التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءرئيسيةطاقة متجددةكهرباء

سياسات الطاقة في فرنسا تترقب نتائج الانتخابات.. والمؤشرات ضد "الرياح"

هبة مصطفى

تتأثر سياسات الطاقة في فرنسا بنتائج تصويت الانتخابات التشريعية المبكرة، والتي عُقدت أولى جولاتها يوم الأحد 30 يونيو/حزيران 2024، وتترقب الأنظار بشغف نتائج جولة الإعادة المرتقبة في 7 يوليو/تموز الجاري.

ويحمل كل حزب أو ائتلاف خاض هذه الانتخابات رؤية مختلفة حيال ملفّات الطاقة، ويبدو أن أبرز التحالفات الفائزة بأغلبية الأصوات في الجولة الأولى -قبل أيام- لا تتبنّى دعمًا للطاقة المتجددة.

ووفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، قد يؤدي ذلك إلى خروج فرنسا عن مسار رؤية الاتحاد الأوروبي، الذي يميل بدوره إلى إفساح مجال أكبر للطاقة النظيفة بأنواعها، بعدما خذَله الاعتماد المفرط على الغاز الروسي.

وذهبت غالبية أصوات الجولة الأولى باتجاه حزب التجمع الوطني الذي يُصنَّف بوصفه اليمين المتطرف في باريس، ويبدو أنه سيكون الأوفر حظًا بأغلبية تشكيل الحكومة إذا حظي بأصوات مرتفعة في جولة الإعادة أيضًا، ما يطرح التساؤلات حول طبيعة سياسات الطاقة في فرنسا الآونة المقبلة.

مصير سياسات الطاقة الفرنسية

قد تواجه سياسات الطاقة في فرنسا "تغييرات جذرية" حال فوز اليمين المتطرف (Right National) بأغلبية الأصوات في الانتخابات التشريعية المبكرة، بعدما حقق تقدمًا ملحوظًا في الجولة الأولى بنسبة 33.13% من الأصوات.

ومن شأن ذلك أن يهدد الخطط التي يتبنّاها الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته، خاصة أن التحالف المؤيد له حلَّ في المرتبة الثالثة ضمن أعلى أصوات الجولة الأولى بنسبة 20.05% فقط، ما يضعه في منافسة صعبة مع اليمين المتطرف الأوفر حظًا والجبهة الشعبية لليسار التي حصلت على 27.99% من الأصوات.

زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا ماريان لوبن
زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا ماريان لوبن - الصورة من Le Monde

ويبدو أن برامج الطاقة في فرنسا كانت محل اختلاف بين المتنافسين، فلم يصدر عن حزبين أو ائتلافين برنامج متشابه أو متّسق المسار، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتتزامن هذه التغيرات الجذرية مع محاولات دول الاتحاد الأوروبي التغريد خارج سرب الغاز الروسي، إذ حرصت على تنويع مصادر الطاقة، خاصة النظيفة والمتجددة والهيدروجين.

برامج المتنافسين

تبنَّى كل حزب أو تحالف انتخابي رؤية مختلفة لقطاع الطاقة في فرنسا، واللافت للنظر أن أعلى 3 ممثلين حصلوا على أصوات في الجولة المنعقدة منذ أيام تجاهلوا التخطيط لتطوير الطاقة الكهرومائية أو منح امتيازات جديدة لها.

وتستعرض منصة الطاقة في هذا التقرير إستراتيجية أعلى 3 مراكز طبقًا لتصويت الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية.

ويحمل اليمين المتطرف -الأعلى أصواتًا- في جعبته خطة لبناء 20 مفاعلًا نوويًا بحلول عام 2042، بما يتماشى مع تصدُّر فرنسا لإنتاج الطاقة النووية أوروبيًا، لكن اللافت للنظر وجود اتجاه واضح لمنع المشروعات الجديدة لمزارع الرياح والاكتفاء بالمشروعات الحالية.

ومن جانب آخر، التزم الحزب بانسحاب فرنسا من سوق الكهرباء الأوروبية، دون شرح المزيد من التفاصيل حول البدائل والخيارات المتاحة حينها، طبقًا لتقرير نشره موقع مونتل نيوز (Montel News).

وفي المقابل، رجّحت الجبهة الشعبية الجديدة -أو ما يُطلَق عليه تحالف اليسار (NFP)- تعزيز قطاع الطاقة في فرنسا بمصادر الطاقة المتجددة، والتركيز على الرياح البحرية، عبر تمرير قانون الطاقة والمناخ.

ورغم أن التحالف انحاز بوضوح للطاقة المتجددة على النقيض من اليمين، فإنه لم يطرح اهتمامًا بالطاقة النووية بالقدر الكافي الذي يتلاءم مع حجم إنتاج فرنسا منها.

أمّا التحالف المؤيد للرئيس الحالي ماكرون، فيبدو أنه أمسك بالعصا من منتصفها، وأراد أن يبني على ما أنجزته الحكومة الحالية حتى الآن، إذ التزم ببناء 14 مفاعلًا نوويًا بحلول منتصف القرن (2050)، بالتوازي مع نشر الطاقة المتجددة.

مفاعلات نووية تابعة لشركة كهرباء فرنسا
مفاعلات نووية تابعة لشركة كهرباء فرنسا - الصورة من بلومبرغ

مصير خطط الانبعاثات

حذّر مهتمون بسياسات قطاع الطاقة في فرنسا من تداعيات فوز اليمين المتطرف على الأهداف المناخية التي تتبنّاها البلاد، خاصة فيما يتعلق بالطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات.

وفي حالة حفاظ تحالف اليمين على تقدُّمه، قد تشكّل زعيمة اليمين المتطرف ممثلة فرنسا في البرلمان الأوروبي "مارين لوبان" الحكومة المقبلة، ورشّحت لوبان رئيس حزب التجمع الوطني "جوردان بارديلا" لرئاسة الوزراء.

ووصف محللون السير في هذا الاتجاه بـ"الكارثة"، إذ لن تنعكس رؤية الحزب غير المؤيدة لمصادر الطاقة النظيفة على سياسات الطاقة في فرنسا فقط، بل قد تمتد للتصدي لها على صعيد الاتحاد الأوروبي.

وقال محامي الطاقة "أرنو جوسيمو"، إن احتمال "تجميد" نشر الطاقة المتجددة وارد حال فوز حزب التجمع الوطني (أحد أحزاب تحالف اليمين)، مشيرًا إلى أضرار كارثية قد تضرّ بالبيئة.

ووصف عوض منظمة غرينبيس "نيكولاس ناس" سير التصويت لصالح اليمين المتطرف بأنه "أسوأ الخيارات البيئية"، في حين حذّر خبير الطاقة لدى شركة كولومبوس Colombus "نيكولاس غولدبرغ" من تسبُّب رؤية اليمين بخفض قدرة التخلص من الكربون.

أسعار الكهرباء ورأي مختلف

في الجهة المقابلة، يبدو أن هناك رؤية جديدة تتشكل في باريس تنحاز لضمان أمن الطاقة، ومصادر الطاقة الموثوقة، وعلى رأسها الطاقة النووية، في ظل مخاوف من تقطُّع الإمدادات المتجددة المتعلقة بالطقس والظواهر الجوية.

ويبدو أن عدم اقتناع اليمين بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة جاء وفقًا لتجربة شتاء 2022-2023، لأول المواسم الباردة بعد اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.

توربينات رياح بحرية
توربينات رياح بحرية - الصورة من IEA Wind TCP

ووقعت القارة الأوربية آنذاك في خضم أزمة طاقة طاحنة، إذ انقطعت إمدادات الغاز الروسي المنقول عبر خط الأنابيب عنها، في حين لم تكن جاهزية مصادر الطاقة المتجددة قادرة على تلبية ذروة الطلب.

ولجأت بعض الدول حينها إلى استيراد الكهرباء بتكلفة إضافية، ورجّحت دول أخرى شراء الغاز المسال من السوق الفورية، وعاودت دول ثالثة الكرّة للاعتماد على الفحم الملوث مرة أخرى.

ورغم تباين الآراء حول رؤية الحزب الأوفر حظًا بالفوز في الانتخابات التشريعية، فإن رؤية الحزب لسياسات الطاقة في فرنسا قد تدفع باتجاه أسعار الكهرباء، إذ انفصل تسعيرها عن تسعير الاتحاد الأوروبي، وقُدِّرت على أساس الربط بالإنتاج المحلي.

ولا تنفي حقيقة كون فرنسا دولة مُصدّرة للكهرباء إلى أوروبا اضطرارها لاستيراد الإمدادات شتاءً، ما يرفع تكلفة ذلك إذا انفصلت عن نظام تسعير الكهرباء الأوروبي في غياب إنتاج الطاقة المتجددة.

ومن المتوقع إطلاق فرنسا أولى جلسات المشاورات حول خريطة الطاقة في البلاد حتى عام 2033، شهر يوليو/تموز الجاري.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق