم المُحرَز بشأن اتفاقية مناخية تاريخية ترعاها الأمم المتحدة، تستهدف التخلص من استعمال الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، وفق ما أوردته صحيفة فايننشال تايمز، نقلاً عن بلدان غربية مشاركة في مباحثات التغيرات المناخية العالمية.
وقال مفاوضون من 5 بلدانٍ غربيةٍ إنهم يمارسون ضغوطًا مكثفة على أذربيجان بوصفها البلد المستضيف لقمة التغيرات المناخية كوب 29، لمنح أولوية للمناقشات الخاصة بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، في مسعى لمواجهة "مقاومة" الدول النفطية وحلفائها لتلك الجهود.
وفي قمة المناخ كوب 28 التي استضافتها مدينة دبي الإماراتية في ديسمبر/كانون الأول (2023)، وافق ما يقرب من 200 دولة على التحول من الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، ومضاعفة سعة الطاقة المتجددة 3 مرات، وزيادة كفاءة الطاقة بواقع الضعف بحلول نهاية العقد الحالي (2030).
وزعم المفاوضون أن هناك مجموعة من الدول، مثل السعودية وروسيا وبوليفيا، التي ما تزال تعتمد بقوة على مصادر الوقود التقليدي في توليد الطاقة، تسعى لعرقلة التقدم المُحرَز في ذلك المسار، وفق فايننشال تايمز.
لكن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان سبق أن أوضح موقف بلاده من تلك المسألة، مؤكدًا ضرورة أن "تمضي قضيتا أمن الطاقة ومواجهة معضلة تغير المناخ جنبًا إلى جنب إذا كنا نرغب في إنجاز الأمرين معًا ومعالجتهما".
وقال: "أكرر دائمًا أننا لا يمكننا المساومة بأي منهما، وفي تقديري أننا نستطيع حل الأمرين معًا من دون أن يؤثر أحدهما في الآخر".
ضغوط على أذربيجان
يُنظر إلى أذربيجان التي تعتمد بشدةٍ على صادرات النفط والغاز لدعم اقتصادها الوطني، على أنها تعارض دعم مزيدٍ من التحول عن النفط والغاز.
ويمثّل قطاع النفط والغاز قرابة 90% من إيرادات الصادرات الأذربيجانية، كما يمول نحو 60% من موازنتها العامة، بحسب أرقام الوكالة الدولية للطاقة.
وقال مفاوض من بلد غربي كبير إن "هناك معارضة واضحة من قبل بعض الدول النفطية في المناقشات الرامية إلى التوصل لاتفاقية بشأن الوقود الأحفوري"، وفق ما أوردته فايننشال تايمز.
وأضاف: "يتعيّن علينا أن نكون واضحين جدًا مع أذربيجان، بشأن حقيقةٍ مفادها بأن النسخة المقبلة من قمة المناخ لن يُكتَب لها النجاح إذا لم نتحدث -كذلك- عن تقليل الانبعاثات أو الحد منها، بما في ذلك قرار مؤتمر كوب 28"، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
الطاقة المتجددة في السعودية
بينما تواجه اتهامات تضعها في خانة الدول الرافضة لجهود تحول الطاقة، خطت السعودية خطوات واسعة في مشروعات الطاقة المتجددة خلال السنوات الأخيرة؛ ما يضع المملكة على المسار الصحيح لتنفيذ إستراتيجيتها لتحول الطاقة بحلول عام 2030.
ووفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة، تعتزم السعودية التخلص من استعمال الوقود السائل في مزيج توليد الكهرباء بحلول عام 2030، لينقسم ما بين 50% للغاز و50% للطاقة المتجددة.
وفي إطار ترجمة رؤاها الطموحة في قطاع الطاقة النظيفة إلى واقع ملموس، أطلقت المملكة أول مسح جغرافي لمشروعات الطاقة المتجددة في السعودية في 24 يونيو/حزيران (2024) بحضور وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان ورعايته.
ويغطي المشروع جميع مناطق المملكة من خلال مسح أكثر من 850 ألف كيلومتر مربع، عدا المناطق المأهولة بالسكان، ويُسهم في تحديد أفضل المواقع لتطوير مشروعات الطاقة المتجددة في البلاد، من حيث حجم موارد الطاقة، وأولوية تطوير مشروعاتها.
وأُسندت عقود تنفيذ المشروع إلى شركات سعودية لتركيب 1200 محطة لرصد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع مناطق المملكة.
وأكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن المشروع يُعدّ الأول من نوعه عالميًا من حيث التغطية الجغرافية؛ إذ إنه يغطّي مساحة تعادل مساحات دولٍ بأكملها، فمساحته -على سبيل المثال- تعادل تقريبًا مساحة بريطانيا وفرنسا معًا، أو ألمانيا وإسبانيا معًا، في تصريحات سابقة أطلقها على هامش توقيع عقد مشروع أول مسح للطاقة المتجددة في السعودية،
وأوضح أن المشروع يؤكد التزام المملكة بتحقيق مستهدفاتها الطموحة في إنتاج الطاقة المتجددة وتصديرها، إذ سيعزّز الاستفادة المثلى من موارد الطاقة المتجددة في السعودية.
تصدير الكهرباء النظيفة
تعوّل المملكة على المشروع المذكور في دعم موقعها الإستراتيجي لتصدير الكهرباء المُنتجة من الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى دعمه توجّهها نحو إنتاج الهيدروجين النظيف.
كما سيُسهم المشروع في تحقيق مستهدفات مزيج الطاقة الأمثل لتوليد الكهرباء، إذ تشكّل مصادر الطاقة النظيفة نحو 50% من مزيج الطاقة بحلول 2030، وتحقيق مستهدفات برنامج إزاحة الوقود السائل وتقليص الاعتماد عليه في قطاع إنتاج الكهرباء.
وسجلت سعة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في السعودية قفزة كبيرة خلال السنوات الـ3 الماضية، لتصل إلى 2.689 غيغاواط بنهاية عام 2023.
وتخطّط المملكة لطرح مشروعات لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، بطاقة تبلغ 20 غيغاواط سنويًا، ابتداءً من هذا العام (2024)، للوصول إلى ما بين 100 و130 غيغاواط بحلول عام 2030.
موضوعات متعلقة..
- التخلص من الوقود الأحفوري.. ما بين الحرب النفسية والانتقال الوهمي للطاقة (تقرير)
- الأمم المتحدة تطالب بالتخلص التدريجي من الفحم وجميع أنواع الوقود الأحفوري
- فاتورة التخلص من الوقود الأحفوري في أوروبا تتجاوز 2 تريليون دولار (دراسة)
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: أسعار النفط انخفضت بسبب "المبالغات".. وهذا دور الطلب الصيني
- أسعار البنزين في أميركا تتخذ مسارًا هبوطيًا خلال أكتوبر
- لماذا انخفضت أسعار النفط 20 دولارًا رغم توفر عوامل الارتفاع؟ أنس الحجي يجيب