التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

شركات التأمين تتهرب من تغطية مخاطر" العفن" للمنازل الأميركية.. ما القصة؟ (تقرير)

يوسف خالد

اقرأ في هذا المقال

  • انتشار العفن والفطريات على أسطح المنازل ظاهرة شائعة بعد الفيضانات والأعاصير
  • دعوى قضائية شهيرة في عام 2001 أثارت قلق صناعة التأمين الأميركية
  • صاحب المنزل حصل على تعويض بقيمة 32 مليون دولار، خُفِّف إلى 4 ملايين دولار
  • 44 إدارة تأمينية في عديد من الولايات الأميركية صارت تستبعد العفن أو تقيّده في التغطية
  • مخاوف من ارتفاع تكلفة التغطية التأمينية لعفن المنازل بسبب التغير المناخي

تتهرب شركات التأمين من تغطية مخاطر انتشار الفطريات والعفن بالمنازل الأميركية، وسط مخاوف مستقبلية من أن تؤثّر تداعيات التغير المناخي العنيفة، مثل العواصف والأعاصير والفيضانات، في زيادة تكاليف هذه التغطية.

واتجهت صناعة التأمين الأميركية إلى استبعاد أو الحدّ من التأمين على العفن في وثائق التأمين علي المنازل، بعد التعويضات القياسية التي دفعتها لقضايا مشهورة خسرتها في بداية هذا القرن، بحسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتعدّ قضية بالارد (Ballard) المرفوعة ضد شركة التأمين الأميركية فارمرز إنشورانس جروب (Farmers Insurance Group) في تكساس عام 2001 من أشهر الدعاوى التي أسهمت في انتشار المخاوف بين شركات التأمين الأميركية.

وألزم الحكم الابتدائي في القضية شركة التأمين بدفع تعويض قدره 32 مليون دولار بسبب تلفيات وأضرار العفن التي أصابت المنزل محل الخلاف، بحسب التقرير.

لماذا تتهرب شركات التأمين؟

تسبَّب الحكم الباهظ في إحداث صدمة هائلة لدى صناعة التأمين الأميركية، حتى بعد تخفيض المبلغ إلى 4 ملايين دولار، ما جعل شركات التأمين تستبعد تغطية العفن في وثائق التأمين على المنازل.

وتقول الهيئات التي تدافع عن حقوق المستهلك، إن حاملي بوليصات أو وثائق التأمين كانوا يتوقعون تغطية تأمين للأضرار الناجمة عن العفن داخل منازلهم، بعد انحسار الفيضانات والعواصف والأمطار الثلجية، التي تزداد حدّتها مع الزمن، غير أنهم فوجئوا بقيود واستبعاد تغطية هذه الأضرار من وثائقهم، بحسب التقرير المنشور في موقع وكالة سي إن بي سي الأميركية (CNBC).

ويُعدّ علاج الأضرار الناجمة عن العفن والتخلص من الفطريات المسببة للعفن مكلفًا للغاية، ولا تُدرجه شركات التأمين في وثائق تأمين أصحاب المنازل، أو تجعله مُقيدًا، ما يجعل المستهلكين عاجزين عن تغطية التكاليف اللازمة لإصلاح ذلك.

وتتفاقم مشكلة انتشار العفن والفطريات التي تغزو المنازل عادةً بعد الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الفيضانات والأمطار غزيرة والأعاصير التي صارت أشد حدّة من السابق بسبب التغير المناخي.

تفاصيل نزاع مع شركة تأمين أميركية

تقول عائلة براندي شميت التي تملك منزلًا بولاية ماريلاند، إن شركة التأمين يو إس أيه أيه (USAA) رفضت إصلاح السطح الذي تبلغ مساحته 5 آلاف قدم مربع، بزعم أنه يحتاج إلى إحلال كامل.

وثار الجدل بين مندوب شركة التأمين وعائلة شميت حول النقاط التي تغطّيها وثيقة التأمين، ولكن دون جدوى، إذ ظل الوضع على ما هو عليه شهورًا طويلة دون حل.

شركة التأمين الأميركية USAA
شركة التأمين الأميركية USAA - الصورة من American Banker

واستعانت شركة التأمين المشار إليها بأخصائي مستقل للبحث عن أثر للعفن في منزل المشتكي، ولم يجد شيئًا في شهر مايو/أيار 2018، ولكنه وجد رطوبة واضحة وروائح كريهة بعد 5 شهور لاحقة خلال زيارة المتابعة.

ونتج عن عدم إصلاح السطح وتغييره تخلّل مياه العواصف والأمطار التالية من السطح التالف إلى داخل المنزل، ما أدى إلى انتشار العفن والفطريات المسببة للأمراض، مثل الطفح الجلدي، والسعال، والكحة، وحتى وفاة الحيوانات الأليفة التي تحتفظ بها عائلة شميت بعد شهور قليلة من ظهور العفن.

كما اضطر أفراد الأسرة جميعًا إلى ارتداء ملابس واقية من الرأس إلى القدمين خوفًا من الأمراض والأضرار التي يسبّبها العفن والفطريات التي يبدو أنها أخطر من فيروس كورونا.

وقدّمت عائلة شميت نتيجة اختبار الجلوبيولين المناعي، الذي أثبت وجود مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة في دم أفرادها، نتيجة التعرض لفطر أسبيرجيلاس نايجر الشائع (Aspergillus Niger) الذي يسبب العفن.

تعويض جديد في 2019

تطالب شركة التأمين "يو إس أيه أيه" العملاء بدفع مبالغ إضافية لتغطية تكاليف الفطريات والرطوبة والعفن الجاف في وثيقة التأمين على منازلهم تصل إلى 15 ألف دولار، ورغم ذلك فلم تستجب الشركة لطلب عائلة شميت لمعالجة العفن الذي ينمو على بعض الألواح العازلة بسطح المنزل.

ورفعت شميت وزوجها جوزيف دعوى قضائية على شركة التأمين في عام 2019، وقضت هيئة المحلفين في 7 مارس/آذار 2023، بأن الشركة خالفت وانتهكت صراحة شروط وثيقة التأمين على المنزل.

كما حكمت الهيئة علي الشركة بتعويض قدره 41.5 ألف دولار للإصلاحات الداخلية، و7.2 ألف دولار مقابل مصاريف إضافية للمعيشة، غير أن شميت أصرّت على استئناف الحكم للمطالبة بتعويض أكبر لإصلاح التلفيات الشديدة التي تعرَّض لها منزل الأسرة.

ورغم أن حالة أسرة شميت تبدو مختلفة، لكن الأضرار الناجمة عن العفن معتادة، إذ شكّلت الأضرار الناجمة عن المياه بما فيها العفن نحو 27.6% من خسائر التأمين لأصحاب المنازل الأميركية في عام 2022، بحسب بيانات مكتب خدمات التأمين (Insurance Services Office).

وعادةً ما يخسر أصحاب المنازل الدعاوي القضائية، إذا كان العفن ناجمًا عن الإهمال، مثل تسرب المياه من المواسير لمدة طويلة ، لكنهم يكسبونها عندما تنمو الفطريات بسبب الأحداث الفجائية مثل انفجار مواسير المياه أو الكوارث الطبيعية التي لا دخل لهم فيها، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

أضرار العفن تتفاقم مع تغير المناخ

يرى خبراء صناعة التأمين أن هذه الأنواع من الأضرار قد تصبح أكثر انتشارًا مع تفاقم ظاهرة التغير المناخي وتزايد الكوارث الطبيعة، ولاسيما عندما تصبح الأعاصير والعواصف والفيضانات أكثر عنفًا.

ويعتقد الخبراء أن التعويضات الضخمة من الدعاوي القضائية وارتفاع تكاليف إصلاح الأضرار والتلفيات الناجمة عن العفن والفطريات والشكوك حول المشاكل الصحية التي تسبّبها، هي السبب الرئيس في استبعاد شركات التأمين العفن من وثائقها التأمينية.

وجاءت هذه التغيرات بعد قضية بالارد الشهيرة عام 2021 وما تبعها من دعاوى مشابهة، ما دفع 40 إدارة تأمينية في ولايات عديدة تستبعد -أو تقيّد- العفن في وثائقها التأمينية على المنازل، بحسب التقرير.

كما ترفض شركات التأمين تجديد وثائق التأمين على المنازل لمن رفعوا قضايا تعويض سابقًا بسبب أضرار العفن والفطريات التي تنمو بعد الفيضانات والعواصف .

معالجة العفن والفطريان بأسطح إحدى المنازل الأميركية
معالجة العفن والفطريان بسطح أحد المنازل الأميركية - الصورة من Peakes insurance

وباتت وثائق التأمين المنزلية الآن لا تغطي العفن أو الفطريات أو الرطوبة أو العفن الجاف، ما لم تكن أضرارها ناتجة من أحد المخاطر التي تغطيها الوثيقة، مثل انفجار ماسورة مياه.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق