وحدة أبحاث الطاقة: الصين تسيطر على المعادن الأرضية النادرة والمكونات الشمسية (صوت)
أحمد بدر
ترى وحدة أبحاث الطاقة، أن سيطرة الصين على المعادن الأرضية النادرة، وعلى سلاسل توريد مكونات صناعة الطاقة الشمسية، تمتد شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، إذ أصبحت الدولة الآسيوية صاحبة الكلمة العليا في هذا المجال، رغم المقاومة التي تمثّلها إجراءات أميركا ودول أخرى في مواجهتها.
ووفق الباحث في وحدة الأبحاث رجب عزالدين، فإن الحديث عن الهيمنة على مكونات الطاقة الشمسية الـ4، وهي السيليكون والخلايا والوحدات والرقائق، يُعد فرعًا من أصل موضوع أكبر، وهو سيطرة بكين على المعادن النادرة.
جاء ذلك خلال مشاركته في حلقة "أنسيّات الطاقة"، التي جاءت بعنوان "مستجدات أسواق الطاقة بين مصر والصين والولايات المتحدة ودول الخليج"، التي قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، على مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا).
المعادن الأرضية النادرة
يقول الباحث رجب عزالدين، إن هيمنة الصين على المعادن الأرضية النادرة يبدو أنها نتائج استثمار مبكر جدًا في هذا المسار، للدرجة التي مكّنت بكين من تحقيق قفزة هائلة في تحكمها بسلاسل التوريد.
وأوضح أنه عند ذكر سلاسل التوريد، فالحديث يكون بداية من أولى المراحل، وهي التنقيب والاستخراج ثم التكرير والمعالجة وحتى الإنتاج والتصنيع، وبالتالي فإن المسألة بالنسبة إلى الغرب ستكون صعبة جدًا، لأن بكين لا تتحكم فحسب في واحدة من السلاسل الـ3 المعروفة.
وأضاف رجب عزالدين: "لذلك، أصبح الأمر مقلقًا بالنسبة إلى الدول الغربية وأميركا، وأصبحت أعلى دوائر السلطة تبدي قلقًا رهيبًا، ثم مع الحرب الأوكرانية بدؤوا تشبيه الموضوع بأن (شبح روسيا قد يلوح في الأفق خلال السنوات المقبلة) إذا ظلت الصين متحكمة فيما يسمونه معادن طاقة الأجيال القادمة".
وتابع: "هم يرون أنه إذا ظلت الصين في هذه السيطرة على المعادن الأرضية النادرة، يمكنها مع أي احتكاك عسكري أو اقتصادي أن تعطّل أو تخلق أزمة طاقة كبيرة، وبما أنه في تخيلهم أن النفط والغاز لن يكونا موجودين، فإن أزمة الطاقة العالمية ستكون في مجال الطاقة المتجددة بحلول 2030 أو 2040".
ومن مظاهر سيطرة الصين على المعادن الأرضية النادرة، أن شركاتها لها حصص مختلفة في كل قارات العالم، وفي كل الدول المنتجة لها، إما حصص أغلبية وإما أقلية، المهم أن لها وجودًا في جميع القارات، فهي على سبيل المثال تمتلك معظم مناجم الكوبالت في الكونغو، وفق الباحث رجب عزالدين.
ولفت إلى أن الكوبالت مادة حيوية لازمة لصناعة السيارات الكهربائية، خاصة النوع الأكثر شيوعًا، وهو بطاريات الليثيوم أيون، التي تحتاج إلى نوع معين من الليثيوم والكوبالت بكفاءة معينة، كما أن الصين تستثمر في إندونيسيا وزامبيا ودول أفريقيا ودول أميركا اللاتينية.
وأردف: بعض التقديرات تقول إن الصين تستحوذ على 60% من إنتاج المعادن الأرضية النادرة، وأبرزها الليثيوم والكوبالت والنيكل والغرافيت والمنجنيز، بحسب تقرير صادر عن معهد "ديكارت" لدراسة السياسات العامة في جامعة رايس الأميركية.
كما أن بكين -وفق عزالدين- لا تسيطر على الإنتاج فحسب، إذ إنها في بعض المعادن الأرضية النادرة لا تنتج منها 10% مثل المنجنيز، فهي تمتلك 95% من عمليات تكرير خام المنجنيز رغم أن إنتاجها منه لا يتعدى 10%، وهذه أزمة أخرى، تتمثل في أنها حتى إذا لم تشارك بصفتها منتجًا رئيسًا، فهي المكرر الرئيس.
وقال إن هناك أزمة أخرى، وهي أن مصافي التكرير التي بدأت في أوروبا وأميركا ما زالت متواضعة في قدراتها الفنية مقارنة بالمصافي الصينية، لأن الشركات في بكين كوّنت خبرة متراكمة في هذا المجال، وقطعت مئات الآلاف من السنين الضوئية، في حين الغرب ما زال يحتاج إلى اللحاق بها.
الصين ومكونات الطاقة الشمسية
قال الباحث في وحدة أبحاث الطاقة رجب عزالدين، إن أي متابع للتقارير الدولية، مثل "ريستاد إنرجي" أو "وود ماكنزي" أو حتى تقارير وكالة الطاقة الدولية، يجد أنها تتحدث عن الفارق بين مصافي التكرير الأوروبية والأميركية من جهة، والصينية من جهة أخرى بوضوح.
وأضاف: "هذه أول مرة نجد أن الأوروبيين والأميركيين يتحدثون عن توطين صناعة مكونات الطاقة الشمسية وكأنهم دول نامية، أي تشعر بأن الصين تسبقهم بصورة كبيرة، لدرجة أنهم يتحدثون عن أن هذه الصناعة ما زالت ناشئة وتبحث عمن يوطنها لديهم، عكس السائد دائمًا بأن الصناعات الغربية هي الأصل وبكين هي النسخ".
ولفت إلى أن قدرات تصنيع الطاقة الشمسية في الصين أوشكت على النضوج، إن لم تكن نضجت، في حين تبدو في الغرب كأنها ما زالت صناعة ناشئة تبحث عن دعم، وهذا ما اتضح في قانون خفض التضخم والحوافز الضخمة، التي تُعد الأكبر في تاريخ أمريكا، بنحو 360 مليار دولار للشركات، لتشجيعها على توطين صناعات الطاقة المتجددة، بما فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقات الأخرى.
يقول الباحث رجب عزالدين: "لو تحدثنا عن مظاهر هيمنة الصين على صناعة الطاقة الشمسية بالأرقام والبيانات، نجد أن منصة الطاقة المتخصصة لديها بيانات تفصيلية، تتعلق بنحو 4 مكونات، وهي البولي سيليكون والرقائق والخلايا والوحدات الشمسية".
وبلغت قدرة تصنيع البولي سيليكون عالميًا في عام 2022 نحو 507 غيغاواط، استحوذت بكين منها على 89%، في حين استحوذت أوروبا وأميركا على نسبة ضئيلة لا تتجاوز 5%، وبالنسبة إلى الرقائق الإلكترونية بلغت قدرة تصنيعها عالميًا 664 غيغاواط في 2023، وسيطرت بكين على 97% منها، في حين توزعت الـ3% على بقية دول العالم، بما فيها أوروبا وأميركا.
وحول المكون الثالث وهو الخلايا، بلغت قدرات تصنيعها في 2022 نحو 590 غيغاواط، استحوذت الصين على 86% منها، في حين استحوذت جميع الدول العالم بقيادة دول آسيوية أخرى على 14%، وبالنسبة إلى تصنيع الوحدات، كانت سيطرة بكين أقل نسبيًا، إذ بلغت 65%، من 640 غيغاواط هي قدرة التصنيع العالمية خلال العام نفسه.
موضوعات متعلقة..
- صراع المعادن الأرضية النادرة مع الصين.. هل تحسمه أميركا بسلاح بيولوجي جديد؟
- صناعة المعادن الأرضية في أوروبا تنطلق ببداية 2024.. هل تستغني عن الصين؟ (تقرير)
- احتياطيات المعادن الحيوية في أفريقيا محور تنافس بين الصين وأميركا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة السعودي: الحقوا بنا إن استطعتم.. سنوصل كل الطاقات حتى عنوان المنزل
- ذكرى تأسيس أوابك.. 56 عامًا من التعاون العربي في النفط والغاز
- أكبر حقل غاز في أوروبا يستأنف الإنتاج رغم إغلاقه في 2023