التقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

بعد إغلاق حقول النفط في ليبيا.. 4 خبراء يتحدثون لـ"الطاقة" عن التطورات

أحمد بدر

عادت حقول النفط في ليبيا لتتصدّر أحداث الساعة عالميًا مرة أخرى، بعد الصدمة التي تلقّتها أسواق النفط بتوقُّف الإنتاج والتصدير، الأمر الذي دفع بسعر خام برنت لشهر أكتوبر إلى الارتفاع فوق 81 دولارًا للبرميل.

واتفق عدد من الخبراء، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) آراءهم بشأن أبعاد أزمة توقف إنتاج وتصدير النفط الليبي، على أن الحقول ستعود إلى الإنتاج آجلًا أو عاجلًا، ولكن ما يحدث الآن يهزّ ثقة الأسواق العالمية في ليبيا، وهو ما قد يترك أثرًا سلبيًا في اقتصاد البلاد.

وكانت حكومة أسامة حماد المعيّنة بقرار من مجلس النواب الليبي، قد أعلنت، اليوم الإثنين 26 أغسطس/آب (2024)، حالة القوة القاهرة على جميع حقول النفط في ليبيا، وكذلك المواني والمؤسسات والمرافق النفطية، بالإضافة إلى وقف الإنتاج والتصدير، حتى إشعار آخر.

في الوقت نفسه، أعلنت شركة سرت الليبية لإنتاج النفط والغاز البدء في تنفيذ خفض تدريجي للإنتاج نتيجة استمرار "الاحتجاجات والضغوط"، إذ طالبت الشركة -في بيان- الجهات المختصة بالتدخل للمحافظة على استمرار إنتاج النفط.

وكانت "حكومة حماد" قد بررت في بيانها، الذي حصلت عليه منصة الطاقة، خطوة إغلاق حقول النفط في ليبيا، بتكرار الاعتداءات على قيادات وموظفي وإدارات مصرف ليبيا المركزي، من جانب مجموعات خارجة عن القانون، حرّضها وساعدها المجلس الرئاسي منتحل الصفة -حسب تعبيرها-.

سمعة ليبيا على المحك

يرى المستشار والخبير في أسواق الطاقة العالمية علي بن عبدالله الريامي أن قرار إغلاق حقول النفط في ليبيا لن يؤثّر في سمعة ليبيا فحسب، لا سيما أن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر، بل يؤثّر أيضًا في أسعار النفط، التي ارتفعت إلى أعلى من 80 دولارًا للبرميل من خام برنت.

وأوضح، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن الاضطرابات المتكررة جعلت سمعة النفط الليبي في أزمة، إذ إنه كثيرًا ما أدت الأحداث إلى توقُّف الإنتاج والصادرات، وتكرار إعلان حالة القوة القاهرة لمدة طويلة.

المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان علي بن عبدالله الريامي

وقال علي بن عبدالله الريامي، إن أسعار النفط العالمية، في مستهل تعاملات اليوم الإثنين 26 أغسطس/آب، شهدت ارتفاعات مرتبطة بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة، لافتًا إلى أن التأثير في أسعار النفط كان إيجابيًا.

ولكن، وفق الخبير، يمكن أن يؤدي قرار إغلاق حقول النفط في ليبيا إلى ارتفاعات أخرى في الأسعار، على الرغم من أنه لا يُتوقَّع أن تكون هذه الارتفاعات كبيرة، إذ قد تكون بحدود دولار أو دولارين، وليس أكثر من ذلك.

وعن إمكان تزايُد الارتفاعات المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية، أشار الريامي إلى أنه لا توجد أيّ بوادر لتوسيع رقعة الهجوم بين كل الأطراف، لذلك سيكون التأثير محدودًا، ولمدة زمنية من غير المرجّح أن تكون طويلة.

وردًا على سؤال من منصة الطاقة حول إمكان تدخُّل الولايات المتحدة بأزمة إغلاق حقول النفط في ليبيا، قال، إنه من المستبعد أن تتدخل أميركا، "لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين"، فقد سبق أن تدخلت مع الغرب في قرارات تخصّ ليبيا، ورأى الجميع ما يحدث.

ولفت إلى أنه في حالة وجود أيّ قرار من جانب الولايات المتحدة من الأساس، فإنه لن يكون تدخلًا عسكريًا، وإنما يمكن فرض حصار على أقصى تقدير، إلّا أنه رجّح ألّا تتخذ أميركا أيّ قرارات من أيّ نوع، ردًا على إغلاق حقول النفط في ليبيا.

مسلسل الصراعات في ليبيا

من جانبه، يرى مدير وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أحمد شوقي، إن قرار إغلاق حقول النفط في ليبيا، ووفق عمليات الإنتاج والتصدير، يعدّ نهاية طبيعية لمسلسل الصراعات والخلافات السياسية في طرابلس، التي أدت إلى إغلاقات متكررة للحقول، وآخرها حقل الشرارة، الذي يُعدّ أكبر حقل نفطي في البلاد.

وأضاف: "بعد عامين تقريبًا من الاستقرار فوق مستوى مليون برميل يوميًا، الذي عزز طموحات الوصول للمستهدف البالغ مليوني برميل يوميًا، عادت البلاد إلى نقطة الصفر مجددًا، ما سيؤدي إلى مزيد من الإضرار بثقة المستوردين في النفط الليبي".

مدير وحدة الأبحاث في منصة الطاقة أحمد شوقي

واستبعد مدير وحدة أبحاث الطاقة أن يستمر قرار إغلاق حقول النفط في ليبيا لمدة طويلة، لأن ذلك سيستدعي تدخّلًا من الأطراف الدولية ذات الصلة، كون فقدان أكثر من مليون برميل يوميًا من نوعية الخام الليبي الخفيف الحلو سيؤثّر كثيرًا في السوق الدولية، خاصة في أوروبا، المستورد الأكبر.

في الوقت نفسه، لم يستبعد شوقي تدخُّل الولايات المتحدة لحلّ الأزمة، وذلك بهدف الحفاظ على تدفُّق وارداتها من النفط الليبي على الأقل، إذ إن واشنطن استوردت ما يزيد عن 9 ملايين برميل من النفط الليبي خلال النصف الأول من العام الجاري 2024.

حالة طارئة لكنها طبيعية

يقول الصحفي والباحث في قطاع النفط الليبي محمد القرج، إن مسألة إغلاق حقول النفط في ليبيا أصبحت معتادة للشركاء الأجانب والسوق العالمية، لا سيما في ظل حالة التفاؤل والتحسن الأخيرة، بعد استقرار الإنتاج.

وفيما يتعلق بتأثير الأحداث في سمعة ليبيا والتعاقدات المستقبلية، قال، إنه متأكد من أن هناك تعاقدات جديدة في الطريق، بجانب توسيع الإنتاج وتطوير حقول النفط، إذ إن مؤسسة النفط الليبية -رغم الأزمات التي تواجهها- عملت بشكل لا بأس به، وبميزانية محدودة.

الصحفي والباحث في قطاع النفط الليبي محمد القرج

وأوضح محمد القرج، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن الأحداث التي تشهدها البلاد في الوقت الحالي تعدّ حالة طارئة، ولكنها طبيعية ومتوقعة في ملف معقّد، مثل ملف حقول النفط الليبية.

وردًا على سؤال بشأن إمكان استمرار إغلاق حقول النفط في ليبيا لمدة طويلة، قال، إن الحقول ستعود للعمل عاجلًا أم آجلًا، إذ إن الأمر رهين حالة الطوارئ فقط، مؤكدًا أن المتضررين محليًا ودوليًا لن يسمحوا باستمرار هذا الإغلاق.

وأضاف: "إذا تمكنت حكومة طرابلس من السيطرة على القيادة المركزية، سيكون الإغلاق أمرًا عبثيًا لا جدوى منه من جانب حكومة الشرق، وذلك نظرًا لوجود احتياطيات يمكن التعامل معها، ومن ثم سيتوصلون إلى تفاهم في النهاية".

وتابع: "القضية تتمثل في خروج المحافظ الحالي لمصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير من المشهد أولًا، وهو ما يزال يقاوم، وشبكته الدولية موجودة، وهذا قد يطيل الأزمة، ولكن الحل حاليًا في يد رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، والبرلمان".

وفيما يتعلق بإمكان التدخل الأميركي، قال، إن بعض المصادر تشير إلى أن الأزمة بدأت بضوء أخضر أميركي، خاصة بعد تحركات قوات فاغنر في الجنوب قرب موارد النفط، وإن الأزمة بدأت بضوء اخضر أميركي، خصوصًا بعد تحركات قوات فاغنر في الجنوب قرب موارد النفط.

تذبذب إمدادات السوق العالمية

في مقابل الآراء التي استبعدت التدخل الدولي وعدم تعطُّل العقود الجديدة، توقّع الخبير والباحث في شؤون النفط الليبي المهندس محمود محمد أن يؤدي قرار إغلاق حقول النفط في ليبيا إلى انخفاض ثقة المستثمرين والشركات الأجنبية في استقرار قطاع النفط الليبي، ما قد يعرقل العقود الجديدة أو الاستثمار في البلاد.

ولم يستبعد الخبير، في تصريحاته إلى منصة الطاقة، التدخل الدولي لحلّ أزمة وقف الإنتاج وتصدير النفط الليبي، وذلك لعدّة أسباب، منها أهمية النفط الليبي في الأسواق العالمية، إذ تملك ليبيا احتياطيات كبيرة، ويعدّ إنتاجها مهمًا إستراتيجيًا للسوق العالمية، ومن ثم فإن أيّ تعطيل للإنتاج يؤثّر في أسعار النفط، ما قد يدفع الدول الكبرى للتدخل.

قطاع النفط الليبي

وأكد المهندس محمود محمد أن عدم استقرار الإنتاج من حقول النفط في ليبيا يؤدي إلى تذبذب إمدادات السوق العالمية، ما قد يدفع الشركات للبحث عن مصادر بديلة أكثر استقرارًا.

ويعني ذلك، وفق الباحث في شؤون النفط الليبي، أن وقف الإنتاج والتصدير يضرّ بسمعة ليبيا بصفتها دولة مصدرة للنفط، متوقعًا في الوقت نفسه أن يستمر إغلاق حقول النفط في ليبيا، لحين التوصل إلى تفاهمات رسمية تُرضي طرفَي النزاع.

تحركات الحكومة وظهور مفاجئ للوزير المحبوس

ردًا على تحركات الحكومة المكلفة من البرلمان في شرق البلاد، أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة "حكومة طرابلس" عبدالحميد الدبيبة قرارًا، وجّه خلاله وزير النفط المكلّف خليفة عبدالصادق بعدم السماح بإغلاق حقول النفط في ليبيا.

اجتماع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة مع وزير النفط والغاز المكلف
اجتماع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة مع وزير النفط والغاز المكلف - الصورة من صفحة الحكومة في فيسبوك

ووصف رئيس الوزراء، في بيانه الذي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة، حجج حكومة الشرق بإغلاق الحقول النفطية بأنها "واهية"، مطالبًا في الوقت نفسه بضرورة محاسبة من يقوم بهذه الأفعال، وإحالته إلى جهات الاختصاص.

في الوقت نفسه، أثار ظهور وزير النفط المكلّف في حكومة الدبيبة، خليفة عبدالصادق، موجة من التساؤلات بشأن قرار النيابة العامة الليبية في 7 أغسطس/آب الجاري 2024، بحبسه، والذي لم تصدر بعده أيّ تصريحات بشأن إطلاق سراحه، إذ اجتمع عبدالصادق -أيضًا- مع مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق