الطاقة المتجددة في أفريقيا.. أموال الغرب مقابل التخلي عن النفط والغاز
أسماء السعداوي
تشهد صناعة الطاقة المتجددة في أفريقيا تطورات إيجابية بهدف إشراك بلدان القارة السمراء في مساعي العالم الرامية إلى التحول بعيدًا عن النفط والغاز ومكافحة تغير المناخ.
وتلقى الحكومات المحلية تشجيعًا لإبقاء موارد الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي داخل باطن الأرض مقابل الحصول على تمويلات غربية بموجب شراكة انتقال الطاقة العادل.
يتضمن ذلك إقامة محطات الطاقة النظيفة وتخزين الكهرباء وتوفير المساعدات المالية والتقنية وزيادة سعة الشبكة.
ورغم إسهاماتها في جنوب أفريقيا والسنغال؛ فقد حذّر مسؤول من أن تلك الشراكة الغربية الأفريقية لن تلبي الاحتياجات المتسارعة لنشر الطاقة المتجددة وسط تحديات محلية مزمنة.
وحسب بيانات منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، لا تطلق أفريقيا سوى 4% من انبعاثات الكربون العالمية، لكن مراقبين يقولون إن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة ضروري بسبب النمو السريع لعدد السكان وزيادة نصيب الفرد من الانبعاثات.
الطاقة الشمسية في أفريقيا
تقول وكالة الطاقة الدولية إن أفريقيا تحتضن 40% على الأقل من إمكانات الطاقة الشمسية العالمية، لكن قدرات توليد الكهرباء من ذلك المصدر النظيف بالقارة لم تتجاوز نسبة 1% فقط خلال عام 2022.
ويمكن لمشروعات الطاقة الشمسية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أن تهيمن على مزيج الكهرباء بصورة أسرع من الطاقة الحرارية ومشروعات الطاقة الكهرومائية.
وأسهم تراجع تكاليف المكونات الشمسية وأنظمة الاستثمار الجاذبة في جعل مشروعات الطاقة الشمسية "حجر أساس" في توليد الكهرباء عالميًا، لكن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء والدول النامية الأخرى ما زالت عالقة وسط التحديات، وفق تقرير منصة "بي في ماغازين" (pv-magazine).
ومع توقعات تزايد تعداد سكان أفريقيا إلى 1.48 مليار نسمة في عام 2024 و2.5 مليار في 2050، سيرتفع نصيب الفرد من انبعاثات الكربون، كما ستزيد نسبة الانبعاثات؛ إذ انتقلت قدرات التصنيع إليها قادمة من الصين.
شراكة الانتقال العادل
بغية تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ 2015، تأسست مجموعة الشركاء الدوليين خلال مؤتمر المناخ كوب 26 في عام 2021 من أجل تقديم تمويلات غربية لاستثمارات الطاقة المتجددة في أفريقيا والدول النامية.
وعلى نحو خاص، كانت شراكة انتقال الطاقة العادل هي محور إستراتيجية المجموعة التي تضم حكومات المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وكندا والدنمارك وهولندا.
وتعمل الشراكة من خلال تمويل تلك البلدان لمشروعات كهرباء منخفضة انبعاثات الكربون مقابل التزام الدول المتلقية للأموال بخفض انبعاثات الكهرباء وزيادة حصة الطاقة المتجددة، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة لتحقيق هدف توفير الكهرباء للجميع بحلول نهاية العقد الجاري (2030).
وتأتي أموال الشراكة من الحكومات المتبرعة ومصارف التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات التمويل التنموية والخيرية فضلًا عن القطاع الخاص.
جنوب أفريقيا والسنغال نموذجًا
تشهد شبكات الكهرباء في جنوب أفريقيا انقطاعًا متكررًا للتيار منذ سنوات، كما أن الفحم الأكثر تلويثًا هو المصدر الرئيس لتوليد الكهرباء هناك.
وتعد جنوب أفريقيا أحد أكبر منتجي الفحم في العالم، وهو ما يوضحه الرسم البياني التالي، الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة:
وتُعد جنوب أفريقيا أكبر مطلق لانبعاثات الكربون في القارة السمراء؛ إذ تعتمد على الفحم بنسبة 85% في توليد الكهرباء.
وفي ضوء ذلك، كانت جنوب أفريقيا أول من أبرم اتفاق شراكة انتقال الطاقة العادل لتحصل على 11.6 مليار دولار.
وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة آيرينا أنه بالإمكان توليد 49% من الكهرباء في جنوب أفريقيا من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وأُضيف 2.9 غيغاواط من قدرات الطاقة الشمسية في جنوب فريقيا خلال العام الماضي (2023) معظمها بالقطاعات التجارية والصناعية، وفي بقية بلدان أفريقيا يرتفع حجم الإضافات الشمسية إلى إجمالي 9 غيغاواط.
وفي السنغال، من المقرر أن يصل إجمالي التمويلات التي ستحصل عليها داكار بموجب شراكة انتقال الطاقة العادل إلى 2.7 مليار دولار على مدار مدة تتراوح بين 3 و5 سنوات في شكل منح وقروض ميسرة وضمانات استثمارية.
وارتفعت حصة الطاقة المتجددة هناك إلى 25.7% في عام 2022؛ 245 ميغاواط من الطاقة الشمسية و282 من مصادر متجددة أخرى.
وثمة خطة لرفع النسبة إلى 40% من مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، وفي العام المقبل (2025)، ستكشف السنغال عن ملامح خريطة طريق لخفض انبعاثات غازات الدفيئة خلال مؤتمر المناخ كوب 30.
التكلفة المستوية لكهرباء الطاقة الشمسية
في عام 2022 توقعت وكالة الطاقة الدولية أن بإمكان مصادر الطاقة المتجددة في أفريقيا خفض التكلفة المستوية للكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية من بين 31 و91 دولارًا للميغاواط/ساعة إلى ما يتراوح بين 18 و49 دولارًا بحلول عام 2030، ما سيجعل الطاقة الشمسية أرخص مصادر توليد الكهرباء.
وفي المقابل، تواجه صناعة الطاقة الشمسية في أفريقيا تحديات تدفعها إلى التراجع؛ منها شح القدرات اللازمة للتشغيل والصيانة وسلاسل الإمداد بقطع الغيار ودعم الجهات التنظيمية للمشغلين في ربط مصادر الطاقة المتجددة بالشبكة.
وفي هذا السياق، حذّر الرئيس التنفيذي لشركة "إمباور نيو إنرجي" العاملة بقطاع الطاقة الشمسية، تيرجي أوسموندسن، من ألا توفر شراكة انتقال الطاقة العادلة الاستثمارات المطلوبة سريعًا في البدائل النظيفة لمصادر الوقود الأحفوري.
وفي المقابل، طالب بأن تموّل تلك الشراكات الدفع لمطوري مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا عن كل كيلوواط من الكهرباء عن طريق إما ائتمانات الكربون وإما نظام تعريفة التغذية وإما الشهادات الخضراء.
وفي هذه الحالة، سيكون كل مليار دولار من أموال الشراكة قادرًا على بناء 4 غيغاواط من قدرات الطاقة الشمسية فضلًا عن الحصول على ما يتراوح بين 15 و20 دولارًا عن كل طن كربون يتجنبه المطور.
ودعا تيرجي أوسموندسن إلى معالجة مشكلة إعانات الوقود الأحفوري والآلاف من محطات الديزل وعدم استقرار قيمة العملة المحلية وتنظيم سوق الصرف وعدم استعمال نظام صافي القياس.
موضوعات متعلقة..
- خطط الطاقة المتجددة في جنوب أفريقيا معرّضة للخطر.. ما دور شبكة الكهرباء؟
- ارتفاع تعرفة الكهرباء في جنوب أفريقيا يثير أزمة برلمانية
- النفط والغاز في أفريقيا حق مكتسب للتنمية الاقتصادية.. وشرط يضمن استمرار تطويرهما
اقرأ أيضًا..
- أكبر مصفاة نفط في أفريقيا تطالب بإجراء إجباري ضد الموردين
- احتياطيات الغاز في أفريقيا تدعم الطلب العالمي.. هل ينتهي دور روسيا؟
- طموحات الوقود الحيوي في سلطنة عمان تستهدف الإنتاج التجاري (تقرير)
- حصري - تفاصيل 17 محطة كهرباء جديدة في العراق.. وموعد الإنتاج