تسعير النفط بالدولار.. وماذا حدث للسعودية قبل 2008 (تقرير)
أحمد بدر
واصلت منظمة أوبك تسعير النفط بالدولار، على الرغم من الأزمات التي شهدتها فترة السبعينيات فيما يخص هذا الأمر، وهو ما أثار كثيرًا من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول هذا النهج.
وقال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرُّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، "قبل سنوات، بين عامي 2004 و2007، وربما بعد ذلك، انتشرت مقالات في الإعلام السعودي بشأن تسعير النفط، وربط الريال بالدولار".
وأوضح، خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدمها على منصة "إكس" بعنوان "لماذا تغيّرت العلاقة بين أسعار النفط والدولار والعملات الخليجية؟"، أنه كان هناك طرح كبير وتأييد لفصل الريال السعودي عن الدولار.
وأضاف: "كان الدولار خلال هذه المدة منخفضًا بصورة كبيرة، ومن ثم كانت السعودية تحقق خسائر بسبب هذا الموضوع، ولكن في النهاية لم يكن هناك أي خيار أفضل من الوضع الحالي، وهو استمرار تسعير النفط بالدولار، واستمرار ربط العملات الخليجية بالعملة الأميركية".
تسعير النفط بالدولار
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، إن دولة مثل الكويت تربط عملتها بسلة من العملات، ولكن الدولار ما زال يحصل على نصيب الأسد في هذه السلة، ومن ثم أثره -سواء بالانخفاض أو الارتفاع- ما زال موجودًا بصورة كبيرة حتى في الكويت، التي تربط عملتها بسلة عملات.
وأضاف: "الفكرة هنا هي ما يلي: أولًا أن التسعير شيء والحصول على عائدات النفط بعملة أخرى شيء آخر، فالنفط العالمي يُسعّر بالدولار، وليس هناك أي تسعير آخر، ولم يحدث من قبل خلال الأعوام الـ30 أو 40 الماضية بيع النفط بغير الدولار".
وتابع: "قد يقول البعض إن هناك تسعيرًا باليوان الصيني في بورصة شنغهاي، وهذا الكلام صحيح، إذ إن العقود النفطية في بورصة شنغهاي تُسعّر باليوان، ولكن كل التحليلات الإحصائية التي عملت عليها تبيّن أن ما يحصل في بورصة شنغهاي هو مرآة لما يحصل لتجارة النفط بالدولار في سوق دبي، مع فارق المسافة والنوعية".
ومن ثم، بحسب الدكتور أنس الحجي، لا يُعد هذا تسعيرًا، لأن التسعير ما زال بالدولار، فهم فقط يحولون قيمة الدولار إلى اليوان دون إحداث أي تغيير، إذ يجب أن تكون هناك فروقات في التسعير ليكون اليوان مستقلًا، ولكن ما يحدث أنهم يبدلون عملة بعملة، في حين التسعير العالمي بالدولار، ولا بديل عن ذلك.
ولفت إلى أن مسألة الحصول على العوائد بعملات أخرى حصلت تاريخيًا عدة مرات، ويحصل الآن، وما تفعله روسيا هو أنها تحصل على عائدات نفطها باليوان الصيني أو بعملات أخرى مثل الروبية الهندية أو الدرهم الإماراتي أو غيرهما، ولكن النفط الروسي يُسعّر بالدولار في كل الحالات.
وأردف: "أكرر ما قلته سابقًا، الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين لم يسعّر النفط العراقي بالدولار قط، ولم يحدث ذلك، كل ما حدث أنه طلب من إدارة برنامج النفط مقابل الغذاء التابع للأمم المتحدة أن تحول الإيرادات إلى يورو فقط، وهناك مقولات كثيرة إنه قُتل بسبب هذا الموضوع، وهذا كذب صريح، لأن من وافق أصلًا على تحويل الأموال هو أميركا والبيت الأبيض، فهي مجرد عملية تحويل فقط".
وعن عملية تقسيم إيرادات النفط العراقي، قال إن الإيرادات كانت تُقسّم إلى 3 أقسام، ثلث يذهب إلى الكويت، وثلث يذهب إلى الأمم المتحدة والبرامج التابعة لها، وثلث يذهب إلى الحكومة العراقية، لذلك لم تكن لدى الحكومة أي خيارات في تلك الأموال، إذ كانوا يعطون الأمم المتحدة قائمة المشتريات، وتحصل على المال للشراء في حال الموافقة.
الأمر نفسه، وفق الدكتور أنس الحجي، حدث مع الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي ومع إيران ومع الرئيس نيكولاس مادورو في فنزويلا، فهم يحصلون في الوقت الحالي على الإيرادات من بيع النفط بعملات أخرى، ولكن التسعير يكون بالدولار.
لماذا تمسّكت أوبك بالدولار؟
قال الدكتور أنس الحجي، إن منظمة أوبك عندما نظرت في فترة السبعينيات إلى فكرة تسعير النفط الخام بأي عملة أخرى غير الدولار، وجدت أن الأمر يحمل المشكلات نفسها، فالين الياباني يواجه المشكلة نفسها ويتأرجح مثل الدولار.
وأضاف: "وجدت أوبك أن الجنيه الإسترليني يتأرجح أيضًا مثل الدولار، ولم تكن حينها عملة اليورو قد وُجدت بعد، ولكن الآن الآن، بالنظر إلى اليورو نجد أنه يواجه الأزمة نفسها، وقد شاهد الجميع الانخفاض الهائل الذي حدث له، لذلك فإن مشكلة العملة الواحدة ستكون نفسها، سواء كان الدولار أو أي عملة أخرى".
الأمر الآخر، أنه كانت هناك اقتراحات بتسعير النفط بسلة من العملات، ولكن المشكلة هنا أن دول أوبك تنتشر في جميع أنحاء العالم، فهناك دول في الشرق الأوسط ودول في أميركا الجنوبية ودول في آسيا، وعملاء هذه الدول التجاريون يختلفون بين مكان وآخر، والعملات كذلك تختلف بين مكان وآخر، لذلك فإن هذه السلة قد تنفع بعض الدول وتؤذي دولًا أخرى.
ومن ثم، وفق الدكتور أنس الحجي، فإن موافقة دول أوبك على وجود سلة عملات بهذه الصورة شبه مستحيلة، لأنها ستحقق خسائر لبعض الدول، مثل إندونيسيا، التي كانت تجارتها مع اليابان بنحو 50%، وفنزويلا كانت تجارتها بحدود 40% مع الولايات المتحدة، ومع دول الشرق الأوسط بحدود 20% فقط.
وأكد أن دول أوبك لم تكن لتتوافق على موضوع سلة العملات، وحتى لو وافقت كانت ستحتاج إلى اجتماعات كل شهر لتغيير السلة والنماذج، والتكاليف ستصبح مضنية جدًا، لذلك لم يكن موضوع السلة خيارًا.
وتابع: "بالطبع هناك موضوع حقوق السحب الخاصة، التابعة لصندوق النقد الدولي، الذي جرى طرحه بشدة، وكادت دول أوبك تتبناه، ولكن ذلك لم يحدث، وهو التسعير النظري الذي يحول إلى عملات، ولكنه عملة نظرية".
الآن، مع ثورة النفط الصخري وكون أميركا أكبر منتج للنفط والغاز في العالم وأكبر مصدر للغاز المسال في العالم، رسّخ هذا دور الدولار في تسعير النفط، أما الأمر الأخير فهو ما يحدث في الصين وروسيا، ومحاولة التجارة بالعملات المحلية، خاصة ضمن ما يُسمّى "دول بريكس" التي انضمت إليها السعودية ومصر وإيران مؤخرًا.
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أن الإشكالية هنا هي أنه لا يمكن بأي شكل أن تنشئ دول بريكس عملة خاصة بها، فالأمر استغرق من أوروبا نحو 300 عام حتى وصلت إلى هذا المستوى، 300 سنة من المباحثات حول أمور تجارية، وليصلوا إلى اتفاق بشأن اليورو استغرقوا نحو 40 عامًا، وهي دول متجانسة إلى حد كبير، سواء في مستويات التنمية أو النمو أو الرفاهية والإدراك والتعليم.
وأردف: "لكن بالنظر إلى التجانس في دول بريكس، ولنكن واقعيين، وهذا الكلام نقوله بأسف، جزء كبير من الهنود لا يملكون مراحيض حتى الآن، فكيف ستقول لدولة ما زالت تبني المراحيض إنك تريد عملة موحدة لمنافسة الدولار الأميركي، أو الاتفاق مع البرازيل والصين، وهناك ما صنع الحداد بين الصين والهند".
موضوعات متعلقة..
- صادرات نفط أنغولا بعد الخروج من أوبك.. هل تجدد طموح دول آسيا؟
- صادرات أوبك من النفط الخام تهبط 4% مع التخفيضات الطوعية للإمدادات
- رسميًا.. أوبك تكشف موقفها من انضمام ناميبيا
اقرأ أيضًا..
- أول يخت فاخر يعمل بخلايا وقود الهيدروجين في العالم.. تجربة ساحرة
- نتائج أعمال أرامكو في الربع الأول 2024 تسجل أرباحًا بـ27.3 مليار دولار
- نتائج أعمال أدنوك للغاز في الربع الأول 2024 ترفع الأرباح 17%