أدنوك الإماراتية توسع استثماراتها في أفريقيا لتعزيز أمن الطاقة
هبة مصطفى
اتسع نطاق استثمارات شركة أدنوك الإماراتية في أفريقيا خلال الآونة الأخيرة؛ ما يعكس رؤية الشركة والدولة الخليجية لتطوير قطاع الطاقة وضمان استمرار تدفق الموارد بمعدلات تلبي الطلب.
ومنذ أشهر، زادت وتيرة صفقات الاستحواذ والاندماج ومشاركة الحصص التي أبرمتها الشركة، سواء لصالح استثمارات الوقود الأحفوري والغاز المسال أو مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة.
وكانت أفريقيا بقعة الاستثمار الأوفر حظًا، إذ كانت وجهة الشركة الأبرز؛ لما تتمتع به القارة من موارد وإمكانات، لكنها -بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)- تفتقر للتمويل الكافي والخبرة التقنية اللازمة لمواجهة التحديات.
وتنوعت استثمارات شركة أدنوك الإماراتية في أفريقيا بين استثمارات مباشرة وغير مباشرة، وقد يعزز بعضها سيناريو التغلب على توترات البحر الأحمر الأخيرة، واستمرار الضخ إلى السوق الأوروبية بانتظام.
حجم الانتشار
تلقى نشاط شركة أدنوك الإماراتية في أفريقيا دعمًا من استحواذها على حصة أقلية من شركة "أو إم في OMV" النمساوية، في صفقة أُعلنت نتائجها خلال العام الجاري 2024، لتعزيز استثماراتها غير المباشرة.
وتتيح عملية الاستحواذ غير المباشرة، انخراط أدنوك في حصص بحقول النفط الليبية والتونسية.
وتنسق أدنوك مع شركتي "إيني الإيطالية، وتوتال إنرجي الفرنسية" بشأن مشاوراتهما مع مؤسسة النفط الليبية، لبحث سيناريوهات استكشاف وتطوير حقل الغاز إني سي-7 (NC-7) في حوض غدامس.
وحصلت الشركة -أيضًا- على حصة قدرها 10% من مشروع "روموفا" في موزمبيق، الذي تطوره شركتا: إكسون موبيل الأميركية وإيني الإيطالية، لإنتاج 15.2 مليون طن متري سنويًا من الغاز المسال.
ووقّعت صفقة مع شركة النفط البريطانية بي بي، توسع نطاق استثمارها في حقول النفط والغاز المصرية.
وتستهدف خطط أدنوك الإماراتية في أفريقيا ضخ استثمارات بقطاع المنبع في السنغال والكونغو، بعد انسحاب الأخيرة من منظمة أوبك نهاية العام الماضي 2023.
وبذلك، تتنوع استثمارات الشركة الإماراتية في القارة بين: (حصص في مشروعات المنبع، وخطوط النقل والمحطات)، لتغطية مجالات: النفط، ومعالجة الغاز، والغاز المسال، والكهرباء والأمونيا.
وحتى الآن، امتدت مساهمات الشركة (سواء المباشرة أو غير المباشرة) إلى: مصر، وإثيوبيا، وموزمبيق، وتونس، وجنوب أفريقيا، وكينيا، وليبيا.
دور محوري
تؤسس توسعات شركة أدنوك الإماراتية في أفريقيا لدور مهم للدولة الخليجية، على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي أيضًا.
ومحليًا، تسعى الإمارات إلى التغلب على فجوة إنتاج الهيدروكربونات المتوقعة للمدة بين 2030 و2050، مع الاتجاه للطاقة النظيفة، رغم إنتاجها 2.99 مليون برميل يوميًا خلال شهر يوليو/تموز الماضي، حسب بيانات نشرها موقع إس أند بي غلوبال (S&P Global).
ويمكن لاستثمار أدنوك في أصول النفط والغاز الأفريقية أن تلبي إمدادات الإمارات خلال فجوة الـ20 عامًا، في حين تمضي أبوظبي قدمًا في تطوير الطاقة النظيفة والمتجددة.
ومن خلال ضخ الاستثمارات في القارة السمراء يمكن للإمارات تقليص عدد المواطنين الأفارقة الذين يفتقرون إلى الكهرباء البالغ عددهم حاليًا 600 مليون نسمة.
وبجانب ذلك، تفتح الإمارات -من خلال مصالحها في قطاع الطاقة الأفريقي- منفذًا جديدًا لتلبية الطلب الأوروبي، خاصة بعد توترات البحر الأحمر ومنع قوات الحوثي اليمنية مرور السفن والبضائع إلى المواني الإسرائيلية حتى تجبر الأخيرة وقف حربها على قطاع غزة.
تنويع المصادر
لا يقتصر مفهوم تنويع مصادر الطاقة -الذي يتبناه كبار منتجي النفط والغاز- على الاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة والنظيفة بجانب موارد الوقود الأحفوري فقط، لكن يمتد -أيضًا- إلى نطاق وموقع الموارد.
ويعد واقع قطاع الطاقة في الإمارات مثالًا على ذلك، إذ رغم امتلاكها موارد محلية قوية مدعومة بخطط استثمار لأصول النفط والغاز والطاقة النظيفة، إلا أن خطط انتشار شركة أدنوك الإماراتية في أفريقيا والبحر المتوسط كانت دلالة على التنوع الطاقي الجغرافي.
وأوضح مسؤول ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مزود البيانات والمعلومات هورايزون إنجيج (Horizon Engage) أندرو فاراند، أن الإمارات قد تسهم في تلبية الطلب الأوروبي رغم إغلاق مضيق باب المندب المهم لعملية الشحن البحري، عبر استحواذها على أصول أخرى في البحر المتوسط.
وأضاف فاراند أن الدول الخليجية قد تسد الفراغ الذي يعانيه قطاع الطاقة الأفريقي، في ظل اندفاع الشركات الأوروبية باتجاه التحول الأخضر، التزامًا بالأهداف المناخية.
وقال كبير محللي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شبكة تقييم المخاطر ران (RANE)، ريان بول، إن نهج تنوع مصادر الطاقة الذي تتبعه الإمارات داخليًا تسعى لتطبيقه في استثماراتها خارج البلاد أيضًا.
وأشار إلى أن دعم استثمارات شركة أدنوك الإماراتية في أفريقيا يحقق مبدأ "التنوع"، بالبحث عن مصادر طاقة تقليدية ونظيفة في القارة، بهدف تحصيل مكاسب وعوائد طويلة الأجل.
حماية المصالح
قال محللون إن استثمارات شركة أدنوك الإماراتية في أفريقيا تتلقى دعمًا لوجستيًا وعسكريًا، يسمح بتحول الدولة الخليجية إلى قوة فاعلة في المنطقة.
وتجلى ذلك في دعم الدولة النفطية الخليجية أنشطتها ببناء مواني في الصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتعزيز ذلك بقواعد عسكرية في القرن الأفريقي التي مكنتها من نشر قوات يمكنها الوصول لليمن وليبيا.
وضمنت هذه المواني مرورًا سهلًا لتدفقات النفط، خاصة مع تحول أفريقيا تدريجيًا إلى "سوق موارد" للدول المستثمرة.
ولم يقتصر دور شركة أدنوك الإماراتية في أفريقيا على عمليات الاستحواذ على أصول النفط والغاز، والاستثمار في الطاقة النظيفة فقط، بل امتد إلى الدعم المالي بالتمويل اللازم عبر بنوك الدولة الخليجية.
وأبدت البنوك الإماراتية استعداداتها لتمويل صفقات الدمج والاستحواذ الخاصة بقطاع الطاقة في القارة، بعدما تسبب نقص التمويل والاستثمارات في هروب شركات النفط العالمية من دول أفريقية مهمة، مثل: نيجيريا وأنغولا وغينيا.
موضوعات متعلقة..
- إستراتيجية أدنوك الإماراتية للاستحواذ.. هل تمتد لبي بي البريطانية؟
- الغاز المسال في أفريقيا على رأس خطط أدنوك الإماراتية للتوسع عالميًا
- أدنوك الإماراتية تغيّر معادلة صفقات الطاقة العالمية بميزانية 150 مليار دولار
اقرأ أيضًا..
- طموحات التكرير في العراق تقترب من التحقيق.. طفرة بالمصافي
- توقعات الطلب على النفط في 2025 تشهد نظرة سلبية من 3 مؤسسات كبرى
- وزير النفط الإيراني الجديد.. هل يملك فرصًا لتخطّي التحديات المحلية والدولية؟ (مقال)