كيف استهدفت هجمات الحوثيين ناقلات نفط إيرانية وروسية؟.. مفاجأة
أحمد بدر
رغم كونهم حلفاء في السر والعلن، اتجهت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى بعض السفن وناقلات النفط الإيرانية والروسية، وهو الأمر الذي مثّل علامة استفهام كثيرة بالنسبة إلى كثير من متابعي الأوضاع الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط.
وفجّر مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، مفاجأة كبيرة بشأن عمليات الاستهداف التي حدثت، موضحًا أن وجهة نظره -التي توجد عليها أدلة- أن الأميركيين استطاعوا تنفيذ هجمات سيبرانية، أعطت الحوثيين أهدافًا خاطئة.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، الذي جرى بثه عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وقدّمها الدكتور أنس الحجي في 30 أبريل/نيسان (2024) تحت عنوان "ما آثار وقف الحرب في غزة بأسواق الطاقة العالمية وصادرات الخليج؟".
وأوضح الحجي، أن نتيجة هذه الهجمات السيبرانية أدت إلى استهداف هجمات الحوثيين السفنَ الإيرانية والروسية المحملة بالنفط والمارة في البحر الأحمر، لافتًا إلى اعتقاده أن هذا الأمر ما زال مستمرًا حتى الآن.
وأشار إلى أن سفينة التجسس الإيرانية، التي كان موقعها بالقرب من دولة جيبوتي، والمتهمة بأنها تعطي كل المعلومات للحوثيين، غادرت المنطقة وعادت إلى إيران، قبل أن تستهدف طهران إسرائيل، خوفًا من ضرب السفينة في البحر الأحمر، ولا أحد يعرف ما إن كانت قد وصلت إيران أم ما زالت في الطريق.
أثر توقف هجمات الحوثيين
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إنه في حال توقفت هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر ستتغير كثير من الأمور، وأولها أن تكاليف بوليصات التأمين على السفن ستنخفض بصورة كبيرة.
وتابع: "تكاليف الشحن ستنخفض بصورة كبيرة أيضًا، والعاملون على هذه السفن الذين يحصلون على أجور إضافية بسبب مرورهم في البحر الأحمر لن يحصلوا على ذلك، وستكون تكلفة المرور في قناة السويس -رغم الزيادة هذا العام- أقل من تكاليف المرور حول رأس الرجاء الصالح".
وأوضح أن توقف هجمات الحوثيين -كذلك- سيؤدي إلى تغير في أمور أخرى، مثل عودة ناقلات الغاز المسال، سواء من قطر إلى أوروبا أو الغاز المسال القادم من الولايات المتحدة إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية، وغيرها من الدول الآسيوية.
وبالنسبة إلى صادرات روسيا، قال الدكتور أنس الحجي إنها لن تتأثر في كل الحالات، لأن الحوثيين لا يريدون استهداف ناقلات النفط الروسية والسفن التجارية الروسية، إذ إن ما استهدفوه كان بسبب الهجمات السيبرانية الأميركية.
ولفت إلى أن صادرات روسيا إلى آسيا تبلغ نحو 6 ملايين برميل من النفط الخام يوميًا، وما يمر من قناة السويس الآن في حدود 4.4 مليون برميل يوميًا، والباقي يأتي من شرق روسيا، من حقل سخالين، وتلك المنطقة قريبة من اليابان، فلا تمر بقناة السويس.
وأضاف: "من هذه الـ4.4 مليون برميل يوميًا التي تمر في قناة السويس والبحر الأحمر، نحو مليوني برميل من النفط الخام تتجه جنوبًا، وهذه لن تتأثر على الإطلاق بموضوع حرب غزة، ولكن انتهاء الحرب ووقف هجمات الحوثيين قد يخفف التكاليف على ناقلات النفط".
وأكد الحجي أنه من غير المعلوم حاليًا من الذي يعمل على تأمين هذه الناقلات، إذ إن هناك احتمالًا كبيرًا بأن جزءًا كبيرًا من هذه الناقلات غير مؤمن على كل الحالات، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنها بها المرور في البحر الأحمر بتكاليف منخفضة.
صادرات السعودية إلى أوروبا
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن صادرات السعودية عبر قناة السويس، المتجهة شمالًا إلى دول أوروبا، وبصورة مباشرة، تبلغ نحو 400 ألف برميل يوميًا، وهذه تشمل صادرات النفط الخام والمشتقات النفطية.
وأوضح أن أغلب صادرات السعودية يذهب إلى مدينة العين السخنة في مصر، وأغلبها يخرج من الأنابيب المارة من الشرق إلى الغرب باتجاه مدينة ينبع، لافتًا إلى وجود أنبوبين بطاقة تبلغ 5.5 مليون برميل وميًا، ولا يعملان بطاقتهما القصوى.
وأضاف: "لكن هناك زيادة كبيرة وواضحة في البيانات المتعلقة بتصدير السعودية من الغرب، هذا يعني أن المملكة زادت الضخ في الأنابيب، وأيضًا استفادت من وجود المصافي في ينبع للتصدير إلى أوروبا وغيرها، لذلك من الواضح أن هناك زيادة كبيرة".
وعن أهمية هذه الزيادة، قال الدكتور أنس الحجي، إنه عند خروج هذه الشحنات من وسط البحر الأحمر، بعيدًا عن باب المندب وعن خليج عدن وهجمات الحوثيين، يكون التأمين عليها عاديًا وليس مرتفعًا، كما تكون تكاليف الشحن أقل.
ولكن، وفق الحجي، يبدو أن هناك شيئًا أهم، وهو أن رفع تكاليف قناة السويس جعل عدد السفن وكمية النفط التي يجري تحميلها في العين السخنة عبر أنبوب سوميد "أنبوب السويس-البحر المتوسط"، أفضل من مرور ناقلات النفط في قناة السويس.
وتابع: "يبدو أنه أرخص، خاصة أن أنبوب سوميد مملوك من جانب عدة دول خليجية وشركة مصرية، ومن ثم تملك السعودية جزءًا كبيرًا من هذا الأنبوب، وتكاليفه أقل، فتذهب السفن الضخمة التي تتجاوز حمولتها مليوني برميل إلى العين السخنة لتفرغ حمولتها، التي تُنقل عبر الأنابيب إلى سيدي كرير على البحر المتوسط، لتأتي السفن الأصغر، بحمولات بين 700 ألف ومليون برميل، لتحمل النفط إلى أوروبا".
وبالنظر إلى بيانات صادرات النفط السعودي إلى أوروبا، وفق الحجي، يمكن اكتشاف كونها مضللة، لأنها تعبر فقط عن السفن التي تذهب مباشرة إلى أوروبا، ولكنها لا تشمل تحميل النفط السعودي من سيدي كرير إلى القارة العجوز، وهذه كميات ضخمة.
وأردف: "صادرات السعودية النفطية إلى قارة أوروبا كبيرة نسبيًا، ومن ثم يمكننا أن نقول دون أي تحفظ أن السعودية أسهمت في إنقاذ أوروبا من أزمة حقيقية فيما يتعلق بموضوع النفط، وذلك بعد أن فرضت القارة العجوز العقوبات على النفط الروسي".
توقف استهداف ناقلات النفط
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إنه إذا توقفت حرب غزة، وتوقفت معها هجمات الحوثيين، واستهداف ناقلات النفط، فمن المتوقع أن تعود الأسواق إلى ما كانت عليه سابقًا، ومن ثم تحويل جزء من النفط السعودي إلى آسيا بدلًا من أوروبا، لأنه لن يكون هناك داعٍ للتصدير لأوروبا.
وأوضح أن السبب الأساسي الآن هو الاتفاق الروسي السعودي حول مسألة تقسيم الأسواق إذا كان هناك اتفاق، إذ إن روسيا تصدر إلى آسيا، والسعودية ودول الخليج الأخرى تصدر بعضًا من نفطها إلى أوروبا.
وأضاف: "الموضوع الآن أن انتهاء الحرب وتوقف هجمات الحوثيين واستهداف ناقلات النفط، سيؤدي إلى انخفاض تكاليف الشحن، ويؤدي بالضرورة إلى انخفاض مستويات التضخم حول العالم، ومن ثم عودة السفن بجميع أنواعها إلى البحر الأحمر وقناة السويس، ومن ثم زيادة إيرادات مصر من القناة".
كما سيؤدي، وفق الدكتور أنس الحجي، إلى عودة كل ما يتعلق بموضوع الشحن البحري إلى ما كان عليه قبل الحرب، وقبل هجمات الحوثيين، كما يؤثر في ما تصدره الصين إلى الدول الأخرى، مثل السيارات الكهربائية إلى أوروبا التي زادت بصورة كبيرة، ولكنها تذهب حول أفريقيا.
وتابع: "باختصار، انتهاء الحرب في غزة لن يؤثر كثيرًا في أسواق الطاقة العالمية، ولكن إذا توقفت هجمات الحوثيين بغض النظر عن الاعتقاد في موضوع الحوثيين ودورهم، فإن التأثير سيكون كبيرًا في أسواق الطاقة العالمية، ولكن إذا لم يتوقفوا فالموضوع سيستمر".
موضوعات متعلقة..
- كيف تستغل أميركا هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر لمحاصرة الصين؟ أنس الحجي يجيب
- ناقلات ديزل ووقود طائرات تحول مسارها عن البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين
- هجمات الحوثيين على السفن وطرق نقل النفط تفاقم التوترات في البحر الأحمر (مقال)
اقرأ أيضًا..
- واردات الهند من النفط الروسي تخفض الفاتورة 7.9 مليار دولار
- أكبر اكتشاف غاز في بحر الشمال يواجه أزمة.. احتياطياته 309 مليارات قدم مكعبة
- تفاصيل آخر شحنة غاز مسال مصرية قبل وقف التصدير
- توليد الكهرباء من طاقة الرياح في أميركا يهبط لأول مرة منذ التسعينيات