الصفقة الخضراء تواجه تهديدًا بعد فوز اليمين بالانتخابات الأوروبية.. وآخرون: لن تموت
محمد عبد السند
- الصفقة الخضراء هي حزمة معقّدة من القوانين التي أقرّها الاتحاد الأوروبي وتنظّم انبعاثات غازات الدفيئة
- مُرِّرت الغالبية العظمى من تلك الصفقة الخضراء عبر البرلمان الأوروبي
- اليمين الأوروبي يسعى إلى إلغاء حظر سيارات الوقود الأحفوري
- حزب الشعب الأوروبي يعتزم تقليص مساهمة الاتحاد الأوروبي في ظاهرة الاحتباس الحراري
- تسعى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للبقاء في منصبها حتى عام 2029
أصبحت حزمة الصفقة الخضراء في مرمى النيران عقب المكاسب الكبيرة التي حققتها الأحزاب اليمينية في الانتخابات الأوروبية؛ ما يمثّل تهديدًا لسياسات المناخ بوجه عامّ، في ظل تراجع أحزاب "الخضر".
والصفقة الخضراء هي حزمة معقدة من القوانين التي أقرّها الاتحاد الأوروبي، تنظّم انبعاثات غازات الدفيئة من كل قطاعات الاقتصاد -تقريبًا-، لكنها تنظّم -كذلك- العديد من الملوثات الصناعية الأخرى.
ومُرِّرت الغالبية العظمى من تلك الصفقة الخضراء عبر البرلمان الأوروبي، ويُستهدَف من خلالها التخلص من الانبعاثات الكربونية المسببة للاحتباس الحرار بحلول أواسط القرن الحالي (2050).
ورغم تصدُّر التيار الشعبوي المشهد في الانتخابات، فإنه لم يقدر على إسقاط الأغلبية الوسطية في البرلمان الأوروبي؛ ما يمهّد الطريق أمام رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للبقاء في منصبها حتى عام 2029، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
غير أنه ومع وجود عدد أكبر من نواب اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي مقارنةً بأيّ وقت مضى، بات من الضروري الاستجابة لهم والاستماع لأصواتهم في المستقبل.
حظر سيارات البنزين والديزل
لم تنتظر الأحزاب اليمينية المتطرفة المنتخبة مؤخرًا في أوروبا ولو قليلًا، إذ بادرت بإطلاق رصاصتها الأولى على الصفقة الخضراء بعد دقائق من إعلان فوزها في الانتخابات الأوروبية في 10 يونيو/حزيران (2024).
وفي مقدمة تلك القوانين التي يتطلع اليمين الشعبوي إلى إلغائها: حظر بيع سيارات الوقود الأحفوري (البنزين والديزل تحديدًا) حتى عام 2035، وهي المبادرة التي كان يُعوّل عليها نشطاء المناخ في خفض الانبعاثات الكربونية على الطرق في أوروبا.
وقال زعيم حزب الشعب الأوروبي -يمين الوسط- مانفريد فيبر، الذي اقتنص حزبه معظم مقاعد البرلمان الأوروبي في الانتخابات، إن حظر سيارات الوقود الأحفوري كان خطأ، متعهدًا بأن يناقش الحزب مسألة إنهائه خلال الأيام المقبلة، في تصريحات أدلى بها إلى مجلة بوليتيكيو.
وقال النائب البرلماني عن حزب الشعب الأوروبي بيتر ليزي، إن نتائج الانتخابات قد أثبتت صحة الرؤية التي يتبنّاها حزبه بشأن صفقة "خضراء" ذات قيود أقل.
وأضاف ليزي: "سنحتاج إلى إدخال بعض التعديلات، والحظر المفروض على سيارات الوقود الأحفوري، يتعين إنهاؤه".
لكن إلغاء حظر سيارات الوقود الأحفوري يتعارض مباشرةً مع رؤية كبيرة مرشحي حزب الشعب الأوروبي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي كانت قد فرضت الحظر، وأيّدته في إطار حملتها لإعادة انتخابها لمدة ولاية ثانية على رأس المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي-.
وستشعل أيّ خطوة لإنهاء قانون حظر سيارات الوقود الأحفوري الحرب مع الأحزاب اليسارية التي دعمت هذا القانون.
من جهته، قال عضو البرلمان الأوروبي أليكسندر فوندرا، الذي عمل على تشريعات المناخ لصالح مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين اليمينية، إن السياسة المناخية ستصبح أكثر واقعية خلال السنوات الـ5 المقبلة.
الصفقة الخضراء لم تمت
أصرّ النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي -تيار الوسط- الذي شغل منصب رئيس لجنة البيئة في البرلمان خلال الولاية الأخيرة، باسكال كانفين، على أن الانتخابات لم تسفر عن "أغلبية لتفكيك الصفقة الخضراء".
وبالمثل، يرى النائب عن البرلمان الأوروبي من حزب الخضر في ألمانيا مايكل بلوس أن "الصفقة الخضراء لن تموت، لكننا نحتاج إلى أن ننتظر لنرى ماذا ستسفر عنه الأسابيع المقبلة".
وأضاف بلوس: "إذا كان هناك أغلبية بين الأحزاب اليمينية، فإن التراجع عن الصفقة الخضراء أمر وارد"، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال النائب في البرلمان عن حزب الشعب الأوروبي، بيتر ليزي، إن حزبه يعتزم تقليص مساهمة الاتحاد الأوروبي في إنهاء ظاهرة الاحتباس الحراري بحلول عام 2050، بموجب أهداف المناخ التي وضعها الاتحاد الأوروبي.
وأوضح: "ليس هناك تراجع بشأن أهداف المناخ، بل فيما يتعلق بحظر سيارات الوقود الأحفوري والبيروقراطية".
فون دير لاين والعقبة الخضراء
ستسعى أورسولا فون دير لاين الآن إلى الترشح لمدة ولاية ثانية في رئاسة المفوضية الأوروبية، وهو ما سيتطلب دعم البرلمان الأوروبي.
ولتحقيق هدفها ستحاول دير لاين بناء ائتلاف من حزب يسار الوسط وحزب الشعب الأوروبي، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
لكن إذا خسرت دير لاين مجموعة من المقاعد من تلك الأحزاب، فقد لا تتمكن من تحقيق الأغلبية التي تحتاج إليها؛ ما يعني أنها قد تتطلع لإبرام صفقة مع حزب الخضر أو اليمين المتطرف.
وأيًا كان السيناريو الحاصل، فسوف تبقى الصفقة الخضراء عقبة كبيرة.
وفي هذا الخصوص، قال المرشح الرئيس لحزب الخضر باس إيكهوت، إن حزبه لن يدعم أيّ تراجع عن القوانين الحالية، من بينها حظر بيع سيارات الوقود الأحفوري.
وأردف إيكهوت: "ستحتاج (دير لاين) إلى حزب آخر، وقد يكون هذا الحزب هو حزبنا بالطبع".
وتابع: "بالنسبة لنا يتضح أن القوانين التي أُقِرّت بحاجة إلى أن تبقى كما هي دون مساس، وأعتقد أن هذا هو ما تريده الشركات كذلك".
وفي هذا السياق، قال زعيم حزب الشعب الأوروبي -يمين الوسط- مانفريد فيبر، إن حزبه لا يستهدف إلغاء تلك الصفقة برمّتها.
موضوعات متعلقة..
- مزارعو أوروبا يكسرون قيود الصفقة الخضراء.. مؤقتًا وجزئيًا
- الصفقة الخضراء تشعل غضب مزارعي أوروبا
- فرنسا تطالب بمنح الطاقة النووية دورًا أكبر في "الصفقة الخضراء" الأوروبية
- هل تجني أوروبّا ثمار الصفقة الخضراء؟.. رئيسة المفوّضية تجيب
اقرأ أيضًا..
- كوارث تغير المناخ تشهد انخفاضًا حادًا.. دراسة حديثة تفاجئ العالم
- الدواء الأخضر.. مفهوم جديد لحياة صحية وبيئة نظيفة (دراسة)
- فشل استحواذ طاقة الإماراتية يسعد الجزائر.. الغاز لن يذهب للمغرب