الطاقة في المغربالتقاريرتقارير الهيدروجينسلايدر الرئيسيةهيدروجين

معهد البحث في الطاقة الشمسية: المغرب سيكون رائدًا في تصدير الهيدروجين.. وهذه أرخص مدينة (حوار -2/2)

أجرى الحوار - عبدالرحمن صلاح

يرى مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة بالمغرب (IRESEN)، الدكتور سمير الرشيدي، أن المملكة ستكون من الدول الرائدة في إنتاج وتصدير الهيدروجين، خاصة إلى أوروبا، نظرًا للموقع الجغرافي القريب.

وأضاف "الرشيدي" في الجزء الثاني من حواره مع منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أن المملكة المغربية لديها قدرات تنافسية وعوامل جذب فيما يتعلق بقدرات الاستثمار في الهيدروجين، وأيضًا تصديره للخارج.

وتحدَّث عن تكلفة الإنتاج، إلى جانب أرخص المدن التي يمكن فيها إقامة مثل هذه المشروعات، موضحًا في الوقت نفسه أن هذه التكلفة ستنخفض مستقبلًا.

يأتي هذا الحوار ضمن ملف خاص تنشره منصة الطاقة عن المغرب، يتضمن مقابلات مع وزراء وكبار المسؤولين عن هذا القطاع، وجولات في أبرز المنشآت.

وإلى نص الحوار مع الدكتور سمير الرشيدي:

وفقًا لتقديراتكم البحثية، ما هي تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب؟

بخصوص هذا الموضوع أجرينا دراسة بمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة ونُشرت العام الماضي، إذ أسفرت عن نتائج واعدة بشأن قدرة المغرب على إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة.

وتمثلت الدراسة في تحليل وتصميم وحدات إنتاج الهيدروجين على نطاق واسع باستعمال المحاكاة والنمذجة لأنظمة الطاقة المتجددة، وقد أجريت الدراسة على 5 مدن مغربية، وبيّنت نتائج التحليل أنه يمكن توليد هيدروجين بتكلفة منخفضة في المغرب عن طريق الجمع بين الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، وكانت مدينة الداخلة هي الأرخص، إذ كانت تكلفة الإنتاج فيها نحو 2.54 دولارًا/كلغ، وهذا أقل من التكلفة التي وردت في الدراسات السابقة.

مقارنةً بدول شمال أفريقيا، هل سيكون المغرب الأقل تكلفة في إنتاج الهيدروجين الأخضر مستقبلًا؟

دول شمال أفريقيا، ومن بينها المغرب، تسعى إلى استثمار إمكانات الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، مما يعني أن المغرب قد يكون في المستقبل القريب منتجًا رئيسًا للهيدروجين الأخضر على مستوى العالم.

يأتي ذلك نظرًا لتمتُّع المملكة بمؤهلات كبيرة من المصادر المتجددة، خاصة الشمسية والريحية، كما أشرنا إليه سابقًا (الجزء الأول من الحوار مع منصة الطاقة)، إضافة إلى شريط ساحلي يمتد على مسافة 3500 كيلومترًا.

يضاف إلى كل هذه العناصر قرب المغرب من أوروبا، إذ تبلغ أقرب مسافة بحرية 14 كيلومترًا بين المغرب وإسبانيا، إضافة إلى الربط مع أوربا عبر خطّين كهربائيين وأنبوب غاز، مع خطوط كهربائية قيد الإنشاء، إضافة إلى مشروع أنبوب المغرب-نيجيريا (يخضع للدراسات حاليًا، وسيُتَّخَذ قرار الاستثمار النهائي فيه بحلول عام 2025).

وقد صدرت مؤخرًا عدّة دراسات وتقارير تؤكد ريادة المغرب الإقليمية والدولية لسوق الهيدروجين الأخضر، مقارنة مع باقي دول المنطقة والعالم، بحكم توفُّر البلد على إستراتيجية طاقية طموحة تقوم أساسًا على الحلول المستدامة المحايدة كربونيًا، وعلى رأسها كل من الطاقة الشمسية والطاقة الريحية، بالإضافة إلى اشتغال المملكة مؤخرًا بتوجيه من جلالة الملك على إعداد عرض مغربي يسعى إلى توفير بنية تحتية وإطار قانوني ومؤسسي يهدف لجلب مستثمرين دوليين لإقامة مشاريع كبرى لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته، إضافة لسياسة مائية ترتكز على أحدث تقنيات إنتاج الماء، وعلى رأسها تحلية مياه البحر.

يُضاف إلى كل هذه المعطيات سعي أوربا نحو تعزيز احتياجاتها من الهيدروجين المتجدد باستيراد كميات هائلة من الخارج، خاصة من دول شمال أفريقيا، بحكم قرب المسافة والمؤهلات التي سبق ذكرها، كما نصت وثيقة إستراتيجية الهيدروجين الصادرة عن المفوضية الأوربية سنة 2020.

وفي هذا الصدد، اتفقت عدّة دراسات على تصنيف المغرب ضمن أكثر الدول الواعدة المرتقب تصديرها للهيدروجين الأخضر بكلفة تنافسية، بل إن دراسة أجرتها شركة أورورا إنرجي ريسيرش خلصت إلى أن استيراد الهيدروجين الأخضر من المغرب سيكون أكثر فائدة من الإنتاج المحلي في أوروبا بحلول عام 2030.

ما أبرز الدول الغربية المهتمة بالاستثمار في الهيدروجين المغربي؟

منذ صدور أولى الدراسات التي بوّأت المغرب موقعًا متقدمًا في السوق العالمية للهيدروجين الأخضر، بدأ اهتمام الدول الأوربية بالخصوص بالمغرب، بوصفه بلدًا واعدًا في تصدير الهيدروجين، وفي هذا السياق، وقّع المغرب وألمانيا خلال شهر يونيو/حزيران 2020 ببرلين اتفاقًا طموحًا يهدف لتطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر.

يتعلق الأمر بمشروع مرجعي لإنتاج الهيدروجين الأخضر على الصعيد الصناعي، والذي اقترحته الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، ومشروع وضع منصة للبحث والابتكار وبناء القدرات بشراكة مع معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة (IRESEN)، كما توالت تصريحات مسؤولين حكوميين ومستثمرين في ألمانيا بشأن الأولوية التي يحظى بها المغرب ضمن البلدان المتنافسة على تصدير الهيدروجين مستقبلًا، وقد برز مؤخرًا اهتمام بشأن بناء خطوط أنابيب للهيدروجين بين المغرب وألمانيا.

وفي شهر فبراير/شباط 2021، وقّع المغرب والبرتغال إعلانًا مشتركًا للتعاون في مجال تطوير الهيدروجين الأخضر، وفي يوليو/تموز من العام نفسه، أعلنت الشركة البرتغالية للتكنولوجيا Fusion Fuel إطلاق مشروع "هيفو أمونياك المغرب (HEVO Ammoniac Maroc)، الذي يهدف لإنتاج الأمونيا والهيدروجين الأخضر بقيمة استثمار إجمالي تُقدَّر بـ865 مليون يورو.

كما أعلنت شركة توتال إرن الفرنسية استثمار 10.69 مليار دولار لإنجاز مشروع كبير لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا بمنطقة كلميم واد نون، يغطي مساحة تزيد عن 170 ألف هكتار، والتي ستضم أكثر من 10 غيغاواط من الطاقة الشمسية الهجينة وطاقة الرياح.

حسب خبراتكم البحثية.. هل سيكون المغرب مؤهلًا لتصدير الهيدروجين عبر أنابيب الغاز مستقبلًا؟

كل ما سبق ذكره من مؤهلات المملكة وقربها من أوربا وسعي هذه الأخيرة نحو توفير نصف احتياجاتها من الهيدروجين عبر الاستيراد، سيجعل المغرب مؤهلًا ليكون في صدارة بلدان المنطقة بتصدير الهيدروجين الأخضر، وبسعر تنافسي يستقطب نسبة 4% إلى 8% من الطلب العالمي بحلول عام 2030، كما ورد في إحدى الدراسات.

ونتيجة لذلك، فإن المملكة يُتوقع أن تشرع في تصدير ما يفوق 10 تيراواط من الهيدروجين ومشتقاته إلى الخارج ابتداءً من عام 2030 و114.7 تيراواط بحلول عام 2050، كما ورد في السيناريو المرجعي الأقل تفاؤلًا في خارطة الطريق التي أصدرتها وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة سنة 2021.

كما أن معظم مشروعات المستثمرين الأجانب المعلنة في مجال الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته تستهدف بالدرجة الأولى تصديره للخارج، وقد انكبّت الحكومة المغربية بتوجيهات ملكية على إعداد "عرض المغرب" للهيدروجين الأخضر يهدف إلى تثمين مؤهلات البلد والاستجابة لمشاريع المستثمرين.

ويجري العمل بتعاون بين مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات الفاعلة بشكل معمَّق على توفير الإمكانات للمستثمرين المغاربة والأجانب، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية التي تهمّ على الخصوص الوعاء العقاري والمواني وأنابيب الغاز التي يمكن استعمالها في نقل الهيدروجين الأخضر.

يمكن تصدير الهيدروجين المنتج محليًا عبر قنوات مختلفة، فعلى المدى القريب والمتوسط، يظل تصديره ضمن جزيئات الأمونيا والميثانول وسيلة فعالة لنقل الهيدروجين الأخضر عبر مشتقات جاهزة للاستعمال في الصناعات الكيميائية في أوربا.

أمّا على المدى المتوسط إلى البعيد، فيمكن تصديره على شكل هيدروجين خالص للاستعمال المباشر في شبكات غاز أوربية نظرًا لكون إعادة تأهيل أنابيب الغاز الحالية، وبناء أنابيب جديدة خاصة بنقل الهيدروجين الخالص تتطلب وقتًا.

كما يعدّ مشروع أنبوب غاز نيجيريا-المغرب وسيلة لتسريع البنية التحتية عبر إنشاء أنابيب هيدروجين محاذية لأنابيب الغاز الطبيعي واستغلال أوعية عقارية مشتركة.

مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية رئيس مجلس إدارة مركز الطاقة الخضراء الدكتور سمير الرشيدي
مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية رئيس مجلس إدارة مركز الطاقة الخضراء الدكتور سمير الرشيدي

كم عدد المشروعات التجريبية لإنتاج الهيدروجين الأخضر أو الأمونيا في المغرب حتى الآن؟

بالتزامن مع نشر خارطة الطريق الوطنية، برزت أولى المشروعات لإنجاز وحدات تجريبية لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، أهمها:

مشروع Green Ammonia Pilot Plant إنشاء وحدة إنتاج تجريبية قبل-صناعية (Preindustrial) تبلغ 1300 طن سنويًا من الأمونيا من الهيدروجين الأخضر في وقت مبكر من عام 2023، بمنصة الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته في منطقة الجرف الأصفر بشراكة بين معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة (IRESEN) وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) ومجموعة المكتب الشريف للفوسفات (OCP Group)، وقد أُبرِم عقد مع شركة Proton Venture الهولندية لإنجاز المشروع في يوليو/تموز 2022.

مشروع إنشاء مصنع تجربي لإنتاج وقود تركيبي (وقود كهربائي - eFuels) عبر تقنية تحويل الطاقة الكهربائية إلى سائل (Power-to-Liquid) يتضمن نظامًا للالتقاط المباشر للكربون من الهواء، بشراكة بين معهد IRESEN والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) وبنك KfW.

مشروع تجريبي لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون وستكون في المنطقة الصناعية بالجرف الأصفر بتعاون بين جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ومجموعة OCP وشركة شل.

متى تتوقعون أول إنتاج تجاري للهيدروجين الأخضر؟ وأيضًا مستهدفات المغرب للتصدير؟

يعدّ المشروع المرجعي الذي أطلقته الوكالة المغربية للطاقة المستدامة أول مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب، وهو مشروع بتمويل ألماني لإنشاء محطة هجينة للطاقة الشمسية والريحية بقدرة استيعابية تبلغ 100 ميغاواط، لتغذية نظام تحليل كهربائي للماء، عبر محطة تحلية مياه يتضمنها المشروع.

كما تضمَّن البرنامج الاستثماري الأخضر الذي قدّمه الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات (OCP Group) أمام جلالة الملك في نهاية عام 2022 هدف إنتاج مليون طن من الأمونيا الخضراء بحلول عام 2027، مع استهداف إنتاج 3 ملايين طن عام 2032.

وقد أعلن خلال شهر يونيو/حزيران 2023 تخصيص استثمار 7 مليارات دولار لإنشاء مصنع الأمونيا المعتمدة على الهيدروجين الأخضر، ويُرتقب أن يشرع المصنع في إنتاج 200 ألف طن من جزيئات الأمونيا خلال عام 2026.

كما أعلن عدّة مستثمرين مشروعات تتنافس على إنتاج أولى جزيئات الهيدروجين الأخضر قبل حلول عام 2030، الذي اعتمد في النسخة الأولية لخارطة الطريق الوطنية محطةً لتطور سوق الهيدروجين الأخضر على المدى المتوسط، إذ يُرتقب أن يسهم تطور التكنولوجيا ودخول أنظمة رسوم الكربون حيز التنفيذ في خفض كلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته، مقارنة مع المنتجات التقليدية.

مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية الدكتور سمير الرشيدي IRESEN

ما أبرز الدراسات أو التجارب البحثية التي يعمل عليها فريق المعهد، بخصوص الهيدروجين الأخضر؟

فريق المعهد المتخصص في الهيدروجين الأخضر يعمل حاليًا على تطوير مركز Green H2A بالجرف الأصفر في منطقة الجديدة، وهو عبارة عن منصة بحث وتطوير وابتكار متخصصة في الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته، وستحتضن عند انطلاقها "مشروع الوحدة النموذجية للأمونيا الخضراء - Green Ammonia Pilot Project" بشراكة مع مجموعة OCP وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، بالإضافة إلى مشروع PtX Pathways المتعلق بإنتاج الوقود التركيبي المستدام (PtL - Power to Liquid) المعتمد على الهيدروجين الأخضر، بشراكة مع مؤسسات ألمانية.

ويشتغل فريق المعهد كذلك على دراسات تقييم لمؤهلات الهيدروجين في المغرب، إذ أجريت خلال عام 2023 دراسة علمية بهدف تحليل وتصميم وحدات لإنتاج الهيدروجين على نطاق واسع، باستعمال المحاكاة والنمذجة لأنظمة الطاقة المتجددة.

وطُبِّقَت هذه المنهجية على 5 مدن مغربية مختارة، وأظهرت نتائج التحليل أن دمج الألواح الشمسية وتوربينات الرياح يؤدي إلى إنتاج هيدروجين بتكلفة منخفضة في المغرب، خاصة في مدينة الداخلة التي بلغت تكلفة الإنتاج فيها نحو 2.54 دولارًا/كلغ، وهذه أدنى تكلفة مقارنة بالدراسات السابقة.

ويشتغل المعهد على دراسات أخرى في مجال الهيدروجين الأخضر، وكذلك إنتاج الهيدروجين من الكتلة الحيوية.

ومن بين المشروعات التي يشرف عليها المعهد مع شركائه، مشروع "ملحي – MELHY"، ويتعلق بإجراء دراسة جدوى لتخزين الهيدروجين الأخضر في التجاويف الملحية.

وتهدف هذه الدراسة إلى تقييم الإمكانات الوطنية من حيث التجاويف الملحية. وأخيرًا، سيُجرى تقييم لمخاطر هذه التكنولوجيا في السياقين المغربي والأوروبي.

*هذا الحوار ضمن ملف خاص تنشره "الطاقة" عن قطاع الطاقة المغربي، يتضمن:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق