منجم ليثيوم عملاق يؤرّق القطاع العالمي بعد إغلاقه.. هل يدعم الأسعار؟

أثار قرار شركة كونتمبراري أمبيريكس تكنولوجي كو (Contemporary Amperex Technology Co) بغلق منجم ليثيوم عملاق تابع لها، حالةً من الجدل بين مطوري تلك الصناعة الإستراتيجية، الذين يعوّلون عليه في إنهاء موجة التباطؤ المطولة في الأسعار العالمية.

ويكتسب المنجم الذي تحتضنه الصين أهميةً خاصةً ليس لحجمه الضخم فحسب، وإنما لكونه مملوكًا من قبل أكبر مُنتِج للبطاريات في العالم، ولم يكن من المرجح أن يلقى المنجم هذا المصير.

وتشهد أسعار الليثيوم العالمية انهيارًا حادًا منذ أواخر عام 2022؛ ما نتج عنه توقف عجلة الإنتاج في العديد من مناجم الليثيوم، وإرجاء الجداول الزمنية المقررة لتنفيذ العديد من المشروعات.

وتضع تقديرات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) المعروض العالمي من مكافئ كربونات الليثيوم عند 435 ألف طن، بحلول عام 2026.

غلق منجم ليثيوم

تسبّب غلق غير متوقع في منجم ليثيوم ضخم في الصين في إرباك الصناعة التي تجد صعوبةً في الوقوف على إذا ما كانت تلك الخُطوة ستكفي لإنهاء موجة التباطؤ المطولة في أسعار المواد المُستعمَلة في تصنيع البطاريات، وفق ما أوردته شبكة بلومبرغ.

وارتفعت أسهم شركات تعدين الليثيوم المنتشرة من أستراليا إلى أميركا الجنوبية خلال تداولات الأربعاء 11 سبتمبر/أيلول (2024)، بعدما أغلقت شركة كونتمبراري أمبيريكس تكنولوجي كو، منجم ليثيوم يمثل ما يتراوح من 5% إلى 6% من إمدادات المعدن العالمية.

وعزّز مصرف سيتي غروب (Citigroup) الأميركي توقعاته لأسعار الليثيوم العالمية، في حين ارتفعت أسعار العقود الآجلة الصينية لهذا المعدن الإستراتيجي الذي يمثّل رقمًا مهمًا في معادلة تحول الطاقة.

وهبطت أسعار الليثيوم في السوق الفورية بما يقرب من 90% منذ أواخر عام 2022؛ ما أجبر على غلق 9 مناجم ليثيوم، وإرجاءات في تنفيذ عددٍ من المشروعات العالمية إلى أجل غير مسمى.

غير أن غلق منجم ليثيوم شركة كونتمبراري أمبيريكس تكنولوجي كو، المعروفة اختصارًا بـ"سي إيه تي إل" (CATL) والواقع في محافظة جيانغشي جنو شرق الصين، هو أحد أبرز الأحداث التي يشهدها القطاع العالمي حتى الآن.

ويُنتِج منجم ليثيوم شركة "سي إيه تي إل" هذا المعدن من الليبيدوليت، وهو خام منخفِض الجودة برُز بصفته مصدرًا رئيسًا لليثيوم في السنوات الأخيرة؛ ما غذّى تخمةً عالميةً من هذا العنصر الحيوي المُستعمَل في عديد من الصناعات المهمة مثل بطاريات السيارات الكهربائية ومعدات الدفاع.

تأثير قوي

قالت محللة أبحاث المعادن والتعدين في منصة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights) أليس يو: "هناك تأثير قوي من غلق منجم الليثيوم التابع لشركة سي إيه تي إل".

وأضافت يو: "بوصفها أكبر مُنتِج بطاريات في العالم، فإن تعليق الإنتاج في منجم الليثيوم المملوك لتلك الشركة يعزّز من توقعات الضعف المطول في الطلب على هذا المعدن".

وشهدت المعادن المُستعمَلة في البطاريات -بما في ذلك الليثيوم والكوبالت والنيكل- أوقاتًا عصيبة، إذ طغت كميات كبيرة من الإنتاج الجديد على الطلب.

وبينما يظل من المرجح زيادة الحاجة إلى الليثيوم بكمياتٍ كبيرةٍ خلال العقود المقبلة، فإن الاندفاع نحو أنشطة التعدين والتباطؤ في وتيرة اقتناء السيارات الكهربائية يُسهمان في خفض الأسعار على المدى القصير.

وورد قرار غلق منجم الليثيوم المذكور في مذكرة بحثية صادرة عن مؤسسة يو بي إس غروب إيه جي (UBS Group AG)، التي قال أحد محلليها، ويُدعى سكاي هان، إن الخُطوة "إيجابية، غير أننا سنحتاج إلى رؤية مزيدٍ من الإمدادات في عام 2025".

وأضاف هان: "كما أننا سنحتاج إلى أن نرى كيف تتطور قصة الإمدادات من الليبيدوليت على نطاق واسع في الصين"، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

أسعار الليثيوم

قال مصرف سيتي غروب إنه "من الممكن أن ترتفع أسعار الليثيوم بنسبة 25% خلال الأشهر الـ3 المقبلة نتيجة غلق منجم ليثيوم عملاق في الصين"، في مذكرة بحثية.

لكن البنك حذّر من أن تلك الزيادات في الأسعار قد تتلاشى في "الوقت الذي من المرجح فيه أن تحفّز الأسعار المرتفعة زيادةً سريعةً في الإمدادات؛ ما يؤخر حصول توازن في السوق".

في المقابل التزم محللون آخرون الحذر بشأن التأثيرات المحتملة لغلق منجم الليثيوم المذكور، مثل محللي مؤسسة دايوا كابيتال ماركيتس (Daiwa Capital Markets) للخدمات المالية، ليو هو، ودينيس إب، اللذين قالا إن التقديرات بشأن كيفية تأثر كميات كبيرة من إنتاج الليثيوم ربما تكون عدوانيةً بعض الشيء.

وأضاف ليو وإب: "من الصعب علينا أن نعتقد أن شركة سي إيه تي إل كانت تسجل إنتاجيةً عاليةً قبل قرار غلق المنجم".

وارتفعت العقود الآجلة لليثيوم في بورصة قوانغتشو للعقود الآجلة بنحو 9% في تداولات 11 سبتمبر/أيلول (2024) على خلفية أنباء غلق منجم ليثيوم في الصين.

وكانت شركات التعدين الأسترالية من بين أكبر الشركات التي سجلت أسهمها صعودًا في البورصة، كما ارتفعت أسهم شركة بيلبارا مينيرالز ليمتد (Pilbara Minerals Ltd) بنسبة 21% خلال تداولات يومي 11 و12 سبتمبر/أيلول الحالي.

ومع ذلك، هبط سهم شركة غانفينغ ليثيوم غروب (Ganfeng Lithium Group) الصينية اليوم الخميس 12 سبتمبر/أيلول (2024)، عقب ارتفاعه في الجلسة السابقة.

التطورات في الصين

سرعان ما تُلقي تطورات قطاع الليثيوم في الصين بظلالها على الصناعة العالمية، إذ تبرُز بكين بصفتها أهم مواقع الإمدادات في ظل منافسةٍ شرسةٍ بينها وبين أميركا، لا سيما أن دعم الصناعة يرتبط بمعدل الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية والتخزين.

وتتزامن تلك التطورات مع متغيرات تشهدها السوق العالمية، في ضوء وفرة المعروض وتراجع الأسعار إلى مستويات لافتة للنظر.

ووفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة، يضع المعروض الوفير تزامنًا مع تباطؤ الطلب تحديًا عصيبًا أمام المستثمرين؛ ما ينذر بمتغيرات كبرى بحلول نهاية العام الجاري (2024) وحتى نهاية العقد.

وأرجع محللون ضعف الطلب إلى تقليص دعم السيارات الكهربائية وانخفاض مبيعاتها، ما خفض معدل الطلب على تصنيع البطاريات وإمدادات الليثيوم.

موضوعات متعلقة..

• سوق الليثيوم العالمية تنتظر الخلاص من هيمنة الصين.. هل تنقذها أستراليا؟
• كيف تواجه صناعة الليثيوم فائض المعروض المتوقع؟ (تقرير)
• ضعف الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية قد يستمر 4 سنوات (تقرير)

اقرأ أيضًا..

• اتفاقية توريد غاز مسال بين تركيا وتوتال إنرجي ترى النور قريبًا
• إيرادات سلطنة عمان من الغاز تهبط 18% في 7 أشهر
• لماذا انخفضت أسعار النفط 20 دولارًا رغم توفر عوامل الارتفاع؟ أنس الحجي يجيب