التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

وقود الطائرات المستدام في الخليج.. فرصة ذهبية رغم التحديات

أسماء السعداوي

تشهد صناعة وقود الطائرات المستدام في الخليج مؤخرًا خطوات جدية للحاق بركب الرواد العالميين؛ سعيًا لخفض انبعاثات قطاع الطيران وتحقيق مستهدفات الحياد الكربوني.

وعلى نحو خاص، بدأت ملامح خطط إنتاج ذلك الوقود الأخضر وتوريده تتشكّل في الإمارات والسعودية وقطر وسلطنة عمان من خلال الشراكات ووضع أطر العمل والمستهدفات البيئية ذات الصلة، وفق تقارير ترصدها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وإذا استغلت تلك الدول الفرصة وتغلّبت على التحديات المرتبطة بارتفاع الأسعار من بين أخرى، فإنها لن تتمكّن من تلبية الاحتياجات المحلية فقط، بل ستتمكن من التصدير إلى الخارج أيضًا.

كما تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي أدوات تمكّنها من إنتاج وقود الطائرات الاصطناعي، بدعم من انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة واحتجاز الكربون وصناعة الكيماويات والوقود.

ويُنتج وقود الطائرات المستدام من زيوت الطهي المستعملة والمخلّفات المنزلية والطحالب والشحوم الحيوانية وغيرها، وعادة ما يُمزج بوقود الطائرات الأحفوري التقليدي "الكيروسين".

كما يُعد هذا الوقود أحد البدائل المطروحة لتحقيق الحياد الكربوني بقطاع الطيران بحلول عام 2050 إلى جانب الطائرات الكهربائية والهجينة.

إمكانات واعدة

يحمل الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة روبن ميلز وجهة نظر متفائلة تجاه مستقبل صناعة وقود الطائرات المستدام في الخليج.

وفي مقال نشرته منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت" (agbi)، أكد أن هناك فرصة من ذهب للجمع بين نقاط القوة الخليجية في قطاعات الطيران والوقود التقليدي والطاقة المتجددة.

الرئيس التنفيذي شركة قمر للطاقة روبن ميلز
الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة روبن ميلز - الصورة من "energy-utilities"

ولفت إلى أن قطاع الطيران يحتل موقعًا فريدًا في الخليج الذي هو مركز للتجارة والسفر، فضلًا عن دوره في تصدير النفط إلى العالم.

ومؤخرًا، وُصفت دبي بكونها أول مدينة طيران متكاملة، كما وضع حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هدف جعل دبي عاصمة الطيران في العالم.

كما تطمح السعودية -بالإضافة إلى الإمارات وقطر- إلى أن تصبح مقصدًا عالميًا للسفر والرياضة.

ويؤكد الكاتب روبن ميلز وجود تحديات قد تعترض طريق تلك الطموحات ومنها ظاهرة تغير المناخ؛ إذ تتسبب حوادث مثل ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات التي اجتاحت الإمارات في شهر أبريل/نيسان (2024) في حدوث اضطرابات.

ورغم ذلك، يقول إن تلك التحديات يمكن التحكم بها، لكن يبقى الأمر الأكثر خطورة وهو تحقيق الأهداف المناخية للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وهو هدف دعا إليه الاتحاد الدولي للنقل الجوي.

وتمتلك خطوط طيران الإمارات والاتحاد والخطوط الجوية القطرية أساطيل طائرات حديثة وذات كفاءة، فضلًا عن الموقع الجغرافي المميز.

وإذا لم تتحرك تلك الشركات لتأدية دورها كاملًا في رحلة إزالة الكربون من قطاع الطيران، فإنها ستخضع لقيود ضرائب الكربون وإجراءات عقابية أو الحظر أو المقاطعة.

تحديات عالمية

تشير التقديرات إلى أن قطاع الطيران مسؤول عن نحو 2% من الانبعاثات العالمية، لكن من العسير إزالة الكربون منه بسبب صعوبة استبدال الوقود التقليدي.

وبالفعل، يرى الرئيس التنفيذي السابق للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر أن تحقيق الحياد الكربوني لقطاع الطيران هو هدف بعيد المنال.

وتخلت شركة الخطوط الجوية النيوزيلاندية في يوليو/تموز المنصرم (2024) عن هدفها لخفض الانبعاثات بحلول عام 2030 بسبب تأخر مواعيد تسليم الطائرات ذات كفاءة استعمال الوقود وارتفاع أسعار وقود الطائرات المستدام.

طائرة أثناء التزود بوقود الطيران المستدام
طائرة في أثناء التزود بوقود الطيران المستدام - الصورة من موقع شركة نيستي

بدوره، يقول الكاتب روبن ميلز إن الحياد الكربوني لقطاع الطيران العالمي يعتمد على 4 محاور هي: وقود الطائرات المستدام، والتقنيات الحديثة، ومنها الطائرات الكهربائية أو الهيدروجينية، وكفاءة البنية الأساسية والتشغيلية، وتعويضات الكربون واحتجازه.

ومما يدلل على صعوبة المهمة، خطة الاتحاد الأوروبي لرفع حصة وقود الطائرات المستدام بالمطارات التابعة بنسبة 2% بحلول عام 2025 المقبل، لكن النسبة بلغت 0.2% فقط في العام الماضي (2023).

وتعليقًا على ذلك، يقول روبن ميلز إن وقود الطائرات المستدام باهظ الثمن، وأكّد ذلك عبر المقارنة بينه وبين الكيروسين التقليدي.

وسجل سعر وقود الطائرات العادي في الولايات المتحدة خلال العام الماضي (2023) 2.85 دولارًا للغالون مقابل 6.69 دولارًا للوقود المستدام.

وبالنظر إلى أن وقود الطائرات يمثّل نحو ثُلث التكاليف التشغيلية لخطوط الطيران، فإن رفع حصة الوقود المستدام سيرفع أسعار تذاكر الطيران التي يدفعها المسافرون.

ورغم الإعانات التي يقدمها قانون خفض التضخم بمقدار يتراوح بين 1.25 و1.75 دولارًا لغالون وقود الطائرات المستدام، فإن الكاتب يقول إنها غير كافية.

يُضاف إلى ذلك أن كميات وقود الطائرات المستدام محدودة بالنظر إلى أن شركات الإنتاج تتسابق على النفايات التي هي المواد الأساسية للتصنيع، وفيما بعد سيُصنع من نباتات بعينها، لكن ذلك يواجه قيودًا مرتبطة بالأمن الغذائي.

فرصة ثمينة

يقول الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة روبن ميلز، إن دول مجلس التعاون الخليجي لديها ميزات عديدة تمكّنها من إنتاج وقود الطيران المستدام الاصطناعي.

ومن بين تلك المميزات: صناعة الكيماويات، والوقود وانخفاض تكاليف إنتاج الطاقة المتجددة إلى مستويات قياسية عالمية، والقدرة على احتجاز الكربون بتكاليف معقولة.

وربما ترتفع تكاليف الوقود الاصطناعي عن الوقود المستدام المنتج من مواد حيوية، كما أنه أغلى بما يتراوح بين أربع و5 مرات من الوقود التقليدي، لكن توجد إمكانات أكبر لخفض تلك التكاليف.

ومع تباطؤ حجم الإنتاج في أوروبا، يمكن لدول مجلس التعاون تصدير إنتاجها من وقود الطائرات المستدام لمساعدة الاتحاد الأوروبي في تحقيق أهدافه.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق