رئيسيةأخبار منوعةمنوعات

الفحم يحل أزمة نقص الرمال في قطاع البناء (دراسة)

دينا قدري

ظهر منتج مشتق من الفحم بوصفه حلًا لأزمة نقص الرمال الوشيكة في قطاع البناء، على الرغم من المساعي الحثيثة للابتعاد عن مصادر الوقود الأحفوري.

ويبدو أن اعتماد العالم على الخرسانة قد تسبَّب في أزمة بيئية وأزمة موارد، إذ تتجاوز معدلات استخراج الرمال معدل تجديدها الطبيعي، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وتتكون الخرسانة -التي تُعدّ ثاني أكثر المواد استهلاكًا بعد الماء- في المقام الأول من الركام، إذ تشكّل الرمال والصخور أكبر المكونات حجمًا.

ووجدت دراسة، أجراها باحثون من جامعة رايس (Rice) بولاية تكساس الأميركية، أن الغرافين المشتق من فحم الكوك المعدني لا يعمل بوصفه مادة مضافة معززة في الأسمنت فحسب، بل أيضًا بوصفه بديلًا للرمال في الخرسانة.

أزمة نقص الرمال

تُعدّ الخرسانة -وهي خليط من الركام مثل الرمل والحصى المرتبطين بالأسمنت والماء- ضرورية للتنمية الحضرية.

ومع توقُّع أن يعيش 68% من سكان العالم في المناطق الحضرية بحلول عام 2050، فمن المتوقع أن ينمو الطلب على الخرسانة، ومن ثم تعدين الرمال بشكل كبير، وفق ما جاء في بيان أصدرته جامعة رايس، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وقد تضاعف هذا الرقم 3 مرات خلال العقدين الأخيرين، ليصل إلى نحو 50 مليار طن سنويًا، ومع ذلك، فإن هذا يأتي بتكلفة بيئية كبيرة.

ويمثّل إنتاج الأسمنت، وهو أحد المكونات الرئيسة للخرسانة، 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في جميع أنحاء العالم.

صناعة الأسمنت
صناعة الأسمنت - الصورة من منصة "تك إكسبلوريست"

علاوةً على ذلك، يشكّل استخراج الرمال -غير المنظم إلى حدٍّ كبير- تهديدات خطيرة للأنظمة البيئية النهرية والساحلية.

ووفقًا لتقرير للأمم المتحدة لعام 2022، فإن هذا الطلب المتصاعد على الرمال، إلى جانب النمو السكاني والتوسع الحضري، يمكن أن يؤدي قريبًا إلى "أزمة نقص الرمال".

بديل أخف وبالقوة نفسها

أوضح أستاذ الكيمياء جيمس تور، المشارك في الدراسة الحديثة، أن الغرافين المشتق من فحم الكوك قد يكون له تأثير كبير بواحدة من أكبر الصناعات في العالم.

وقال: "لقد قارنّا الخرسانة المصنوعة باستعمال بديل ركام الغرافين مع الخرسانة المصنوعة باستعمال الركام الرملي المناسب، ووجدنا أن الخرسانة لدينا أخفّ بنسبة 25%، ولكنها بالقوة نفسها".

ومن خلال تطبيق تقنية التسخين "جول" (Joule) المميزة على فحم الكوك المعدني، ابتكر مختبر "تور" نوعًا من الغرافين يُمكن أن يكون بديلًا للرمل في الخرسانة.

وقال أحد خريجي الدكتوراه في جامعة رايس والمؤلف الرئيس للدراسة، بول أدفينكولا: "إن التجارب الأولية التي حُوِّلَ فيها فحم الكوك المعدني إلى غرافين أسفرت عن مادة تبدو مشابهة في الحجم للرمال".

وتابع: "لقد قررنا استكشاف استعمال الغرافين المشتق من فحم الكوك المعدني بديلًا كاملًا للرمال في الخرسانة.. وتُظهر النتائج التي توصلنا إليها أنها ستعمل بشكل جيد حقًا".

وأظهرت الاختبارات التي تقارن الخرسانة التقليدية مع الخرسانة المصنوعة من ركام الغرافين، نتائج واعدة.

وأكد البيان -الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله- أن الخرسانة القائمة على الغرافين لا تتطابق مع الخواص الميكانيكية للخرسانة القياسية فحسب، بل توفر أيضًا نسبة "القوة إلى الوزن" أعلى.

البحث عن بدائل

استعمل مختبر تور تقنية "فلاش جول" في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك تصنيع مواد الكربون النانوية الهجينة، وإعادة تدوير أجزاء البطارية، وإزالة المعادن الثقيلة من الرماد المتطاير للفحم.

وقال أدفينكولا: "تنتج هذه التقنية الغرافين بشكل أسرع، وعلى نطاق أوسع من الطرق السابقة".

ومع إمكان تقليل الاعتماد على الرمال الطبيعية وخفض انبعاثات الكربون الناتجة عن صناعة الخرسانة، يمكن أن تؤدي هذه التكنولوجيا الجديدة إلى ممارسات تنمية حضرية أكثر استدامة.

وقال تور: "سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى ينخفض سعر الغرافين بما يكفي لجعل هذا الأمر قابلًا للتطبيق.. لكن هذا يظهر فقط أن هناك بدائل يمكننا اتّباعها".

وأكد أستاذ الهندسة المدنية والبيئية والهندسة الميكانيكية، المؤلف المشارك في الدراسة، ساتيش ناغاراجايا، أن "30% من الخرسانة تتكون من الرمال، وهو جزء كبير".

وقال ناغاراجايا: "إن حقيقة كوننا على شفا أزمة نقص الرمال، تحفّزنا على البحث عن بدائل.. وفحم الكوك المعدني، الذي يكلّف نحو تكلفة الرمل نفسها عند 10% من تكلفة الخرسانة، يمكن ألّا يساعد في صنع خرسانة ذات جودة أفضل فحسب، بل يترجَم أيضًا في النهاية إلى وفورات كبيرة".

مؤلفا الدراسة، جيمس تور وساتيش ناغاراجايا
مؤلّفا الدراسة، جيمس تور وساتيش ناغاراجايا - الصورة من الموقع الرسمي لجامعة رايس

انبعاثات الكربون في قطاع البناء

في سياقٍ متصل، كشف تقرير جديد -اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله- أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع البناء يمكن تخفيضها بنسبة تصل إلى 75% أو 4 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050، من خلال إنشاء اقتصاد دائري.

كما وجد التقرير -الذي نُشر بالشراكة بين شركة ماكينزي آند كومباني (McKinsey & Company) والمنتدى الاقتصادي العالمي- أن التدوير يُمكن أن يؤدي إلى مكاسب سنوية صافية تصل إلى 46 مليار دولار بحلول عام 2030، و360 مليار دولار بحلول عام 2050، وفق ما نقلته منصة "سيركولار أونلاين" (Circular Online).

وتعليقًا على التقرير، قال الشريك في مكتب ماكينزي في ميونخ والمؤلف المشارك للدراسة، سيباستيان رايتر: "يُعدّ قطاع البناء صناعة مهمة لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة على المدى الطويل".

وتابع: "إن ثلث استهلاك المواد و26% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية يأتي من هذا القطاع.. وفي الوقت نفسه، يوظف هذا القطاع 7% من الأشخاص على مستوى العالم، ويمثّل 13% من الناتج الاقتصادي".

وفقًا للتقرير، فإن إنشاء حلقات دائرية يمكن أن يقلل ثاني أكسيد الكربون بما يصل إلى 4 غيغاطن بحلول عام 2050.

وينظر التقرير في إمكان تقليل ثاني أكسيد الكربون ومكاسب القيمة الصافية المحتملة لـ6 مواد بناء: الأسمنت والخرسانة والصلب والألومنيوم والبلاستيك والزجاج والجبس.

وتمتلك الدائرية في الأسمنت القدرة على إنشاء أعلى قيمة مجمعة عبر المواد، مع مكاسب صافية تُقدَّر بـ10 مليارات دولار في عام 2030، و122 مليار دولار في عام 2050، وفقًا للتقرير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق