الألواح الشمسية تمنح "قُبلة الحياة" لملايين اللاجئين في سوريا
محمد عبد السند
- يستعمل اللاجئون السوريون الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية في تدبير احتياجاتهم المعيشية
- الكهرباء المولدة بالألواح الشمسية توفر الأموال لبعض اللاجئين السوريين
- تنتشر الألواح الشمسية وخزانات المياه على أسطح الكثير من المنازل في قرية الرحمة بمحافظة إدلب
- هناك 36.4 مليون لاجئ، يقيم خُمسهم، أو 6.6 مليون، في 500 مخيم استقبال حول العالم
- تبرز الطاقة الشمسية الخيار الأوحد لتوليد الكهرباء في مخيمات اللاجئين حول العالم
تبرز الألواح الشمسية الداعم الرئيس للاجئين السوريين النازحين داخليًا؛ إذ تمدّهم بالكهرباء النظيفة اللازمة لتشغيل الأجهزة المنزلية وإنارة منازلهم البدائية؛ ما يخفف عنهم وطأة الظروف المعيشية القاسية التي فاقمتها الحرب.
كما أن الكهرباء التي تلتقطها الخلايا الشمسية الموجودة على أسطح المنازل في مخيمات اللاجئين السوريين توفر الأموال لبعضهم، مع وصول تكلفة أسطوانات الغاز التي يستعملها النازحون للتدفئة في الشتاء إلى نحو 400 ليرة تركية (قرابة 13.10 دولارًا أميركيًا)، وهو ما لا يستطيع النازح تحمّله.
ويُعول على الألواح الشمسية في سوريا بتعزيز إمدادات الكهرباء، لا سيما في ظل انقطاعها لساعات طويلة نتيجة انهيار البنية التحتية ذات الصلة؛ ما دفع الحكومة إلى التشجيع على إقامة مشروعات توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة.
وفي أواخر 2021 دشّنت الحكومة السورية صندوقًا لدعم استهلاك الطاقات المتجددة، ورفع كفاءة الطاقة في إطار مساعيها لإضافة 2000 ميغاواط من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
مليون لاجئ
تنتشر الألواح الشمسية وخزانات المياه على أسطح الكثير جدًا من المنازل في قرية الرحمة الواقعة في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، كما تضم تلك المخيمات مركزًا صحيًا ومدرسة وملعبًا ومسجدًا، وفق ما أورده موقع موقع إيكوال تايمز (Equal Times).
وتجمَّع ما يقارب مليون شخص من النازحين داخليًا في سوريا بسبب الحرب في محافظة إدلب المتاخمة لتركيا.
ويروي أحد اللاجئين السوريين -يُدعى أبو يوسف- معاناته مع الحرب وكيف جاء إلى هذه القرية من بلدة كفروما جنوب المحافظة، قبل 4 سنوات هربًا من القصف الروسي الداعم لنظام بشار الأسد.
وقال أبو يوسف، وهو أب لـ7 أطفال أكبرهم يوسف، 12 عامًا، وأصغرهم غفران التي لم يتجاوز عمرها عامًا واحدًا: "بعد عام تمكنت من تدبير لوحتين شمسيتين، وبطارية ومحول (جهاز يستقبل ويحول الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية)".
وأضاف: "الآن لدي كهرباء شبه دائمة، حتى إذا كانت الإضاءات لا تتجاوز 12 فولت، وبمقدورنا -حاليًا- تشغيل الغسالة والثلاجة، والمروحة، وهي أجهزة لا غنى عنها في فصل الصيف".
وتابع: "لدينا أطفال في سنّ الدراسة، وقد اعتدنا على استعمال الشموع أو مصابيح الكيروسين؛ كي يتمكن الأطفال من استذكار دروسهم ليلًا".
الألواح الشمسية تغير الحياة
تتذكر لاجئة أخرى، تدعى أم عبده، كيف كانت حياتها قبل الألواح الشمسية قائلة: “في السابق كان إذا بقي لدينا أيّ طعام، كنا نرميه؛ لأنه لم يكن يستمر على حاله حتى اليوم التالي، وكان يتعين عليّ أن أغسل الملابس يدويًا، وكم كان هذا شاقًا".
وأضافت أم عبده: "والآن، وبعد أن صرنا نمتلك ثلاجة وغسالة، تحسنت حياتنا، وأتمنى أن نتمكن من التوسع في هذا المشروع وشراء المزيد من الألواح الشمسية وبطارية أكبر لنتمكن من الطهي بالكهرباء؛ لأننا -الآن- نعاني كثيرًا من الزيادة في الأسعار بسبب أزمة الغاز"، مشيرةً إلى أن "الغاز يسبّب أيضًا الكثير من الحرائق".
وتتكلف الألواح الشمسية بين 50 و500 يورو، اعتمادًا على جودتها ومدى فاعليتها، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا الصدد قال المسؤول في هيئة الإغاثة الإنسانية التركية غير الحكومية آي إتش إتش (IHH) سليم طوسون، إن اللاجئين ليس بمقدورهم سوى شراء الخلايا الشمسية، في تصريحات أدلى بها إلى موقع إيكوال تايمز.
وأضاف طوسون: "كل أسرة تشتري وفق احتياجاتها وموازنتها، وهناك في المتوسط من رجلين إلى 3 رجال في كل منزل، يعملون في وظائف مختلفة، من بينها القطاع الزراعي".
وتمتلك هيئة الإغاثة الإنسانية التركية غير الحكومية قرابة 40 مشروعًا داخل سوريا، يقع أكثر من نصفها في إدلب، في حين يوجد الباقي في مدينة أعزاز شمال غرب البلاد، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتستضيف الملاجئ قرابة 105 آلاف من النازحين داخليًا، يعيش معظمهم في خيام، أو حتى حاويات، وهو ما لا يتناسب مع تركيب ألواح شمسية.
قرية الرحمة
تبرز قرية الرحمة واحدة من 6 مشروعات لتأسيس المنازل المصنوعة من الخرسانة في إدلب، كما أنها تُعدّ ثاني أكبر مشروع بعد يني حياة ريزيدينس (Yeni Hayat Residences)، علمًا بأن آي إتش إتش كانت قد بنت 452 وحدة.
ولدى كل منزل من منازل قرية الرحمة البالغة مساحته 75 مترًا مربعًا حديقته الخاصة، وبمقدور المالكين ترتيبها وزراعتها كما يحلو لهم، وفق تصريحات طوسون، التي تابعتها منصة الطاقة.
وتُستعمَل الطاقة الشمسية في المنازل وآبار المياه والمدارس والمساجد بجميع المخيمات التابعة لـ"آي إتش إتش" في سوريا.
وإلى جانب كونها صديقة للبيئة، فإن الألواح الشمسية تقلل من تكاليف الكهرباء لتلك الشريحة الفقيرة من السكان.
الألواح الشمسية خيار وحيد
تبرز الألواح الشمسية الخيار الأوحد لتوليد الكهرباء في مخيمات اللاجئين حول العالم التي تشهد تحولًا إلى الطاقة النظيفة، سواء في مبادرات الوكالات التابعة للأمم المتحدة، أو المجموعات الإنسانية أو الحكومات.
ويسارع المصنّعون والموزّعون إلى تلبية تلك الحاجة في قطاع عالمي لامست قيمته 167.83 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 373.84 دولارًا بحلول عام 2029.
وتشير تقديرات صادرة عن الأمم المتحدة في العام الماضي (2023) إلى أن هناك 110 ملايين نازح قسري في العالم فارّين من الصراعات والجوع والعنف.
ومن بين هذا الرقم الإجمالي، هناك 36.4 مليون لاجئ، يقيم خُمسهم، أو 6.6 مليون، في 500 مخيم استقبال حول العالم.
وتستضيف الدول الفقيرة غالبية اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات، أي ما يعادل 85% منهم، وتتردد تلك الدول في الاستثمار في الإمدادات والخدمات طويلة الأجل، على الرغم من أن متوسط عمر المخيم يصل إلى 17 عامًا.
آثار بيئية
من حيث الآثار البيئية، يَنتُج عن المخيمات نحو 8.1 مليون طن من النفايات سنويًا، معظمها من البلاستيك القابل لإعادة التدوير.
كما تحصل الغالبية العظمى من اللاجئين في هذه المخيمات (90%) على الكهرباء من مولدات الديزل، إذ يتوافر الوقود، أو يعتمدون في الطهي على الكتلة الحيوية التقليدية (الغابات القريبة) التي يُقطع 64,700 هكتار منها سنويًا؛ ما يجعل الوصول إلى الكهرباء النظيفة أمرًا لا غنى عنه لهذه المجتمعات.
يُشار إلى أن أكبر مخيمات اللاجئين في العالم يوجد في السودان (أم رابوكا)، والأردن (الزعتري)، وشمال شرق كينيا (داداب)، وبنغلاديش (كوتوبالونغ)، وشمال غرب كينيا (كاكوما).
موضوعات متعلقة..
- ألواح الطاقة الشمسية في سوريا.. طلب متزايد وتكاليف مرتفعة
- سوريا تلجأ إلى الطاقة المتجددة لحل أزمة انقطاع الكهرباء
- معاناة سوريا.. الطاقة الشمسية خيار إدلب لتأمين احتياجاتها من الكهرباء
اقرأ أيضًا..
- استمرار قطع الكهرباء في مصر خلال رمضان
- صادرات الخليج من البنزين تحقق أعلى مستوى في 6 أشهر
- السيارات الكهربائية تترقب طفرة بطاريات الليثيوم والكبريت.. هل تنجح؟