تقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

شركات البتروكيماويات العالمية تعاني تخمة المعروض.. ما صلة الشرق الأوسط؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • اضطر عدد من شركات البتروكيماويات العالمية لغلق مصانعها
  • لجأت بعض الشركات إلى صفقات دمج تحوطًا من تقلبات السوق
  • قطاع البتروكيماويات هو العمود الفقري للاقتصاد الصناعي
  • توقعات بهبوط هوامش أرباح إنتاج البروبيلين في آسيا خلال 2024
  • يواجه منتجو المواد البتروكيماوية في آسيا آفاقًا ضبابية

بلغت الأوضاع التي تمر بها شركات البتروكيماويات العالمية عنق الزجاجة؛ نتيجة ارتفاع المعروض، وما نتج عنه من هبوط هوامش الأرباح.

ولم تجد العديد من كبريات الشركات العاملة في قطاع البتروكيماويات في أوروبا وآسيا سوى غلق عدد من مصانعها؛ لعدم قدرتها على مواكبة ارتفاع تكاليف الإنتاج، في حين لجأ البعض الأخر إلى إبرام صفقات دمج لتعزيز قدرته على مواكبة ظروف السوق المتغيرة.

لكن من المتوقع أن تتواصل معضلة المعروض الزائد من المواد البتروكيماوية خلال السنوات المقبلة، مع استمرار دخول مصانع جديدة حيز التشغيل في الشرق الأوسط والصين.

وتُعدّ البتروكيماويات عنصرًا رئيسًا للعديد من العمليات الصناعية؛ إذ تشكّل العمود الفقري للاقتصاد الصناعي، وتشتمل بعض المنتجات المشتقة من البتروكيماويات على الإطارات والزيوت الصناعية والمنظفات والبلاستيك، من بين أخرى عديدة.

ووفق تقديرات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) يُتوقع أن ينمو حجم سوق البتروكيماويات العالمية من 627.84 مليار دولار في عام 2023 إلى 885.81 مليار دولار بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، بمعدل نمو سنوي مركب يلامس 5.0% خلال مدة التوقعات.

صراع البقاء

تكافح شركات البتروكيماويات في أوروبا وآسيا من أجل البقاء، في الوقت الذي تسببت فيه السعة الإنتاجية الزائدة المتراكمة في الصين على مدار سنوات، وارتفاع تكاليف الطاقة بأوروبا في هبوط هوامش الأرباح لعاميْن متتاليْن؛ ما أجبر الشركات على إبرام صفقات دمج لتعزيز قدرتها على مواكبة متغيرات السوق، بحسب رويترز.

ويمثّل التراجع، الذي تشهده صناعة البتروكيماويات العالمية، أزمةً لصناعة النفط العالمية، التي عادةً ما تتحوّط بإنتاج المواد البتروكيماوية، للحفاظ على الأرباح وسط توقعات بانخفاض الطلب على وقود النقل خلال السنوات المقبلة مع تسارع جهود تحول الطاقة.

وتبيع شركات البتروكيماويات في آسيا وأوروبا أصولها، وتغلق مصانعها القديمة، وتعيد تجهيز بعض مصانعها كي تكون ملائمةً لاستعمال مواد خام رخيصة التكلفة مثل الإيثان بدلًا من النافثا لخفض التكاليف، وفق رويترز.

وستحتاج شركات البتروكيماويات إلى تعزيز سعة إنتاج الإيثيلين والبروبيلين؛ إذ من المتوقع أن يستمر المعروض الزائد لسنوات مع استمرار دخول مصانع جديدة حيز التشغيل في الشرق الأوسط والصين، حتى على الرغم من تباطؤ ثاني أكبر الاقتصادات العالمية.

ويُعد الإيثيلين والبروبيلين المصنعان من المنتجات النفطية من المواد الخام الرئيسة المستعمَلة في تصنيع البلاستيك والمواد الكيميائية الصناعية والأدوية المستعمَلة على نطاق واسع في الحياة اليومية.

مصفاة نفط

مخاطر الإغلاق

وفق تقديرات شركة وود ماكنزي لأبحاث واستشارات الطاقة، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، أضحى قرابة 24% من السعة البتروكيماوية العالمية عُرضة لخطر الإغلاق بحلول عام 2028،ض وسط ضعف هوامش الأرباح.

وقال الشريك في "ماكنزي آند كومباني"، إرين سيتينكايا: "نتوقع أن تنفذ شركات البتروكيماويات إستراتيجية ترشيد في أوروبا وآسيا، كي تقدر على مواصلة عملياتها في هاتيْن المنطقتيْن".

وتوقع سيتينكايا أن يستمر الركود الحالي الذي تعانيه شركات البتروكيماويات لمدة أطول من المعتاد، تتراوح من 5 إلى 7 سنوات بسبب السعة الإنتاجية الزائدة، لا سيما في الصين.

ويواجه منتجو المواد البتروكيماوية في آسيا آفاقًا هي الأكثر ضبابيةً على الإطلاق؛ إذ من المرجح أن يستمر المعروض الزائد في ظل مواصلة الشركات الإنتاج في المصانع الجديدة المندمجة مع عمليات أوسع.

وقالت شركة ميتسوي كيميكالز (Mitsui Chemicals): "منذ عام 2022 تضافرت مجموعة من العوامل التي فاقمت من صعوبة بيئة العمل، بما في ذلك الطلب المحلي الضعيف، والمعروض الزائد على خلفية افتتاح منشآت إنتاجية جديدة في الصين ومناطق أخرى في آسيا"، في بيان أصدرته في شهر أبريل/نيسان (2024).

هوامش أرباح منخفضة

يُتوقع أن تسجل هوامش أرباح إنتاج البروبيلين في آسيا هبوطًا حادًا خلال العام الحالي (2024)، مع توقعات بأن تلامس الخسائر قرابة 20 دولارًا لكل طن متري، وفق أرقام وود ماكنزي.

وفي أوروبا يُتوقع أن تهبط هوامش الأرباح من العام الماضي (2023) لتقارب 300 دولار لكل طن في عام 2024، وفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

في المقابل يُتوقع أن ترتفع هوامش أرباح الإنتاج من قطاع البروبيلين في الولايات المتحدة بنسبة 25% إلى نحو 450 دولارًا لكل طن في عام 2024.

وقال المحلل في وود ماكنزي كاي شين تشونغ، إن المنتجين الأميركيين بمعزل عن أزمة هوامش الأرباح، بفضل إمدادات وفيرة من المواد الخام المحلية، المشتقة من سوائل الغاز الطبيعي الأرخص ثمنًا، مثل الإيثان.

منتجو آسيا

أغلقت شركة فورموزا للبتروكيماويات (Formosa Petrochemical) التايوانية اثنتين من وحدات تكسير النافثا الـ3 التابعة لها منذ عام، في حين أبقت شركة بريفكيم (PRefChem) الماليزية للتكرير والبتروكيماويات -وهي مشروع مشترك بين بتروناس الماليزية وأرامكو السعودية- على وحدة التكسير المملوكة لها مغلقةً منذ أوائل العام الجالي (2024).

وعلى الرغم من ذلك، تعوّل أرامكو السعودية على البتروكيماويات، إذ قال الرئيس التنفيذي للشركة أمين الناصر إن عملاقة النفط السعويدية تستهدف إنشاء منشآت إضافية قادرة على تحويل النفط إلى مواد كيماوية، متوقعًا أن يتجاوز الطلب على سلع مثل البلاستيك النمو في استهلاك البنزين والديزل وسط التحوّل في مجال الطاقة.

ومع ذلك تواصل شركات البتروكيماويات في كوريا الجنوبية وماليزيا إنتاجها بمعدلات مرتفعة رغم خسائرها، بدعم من اندماج مصانعها مع مصافي النفط؛ ما يجعلها غير قادرة على الغلق أو بيع وحدات البتروكيماويات المسجلة للخسائر دون التأثير في إنتاجية المنتجات الأخرى.

ومع نمو الإنتاج والصادرات من الشرق الأوسط والصين والولايات المتحدة الأميركية، تستكشف الشركات أسواق نمو مثل الهند وإندونيسيا وفيتنام لبيع المعروض الزائد لديها.

مصفاة رأس تنورة التابعة لشركة أرامكو السعودية
مصفاة رأس تنورة التابعة لشركة أرامكو السعودية - الصورة من موقع الشركة

صفقات الدمج

تشهد صفقات الدمج بين شركات البتروكيمايات في أوروبا تسارعًا في الوقت الراهن، رغبةً من الشركات في تعزيز قدراتها على مواكبة ظروف السوق المتقلبة باستمرار.

فعلى سبيل المثال كشفت الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" وإكسون موبيل الأميركية النقاب عن خُطط لغلق بعض المصانع نتيجة التكاليف المرتفعة.

وقال أوليفييه جيرارد، نائب الرئيس التنفيذي لشركة سابك، إنهم يعكفون على تجهيز بعض مصانعهم في أوروبا والمملكة المتحدة كي تكون قادرة على معالجة كميات أكبر من الإيثان، الذي يُعد أرخص ثمنًا من النافثا، في تصريحات أدلى بها إلى وكالة رويترز في مايو/أيار (2024).

وكانت نتائج أعمال سابك في الربع الثاني 2024 قد خالفت التوقعات، مسجلةً زيادةً في صافي الدخل بنسبة 84.75% إلى 2.18 مليار ريال (0.58 مليار دولار)، مقارنة مع 1.18 مليار ريال (0.31 مليار دولار) في المدة نفسها من العام الماضي (2023).

وقال المحلل في وود ماكنزي كاي شين تشونع، إن هذا التحول يأتي مدعومًا -أساسًا- بارتفاع أسعار الطاقة والإنتاج وضعف الطلب في المنطقة، وسط نمو اقتصادي ضعيف خلال السنوات القليلة الماضية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق