رئيسيةتقارير منوعةمنوعات

حرب الرقائق الإلكترونية تحتدم بين الهند والصين.. من ينتصر؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يُتوقع أن تشكّل الرقائق الإلكترونية مستقبل القوى الكبرى عالميًا
  • الرقائق الإلكترونية هي العصب الرئيس للاقتصادات المتطورة
  • تضخ الهند والصين استثمارات ضخمة في صناعة الرقائق الإلكترونية
  • توقعات بأن تسجل مبيعات الرقائق الإلكترونية العالمية 588 مليار دولار في 2024
  • صناعة الرقائق الإلكترونية تتأثر مباشرةً بالتوترات الجيوسياسية العالمية

تتصارع الهند والصين على حسم الصراع حول الرقائق الإلكترونية والتربع على عرش تلك الصناعة العالمية؛ رغبةً منهما في الهيمنة على تلك السوق الإستراتيجية التي يُتوقع أن تشكّل مستقبل القوى الكبرى العالمية اقتصاديًا وسياسيًا.

وتمضي نيودلهي وبكين قدمًا في ضخ استثمارات مكثفة في تلك الإلكترونيات الدقيقة التي تبرُز بصفتها مكونًا رئيسًا في تصنيع السيارات والأجهزة والهواتف المحمولة، إلى جانب أهم عناصر الأنشطة الاقتصادية للدول.

ولعل ما يزيد من تعقيد صناعة الرقائق الإلكترونية، العصب الرئيس للاقتصادات المتطورة، هو ارتباط سلاسل إمداداتها مباشرةً بالمشهد الجيوسياسي العالمي الساخن في عدد من المناطق، أبرزها الشرق الأوسط.

ووفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يُتوقع أن تسجل صناعة الرقائق الإلكترونية العالمية مبيعات قوامها 588 مليار دولار أميركي خلال العام الجاري (2024)، صعودًا بنسبة 13% عن نظيرتها المسجلة في في العام الماضي (2023)، وارتفاعًا -كذلك- بنسبة 2.5% عن مبيعات عام 2022 البالغة 574 مليار دولار أميركي.

الهند قادمة

تُسلّح الهند نفسها لحسم حرب الرقائق الإلكترونية؛ إذ شرعت شركة تاتا، أكبر تكتل صناعي في البلد الآسيوي، في بناء مصنع لإنتاج تلك الرقائق في ولاية آسام شمال شرق الهند، وفق ما أعلنته وزارة الإلكترونيات وتقنية المعلومة الهندية، ونشره موقع نيوز إيه زاد (NEWS.AZ).

ويمثّل المشروع البالغة قيمته 270 مليار روبية هندية (3.2 مليار دولار)،خطوةَ كبيرة في مجال تطوير صناعة الرقائق الإلكترونية في الهند.

*(الروبية الهندية = 0.012 دولارًا أميركيًا).

ومن المتوقع أن تلامس السعة الإنتاجية للمصنع الجديد 48.3 مليون وحدة من تلك الرقائق يوميًا؛ ما يعزز وضع نيودلهي في سوق الإلكترونيات الدقيقة العالمية.

وقال وزير الإلكترونيات وتقنية المعلومات الهندي أشويني فايشناو، إن المصنع سيكون مركزًا لتقنيات تجميع الرقائق الإلكترونية، بما في ذلك ربط الأسلاك (Wire Bond)، وشريحة فليب (Flip Chip)، من بين أخرى عديدة.

وتؤدي تلك التقنيات دورًا حاسمًا في صناعة السيارات؛ لا سيما إنتاج السيارات الكهربائية، والاتصالات السلكية واللاسلكية والبنية التحتية للشبكات.

وأكد فايشناو إمكان تلك التقنيات في دفع التطوير والإبداع وتعزيز النمو الاقتصادية في المنطقة، بتصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتبذل الحكومة الهندية جهودًا منسّقة لتطوير قدرات تصنيع الرقائق الإلكترونية لديها، من منطلق اعترافها بالأهمية الإستراتيجية للقطاع، عبر تقديم تحفيزات مالية وإعفاءات ضريبية وإجراءات تنظيمية مبسطة تستهدف جذب عمالقة الرقائق الإلكترونية العالميين لتأسيس عمليات داخل حدودها.

وفي يونيو/حزيران (2023)، أبرمت ولاية غوجارات اتفاقية مع شركة ميكرون تكنولوجي (Micron Technology) الأميركية، بنحو 3 مليارات دولار أميركي لبناء مصنع من المقرر أن يدخل حيز الإنتاج في ديسمبر/كانون الأول (2024).

وعلاوة على ذلك، تقدمت شركة فوكسكون (Foxconn) التايوانية بطلب لتأسيس مصنع رقائق إلكترونية في الهند أواخر العام الماضي (2023)؛ ما يُعدّ خطوةً إضافية في مساعي نيودلهي لكسب حرب الرقائق الإلكترونية المشتعلة مع الصين.

وتعدّ المبادرات جزءًا من إستراتيجية أوسع تنتهجها الهند لخفض اعتمادها على واردات الرقائق الإلكترونية، وترسيخ مكانتها لاعبًا رئيسًا في سلسلة الإمدادات العالمية.

رقائق إلكترونية مصنعة في الهند
رقائق إلكترونية مصنّعة في الهند - الصورة من /eac-consulting.de

الصين منافس قوي

مع اشتداد وتيرة حرب الرقائق الإلكترونية، تواصل الصين الحفاظ على مكانتها الرائدة في تلك السوق المهمة.

وتؤدي شركات أمثال إس إم آي سي (SMIC) وهوا هونغ للرقائق الإلكترونية (Hua Hong Semiconductor) ويانغتز ميموري تكنولوجيز كورب (Yangtze Memory Technologies Corp) دورًا لا يُستهان به في الصناعة العالمية.

ويتيح الدعم الحكومي والاستثمارات الموسّعة لبكين تطوير تقنيات متطورة وزيادة السعة الإنتاجية، ومع ذلك، فإنه وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية والنزاعات التجارية، تكافح بكين من أجل تعزيز استقلاليتها عن التقنيات الغربية.

وتكثّف الصين جهودها الرامية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع التقنية عبر ضخ استثمارات ضخمة في قطاع البحوث والتطوير، وتوسيع قدراتها التصنيعية المحلية.

مصنع لإنتاج الرقائق الإلكترونية في الصين
مصنع لإنتاج الرقائق الإلكترونية في الصين - الصورة من China Daily

نقاط ضعف

سلّطت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الضوء على نقاط الضعف التي تعتري سلاسل الإمدادات العالمية لصناعة الرقائق الإلكترونية؛ ما دفع الدول إلى إعادة تقييم اعتمادها على إمدادات الرقائق الإلكترونية الخارجية.

وفي إطار هذا التحول، يسعى العديد من البلدان الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، لخفض اعتمادها على مصنّعي الإلكترونيات الدقيقة الأسيويين.

وفي ضوء ذلك، أطلق الاتحاد الأوروبي مبادرات لتعزيز صناعة الرقائق الإلكترونية لديه؛ بهدف مضاعفة حصّته في تلك السوق العالمية بحلول نهاية العقد الحالي (2030).

وتسلّط تلك التطورات الضوء على المشهد المتطور بسرعة في حرب الرقائق الإلكترونية العالمية؛ إذ إنه في الوقت الذي تعزز فيه بلدان -مثل الهند والصين- إمكاناتها، تزداد القدرة التنافسية لسوق الرقائق الإلكترونية العالمية بمعدلات مطّردة.

ومن المتوقع أن تسهِم تلك المنافسة في تعزيز الإبداع والتطوير وتحسين مرونة سلاسل الإمدادات، بل وربما تؤدي إلى خفض التكاليف التي تحلّ في النهاية على كاهل المستهلكين.

ولا تركّز ثمار حسم حرب الرقائق الإلكترونية على المكاسب الاقتصادية فحسب، بل على تعزيز المكانة الإستراتيجية في الساحة التقنية -أيضًا-.

رقائق إلكترونية
رقائق إلكترونية - الصورة من capx.co

مبيعات الربع الثاني

لامس إجمالي مبيعات صناعة الرقائق الإلكترونية العالمية 149.9 مليار دولار أميركي خلال الربع الثاني من عام 2024، ارتفاعًا بنسبة 18.3% قياسًا بالمدة ذاتها من عام 2023، وبزيادة نسبتها 6.5% عن الربع الأول من عام 2024، وفق أرقام رابطة صناعة أشباه الموصلات الأميركية إس آي إيه (SIA).

وفي يونيو/حزيران (2024)، سجّلت المبيعات 50 مليار دولار أمريكي، بارتفاع نسبته 1.7% مقارنةً بإجمالي مبيعات مايو/أيار (2024) البالغة قيمتها 49.1 مليار دولار أميركي.

وإقليميًا، فإنه بالإضافة إلى النمو السنوي المسجل في منطقة الأميركتين، زادت المبيعات في الصين بنسبة 21.6%، وآسيا والمحيط الهادئ/جميع المناطق الأخرى بنسبة 12.7%.

في المقابل، هبطت المبيعات في اليابان بنسبة -5.0% وأوروبا (-11.2%)، وفق أرقام "إس آي إيه"، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وبينما زادت المبيعات الشهرية في يونيو/حزيران (2024) في الأميركتين بنسبة 6.3%، واليابان بنسبة 1.8%، والصين (0.8%)، فإنها هبطت في أوروبا بنسبة -1.0%، وآسيا والمحيط الهادئ/جميع المناطق الأخرى بنسبة -1.4%.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق