التقاريرتقارير الغازتقارير دوريةرئيسيةغازوحدة أبحاث الطاقة

هل تتأثر سوق الغاز المسال العالمية بارتفاع الطلب في أميركا؟ (تقرير)

مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي يعززان الطلب المحلي

وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق

اقرأ في هذا المقال

  • الغاز الصخري أحدثَ ثورة بمشهد الطاقة في أميركا على مدار 15 سنة
  • نمو الطلب في أميركا قد يؤثّر في سوق الغاز المسال العالمية
  • النمو السريع لمراكز البيانات والذكاء الاصطناعي يدفع باتجاه زيادة الطلب على الغاز
  • وفرة إمدادات الغاز قد تصطدم بسرعة استنزاف الموارد منخفضة التكلفة
  • عدم وجود بدائل للغاز الطبيعي المسال الأميركي والقطري مصدر قلق

تستعد سوق الغاز المسال العالمية لتغييرات كبيرة خلال السنوات المقبلة، إذ يُتوقع أن يؤدي نمو الطلب على الغاز في أميركا بفعل زخم مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي إلى التأثير في مشهد هذه السوق.

وعلى مدى السنوات الـ15 الماضية، أحدثت ثورة الغاز الصخري في أميركا تحولًا بمشهد الطاقة، إذ أدّت الكميات الهائلة من الغاز منخفض التكلفة إلى تحول كبير بعيدًا عن الفحم في توليد الكهرباء، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

كما دعمَ ذلك الصادرات الأميركية، التي أصبحت لاعبًا رئيسًا في سوق الغاز المسال العالمية، وكان سعر الغاز في هنري هوب -المقياس الرئيس لأسعار الغاز الأميركي- المحرك الرئيس لهذا النمو، مع بقاء الأسعار منخفضة وتنافسية.

ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة في أسواق الكهرباء والغاز الأميركية تدفع إلى ضرورة إعادة تقييم وجهات النظر حول مستقبل السوق العالمية للغاز المسال.

تغييرات أسواق الغاز في أميركا

قد تتأثر سوق الغاز المسال العالمية بتوقعات ارتفاع الطلب على الغاز في أميركا بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، مقارنة بما كان عليه الحال قبل عامين، مدفوعًا بمجموعة من العوامل، من بينها التحديات المتعلقة بنشر الطاقة المتجددة والتي تدفع باتجاه زيادة التوقعات للطلب على الغاز من قطاع الكهرباء، حسب تقرير حديث صادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي "Wood Mackenzie".

فضلًا عن ذلك، رفعت ماكنزي توقعات صادرات الغاز المسال، التي تُعدّ المحرك الرئيس لنمو الطلب على الغاز في أميركا، وفق التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

إحدى الناقلات الأميركية للغاز المسال
إحدى ناقلات الغاز المسال - الصورة من Bloomberg

كما تضمَّن التقرير في توقعاته للغاز في أميركا النمو السريع لمراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الاتجاه نحو إعادة الصناعات كثيفة الاستهلاك للكهرباء محليًا، مثل صناعة الرقائق، وأدى ذلك -بدوره- إلى زيادة توقعات الطلب على الغاز من قطاع الكهرباء.

ونتيجة لذلك، فمن المتوقع أن يرتفع إجمالي الطلب على الغاز في أميركا بمقدار 30 مليار قدم مكعبة يوميًا (300 مليار متر مكعب) بحلول أوائل عام 2040، مقارنة بالتقديرات السابقة البالغة 13 مليار قدم مكعبة يوميًا (130 مليار متر مكعب)، ومن المرتقب أن يكون لهذا النمو الكبير تأثير في سوق الغاز المسال العالمية خلال السنوات المقبلة.

هل تكفي الإمدادات لتلبية الطلب المتزايد؟

على الرغم من وفرة إمدادات الغاز، فإن السؤال الحقيقي هو: ما التكلفة الناتجة عن ذلك؟ إذ إن زيادة الطلب على الغاز قد تؤدي إلى استنزاف الموارد منخفضة التكلفة بسرعة أكبر، بما في ذلك تلك الموجودة في المناطق الغنية بالسوائل وأحواض الغاز الجاف في الولايات الـ48 المجاورة؛ الأمر الذي قد ينعكس بدوره على سوق الغاز المسال العالمية.

وبحلول نهاية العقد المقبل، من المتوقع أن ينخفض الغاز المصاحب للنفط الصخري، حتى إن حوض برميان سيصل إلى ذروته في منتصف أربعينيات القرن الحالي تقريبًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

إحدى الحفارات في حوض برميان بالولايات المتحدة
إحدى الحفارات في حوض برميان بالولايات المتحدة - الصورة من رويترز

ووفقًا لذلك، فإنه بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الحالي، من المتوقع أن تشهد أسعار الغاز في هنري هوب ضغوطًا صعودية مع بدء تشغيل مناطق الإنتاج ذات التكلفة الأعلى، التي قد تشتمل على مناطق تمتد من حوض مارسيلاس للغاز الصخري في الشمال الشرقي إلى مراكز الطلب على طول ساحل المحيط الأطلسي.

تغييرات في توقعات أسعار الغاز

على مدار العامين الماضيين، شهدت توقعات أسعار الغاز تغيرات كبيرة، ففي السابق كانت التوقعات تشير إلى أن أسعار الغاز في هنري هوب ستظل في نطاق يتراوح بين 3 دولارات لكل ألف قدم مكعبة، و4 دولارات لكل ألف قدم مكعبة من الغاز بالقيمة الحقيقية حتى عام 2045.

ولكن التوقعات الحالية تشير إلى ارتفاع أسعار الغاز الأميركية، لتصل إلى 4 دولارات لكل ألف قدم مكعبة، وهو ما يعدّ تطورًا إيجابيًا بالنسبة للمنتجين الذين يتعاملون مع أسعار متواضعة في سوق الغاز المسال العالمية الزاخرة بالإمدادات لسنوات، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتشير التوقعات إلى أنه مع استمرار نمو الطلب، ستصبح سوق الغاز الأميركية أكثر تشددًا بشكل تدريجي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز في هنري هوب إلى مستوى قريب من 6 دولارات لكل ألف قدم مكعبة بحلول 2040، وهو ما يمثّل زيادة كبيرة تصل إلى 45% مقارنة بالتوقعات السابقة قبل 2022.

مستقبل سوق الغاز المسال العالمية

من المتوقع أن يستمر نمو الطلب العالمي على الغاز المسال، إذ يُقدَّر أن هناك حاجة إلى 230 مليون طن سنويًا من الإمدادات الجديدة بحلول عام 2050، وهذا يمثّل زيادة كبيرة في القدرة الإنتاجية وصلت إلى 30% مقارنة بالإمدادات الموجودة بالفعل أو قيد التطوير.

وتستعد أميركا لتأدية دور مهم في تلبية هذا الطلب، مدفوعة بمزاياها التنافسية للأسعار، ومرونة في وجهة الشحن، وسرعة تطوير وبناء المشروعات.

وبالنسبة للمشترين الآسيويين، خاصة الأسواق الحساسة للأسعار، فمن المرجّح أن يستمر معظمهم في شراء الغاز الطبيعي المسال بعقود طويلة الأجل تمتد من 15 إلى 20 عامًا، وفي تقييم الجدوى الاقتصادية لصفقات الغاز المسال على مدى عمرها، إذ توفر أسعار الغاز في هنري هوب رهانًا آمنًا نسبيًا.

ويُتوقع أن يوازن المشترون الآسيويون بين مزايا الأسعار المرتبطة بمركز هنري هوب مقابل أسعار عقود الغاز المرتبطة بالنفط من مشروعات الغاز المسال التقليدية، ففي الوقت الحالي، يبدو الخيار المرتبط بمؤشر هنري هوب أكثر جاذبية، مع وصول سعر خام برنت 80 دولارًا للبرميل، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة

وإذا ارتفعت أسعار الغاز الأميركي في المستقبل، فقد تصبح العقود المرتبطة بالنفط أكثر تنافسية، بافتراض سعر خام برنت نفسه أو أقل، ولكن في نهاية المطاف، قد تنغلق المراجحة بين هذين الخيارين، إذ إن ارتفاع أسعار هنري هوب يوفر مجالًا للبائعين لزيادة أسعار العقود المرتبطة بالنفط.

ومع استمرار المشترين في البحث عن مصادر جديدة وتنافسية للإمدادات، أصبح عدم وجود بدائل للغاز الطبيعي المسال الأميركي والقطري مصدر قلق كبيرًا، وبالمقابل، يمكن أن تؤدي زيادة أسعار الغاز الأميركي إلى تحفيز الاستثمار في المشروعات التقليدية الجديدة داخل سوق الغاز المسال العالمية، بعيدًا عن هذين البلدين؛ ما قد يؤدي إلى إمدادات أكثر تنافسية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق