- يُعوَّل على طاقة الرياح البحرية في توفير إمدادات كهرباء موثوقة
- قيود سلاسل الإمدادات تشكّل تحديات لمطوري طاقة الرياح البحرية
- توقعات بارتفاع سعة طاقة الرياح البحرية العالمية 10 أضعاف بحلول 2040
- تراجعت وتيرة الانخفاض بتكاليف الاستثمار في طاقة الرياح البحرية بعد عام 2019
- نقل التوربينات وتثبيتها قبالة السواحل مسألة صعبة، وتحتاج إلى معدّات متخصصة
ظل ارتفاع تكلفة توليد طاقة الرياح البحرية لغزًا طالما حيَّر خبراء الصناعة الذين يراهنون على هذا المصدر النظيف في إتاحة إمدادات وفيرة وموثوقة من الكهرباء المتجددة.
لكن هذا اللغز كُشِفَ بعد أن ثبتَ أن التكاليف الباهظة لنقل توربينات الرياح البحرية وتثبيتها قبالة السواحل، إلى جانب أعمال الصيانة المعقّدة جدًا لمحطات الرياح البحرية، كلها عوامل ترفع من فاتورة توليد هذا المصدر المتجدد للطاقة.
كما أن قيود سلسلة الإمدادات تشكّل تحديات للمطورين الذين يضطرون إلى إعادة تقييم إستراتيجياتهم ومنح أولوية للأسواق الحالية الراسخة، بدلًا من اقتحام أسواق جديدة قد تكون مجهولة.
ووفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) يُتوقع أن تقفز سعة طاقة الرياح البحرية العالمية 10 أضعاف بحلول عام 2040، لتصل إلى 742 غيغاواط، من 73 غيغاواط بنهاية العام الماضي (2023).
ارتفاع التكاليف
تشهد تكلفة توليد طاقة الرياح البحرية ارتفاعًا مطّردًا مقارنةً بأشكال الكهرباء المتجددة الأخرى، وبوجه عام، استقرت التكلفة المستوية لتوليد الكهرباء "إل سي أو إي" (LCOE) من المصادر المتجددة، أو بدأت بالتراجع، في أعقاب أزمة سلسلة الإمدادات التي اندلعت في عام 2022-2023، بحسب بيانات صادرة عن موقع إنرجي إنتليجنس (Energy Intelligence).
والتكلفة المستوية لتوليد الكهرباء هي القيمة الصافية لتكلفة إنتاج وحدة كهرباء على مدار عُمر المنشأة.
وفي الوقت الذي ما تزال فيه التكلفة المستوية لتوليد الكهرباء من طاقة الشمس والرياح أعلى بنحو 10% من مستوياتها قبل الأزمة، فإنها انخفضت بنسبة 2% و 5% على التوالي منذ أوائل العام الحالي (2024).
في المقابل، ما تزال طاقة الرياح البحرية أعلى قليلًا؛ إذ تزيد -الآن- بنسبة 1% مقارنةً بشهر يناير/كانون الثاني (2024).
أسباب الارتفاع
لعل أحد العوامل التي تفسّر الزيادة في تكلفة توليد طاقة الرياح البحرية، غياب ما يُطلق عليه "التوحيد القياسي" (standardization).
والتوحيد القياسي هو إﻗرار مواصفات تقنية أو معايير أو أساليب أو إجراءات أو ممارسات موحدة ومقبولة ﻋﻤومًا ﻟﻘﻴﺎس أيّ بند.
فتكاليف الاستثمار في تقنية طاقة الرياح البحرية قد سجلت هبوطًا مثيرًا من قرابة 5 آلاف دولار أميركي لكل كيلوواط في عام 2015 حينما بدأت المشروعات الجديدة تزدهر في بحر الشمال، إلى 3200 كيلوواط خلال المدة من عام 2019 إلى 2020.
واعتقد الكثيرون في القطاع أن تكلفة توليد طاقة الرياح البحرية ستواصل السير في هذا المسار الهبوطي، وستشهد الانخفاضات الضخمة نفسها التي شهدتها صناعة الطاقة الشمسية، أو ما يعادل هبوطًا بنسبة تتراوح بين 80% و 90% خلال 15 عامًا فقط.
غير أن الألواح الشمسية تُنتَج بالملايين على غرار المنتجات الأخرى المصنّعة بكميات ضخمة، مثل أجهزة التلفاز والحاسوب.
وعلى الرغم من أنها لا تُنتَج بالملايين، فإن مكونات توربينات الرياح -مثل الشفرات وعلبة التروس ومكونات البرج- تُصنع بكميات كبيرة.
لكن طاقة الرياح البحرية لا تشكّل سوى سوق ثانوية صغيرة من صناعة الرياح بوجه عام، وتضم الكثير من المنتجات المحددة، من حيث الحجم -على سبيل المثال-، وتحتاج إلى الحماية من التأكل.
ويجعل هذا مسألة تحقيق اقتصادات النطاق -الإستراتيجية المتبعة لخفض التكاليف من خلال تنويع الإنتاج- أكثر صعوبة، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
تحديات قائمة
على الرغم من كونها أقل تعقيدًا من محطات الطاقة النووية، أو حتى منشآت احتجاز الكربون وتخزينه، وتستغرق وقتًا طويلًا، وتتطلب أعمال بناء مكثفة في الموقع المحددة، وغالبًا ما تعاني من أجل المحافظة على استقرار الأسعار، فإن محطات طاقة الرياح البحرية تتقاسم العديد من أوجه الشبه معها.
فنقل التوربينات وتثبيتها قبالة السواحل مسألة صعبة، وتحتاج إلى معدّات متخصصة، من السفن إلى الرافعات إلى مرافق المواني، كما أن صيانة محطات طاقة الرياح البحرية تبدو أكثر تعقيدًا.
وفي هذا الصدد، أشار رئيس شركة إينيل جرين باور Enel Green Power سالفاتوري بيرنابي إلى عدم اهتمام شركته بطاقة الرياح البحرية؛ نظرًا إلى أن البدائل الأخرى تتمتع بتكلفة كهرباء أقل، ووقت أقصر للبناء، إلى جانب كونها أقل خطورة، من وجهة نظره.
وسلّط المسؤول في لجنة تحولات الطاقة (Energy Transitions Commission) -مؤسسة دولية فكرية- شين أوكونور، الضوء على تحدٍّ آخر يعرقل ازدهار طاقة الرياح البحرية، وهو حاجة المشروعات الكبيرة إلى استعمال توربينات رياح أكبر؛ ما يعرقل نمو سلاسل الإمدادات ويجعل التوحيد القياسي وخفض التكلفة مسألتين غاية في الصعوبة، بتصريحات أدلى بها إلى موقع إنرجي إنتليجنس.
وأوضح أوكونور أن توربينات الرياح تحتاج إلى التوحيد القياسي كي تُنشَر على نطاق يؤهلها لإنتاج غيغاواط بأرقام ثلاثية.
وعلى الرغم من أن توربينات الرياح الكبيرة تتيح إنتاجية أكبر من الكهرباء النظيفة، إلى جانب كفاءتها الأعلى في استغلال المساحات، واستعمال عدد أقل من الآلات للصيانة، وإمكان الاستفادة من سرعات الرياح المنخفضة، فإنها تعاني عيبًا خطيرًا.
فعند طرح توربين أكبر حجمًا في السوق، يتعين بناء كل شيء آخر -تقريبًا- من علبة التروس الأكبر حجمًا والأبراج والهياكل إلى سفن النقل والتركيب الأكبر حجمًا، من الصفر؛ ما يجعل خفض تكلفة توليد طاقة الرياح البحرية أمرًا صعبًا.
وتراجعت وتيرة الانخفاض بتكلفة الاستثمار في طاقة الرياح البحرية بشكل ملحوظ بعد عام 2019؛ إذ وصلت التكلفة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في عامي 2021 و2022 عند قرابة 3150 دولارًا أميركيًا لكل كيلوواط، تلتها مرحلة انتعاشة وذروة بلغت 3523 دولارًا أميركيًا لكل كيلوواط في أوائل عام 2024.
وتقلّ تكلفة توليد طاقة الرياح البحرية البالغة -حاليًا- 3.475 دولارًا أميركيًا لكل كيلوواط، بنسبة 1% عن تلك الذروة، غير أنها ما تزال أعلى من نظيرتها المسجلة في النصف الأول من عام 2021 (3.143 دولارًا أميركيًا لكل كيلوواط).
موضوعات متعلقة..
- قدرة طاقة الرياح البحرية العالمية قد تتضاعف 10 مرات
- تراخيص النفط والغاز في المملكة المتحدة تتداخل مع عقود طاقة الرياح البحرية
- طاقة الرياح البحرية العائمة في اليابان تترقب تعديلات تشريعية
اقرأ أيضًا..
- 8 شركات بطاريات صينية تتجه إلى المغرب.. ضربة غير مباشرة لأميركا
- اكتشاف نفطي في أفريقيا احتياطياته 10 مليارات برميل يجذب 12 شركة
- وزير البترول المصري الجديد.. حقل ظهر يتصدر أبرز 5 ملفات