تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الطاقة الشمسية في الصين "تخنق الشبكة".. وتراجع لأول مرة خلال 16 شهرًا

أسماء السعداوي

يشهد انتشار الطاقة الشمسية في الصين مسارًا نزوليًا، مع ظهور عقبات لا تتعلق بدعم القطاع وإنما نقص قدرات استيعاب الإنتاج المفرط فيما يُعرف بـ"اختناق الشبكة المشبّعة" وتقلبات أسعار الكهرباء.

وثمة قيود أخرى تحد من الانتشار ومنها الإصلاحات السوقية التي زادت الشكوك لدى الشركات وتراجع المساحات المناسبة لنشر الألواح الشمسية على الأسطح، والقيود الصارمة على توريد فائض الإنتاج على الأسطح إلى الشبكة، وعدم وجود قدرات كافية للتخزين والنقل.

كل ذلك دفع باتجاه تراجع توسع أسطول الصين الشمسي بنسبة 32% في مارس/آذار على أساس سنوي، ليسجل أدنى مستوى له في 16 شهرًا، رغم النمو بنسبة 55% في العام الماضي (2023) والاتجاه الصعودي خلال أول شهرين من العام (2024).

وأثرت تلك العوامل في اقتصادات المشروعات الجديدة بالقطاع الذي يحظى بأدوات جعلته الأكبر عالميًا، وأبرزها: معدات التصنيع ذات الأسعار المنخفضة للغاية والدعم السياسي السخي ضمن سياسة جديدة لدعم مثلث الطاقة الجديدة (الألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم والسيارات الكهربائية)، لإعادة الدماء إلى شرايين الاقتصاد المتباطئ، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وسحبت جهات التنظيم الدعم لأسعار المكونات، الذي كان قد أدى إلى النمو السريع للطاقة الشمسية الموزعة التي يُقصد بها المشروعات التي تولّد الكهرباء للاستعمالات السكنية والتجارية والصناعية خارج الشبكة الرئيسة.

الطاقة الشمسية الموزعة

حذّر المحلل في مجموعة أبحاث السياسات "تريفيوم تشاينا" (Trivium China) كوزيمو ريس، من تنامي مشكلة اختناق الشبكة في العامين المقبلين، قائلًا إنها ستكون مشكلة ضحمة لكل المقاطعات التي ستعاني تهالك مرافق البنية الأساسية وتشبع الشبكة بالإمدادات.

وضربت الأزمة مناطق عديدة كانت تعتمد بشدة على الطاقة الشمسية الموزعة، وشكّلت ما يصل إلى 42% من أسطول الصين الشمسي في العام الماضي، خاصة مقاطعات مثل شاندونغ شمالًا.

وسابقًا، كانت شركات الطاقة المتجددة تحظى بضمان شراء كل إنتاجها -تقريبًا- بسعر مرتبط بمؤشر الفحم.

لكن خبراء قالوا في أبريل/نيسان (2024)، إن السلطات ألغت ذلك الضمان، وبدأ سريان القرار في بعض المناطق، ما يجعل توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة عُرضة أكثر لأسعار السوق المنخفضة.

وقالت شركة "شينهوا إنرجي" -التي تديرها الدولة- إن أسعار بيع الطاقة الشمسية انخفضت بنسبة 34.2% على أساس سنوي، لتصل إلى 283 يوانًا (نحو 40 دولارًا) للكيلوواط.

ألواح شمسية على الأسطح في الصين
ألواح شمسية على الأسطح في الصين - الصورة من وكالة بلومبرغ

وتراجع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية الموزعة في شاندونغ بنسبة تتراوح بين 50 و70%، ما يعني أن المسؤولين عن الشبكة هناك اضطروا إلى وقف تلك الإمدادات الواصلة للحفاظ على التوازن مع الطلب، وفق تقرير لوكالة رويترز.

وبحسب وكالة الطاقة الدولية، حاولت الصين الحد من تراجع إمدادات الطاقة المتجددة إلى 5%، وهو أكبر من نسبة تتراوح بين 1.5 و4% في معظم الاقتصادات الكبرى.

وفي استطلاع حول قدرة 6 مقاطعات على استيعاب الطاقة الشمسية الموزعة، اكتشف جهاز تنظيم الطاقة في العام الماضي أن 5 منها قد تضطر إلى فرض قيود على المشروعات الجديدة في 2024.

يقول رايس، إن مقاطعي خبي وخنان (وهما من بين القوى الكبرى الثلاثية إلى جانب شاندونغ في الطاقة الشمسية الموزعة) شهدتا "انهيارًا تامًا" في تطور وصفه بـ"المقلق للغاية".

ووجهت خنان في نوفمبر/تشرين الثاني (2023) الشركات وجهات التنظيم المحلية إلى وضع خطط عمل لزيادة قدرات الشبكة لدعم "النمو الصحي" للطاقة الشمسية الموزعة.

تحديات الطاقة الشمسية في الصين

سمح الانتشار السريع لوحدات الطاقة الشمسية في الصين بوضع قدم بكين على طريق تلبية أهداف الطاقة المتجددة قبل موعدها، تحقيقًا لأهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

وحتى مارس/آذار (2024)، بلغت القدرات المركبة للطاقة الشمسية 655 غيغاواط، وهي الأكبر عالميًا، بتفوق كبير عن الولايات المتحدة التي سجلت 179 غيغاواط بنهاية 2023.

عامل أثناء ضبط ألواح شمسية في ووهان
عامل في أثناء ضبط ألواح شمسية في ووهان - الصورة من صحيفة الغارديان

وهناك تباين كبير بين توقعات التركيبات الجديدة، إذ تقول وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس"، إنها سترتفع بنسبة 4% في 2024 من 217 غيغاواط في العام الماضي، في حين رفعت شركة ريستاد الاستشارية (Rystad) النسبة إلى 6%.

ويتوقع محللون، أن تضيف الصين ما بين 500 و600 غيغاواط من قدرات إنتاج الوحدات الكهروضوئية بزيادة 60% و70%، بأكثر من معدل نمو المشروعات الصينية.

وستدفع تلك الزيادة بقدرات الإنتاج شركات التصنيع إلى زيادة الصادرات مثل الولايات المتحدة وأوروبا التي ضاعفت الرسوم الجمركية على الخلايا الشمسية المستعملة في صنع الألواح من 25% إلى 50%.

وكان الدعم الحكومي قد أسهم في حدوث "انفجار" لقدرات تصنيع المعدات الشمسية، ما أدى إلى زيادة الإنتاج والصادرات و"سحق" أسعار الوحدات الشمسية العالمية، الذي دفع -بالتالي- شركاء الصين التجاريين إلى اتخاذ خطوات تجارية حمائية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق