الطاقة الشمسية في دول البلطيق فرس رهان لتحقيق أمن الكهرباء (تقرير)
محمد عبد السند
- فطنت دول البلطيق إلى واقع الطاقة الكارثي في أوكرانيا بعد الحرب
- ترغب إستونيا ولاتفيا وليتوانيا في الانفصال عن روسيا كهربائيًا
- الطاقة الشمسية هي محور التغييرات في سياسات الطاقة بدول البلطيق
- قفزت فواتير الكهرباءفي دول البلطيق بواقع 7 مرات في 2022 مقارنةً بالعام السابق
- فاق إنتاج الطاقة الشمسية في دول البلطيق معظم التوقعات بين 2022 و2024
تبرُز الطاقة الشمسية في دول البلطيق fwtjih الرقم الأهم في معادلة تحقيق أمن الطاقة، والتحوط من الصدمات الخارجية على غرار الحرب الروسية الأوكرانية التي تدور رحاها منذ أكثر من عامين.
وفطنت دول البلطيق -إستونيا ولاتفيا وليتوانيا- إلى واقع الطاقة المرير الحاصل في أوكرانيا على خلفية الحرب التي أظهرت نقاط ضعف إمدادات الكهرباء المركزية مقارنةً بعمليات التوليد الموزعة في وحدات أصغر.
وانطلاقًا من هذا المبدأ كشفت الدول الـ3 النقاب عن خُطط لفصل شبكاتها الكهربائية عن نظام مركزي تديره موسكو، والاستعاضة عنه بالربط بشبكات الاتحاد الأوروبي بحلول مطلع العام المقبل (2025).
ووفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أضحت الطاقة الشمسية في دول البلطيق هي عماد التغييرات في سياسات الطاقة الوشيكة في المنطقة، بعد أن سجلت سعات غير مسبوقة خلال السنوات القليلة الماضية.
أمن الطاقة
أضحت الطاقة الشمسية في دول البلطيق فرس الرهان الذي تعوّل عليه الدول في توفير إمدادات كهرباء مستقلة وموثوقة بعيدًا عن الدوران في فلك الطاقة الروسي غير مأمون العواقب، وفق ما أورده موقع بي في ماغازين (pv magazine).
وقال رئيس حلول الطاقة الذكية في مشغل نظام التوزيع في إستونيا فيرو إلكتريفورغود (Viru Elektrivõrgud)، أندريس ميساك: "كان لأزمة الكهرباء التي اندلعت في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية في 22 فبراير/شباط (2022) آثارها في الدول المجاورة كافة".
وتعلمت دول لاتفيا وليتوانيا وإستونيا -على ما يبدو- الدرس من التجربة الدراماتيكية التي تمر بها أوكرانيا في قطاع الطاقة على خلفية أحداث العدوان الروسي.
وفي معرض تعقيبه على تلك النقطة أوضح ميساك: "الأثر الإيجابي الرئيس يتمثّل في فهم التهديدات التي تواجه البنية التحتية للكهرباء، واستعمال تلك البنية التحتية بصفتها سلاحًا هجينًا ضد المجتمعات بوساطة المعتدي"، بتصريحات أدلى بها إلى مجلة بي في ماغازين.
وتابع: "الصراع أجبر تلك الدول على تسريع وتيرة فطم نفسها عن التعاون، بصوره كافة، في مجال الطاقة مع الاتحاد الروسي، سواء أكان في إمدادات الوقود أو نقل الكهرباء، من بين أخرى عديدة".
الانفصال عن الشبكة الروسية
اعتادت معظم البلدان الأوروبية الاعتماد -بصورة أو بأخرى- على روسيا في تأمين إمدادات الطاقة، لكن يأخذ الأمر أبعادًا مختلفة بالنسبة إلى دول البلطيق -إستونيا ولاتفيا وليتوانيا-.
فما تزال الشبكة الكهربائية في الدول الـ3 جزءًا من نظام تديره روسيا، بل وتعتمد على شركات التشغيل الروسية في ضمان استقرار الشبكة وتحقيق التوازن بين العرض والطلب.
وفي عام 2018 استحدثت لاتفيا وليتوانيا وإستونيا خُطة لفك ارتباطها عما يُطلق عليه نظام بريل (BRELL)، والانضمام إلى الشبكة الكهربائية في الاتحاد الأوروبي بحلول أواخر عام 2025.
ونظام بريل هو تجمع كهربائي يتألف من الأحرف الإنجليزية الأولى لأسماء دولتي روسيا وبيلاروسيا إلى جانب دول إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا.
غير أن تصاعد دراماتيكية الأحداث الدائرة في أوكرانيا أجبر البلدان الـ3 على إعادة النظر في الإطار الزمني لخططها وتسريع تحولها، لتفكر خارج الصندوق بهدف تعزيز أمن الشبكة الكهربائية لديها.
وشرعت حكومات تلك الدول في منح تحفيزات اقتصادية قوية للاستثمار في الطاقة الشمسية في ظل ارتفاع تكاليف الكهرباء في المنطقة بمستويات قياسية.
ففي أوج أزمة الطاقة في أوروبا في عام 2022، قفزت فواتير الكهرباء بواقع 7 مرات -تقريبًا- مقارنةً بالعام السابق، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
سعة الطاقة الشمسية في بحر البلطيق
خلال المدة بين عامي 2022 و2024 لامس إنتاج الطاقة الشمسية في دول البلطيق مستويات غير مسبوقة فاقت معظم التوقعات.
وبرزت إستونيا نموذجًا فريدًا في إنتاجية الطاقة الشمسية في دول البلطيق، وهو ما جاء على لسان رئيس غرفة الطاقة المتجددة الإستونية ميكيل أنوس، الذي قال إن السعة المركبة تتضاعف سنويًا.
وأوضح أنوس أنه خلال السنوات الـ5 الممتدة إلى نهاية عام 2023، لامس إجمالي القدرة المركبة للطاقة الشمسية في البلاد 812 ميغاواط، ارتفاعًا من 39.6 ميغاواط في عام 2018.
كما تجاوزت ليتوانيا مستهدفها لعام 2025 بالنسبة إلى إنتاج الطاقة الشمسية في دول البلطيق، والبالغ 1.2 غيغاواط في العام الماضي (2023)، بحسب البيانات الصادرة عن هيئة الطاقة الليتوانية.
وأضافت ليتوانيا قرابة 300 ميغاواط من السعة الجديدة خلال السنوات القليلة الماضية.
كما لاقت الطاقة الشمسية في بحر البلطيق دعمًا من قبل لاتفيا التي تسرع -هي الأخرى- وتيرة إنتاجيتها من هذا المصدر المتجدد.
وقالت رئيسة تطوير الأعمال في مجموعة إيه جيه باور (AJ Power)، آنا روزيت، إن سعة الطاقة الشمسية المركبة في لاتفيا قد لامست 300 ميغاواط بدءًا من يناير/كانون الثاني (2024).
وتضاعف هذا الرقم 3 مرات -تقريبًا- منذ مايو/أيار (2023) وحده، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت روزيت: "تركيبات الطاقة الشمسية ربما تكون أسرع المشروعات، من حيث التنفيذ، بما في ذلك المدة القصيرة نسبيًا لمرحلة التصميم التقني وإصدار التراخيص، بالإضافة إلى توافر المعدات الضرورية".
فرص استثمارية واعدة
يعتقد لاعبو السوق أن النمو المتحقق -حتى الآن- في إنتاج الطاقة الشمسية في دول البلطيق ربما لا يكون سوى مقدمة إلى طفرة حقيقية في إنتاجية هذا المصدر النظيف في المنطقة خلال السنوات المقبلة.
وقالت العضوة المنتدبة في شركة آر إي إيه كونسالت (REA Consult) راشيل أندالافت، إن إمكانات الطاقة الشمسية في دول البلطيق تُقدر بقرابة 40 غيغاواط.
وتوقعت أندالافت أن تجذب صناعة الطاقة الشمسية في دول المنطقة استثمارات بـ150 مليار يورو (162 مليار دولار) خلال السنوات الـ20 إلى الـ25 المقبلة.
وأشارت إلى أن تطوير الصناعة الشمسية في دول المنطقة سيأتي مدعومًا بنشر أنظمة بطاريات تخزين الكهرباء ودمجها، وتعزيز الربط الكهربائي مع الدول الأوروبية الأخرى، وظهور سوق اتفاقيات شراء الكهرباء.
موضوعات متعلقة..
- الرياح البحرية في بحر البلطيق تزداد نموًا.. لماذا تتخلف روسيا؟
- دول البلطيق تتعهد بزيادة سعة طاقة الرياح البحرية إلى 20 غيغاواط بحلول 2030
- ألمانيا تستغني عن الغاز الروسي بتجربة جديدة في بحر البلطيق
اقرأ أيضًا..
- ألمانيا تسعى لاستيراد الهيدروجين الأخضر من المغرب.. ومحطة تجريبية قريبًا
- حرائق الغابات.. 3 بلدان عربية ضمن قائمة الدول المهددة في 2024 (صور وفيديو)
-
أنس الحجي: سياسات تغير المناخ غير منطقية.. ومصطلحات "طاقة متجددة ومستدامة" للتسويق فقط