التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةروسيا وأوكرانياهيدروجين

الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق.. ساحة صراع جديدة بين روسيا وأوروبا

هبة مصطفى

اقرأ في هذا المقال

  • فرص قوية لإنتاج دول بحر البلطيق للهيدروجين الأخضر
  • إمكانات الرياح البحرية تضمن كهرباء متجددة لتشغيل المحللات الكهربائية
  • ممر الهيدروجين الأخضر يترقب خطوة مهمة منتصف 2024
  • طموحات دول البلطيق تتطور لإنشاء سوق هيدروجين مشتركة
  • مخاوف من تحول مشروع الممر إلى "سلاح طاقة" بين روسيا وأوروبا

تعدّ إمكانات إنتاج الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق واعدة؛ نظرًا لتوافر إمدادات كهرباء نظيفة ومتجددة من مزارع الرياح المترامية على ساحل البحر، لكن لم يُطَوَّر الوقود النظيف بالقدر الأمثل حتى الآن.

ومن شأن التوسع في إنتاج الهيدروجين أن يعزز مصادر الوقود النظيف، ويسهم في تعويض غياب الغاز الروسي الذي كانت تعتمد عليه أوروبا بمعدل كبير قبل اندلاع الحرب الأوكرانية.

والدول الـ9 المطلة على ساحل البلطيق هي: (الدنمارك، وألمانيا، وبولندا، وليتوانيا، ولاتفيا، وروسيا، والسويد، وفنلندا، وإستونيا)، وتملك غالبية هذه الدول -باستثناء روسيا- مشروعات طاقة رياح بحرية، يمكنها توفير كهرباء متجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

ويُنتج الهيدروجين الأخضر عبر فصل جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين، باستعمال المحللات الكهربائية العاملة بإمدادات كهرباء نظيفة ومولدة من مصادر طاقة متجددة.

ممر الهيدروجين

سعت 6 دول إلى تطوير الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق، عبر تشكيل ائتلاف -في ديسمبر/كانون الأول عام 2022-، وأطلقوا عليه "ممر الهيدروجين الإسكندنافي-البلطيقي".

ويهدف مشروع الممر إلى الربط بين مواقع العرض والطلب والتخزين، انطلاقًا من مواقع ومناطق إنتاج الهيدروجين في دول: (ألمانيا، وفنلندا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، بولندا) حتى مواقع الاستهلاك الأوروبية.

ويُخطط لبدء المشروع فعليًا بحلول عام 2030، في أعقاب إتمام مرحلة دراسة الجدوى والواقع وفق إطار شامل، تمهيدًا لاتخاذ قرارات مهمة بشأنه بحلول منتصف العام الجاري 2024، وفق مشغّل نقل الغاز الطبيعي في ليتوانيا إيه بي أمبر غريد (AB Amber Grid).

شبكات وخطوط لنقل الهيدروجين
شبكات وخطوط لنقل الهيدروجين - الصورة من CSIS

وقد تستفيد خطط الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق من إمكانات الرياح البحرية، لتوليد إمدادات مُخفضة للانبعاثات تُستعمل في إنتاج الوقود النظيف، وتشغيل المجمعات الصناعية.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أنجز شركاء المشروع خطوة مهمة بإسناد مسؤولية إعداد دراسة الجدوى لشركة أفري للاستشارات والإدارة (AFRY Management Consulting) التي تتخذ من السويد مقرًا لها.

سوق مشتركة.. ومكاسب أوروبا

من شأن الممر، الذي يعدّ أبرز مشروعات الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق، أن يسهم في إنشاء سوق للوقود النظيف تضم دولًا وشركات عدّة.

وعبر الربط بين مواقع العرض والطلب، يمكن النظر لسوق الهيدروجين بوصفها نظامًا إقليميًا يعزز صناعة الطاقة المتجددة، بحسب مرفق الكهرباء والغاز في إستونيا إليرينغ (Elering).

ويلزم ذلك بناء بنية تحتية إضافية عابرة للحدود، حتى تضمن أمن الطاقة الأوروبي والقدرة على تلبية الطلب ويخفض الاعتماد على الواردات، خاصة الغاز الروسي الذي يهدف الاتحاد للتخلص من اعتماده عليه بصورة كبيرة.

ويمكن إنتاج الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق اعتمادًا على إمكانات طاقة الرياح البحرية، بما يعزز جذب الاستثمارات ويخفض تكلفة نقل الكهرباء، بالإضافة إلى توفيره فرص عمل عدّة.

وبالنظر إلى أن المشروع وتطوير فكرته إلى سوق أوروبية، نجد أنه يقدّم دعمًا للأهداف المناخية وسياسات الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل حراك انتقال الطاقة والتخلص من الكربون، لا سيما في قطاعات النقل والكهرباء.

ومن جانب آخر، يدعم مشروع ممر الهيدروجين إستراتيجية "ريباور إي يو" التي يتبنّاها الاتحاد الأوروبي، للتخلص من اعتماده على الغاز الروسي.

الهيدروجين وروسيا

لا يقتصر الحديث حول تطوير الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق على الدول الـ6 المشاركة في الممر، إذ إن هناك دولًا أخرى يُنظر إلى قدراتها وإمكاناتها التي يمكن أن تسخرها لتطوير الوقود النظيف.

ومن أبرز هذه الدول روسيا، التي تعدّ جزءًا من حوض دول البلطيق، شاءت الدول الأوروبية أم أبت.

مرافق لنقل الهيدروجين
مرافق لنقل الهيدروجين - الصورة من Greentech Media

ولعل المعضلة التي تواجه استثمار روسيا في طاقة الرياح البحرية، هي ذاتها التي تعطّل تطوير الهيدروجين، إذ تعدّ المنطقة الأبرز المطلة على ساحل البلطيق وداخل حدود الاتحاد الأوروبي "كالينيغراد" فرصة غير مستغلة، سوى في أغراض سياسية.

ويمكن القول، إن مدينة كالينيغراد شبه منفصلة عن بقية أنحاء روسيا، فهي محاطة بدولتي بولندا وليتوانيا المنضمتين للاتحاد الأوروبي، وبذلك تصبح المدينة بوابة عبور روسيا إلى الاتحاد الأوروبي والتعاون معه في صناعة الرياح البحرية التي تعدّ أساسًا لسوق الهيدروجين المأمولة.

ورغم موارد الطاقة المتجددة الهائلة المتوقعة لدى روسيا، فإنها ما زالت متمسكة -حتى الآن- بالتركيز على الوقود الأحفوري، وخصصت حجم إنفاق ضخمًا لبناء مرافق داعمة لذلك، من بينها خط نورد ستريم 2.

سلاح الطاقة!

يساور مطوري الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق شكوك حول موقف روسيا، فمن جهة، قصرت موسكو استثماراتها على الوقود الأحفوري، ومن جهة أخرى تخشى الدول المشاركة في مشروع الممر إمكان تحويله إلى سلاح سياسي.

وأرجعوا ذلك إلى استعمال روسيا منطقة كالينيغراد بوصفها "أسطول البلطيق البحري"، ما قد يعرقل طموحات طاقة الرياح البحرية في بحر البلطيق، وبالتبعية يؤثّر في إنتاج الهيدروجين الأخضر، طبقًا لموقع كلين تكنيكا (Clean Technica).

وبالإضافة إلى ذلك، فإن استعمال موارد الطاقة سلاحًا -سواء من قبل روسيا أو عقوبات الاتحاد الأوروبي- بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، يثير المخاوف من ضخ المزيد من استثمارات الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق.

ويترقب الشركاء في مشروع ممر الهيدروجين إتمام دراسة الجدوى، لكن جهودًا فردية تركّز بصورة منفصلة على الاستفادة من موارد الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق، مثل ألمانيا والسويد، خاصة أن للدولتين مشروعات عدّة بالرياح البحرية في المنطقة.

ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- توقعات طلب القطاعات المختلفة على الهيدروجين:

توقعات الطلب على الهيدروجين

إمكانات موسكو

في ظل الشكوك حول إمكان تطوير الهيدروجين الأخضر في بحر البلطيق، يُطرح تساؤل: "لماذا لا تستغل روسيا موارد الغاز الطبيعي في إنتاج الهيدروجين الأزرق؟"، خاصة أن البنية التحتية لشبكات نقل الغاز متوافرة بالفعل.

وقد يرتفع إنتاج روسيا من الهيدروجين إلى 3.8 مليون طن متري، بحلول العام المقبل 2025، حسب تحليل أجرته مؤسسة ستاندرد أند بورز غلوبال (S&P Global) عام 2022.

وتطمح روسيا بتصدير مليوني طن متري سنويًا من الهيدروجين بدءًا من عام 2035، بعدما أقرّت حكومة موسكو في أغسطس/آب من العام ذاته خريطة طريق الهيدروجين.

وبينما صرّحت الحكومة حينها بأنها تخطط لإنتاج الهيدروجين اعتمادًا على الكهرباء النووية والمتجددة، فإن إمكاناتها من الغاز الطبيعي قد تغير هذا الاتجاه.

وأكد نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، أن السوق العالمية للهيدروجين ستدخل في منافسة مع الهيدروكربونات، متعهدًا بدمج الوقود النظيف في إستراتيجية الطاقة منخفضة الكربون التي تتبنّاها موسكو.

وما زالت الشكوك تحيط بهذه الإستراتيجية، خاصة أن الاتحاد الأوروبي يُركّز الطلب على الهيدروجين الأخضر، في حين إن إمكانات روسيا من الغاز الطبيعي قد تدفعها لإنتاج الوقود الأزرق.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق