طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

تسخين المياه بالطاقة الشمسية.. تقنية ثورية تستعمل الألواح الديناميكية الحرارية

داليا الهمشري

يتنافس الباحثون في تطوير أنظمة تسخين المياه بالطاقة الشمسية، محاولةً لاستغلال الموارد الطبيعية النظيفة في المنازل والتطبيقات الصناعية لتحقيق الجدوى الاقتصادية وخفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الوقود التقليدي.

وفي هذا الإطار، توصّل فريق بحثي في كلية الهندسة بالجامعة البريطانية في القاهرة، بإشراف أستاذ هندسة الطاقة الدكتور أحمد عبدالعظيم، إلى تقنية -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- تعتمد على استعمال ‏الألواح الديناميكية الحرارية في تسخين المياه.

وأوضح الدكتور أحمد عبدالعظيم أنه مع تزايد الاهتمام العالمي بالطاقة المتجددة، والبحث عن حلول مبتكرة لتلبية احتياجات الطاقة بطرق مستدامة، أصبح من الضروري تطوير تقنيات جديدة تسهم في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

ولفت إلى أن أحد هذه الحلول يتمثل في استعمال الألواح الديناميكية الحرارية لتسخين المياه، مشيرًا إلى أن هذه التقنية تجمع بين الاستفادة من الطاقة الشمسية وتقنيات الديناميكا الحرارية لتحقيق أداء عالٍ وكفاءة ممتازة.

تقنية لتسخين المياه بالطاقة الشمسية باستخدام الألواح الديناميكية الحرارية
تقنية لتسخين المياه بالطاقة الشمسية باستعمال الألواح الديناميكية الحرارية

بديل المجمعات الشمسية

‏تمتاز التقنية الحديثة بأنها تستفيد من الطاقة الشمسية في حالة ‏وجودها، كما تعمل حتى في حالة غياب الشمس خلال ساعات الليل؛ إذ تعمل هذه الألواح بناءً على مبدأ الديناميكا الحرارية، الذي يتضمن نقل الحرارة وتحويلها ‏من المحيط إلى السائل الوسيط عن طريق دائرة مماثلة لدائرة التبريد والتكييف.

‏وتُعدّ هذه التقنية أحد الأنظمة الحديثة المُستعمَلة حاليًا في مجال التسخين والبديل الجديد للمجمعات الشمسية، التي يمكن الاستفادة منها في مجال ‏تسخين المياه، وكذلك التحكم في درجة حرارة الهواء.

‏ونظرًا لحداثة هذه المنظومة؛ فقد صمم الفريق البحثي في الجامعة البريطانية، ونفّذ، أحد هذه الوحدات التي أثبتت جدواها، ومن ثم طوّر ‏هذه الوحدة الأولية إلى وحدة ‏متكاملة ‏تضاهي الوحدات المُستعمَلة في ‏السوق الأوروبية.

مكونات النظام

بيّن أستاذ هندسة الطاقة في كلية الهندسة في الجامعة البريطانية الدكتور أحمد عبدالعظيم -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أن نظام الألواح الديناميكية الحرارية يتكون من:

1- اللوح الديناميكي الحراري (Thermodynamic Panel):

يتكون اللوح من الألومنيوم المطلي بطلاء أسود لزيادة امتصاص الطاقة الشمسية، ويتميز بتصميمه الذي يحتوي على شبكة معقّدة من الأنابيب الداخلية المصممة لزيادة معدل تدفّق المائع المبرد وتوزيعه بالتساوي.

ويبلغ حجم اللوح مترين × متر واحد؛ ما يوفر مساحة كبيرة لامتصاص الحرارة وتحويلها.

ويعمل اللوح على امتصاص الطاقة الحرارية من الشمس والهواء المحيط، ثم ينقل هذه الطاقة إلى المائع المبرد الذي يتدفق داخل الأنابيب.

2- الضاغط (Compressor):

هو ضاغط بقوة 3/4 حصان، مُصمم لزيادة ضغط ودرجة حرارة المائع المبرد الخارج من اللوح الديناميكي الحراري.

ويسهم هذا الضاغط في تحسين كفاءة نقل الطاقة الحرارية من المائع المبرد إلى نظام تسخين المياه.

3- المبادل الحراري (Heat Exchanger):

وهو خزان ماء معزول جيدًا يحتوي على لفائف نحاسية عالية الكفاءة لتبادل الحرارة.

ويعمل المبادل الحراري على نقل الطاقة الحرارية من المائع المبرد إلى الماء داخل الخزان؛ ما يسهم في تسخين الماء بكفاءة عالية.

ويبلغ حجم الخزان 50 لترًا، وهو مصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ لضمان مقاومة التآكل والمتانة على المدى الطويل.

4- الأنبوب الشعري (Capillary Tube):

يعمل على خفض ضغط المائع المبرد قبل دخوله مرة أخرى إلى اللوح الديناميكي الحراري لامتصاص المزيد من الطاقة الحرارية.

ويسهم الأنبوب الشعري في تحقيق التوازن بين جانبي النظام ذي الضغط العالي والمنخفض؛ ما يعزز من كفاءة النظام وأدائه.

5- وحدة التحكم (Control Unit):

يعتمد نظام التحكم على لوحة أردوينو، مجهّز بمستشعرات لقياس درجات الحرارة في مختلف أجزاء النظام.

ويضمن نظام التحكم التشغيل الآلي والدقيق للنظام؛ ما يحسّن كفاءة نقل الحرارة وتوزيع الطاقة بشكل مثالي.

6- أنابيب الربط والتوصيل (Piping and Fitting):

وهي أنابيب نحاسية معزولة بمادة البولي يوريثين لضمان تقليل فقدان الحرارة خلال تدفّق المائع المبرد.

وتضمن هذه الأنابيب تدفّق المائع المبرد بكفاءة بين مكونات النظام المختلفة، وتحافظ على درجة حرارة المائع لتحقيق الأداء الأمثل.

تقنية لتسخين المياه بالطاقة الشمسية باستخدام الألواح الديناميكية الحرارية
تقنية لتسخين المياه بالطاقة الشمسية باستعمال الألواح الديناميكية الحرارية

كيفية عمل النظام

أوضح الدكتور أحمد عبدالعظيم أن المائع المبرد في اللوح الديناميكي الحراري يبدأ بامتصاص الطاقة الحرارية من الشمس والهواء المحيط؛ ما يزيد من درجة حرارته.

ثم ينتقل المائع المبرد إلى الضاغط الذي يزيد من ضغطه ودرجة حرارته كثيرًا؛ ما يسهم في تعزيز كفاءة نقل الطاقة الحرارية.

وينتقل المائع المبرد الساخن إلى المبادل الحراري داخل خزان الماء، حيث تُنقل الحرارة إلى الماء لتسخينه.

ويعود المائع المبرد إلى الأنبوب الشعري لتخفيض ضغطه، قبل دخوله مرة أخرى إلى اللوح الديناميكي الحراري لبدء دورة جديدة من الامتصاص الحراري.

وتتكرر هذه العملية بشكل مستمر لضمان توفير ماء ساخن على مدار الساعة وبأعلى كفاءة ممكنة.

تقنية لتسخين المياه بالطاقة الشمسية باستخدام الألواح الديناميكية الحرارية
تقنية لتسخين المياه بالطاقة الشمسية باستعمال الألواح الديناميكية الحرارية

المزايا البيئية والاقتصادية

سلّط أستاذ هندسة الطاقة في كلية الهندسة بالجامعة البريطانية الدكتور أحمد عبدالعظيم -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- الضوء على أن التقنية الجديدة تحقق عددًا من المزايا البيئية والاقتصادية، أبرزها:

كفاءة الطاقة: إذ يوفر النظام كفاءة عالية في استعمال الطاقة، بفضل دمج الطاقة الشمسية وتقنيات الديناميكا الحرارية المتقدمة.

تقليل الانبعاثات الكربونية: يسهم النظام في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة عبر تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، واستعمال الطاقة الشمسية النظيفة.

توفير التكاليف: يقلل النظام من تكاليف التشغيل على المدى الطويل، بفضل استعمال الطاقة الشمسية المجانية والمتاحة بكثرة.

استمرار الأداء: يضمن النظام أداءً مستقرًا وفاعلًا حتى في الظروف الجوية المتقلبة؛ ما يجعله مناسبًا للاستعمال في مختلف البيئات.

التطبيقات والفوائد

التطبيقات المنزلية: يمكن استعمال النظام لتوفير المياه الساخنة للمنازل؛ ما يسهم في تقليل تكاليف الطاقة المنزلية، وتحسين الكفاءة العامة للاستهلاك.

التطبيقات التجارية: يمكن تطبيق النظام في المباني التجارية لتوفير حلول تسخين المياه بكفاءة عالية؛ ما يعزز الاستدامة ويوفر التكاليف التشغيلية.

التطبيقات الصناعية: يمكن استعمال النظام في التطبيقات الصناعية التي تتطلب كميات كبيرة من المياه الساخنة؛ ما يسهم في تحسين كفاءة العمليات وتقليل التكاليف التشغيلية.

النتائج المستقبلية والتطوير

أكد عبدالعظيم أن هذه التقنية يمكن أن تحقق نتائج عدّة في المستقبل، من بينها:

  1. تحسين كفاءة النظام: من الممكن تطوير النظام بشكل أكبر لتحسين كفاءته من خلال استعمال مواد وتقنيات جديدة في تصميم اللوح الديناميكي الحراري والمبادل الحراري.
  2. توسيع نطاق التطبيقات: يمكن توسيع نطاق استعمال النظام ليشمل مجالات أخرى، مثل التدفئة المركزية والتبريد؛ ما يزيد من فائدته الاقتصادية والبيئية.
  3. البحوث المستقبلية: من المهم إجراء المزيد من البحوث والدراسات لتقييم أداء النظام في مختلف الظروف المناخية، وعلى مدى أوقات طويلة؛ ما يساعد في تحسين تصميم النظام وزيادة فاعليته.

وقال عبدالعظيم، إن الألواح الديناميكية الحرارية لتسخين المياه تمثّل حلًا مبتكرًا وفاعلًا لتحقيق كفاءة عالية في استعمال الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية، من خلال دمج الطاقة الشمسية مع تقنيات الديناميكا الحرارية.

وعبّر عن أمله في أن يسهم هذا البحث بزيادة الوعي حول أهمية استعمال تقنيات الطاقة المتجددة، وتشجيع الاعتماد على حلول مستدامة لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، وتحقيق مستقبل أكثر استدامة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق