الهيدروجين الأخضر في موريتانيا يترقب إضافة 88 غيغاواط.. انطلاقة عالمية
الطاقة
- مزيج الموارد المتجددة والمعدنية والطاقة في موريتانيا يشكّل بيئة مواتية لتنمية اقتصاد مستدام
- موريتانيا قادرة على إنتاج الهيدروجين المتجدد بكلفة تبلغ نحو دولارين للكيلوغرام الواحد
- تطمح موريتانيا لتكون قطبًا إقليميًا مستقبليًا للطاقة النظيفة والصناعات الخضراء
- تتمتع موريتانيا باحتياطي كبير من الحديد وتنتج سنويًا 14 مليون طن
يشهد قطاع الهيدروجين الأخضر في موريتانيا خطوات جادة، من أجل تطويره وزيادة الاعتماد عليه بناءً على دراسات عديدة أطلقتها الحكومة في هذا المجال.
وقال وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني الناني ولد اشروقة، إن بلاده وضعت رؤية طموحة للطاقة طوّرتها بالتعاون مع الشركاء، وهي تهدف إلى جعل موريتانيا قطبًا إقليميًا مستقبليًا مندمجًا للطاقة النظيفة والصناعات الخضراء، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
جاء ذلك في كلمة للوزير ولد اشروقة ألقاها اليوم الثلاثاء 27 فبراير/شباط 2024، خلال افتتاح ورشة التشاور حول إعداد مدونة الهيدروجين الأخضر في موريتانيا، التي تُعدّ الأولى من نوعها في المنطقة.
مدونة الهيدروجين الأخضر في موريتانيا
تأتي ورشة إعداد مدونة الهيدروجين الأخضر في موريتانيا، التي نظّمتها وزارة البترول والمعادن والطاقة، في إطار العمل على تعزيز الاستدامة وتطوير القطاع الطاقوي في البلاد، خاصة شعبة الهيدروجين، حسبما ذكرت الوزارة في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء 27 فبراير/شباط 2024.
وقال وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني الناني ولد اشروقة، إن العالم يخوض الآن سباقًا للحصول على الطاقة النظيفة، التي تُعدُّ ضرورية للتنمية المستدامة لكوكب الأرض وتدبيرًا حاسمًا ضد الآثار الضارة لتغير المناخ.
وأضاف -في كلمته التي ألقاها خلال افتتاح ورشة إعداد مدونة الهيدروجين الأخضر في موريتانيا- أن القمم العالمية للمناخ والمؤتمرات المتخصصة وتقارير الخبراء والدراسات والخبرات الأكثر موثوقية تُظهر بصورة قاطعة أن الوقت قد حان لإجراء تغيير جذري في نماذج الطاقة والسعي قدمًا نحو التحول الطاقوي، من أجل الحد من الاتجاه التصاعدي لانبعاثات غازات الدفيئة.
وأشار إلى أن أزمة المناخ أصبحت في السنوات الأخيرة هي التحدي الرئيس الذي تواجهه البشرية، ليس من أجل رفاهيتها بل من أجل بقائها.
وتابع قائلًا: "في مواجهة هذا التحدي الكبير، يظهر الهيدروجين الأخضر من بين الحلول الأكثر مصداقية بوصفه طاقة بديلة توفر مسارًا ملموسًا، للمساهمة الفعالة في إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي، بما في ذلك القطاعات التي تُصنف بأنها صعبة المعالجة".
واقع الطاقة المتجددة في موريتانيا
تطرّق الوزير ولد اشروقة في كلمته إلى واقع الطاقة المتجددة في موريتانيا، موضحًا أنها تزخر بمقدرات كبيرة من موارد تلك الطاقة مثل الشمس والرياح ووفرة المياه والمساحات الشاسعة والسواحل البحرية والقرب الجغرافي من الأسواق العالمية، "وهو ما يعزز قدرة موريتانيا التنافسية في سباق إنتاج الطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر".
بالإضافة إلى هذه المزايا -بحسب الوزير- فإن موريتانيا تتمتع -أيضًا- باحتياطي كبير من الحديد، وتنتج سنويًا 14 مليون طن منه، ما يوفر فرصة رائعة لتطوير صناعة الصلب الأخضر محليًا، وفق التصريحات التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح أن هذا المزيج الفريد من نوعه في عالم الموارد المتجددة والمعدنية والطاقة يشكّل بيئة مواتية لتنمية اقتصاد مستدام، إذ يؤدّي الهيدروجين الأخضر والفولاذ الأخضر الدور الرئيس في بناء اقتصاد صناعي مستدام ومرن.
كلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في موريتانيا
تحدّث وزير البترول والمعادن والطاقة الناني ولد اشروقة عن تكلفة إنتاج الهيدروجن الأخضر في موريتانيا، مشيرًا إلى أن وكالة الطاقة الدولية تبرز في تقاريرها أن بلاده قادرة على إنتاج الهيدروجين المتجدد بكلفة تنافسية تبلغ نحو دولارين أميركيين للكيلوغرام الواحد بحلول عام 2030.
وأضاف: "كما أن (خريطة الطريق الموريتانية لتطوير الهيدروجين منخفض الكربون)، التي جرى إعدادها عام 2022، تسلط الضوء على مقدرات موارد الطاقة المتجددة المعتبرة التي تتيح إنتاج ما يصل إلى 12 مليون طن سنويًا من الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي المدعوم بالطاقات النظيفة".
وقال: "بفضل كل هذه المقدرات، ومتسلحين بإرادتنا الحازمة في الإسهام ببناء نظام جديد للطاقة المستدامة، فإننا نضع تسريع الانتقال الطاقوي على رأس أهدافنا ذات الأولوية".
وتابع قائلًا: "وانسجامًا مع هذه الفرص والمزايا، تهدف الرؤية الطموحة للطاقة التي طورناها بالتعاون مع الشركاء إلى جعل موريتانيا قطبًا إقليميًا مستقبليًا مندمجًا للطاقة النظيفة والصناعات الخضراء، وفقًا لبرنامج وطموحات رئيس الجمهورية، الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، محمد ولد الشيخ الغزواني".
ولتحقيق هذه الرؤية، أطلقت الحكومة العديد من الدراسات الموازية التي تهدف إلى تطوير القطاع، مثل خريطة طريق الهيدروجين منخفض الكربون (المتاحة للعموم) ومشروع السجل المساحي للهيدروجين ودراسة البنية التحتية للهيدروجين. كما وقعت موريتانيا العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الإطارية لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر بإجمالي 88 غيغاواط من الطاقة المتجددة، وفق ما ذكر الوزير ولد اشروقة في كلمته.
وأشار إلى أنه من هذا المنطلق، اكتسبت الحكومة الخبرات اللازمة، وبدأت مشاورات واسعة النطاق مع شركائها في التنمية والقطاع الخاص، بهدف تطوير إطار تنظيمي للهيدروجين الأخضر.
ويهدف هذا المسار التشاركي -بحسب الوزير- إلى وضع الإطار القانوني المقترح الذي يستجيب بصورة شاملة إلى التحديات التي يواجهها القطاع الخاص في تجسيد مشروعاته، بالإضافة إلى حماية الاستثمار في مواجهة التوجس وعدم اليقين.
وقدّم وزير البترول والطاقة والمعادن الموريتاني، في ختام كلمته، شكره إلى البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية على الدعم "الذي كان له الدور الفعال في تعبئة الخبرات متعددة التخصصات، وعلى مواكبتنا طوال هذا المسار".
جهود موريتانيا في إنتاج الهيدروجين الأخضر
شهد الهيدروجين الأخضر في موريتانيا مراحل عديدة وإنجازات مختلفة خلال السنوات الماضية، كان منها الكشف عن مشروع ضخم من شأنه أن يصبح بين أكبر 5 مشروعات في العالم.
ففي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كشفت شركة التطوير الدنماركية "غرين غو إنرجي" (GreenGo Energy) خططًا لبناء مصنع للهيدروجين الأخضر على شكل هلال بقدرة 35 غيغاواط في موريتانيا، سيُشغَّل بوساطة 60 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
المشروع، الذي يُطلق عليه اسم "ميغاتون مون"، يضم عددًا مذهلًا من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح على شكل هلال، مساحته 150 ألف هكتار، وسيكون "مرئيًا من الفضاء".
كما سيشمل بناء محطة ضخمة لتحلية المياه ومنازل سكنية ومنشآت صناعية ومزارع زراعية في الصحراء، بالقرب من العاصمة نواكشوط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وفي 8 مارس/آذار 2023، أعلن تحالف من شركات مصرية وإماراتية وألمانية، عزمه تنفيذ مشروع ضخم لتطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر في موريتانيا باستثمارات تصل إلى 34 مليار دولار.
ووقّع تحالف دولي بمشاركة ألمانية اتفاقًا مع الحكومة الموريتانية بشأن مشروع هيدروجين أخضر بطاقة محلل كهربائي تصل إلى 10 غيغاواط، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأشارت شركة كونجنكتا Conjuncta إلى أن مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في موريتانيا ستبلغ طاقته الإنتاجية 8 ملايين طن سنويًا من الأمونيا أو غيرها من المنتجات النهائية القائمة على الهيدروجين، حسبما ذكرت صحيفة فرانكفورتر تسايتونغ الألمانية اليوم الأربعاء.
وعلى هامش قمة المناخ كوب 27 التي عُقدت في مدينة شرم الشيخ في مصر وقّعت موريتانيا، في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، مذكرة تفاهم مع شركة النفط البريطانية بي بي، حول دراسات تطوير مشروع هيدروجين أخضر ضخم، بقدرة تصل إلى 30 غيغاواط، حسب بيان صحفي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وحضر مراسم التوقيع رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني، في حين وقّعها من الجانب الموريتاني وزير البترول والمعادن السابق عبدالسلام ولد محمد صالح، والرئيس التنفيذي لشركة بي بي، برنارد لوني.
وسبق ذلك توقيع وزارة البترول والمعادن والطاقة الموريتانية مذكرة تفاهم مع شركة شاريوت البريطانية المتخصصة في الطاقة الانتقالية، من أجل تنفيذ مشروع "نور" الذي يُعد أحد أهم مشروعات الهيدروجين في أفريقيا، وذلك يوم 27 سبتمبر/أيلول 2012
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمشروع "نور" للهيدروجين الأخضر نحو 10 غيغاواط من مصادر الطاقة النظيفة، باستثمارات تصل إلى نحو 3.5 مليار دولار أميركي، ما يشكل إضافة كبيرة لقطاع الهيدروجين الأخضر في موريتانيا.
وأشارت وزارة البترول والطاقة الموريتانية في بيان لها أصدرته في ذلك الحين، إلى أن المساحة المخصصة لمشروع "نور" تمتد على منطقة برية وبحرية تبلغ نحو 8 آلاف و600 كيلومتر مربع، إذ ستُجرى دراسات الجدوى المسبقة بهدف تحديد خيار توليد الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لاستعمالها في التحليل الكهربائي لتقسيم جزيئات الماء وإنتاج الهيدروجين والأكسجين والمياه الصالحة للشرب.
اقرأ أيضًا..
- أسعار ألواح الطاقة الشمسية في مصر ترتفع رغم انخفاض الدولار
- أنس الحجي: النفط الروسي لا يؤثر في الأسواق بعد عامين من غزو أوكرانيا
- أزمة السيارات الكهربائية مستمرة.. ورئيس شركة عملاقة يحذر من "حمام دم"