انبعاثات الصين من غازات الدفيئة.. هل وصلت إلى الذروة؟
طفرة الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية قد تكون علامات على ذلك
حياة حسين
تجاوزت القدرة المركبة لمشروعات الطاقة الشمسية في بكين خلال سنة واحدة -هي 2023- كل قدرة أميركا منذ بدء اعتماد هذا المصدر حتى العام الماضي؛ فهل يكون ذلك أحد الأسباب التي تدفع إلى توقع وصول انبعاثات الصين من غازات الدفيئة إلى ذروتها؟
تستحوذ الصين -حاليًا- على ثلثي قدرة طاقتي الشمس والرياح العالمية تحت الإنشاء -تقريبًا- وفق تقرير صادر عن "غلوبال إنرجي مونيتور"، الأسبوع الماضي، الذي أشار إلى أن هذه القدرة تعادل 8 أضعاف السعة المخططة في الولايات المتحدة.
وفي مايو/أيار الماضي، لم تزد حصة الكهرباء المولّدة في الصين من محطات تعمل بالفحم على 53%؛ ما يعني أن النسبة المتبقية قد تكون قد جاءت من مصادر نظيفة.
ورصد تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، تطور قطاع الطاقة المتجددة، والتحول إلى السيارات الكهربائية، وما إن كانت هذه علامات على تغير الوضع في الصين بوصفها أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة المتسببة في تغير المناخ في العالم.
ماذا حدث في انبعاثات الصين؟
قد تشير بيانات توليد الكهرباء من الفحم التي لم تتعدَّ 53% في شهر مايو/أيار الماضي إلى أن انبعاثات الصين من غازات الدفيئة قد وصلت إلى ذروتها، وأنها تتجه إلى عكس اتجاهها الصاعد، وفق المحللة الصينية في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف بليندا سكاب، لصحيفة "ذا نيويورك تايمز"، في تقرير منشور الأسبوع الماضي.
غير أن بعض المحللين يتعاملون مع كلمة "ذروة الانبعاثات" بحذر؛ لأن ما يحدث في الصين من قفزة في الطاقة الشمسية والرياح وانخفاض توليد الكهرباء قد لا يتعدّى مجرد نتائج لما يحدث في اقتصاد البلاد الذي يشهد تباطؤًا للنمو.
وقال مدير مركز المناخ في معهد "آسيا سوسيتي بوليسي" لي شو: "نحن نتحدث عما إذا كانت هناك ذروة خلال عقد من الزمن تقريبًا.. الذروة تعني أن الانبعاثات تصل إلى نقطة تتراجع عندها بعد تجاوز كل المستويات، ولا ينبغي أن نتحدث عن ذلك".
وفسّر المحلل حذره من إطلاق كلمة "ذروة" على مستوى انبعاثات الصين من غازات الدفيئة، بقوله: "إننا ينبغي أن نكون حريصين؛ لأنه في الوقت الذي تنمو فيه الطاقة الشمسية والمتجددة بصورة عامة، وتنخفض كهرباء محطات الفحم، تعاني الصين تباطؤ النمو الاقتصادي منذ جائحة كوفيد-19؛ ما قاد إلى استهلاك أقل في الطاقة.. هذا قد يعني سحب مستوى الانبعاثات إلى أسفل، لكنه سيكون مؤقتًا".
وتابع "أنه إذا نظرنا إلى انبعاثات الصين خلال العقدين الماضيين، سنجد أن المصادر الرئيسة لتلك الانبعاثات جاءت من العقارات وقطاع الإنشاءات؛ حيث مثّلا مصدرًا لثلث كميات غازات الدفيئة تقريبًا".
وأشار إلى أن معظم علامات انخفاض انبعاثات الصين جاءت من هذين القطاعين؛ إذ إن تأثير بعض السياسات الأخيرة -مثل حظر تشغيل مصانع الصلب بحرق الفحم- لن يظهر قريبًا.
وقال: "ربما يكون التحول الكبير إلى السيارات الكهربائية في الصين قد خفّض الطلب على النفط أيضًا".
أكبر مُصدر للانبعاثات
تربّعت الصين على قمة أكبر الدول المصدرة للانبعاثات منذ تجاوزها أميركا في 2006، ومنذ ذلك الحين نمت انبعاثاتها لتبلغ ثلث الكميات العالمية، وهو رقم ضخم، حتى مع الأخذ في الحسبان الكثافة السكانية الهائلة التي تتجاوز 1.3 مليار نسمة، وفق التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
وكشفت بيانات حديثة عن أنه ربما لا تنخفض انبعاثات الصين من غازات الدفيئة بنسبة ملحوظة، لكنها على الأقل توقفت عن التحرك إلى أعلى.
وكان الرئيس شي جين بينغ قد تعهّد بالوصول بالانبعاثات في بلاده إلى مستوى الذروة خلال 2030.
وقال مدير الرؤية العالمية في شركة أبحاث الطاقة "إيمبر" داف جونز: "الشيء المهم الذي علينا استيعابه أن توقُّف انبعاثات الصين من غازات الدفيئة عن النمو يعني أن كل العالم سيفعل".
غير أن انخفاض انبعاثات الصين من غازات الدفيئة بسرعة يتوقف على قدرتها على إحلال الطاقة المتجددة مكان الفحم في مزيج الطاقة، ورغم انخفاض حصته؛ فإن بكين لا تزال تضخ استثمارات في محطات توليد الكهرباء من الفحم.
والدليل على ذلك هو أن الصين استحوذت على ثلثي محطات الكهرباء الجديدة التي تعمل بالفحم في 2023؛ حيث وصل عددها إلى أعلى مستوى في 8 سنوات. وتهيمن الصين على 60% من استهلاك الفحم عالميًا.
وقد يكون مبرر الصين في بناء محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم هو توفير بدائل لمشروعات الطاقة الشمسية والرياح عند انخفاض مستوياتها.
ويعزز من احتمالية صحة هذا المبرر أن الصين تستثمر بكثافة في مشروعات الطاقة الكهرومائية؛ إذ إن لديها خطة واضحة في هذا الاتجاه.
موضوعات متعلقة..
- الصين تحتضن ثلثي محطات الطاقة المتجددة قيد الإنشاء في العالم
-
تكلفة السيارات الكهربائية في أوروبا تحرمها من منافسة نظيرتها الصينية
-
الطاقة المتجددة في الصين تتجاوز قدرة محطات الفحم لأول مرة خلال 2023 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- ساوند إنرجي تواصل استكشاف الغاز المغربي.. لمدة عامين
-
أكبر الدول المصدرة للغاز المسال إلى أوروبا.. الجزائر تتفوق على قطر
-
بئر استكشافية قد تصل احتياطياتها إلى 4.5 مليار برميل نفط مكافئ