رئيسيةالتقاريرتقارير منوعةمنوعات

انخفاض واردات الهند من الفحم الحراري.. حلم بعيد المنال (تقرير)

سلمى محمود

اقرأ في هذا المقال

  • الحكومة الهندية ترجّح التخلص التدريجي من واردات الفحم بحلول 2025-2026
  • قطاعات الكهرباء الأسمنت والحديد تستحوذ على الجزء الأكبر من واردات الفحم الهندية
  • واردات الهند من الفحم ترتفع 13.2% في شهر أبريل/نيسان 2024
  • محللون يستبعدون الاستغناء عن الواردات بنسبة 100%
  • انخفاض التكلفة والجودة المرتفعة أبرز أسباب استمرار واردات الهند من الفحم الحراري

بات تقليص واردات الهند من الفحم الحراري هدفًا محاطًا بكثير من الشكوك، خاصًة مع انخفاض جودة الإنتاج المحلي، وارتفاع نسبة الرماد فيه إلى مستويات تفوق نظيرتها المستوردة، فضلًا عن ندرة الحصول على الفحم عالي القيمة الحرارية، إلّا عبر الاستيراد من الخارج.

في الوقت نفسه، يُشكّل نقل الفحم من المناجم -التي يقع أغلبها شرق البلاد- إلى محطات الكهرباء الساحلية، والقطاعات المختلفة في الأجزاء الجنوبية والغربية، تحديًا كبيرًا، لا سيما أن شاحنات السكك الحديدية تتطلب شروطًا إضافية لنقل المنتجات تختلف عن نظيرتها العاملة في أنحاء أخرى بالبلاد.

ورجَّحت الحكومة الهندية في (2023) التخلص التدريجي من واردات الفحم بحلول العام المالي 2025-2026، مؤكدًة أنها تمتلك القدرة على تصدير 15 مليون طن فحم إلى الدول المجاورة لها، دون تحديد جدول زمني معين، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

*(يبدأ العام المالي الهندي من 1 أبريل/نيسان من كل عام، وينتهي في 31 مارس/ آذار من العام اللاحق له).

ويرى محللون أهمية تحقيق نيودلهي التوازن بين الفحم المحلي، ونظيره المستورد، لا سيما أن عملية الاستبدال بنسبة 100% غير مرجّحة في الوقت الحالي.

مستهلك كبير

أشار المحللون إلى أن إجمالي الإنتاج المحلي الهندي من الفحم الحراري يبلغ 893 مليون طن سنويًا، تتنوع درجاتها حسب قيمتها الحرارية المرتفعة، لكن يتراوح الجانب الأكبر من الإنتاج بين الدرجتين 10 و14، في حين يعدّ إنتاج الدرجات الأخرى ضعيفًا.

في المقابل، ارتفعت واردات الهند من الفحم بنسبة 7.7%، إلى 268.24 طن متري في العام المالي 2023-2024، مدفوعة بضعف أسعار النقل البحري، واحتمال زيادة الطلب على الكهرباء خلال الصيف، بحسب إحصاءات صادرة عن شركة هندية خاصة.

وقال مدير منجم مينار للفحم في جنوب أفريقيا فوسلات بايوغلو، إنه رغم زيادة الإنتاج المحلي، استمرت وتيرة واردات الهند من الفحم الحراري في الارتفاع، بسبب تفضيل المستهلكين النوعية المستوردة على نظيرتها المحلية، وفق التفاصيل التي نشرتها منصة "إس آند بي غلوبال" (spglobal).

وأرجع "بايوغلو" هذا الاتجاه إلى العقبات التي تواجه نقل الفحم الحراري المنتج محليًا، وانخفاض مواصفات جودته مقارنة بمثيله المستورد، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

سيدة هندية تعمل في إحدى مناجم الفحم بالبلاد
سيدة هندية تعمل في إحدى مناجم الفحم بالبلاد-الصورة من موقع table.media

إزاء ذلك، يتوقع مدير منجم مينار للفحم في جنوب أفريقيا، أن تظل الهند مستوردًا كبيرًا في سوق الفحم الدولية.

وبحسب خبراء، تتراوح نسبة الرماد في الفحم الهندي بين 35% إلى 45%، في حين تتراوح نظيرتها المستوردة بين 6% و20% فقط.

في الوقت نفسه، تصنّف وزارة الفحم الهندية الفحم الحراري المنتَج محليًا إلى17 درجة، إذ يكون الفحم من الدرجة 1 حتى 8 ذا قيمة حرارية مرتفعة.

ويستحوذ منتجو القطاع الخاص الهندي، وقطاعات: الكهرباء، والأسمنت، والحديد، والطوب، والورق، والأسمدة، على غالبية واردات الهند من الفحم الحراري من الدرجات 1 وحتى 6، خاصًة أن حجم الإنتاج المحلي ضعيف، ويشكّل 4% من جملة الإنتاج، بحسب إحصاءات "منظمة مراقبي الفحم" (Coal Controller's Organization).

بينما تشكّل الدرجتان 7 و8 من الفحم الحراري نحو 10% من جملة الإنتاج المحلي للبلد الآسيوي.

الإنتاج المحلي

يعدّ إنتاج الفحم الحراري الهندي من الدرجة الـ10 حتى الـ14، الأعلى مقارنة بالدرجات الأخرى السابق الحديث عنها.

ويتراوح إنتاج الهند من هذه الدرجات بين 600 و650 مليون طن متري سنويًا، مستحوذًا على 60% من جملة الإنتاج المحلي للبلاد، وفق تفاصيل طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتعدّ درجة 11 إحدى أكثر الدرجات تداولاً بين واردات الهند من الفحم الحراري، على الرغم من زيادة حجم إنتاجه المحلي، ليقارب الـ250 مليون طن متري سنويًا، وفقًا لإحصاءات منظمة مراقبي الفحم.

وأرجع متعاملون في السوق الهندية الإقبال على هذه النوعية إلى أن واردات الهند من الفحم الحراري تحتوي على نسبة رماد منخفضة، ومن ثم تكون مفيدة عند خلطها مع الدرجات الأخرى المحلية لإنتاج فحم ذات جودة جيدة.

اعتبارات الجودة

يؤكد تاجر ومشترٍ للفحم المستورد المنقول بحرًا إلى الهند، أهمية استمرار اعتماد الهند على واردات الفحم؛ نظرًا إلى انخفاض تكلفة الفحم المستورد، وتسليمه في الوقت المحدد، وجودته المرتفعة.

وأظهرت بيانات صادرة عن منظمة مراقبي الفحم المعروفة اختصارًا بـ (سي سي أو ) أن الهند أنتجت ما يقارب 630 مليون طن من درجات الفحم، خلال المدة بين عامي (2022) و(2023).

طفلة عاملة في منجم فحم مفتوح في الهند
طفلة عاملة بمنجم فحم مفتوح في الهند – الصورة من الغارديان البريطانية

وقال مشترون مقيمون في نيودلهي، إن 70% من واردات الهند من الفحم الحراري الخام مصدرها إندونيسيا، وتبلغ نحو 100 مليون طن متري سنويًا، بقيمة حرارية تتراوح بين 3400 و5 آلاف كيلو كالوري/كيلوغرام.

يشار إلى أن إجمالي واردات الهند من الفحم الحراري ارتفع بنسبة 13.2% في شهر أبريل/نيسان من العام الجاري (2024) إلى 26.10 مليون طن متري، مقابل 23.05 مليون طن متري في المدة المقابلة من العام الماضي (2023)، وفقًا للبيانات التي جمعتها شركة التجارة الإلكترونية بي تو بي إم جانكشن سيرفيسز.

إحصاء مشترك

انطلاقًا من عدم توافر إحصائيات حديثة حول حجم واردات الهند من الفحم الحراري وفقًا لدرجاته المختلفة، يرى مراقبون أن مشاركة القطاعات الصناعية المستوردة إحصاءات شهرية عن حجم واردتها ودرجاتها سيساعد في تحديد الفجوة بين واردات الهند من الفحم الحراري، وحجم الإنتاج المحلي.

وأكد المراقبون أهمية تشجيع الحكومة على البحث، وتطوير إنتاج الفحم من الدرجات المختلفة محليًا، بدلًا من الاعتماد على الواردات خيارًا رئيسًا.

ويرى أحد المستوردين في الهند ضرورة إجراء حوار متّسق مع مشتري الفحم المستورد لضمان الشفافية في البيانات، بالإضافة إلى تحسين جودة الفحم المحلي.

وأضاف أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تعدّ أفضل وسيلة لتقليل الواردات.

جرار يجمع الفحم في أحد المواقع - الصورة من موقع psuconnect
جرّار يجمع الفحم في أحد المواقع - الصورة من موقع psuconnect

واردات متوقعة

تتوقع الحكومة بلوغ إجمالي واردات الهند من الفحم الحراري نحو 1.7 مليار طن متري بحلول عام 2030.

وعدّلت الحكومة توقعاتها للواردات، على خلفية معدل النمو الاقتصادي المرن الذي يزيد على 7% سنويًا، وزيادة عدد السكان، بالإضافة إلى توسعة مشروعات البنية التحتية، والأنشطة الصناعية في البلاد، التي سترفع بدورها معدل الطلب على الكهرباء.

وانطلاقًا من هذه الأسباب، يرى محللون أن تحقيق أمن الطاقة، والاكتفاء الذاتي، وتوسعة قاعدة إنتاج الفحم المحلي، مع تعزيز صادراته، تعدّ مبررات طموحة لمحاولة تقليص واردات الهند من الفحم الحراري.

ويُرجع المحللون ذلك إلى القدرات الإنتاجية المحلية التي تتزايد سنويًا، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي المرتفع لشبه الجزيرة الهندية.

في المقابل، رجّحت المحللة في إس بي غلوبال (spglobal)، بات سي كو، استمرار نسبة إسهام واردات الهند من الفحم الحراري عند 20% من إجمالي استعمالها سنويًا حتى عام 2030، وذلك رغم النمو المستمر في إنتاج الفحم المحلي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق