مقالات الكهرباءالمقالاتغازكهرباءمقالات الغاز

كيف يتحقق استقلال الطاقة في العراق مع تشابك العلاقات بإيران وأميركا؟ (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • استقلال الطاقة عن الواردات الإيرانية يحقق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي في العراق مع الاستقرار الإقليمي
  • الشركات الأميركية تواجه تحديات بقطاع الطاقة المملوك للدولة في العراق
  • علاقات العراق الوثيقة مع إيران تضيف عقبات أمام علاقات الطاقة مع الولايات المتحدة
  • العراق حصل على إعفاءات من الولايات المتحدة لمواصلة استيراد الكهرباء والغاز من إيران

يمثّل تحقيق استقلال الطاقة في العراق عن الواردات الإيرانية محورًا مهمًا خلال المناقشات التي سيجريها رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، مع الولايات المتحدة الأميركية في زيارته المرتقبة إلى واشنطن العاصمة في 15 نيسان/أبريل الجاري.

ويُعدّ هذا الهدف حاسمًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي في العراق والاستقرار الإقليمي.

وتُظهر جهود التعاون بين البلدين، التي تركّز على الشراكات الإستراتيجية واستثمارات البنية التحتية ودعم السياسات، التزامًا مشتركًا بتعزيز قدرة العراق على الصمود في مجال الطاقة وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.

وستتناول المناقشات خلال الزيارة مواضيع مختلفة، بما في ذلك الجهود المشتركة لمحاربة تنظيم "داعش" والمهمة العسكرية القائمة في العراق.

ويهدف رئيس الوزراء العراق إلى توسيع التعاون في مجال الطاقة لِما هو أبعد من المسائل الأمنية، مؤكدًا إمكان قيام الشركات الأميركية بمساعدة العراق في التغلب على التحديات المتعلقة بالطاقة.

وتعكس خطط استثمار عائدات النفط والغاز العراقي في مشروعات التنمية الاقتصادية، مثل ميناء الفاو ومبادرات الطاقة الشمسية، الجهود المبذولة لمعالجة المخاوف البيئية وتنويع الاقتصاد.

دور أميركا في استقلال الطاقة في العراق

على الرغم من أن العلاقة بين العراق والولايات المتحدة في مجال الطاقة تتسم بالتحديات بعد عام 2003، فإنه توجد مؤشرات على تجدد الجهود لتعزيز التعاون، لا سيما في قطاع الطاقة، إذ يسعى العراق إلى التنويع اقتصاده ومعالجة قضاياه البيئية.

في المقابل، أضافت علاقات العراق الوثيقة مع إيران -التي تواجه عقوبات أميركية- عقبات أمام علاقات الطاقة مع الولايات المتحدة.

وحصل العراق على إعفاءات من الولايات المتحدة لمواصلة استيراد الكهرباء والغاز من إيران.

بدورها، أدت الخلافات بشأن العقود والانهيار المالي القريب للعراق إلى زيادة توتر علاقاته في مجال الطاقة مع الولايات المتحدة.

وقد حثّت الولايات المتحدة العراق على تحسين مناخ الاستثمار من خلال احترام العقود وضمان المدفوعات في الوقت المناسب.

ومع ذلك، فإن إدارة بايدن تتعامل بنشاط مع الحكومة العراقية الجديدة، برئاسة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني.

وتساعد الولايات المتحدة العراق في تنويع اقتصاده وتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني، بما في ذلك من خلال الاستثمارات بمشروعات الطاقة المتجددة.

مصفاة للغاز الطبيعي بمدينة عسلوية في إيران
مصفاة للغاز الطبيعي بمدينة عسلوية في إيران – الصورة من أسوشيتد برس

تمديد اتفاق الغاز الطبيعي بين إيران والعراق

توصلت إيران والعراق الأسبوع الماضي إلى اتفاق لتمديد عقد صادرات الغاز الطبيعي الإيراني إلى العراق لمدة 5 سنوات إضافية.

وبموجب الشروط المحدّثة، ستزوّد إيران العراق بما يصل إلى 50 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، اعتمادًا على متطلبات الشبكة العراقية.

ويمثّل ذلك زيادة عن الاتفاق السابق الذي نصَّ على كميات تبلغ 70 مليون متر مكعب يوميًا صيفًا و45 مليونًا شتاءً، رغم أن التسليمات الفعلية لم تصل أبدًا إلى تلك المستويات، وفي مقابل صادرات الغاز، سيزوّد العراق إيران بالنفط والبنزين.

وأُبرم العقد رسميًا في 27 مارس/آذار 2024، من خلال التوقيع بين شركة الغاز الوطنية الإيرانية ووزارة الكهرباء العراقية.

ومنذ عام 2017، حققت إيران ما يقرب من 15 مليار دولار من الإيرادات، بتصدير ما يقرب من 52 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى العراق.

ونظرًا لاعتماد العراق الكبير على واردات الغاز والكهرباء الإيرانية لتلبية احتياجاته من الطاقة، لا سيما بسبب عجز شبكة الكهرباء القديمة على مواكبة الطلب المتزايد، فإن استمرار هذا الاتفاق أمر بالغ الأهمية.

رغم ذلك، شهدت السنوات الأخيرة انقطاعات في واردات الغاز من إيران بسبب النقص المحلي داخل البلاد؛ ما أدى إلى تفاقم مشكلات موثوقية الإمدادات، إذ أصبحت متطلبات الطاقة لكلا البلدين متشابكة بشكل وثيق، وعلى عكس واردات الكهرباء، التي تتطلب إعفاءات أميركية وتواجه تدقيقًا متزايدًا من المشرعين الأميركيين، لا يحتاج العراق إلى مثل هذه الإعفاءات لاستيراد الغاز الإيراني.

تعزيز أمن الطاقة في العراق

يمثّل الاتفاق الأخير بين إيران والعراق بشأن صادرات الغاز الطبيعي خطوة مهمة بتعزيز أمن الطاقة في العراق من جوانب متعددة.

ومع تمديد الاتفاق الذي يسمح لإيران بتزويد العراق بما يصل إلى 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، ينصبّ التركيز على معالجة المشكلات السابقة المتعلقة بالحصص غير المحققة وتحسين موثوقية توفير الغاز للبنية التحتية للكهرباء في العراق.

وتأتي هذه الزيادة في مرحلة حاسمة، إذ يواجه العراق انقطاع الكهرباء المتكرر، ولا سيما خلال أوقات الذروة في الصيف؛ بسبب عدم قدرة شبكة الكهرباء القديمة على تلبية الطلب المتصاعد.

إضافة إلى ذلك، تمثّل الصفقة فرصة للعراق لتقليل اعتماده على واردات الكهرباء الإيرانية، ومن ثم تعزيز اكتفائه الذاتي من الطاقة وقدرته على الصمود.

ومع ذلك، وإلى جانب هذه التوقعات، يلوح في الأفق التهديد المستمر بالعقوبات الأميركية.

ومع أن الاتفاق يمكّن العراق من تسوية مستحقاته للغاز الإيراني بالنفط بدلًا من النقد، فإنه يترك العراق عرضة لإجراءات عقابية محتملة من الولايات المتحدة، التي تدعو إلى تقليص علاقات الطاقة بين العراق وإيران.

محطة كهرباء الرميلة العاملة بالغاز في محافظة البصرة العراقية
محطة كهرباء الرميلة العاملة بالغاز في محافظة البصرة العراقية – الصورة من الموقع الإلكتروني للمحطة

تعزيز استقرار الطاقة في العراق

على الرغم من أن صفقة الغاز تحمل وعدًا بتعزيز استقرار الطاقة في العراق، فإن قابليتها للاستمرار على المدى الطويل تتوقف على التعامل ببراعة مع التعقيدات الجيوسياسية وتخفيف المخاطر التي تفرضها العقوبات.

وفي الوقت نفسه، تدعم الولايات المتحدة بنشاط مساعي تحقيق استقلال الطاقة في العراق، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الإيرانية، من خلال نهج متعدد الأوجه يشمل التحالفات الإستراتيجية، والاستثمارات في البنية التحتية، ودعم السياسات التي تهدف إلى تعزيز قطاع الطاقة العراقي.

وتُعدّ المبادرات المهمة مثل "المشروع المتكامل لنمو الغاز" (GGIP) و"مبادرات تسويق المرافق" موجّهة نحو تعزيز أمن الطاقة، وتشجيع الاستثمارات في الطاقة النظيفة، ومعالجة المخاوف البيئية مثل حرق الغاز.

وعلى الرغم من هذه التطورات، ما تزال هناك عقبات في مشهد الطاقة في العراق، بما في ذلك العوائق القانونية والتنظيمية.

وتؤكد التوصيات الصادرة عن مؤسسات مثل مكتب محاسبة الحكومة الأميركية ضرورة وجود مخطط إستراتيجي شامل لمعالجة قضايا مثل صيانة البنية التحتية، والتمويل، وتحديد مسؤوليات أصحاب المصلحة، والمخاطر البيئية.

وتمثّل الزيارة الأخيرة التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى واشنطن العاصمة، لحظة محورية في تعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما فيما يتعلق بأمن الطاقة.

من ناحية ثانية، يدرك كل من العراق والولايات المتحدة الحاجة الملحّة إلى استقلال الطاقة في العراق والحدّ من اعتماده على واردات الطاقة الإيرانية لتحقيق الاستقرار والأمن الإقليميين.

ومن خلال الحوارات الدبلوماسية والدعم السياسي، تساعد الولايات المتحدة العراق في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الحكم الذاتي.

ويهدف هذا المسعى التعاوني إلى تعزيز سيادة العراق، ويشير إلى الالتزام المتبادل بتعزيز الرخاء والاستقرار في الشرق الأوسط.

ويؤكد اتفاق الغاز الطبيعي بين إيران والعراق والجهود التعاونية بين العراق والولايات المتحدة أهمية التدابير الاستباقية في تعزيز أمن الطاقة، والنمو الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الإيرانية.

وتعكس هذه المساعي رؤية مشتركة لتحقيق استقلال الطاقة في العراق، وتعزيز قدرته على الصمود والازدهار، وسط المتغيرات الجيوسياسية المتطورة وتحديات الطاقة العالمية.

 

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

 

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق