أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

هل تتأثر أسواق النفط بإعادة انتخاب مادورو في فنزويلا؟ أنس الحجي يجيب

أحمد بدر

راقبت أسواق النفط العالمية الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في فنزويلا، والتي أُعيد فيها انتخابات الرئيس نيكولاس مادورو لمدة ولاية ثالثة، وسط تطلعات إلى زيادة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز بعد الانتخابات.

وقال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن انتخابات فنزويلا بدأ التحضير لها منذ العام الماضي (2023)، إذ كانت حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعطت استثناءات لاستثمار الشركات الأجنبية هناك وزيادة الإنتاج.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة" الأسبوعي بمساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، التي قدّمها الدكتور أنس الحجي تحت عنوان "أسواق النفط بين انتخابات إيران وفنزويلا والولايات المتحدة".

وأوضح الحجي أن الاستثناءات التي حصلت عليها الشركات الأجنبية كانت مشروطة بأن تسمح حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بإجراء انتخابات حرة في البلاد.

انعدام الثقة بين مادورو والأميركيين

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن الأميركيين، عندما التقوا بممثّلي مادورو، طالبوهم بأن يسمح للمعارضة أن تخوض انتخابات حرة أمامه، بينما يعرف مادورو تمامًا أن المقصد الأميركي هو إزاحته وتوصيل المعارضة للحكم.

وأضاف: "الثقة معدومة من اللحظة الأولى، إذ لا يثق الأميركيون في مادورو ليوقّعوا معه اتفاقًا بأن يقبل هزيمة مسبقة قبل الانتخابات بعام كامل، ويسلّم الحكم لمجموعة أخرى، وهو ما فتح باب التندّر على الأميركيين في هذا الموضوع، خاصة في أسواق النفط".

الرئيس الفنزويلي مادورو يحتفل وسط أنصاره بنتائج استفتاء سابق
الرئيس الفنزويلي مادورو يحتفل وسط أنصاره بنتائج استفتاء سابق - الصورة من أ.ف.ب

ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، الجميع يعرفون أن بايدن كانت أمامه انتخابات في بلاده -التي انسحب منها، وتخوضها نائبته كامالا هاريس- ولا يريد للأسعار أن ترتفع في أسواق النفط، بينما هناك ضغوط من بعض المصافي في الولايات المتحدة، التي تحتاج إلى النفط الفنزويلي.

وأرجع الحجي سبب احتياج هذه المصافي الأميركية إلى النفط الفنزويلي حاليًا، رغم أنها تعمل دونه منذ عام 2018، إلى أن كندا كانت تبني خط أنابيب "ترانس ماونتين" منذ سنوات طويلة، وهذا الخط كان سينتهي في مايو/أيار الماضي.

وتابع: "كان هناك تخوّف حقيقي -وهو تخوّف صحيح- من أن الشركات الكندية ستحول النفط من الولايات على خليج المكسيك إلى الغرب، وسيُصدَّر هذا النفط إمّا إلى الولايات الغربية في أميركا، أو إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية".

لذلك، إذ ذهب هذا النفط، لا بد من وجود بديل، ولا بد أن يكون بديلًا من النوعية نفسها، وليس هناك بديل سوى النفوط المكسيكية والفنزويلية، والمكسيك ليس لديها أيّ إضافات إنتاجية، بل تحاول خفض صادراتها، لذلك لا يوجد أيّ بديل سوى النفط الفنزويلي.

وأردف: "لهذا أقول، إنه كانت هناك حاجة إستراتيجية لإعطاء استثناءات للشركات للحصول على النفط الفنزويلي، ونتيجة لهذه الاستثناءات زاد إنتاج فنزويلا وصادراتها، وأغلب هذه الصادرات ذهب إلى الصين".

النفط الفنزويلي

ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، حصلت المصافي في الولايات المتحدة على ما تريده من النفط الفنزويلي، وهي كميات تبلغ نحو 200 ألف برميل يوميًا.

أهمية الخام الفنزويلي في أسواق النفط

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الحديث عن أهمية الخام الفنزويلي في أسواق النفط يتطلب الحديث في أمر فني أو تقني، يتعلق بنوعية هذا النفط، وإمكان تصديره.

وأضاف: "النفط الفنزويلي ثقيل جدًا، ومن ثم لكي يمر هذا النفط في الأنابيب، ويُنقل في السفن، يجب تمييعه، وهذا التمييع يكون عادةً بأنواع من النفط الخفيفة جدًا، أو أنواع من السوائل الغازية، وتاريخيًا عبر سنوات طويلة، حصلت فنزويلا على هذا المميع من الولايات المتحدة".

صناعة النفط

وأوضح الدكتور أنس الحجي أنه حينما فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب العقوبات على فنزويلا في 2018، توقَّف تصدير هذا المميع إليها، فانخفض إنتاجها، مضيفًا: "هذه المعلومة مهمة، لأن بعضهم يسألون، لماذا أثّرت العقوبات الأميركية في النفط الفنزويلي ولم تؤثّر في النفط الإيراني والروسي؟".

ولفت إلى أن السبب هو عدم وجود بديل، البديل يجب أن يأتي من إيران أو روسيا، وكلتاهما لا تستطيعان توفير 125 إلى 150 ألف برميل يوميًا بشكل مستمر ودائم إلى فنزويلا، كما أن الولايات المتحدة قريبة منها، والشركات الأميركية موجودة هناك، وهناك تاريخ طويل لعقود من تصدير هذه المادة إلى فنزويلا.

وأشار الحجي إلى الاستثناءات من العقوبات التي منحها الرئيس بايدن للشركات الأميركية للعمل في فنزويلا، التي تضمنت حصولها على المميع الذي تحتاجه لزيادة الإنتاج والصادرات، ولكن كان هناك مقابل لهذه الاستثناءات.

وتابع: "أرادت إدارة بايدن أن تحصل على مقابلين لهذه الاستثناءات، الأول أن الشركات الأميركية العاملة في فنزويلا لها ديون لدى الحكومة الفنزويلية، وتضمَّن الاتفاق أن يذهب جزء من إيرادات هذا النفط لوفاء الديون، وهو ما وافقت عليه الحكومة".

الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثًا في قمة القادة الافتراضية بشأن المناخ
الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثًا في قمة القادة الافتراضية بشأن المناخ – الصورة من وكالة فرانس برس

المقابل الثاني، بحسب الدكتور أنس الحجي، أن حكومة مادورو وافقت على أن تكون هناك انتخابات حرة، بناءً على طلب الأميركيين، وهناك نقطة مهمة هنا، أن الدول دائمًا ما ترفض التدخل في انتخاباتها، ولكن الأميركيين تدخّلوا في شؤون فنزويلا هنا رسميًا، وقبل ذلك كانوا قد دعموا المعارضة.

وكانت النتيجة أن الإدارة الأميركية منحت مادورو الفرصة الإعلامية لإظهار الحقيقة للشعب الفنزويلي، وأن هؤلاء المعارضين هم عملاء لأميركا، مضيفًا: "لا أدري لماذا لم يستوعب الأميركيون هذا الدرس وهذه اللعبة، التي سبق أن لعبتها روسيا في دول أخرى، ولعبتها فنزويلا الآن".

الإنتاج الفنزويلي وأثره في أسواق النفط

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن إنتاج فنزويلا النفطي في الوقت الحالي يصل إلى 850 ألف برميل يوميًا، تحصل أسواق النفط منها على 800 ألف برميل، وأغلب الصادرات يتجه إلى الصين.

وأضاف: "قد يستنتج بعضهم أن استهلاك فنزويلا -بما أن الإنتاج 850 ألفًا والصادرات 800 ألف- يبلغ 50 ألف برميل يوميًا فقط، ولكن هذا الكلام غير صحيح، لأن فنزويلا تستورد المميع، الذي يُصنَّف على أنه نفط، وتبلغ وارداتها منه 125 ألف برميل يوميًا، لذلك فإن استهلاكها بين 150 و200 ألف برميل يوميًا".

عمال بشركة بتروليوس دو فنزويلا في أحد المواقع
عمال بشركة بتروليوس دو فنزويلا في أحد المواقع - الصورة من Warsaw Institute

وتوقّع الدكتور أنس الحجي، نتيجة لهذه الظروف، ألّا يرتفع إنتاج فنزويلا، كما أن إدارة بايدن ستفرض عقوبات على أفراد، مثلما فعلت مع إيران، بدلًا من تشديد العقوبات على الدولة، وتخفض إنتاجها، وذلك لأن بايدن يريد أن تبقى أسعار النفط منخفضة.

وأشار إلى قرار بايدن بإلغاء الاستثناءات عندما اقتنعت إدارته بأن مادورو لن يلتزم بالاتفاق المتعلق بالانتخابات، وهو ما روّج له الإعلام على أنه بطولي، ولكن القرار لا تأثير له في أسواق النفط، لأن هناك لعبة قانونية لعبتها إدارة بايدن.

وتابع: "اللعبة القانونية أن هناك استثناءات عديدة، والاستثناء الأخير كان عامًا، يشمل كل الشركات، وهو الذي أُلغي، قبل أن تقول إدارة بايدن للشركات، أن بإمكانها التقديم على الاستثناء الخاص، الذي تمّ منحه والموافقة عليه لكل الشركات التي قدّمت".

ومن ثم، وفق الدكتور أنس الحجي، فإن القرار لا معنى له على الإطلاق، ولكنه كان مجرد لعبة سياسية لعبتها الولايات المتحدة لكي لا تؤثّر في صادرات فنزويلا، بل على العكس، استمرت فنزويلا بزيادة إنتاجها، رغم إلغاء هذا الاستثناء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق