خطة أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا.. 5 عيوب قد تعيد البلاد إلى عصور الظلام
محمد عبد السند
- ديون شركة إسكوم تحول دون تطوير محطات الطاقة في جنوب أفريقيا
- بلغ انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا معدلات غير مسبوقة خلال العام المنصرم
- تحتاج جنوب أفريقيا إلى تطوير محطات جديدة لتوليد الكهرباء، وتقليص اعتمادها على الكهرباء المولدة بالفحم
- قد تُلزم مسودة خطة أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا الحكومة بإيجاد حلول باهظة التكلفة
- ستحتاج الاستثمارات المطلوبة في قطاع الغاز إلى بناء سعات جديدة
تأخذ أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا منعطفًا خطيرًا قد لا تستطيع تفاديه، حال تباطأ المسؤولون في البلد الذي يشهد حالة من عدم التوازن السياسي لدى القائمين على إدارة ملف الطاقة الذي يُعد الأخطر في الآونة الحالية.
وتشهد جنوب أفريقيا أزمة كهرباء تاريخية يعزوها المحللون إلى تكدس الديون المُستحقة على مرفق الكهرباء الرئيس في البلاد إسكوم (Escom)، وهو ما يجعل الشركة عاجزة عن تدبير الأموال الكافية لصيانة المحطات وتحديثها.
في المقابل تبرز هناك ديون طائلة تتجاوز 3 مليارات دولار مُستحقَّة لإسكوم لدى جهات حكومية أخرى تسعى إلى تحصيلها دون جدوى، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
أزمة غير مسبوقة
بلغ انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا معدلات غير مسبوقة في العام المنصرم (2023)، في حين أصبحت محطات الطاقة العاملة بالفحم عُرضة للأعطال بصورة متزايدة، وفقًا لما نشره موقع إي إس آي أفريكا (Esi Africa).
وفي الأسبوع الأول من العام الجاري (2024)، أصدر وزير الموارد المعدنية والطاقة في جنوب أفريقيا غويدي مانتاشي، خريطة طريق مقترحة لمستقبل الكهرباء في البلاد.
خيبة أمل
من سوء الحظ أن مسودة خطة الموارد المتكاملة تُعد في حد ذاتها خيبة أمل، إذ يصفها بعض المحللين بأنها "متواضعة"، ويشوبها العديد من العيوب، والأخطاء الجسيمة في تحديد تكاليف سيناريوهات الطاقة المستقبلية.
كما أنّ تقديرات التكلفة المتضمنة في خطة أزمة الكهرباء لدى جنوب أفريقيا لا تتصف بالموثوقية، إذ إنها لا تأخذ في الحسبان حتى المزيج الأقل تكلفة للكهرباء الإضافية الجديدة، ممثلًا في طاقة الشمس والرياح وبطاريات تخزين الكهرباء.
وتزعم الخطة، بالخطأ، أن سيناريوهات توليد الكهرباء بالغاز أرخص تكلفة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتقول الخطة -أيضًا- إنه يتعيّن على الحكومة أن تبني سعة 6 آلاف ميغاواط من محطات الكهرباء الجديدة العاملة بالغاز بحلول نهاية العقد الجاري (2030).
غير أن تلك الفكرة تلقى معارضة شرسة من قبل الجماعات البيئية ومنظمات المجتمع المدني، على أساس أن الاستعمال المتزايد للوقود الأحفوري سيسرع وتيرة الاحترار العالمي.
وهناك مشكلة أخرى ذات صلة تكمن في ضرورة استيراد الغاز من الخارج، ما سيضع جنوب أفريقيا تحت رحمة التذبذبات المتكررة في أسعار الغاز العالمية.
ومن الممكن أن تُلزم مسودة خطة أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا الحكومة بإيجاد حلول باهظة التكلفة، ما سيدمر المشروعات الاقتصادية، ويرفع أسعار الكهرباء إلى مستويات غير مسبوقة.
5 سيناريوهات معيبة
يقترح السيناريو الأول، الذي يحمل اسم الحالة المرجعية (Reference Case)، أن تُولد الكهرباء الإضافية كافة مناصفة بين الغاز وبين طاقة الشمس والرياح.
وتزعم مسودة خطة أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا، بالخطأ أن هذا السيناريو يمثّل الخيار الأكثر فاعلية من حيث التكلفة.
ويُبنى السيناريو الثاني، الذي يحمل شعار الطاقة المتجددة (Renewable Energy)، على استعمال التقنية الشمسية، في الوقت الذي لا تشهد فيه البلاد بناء أي محطات نووية جديدة أو محطات كهرباء عاملة بالفحم او الغاز.
ويقترح هذا السيناريو أن يجري توليد سعة شمسية جديدة عبر الطاقة الشمسية المركزة، التي نادرًا ما تحظى باهتمام عالمي في الوقت الراهن، نظرًا إلى أنها أغلى بكثير من تقنية الطاقة الشمسية.
ويحمل السيناريو الثالث في خطة أزمة الكهرباء لدى جنوب أفريقيا اسم الطاقة المتجددة والطاقة النووية (Renewable Plus Nuclear)، إذ ستتيح السعة النووية الجديدة وقدرها 15 ألف ميغاواط، توليد الكهرباء المُنتجة بالطاقة الشمسية بموجب سيناريو الطاقة المتجددة السابق.
والسيناريو الرابع يحمل اسم الغلق المؤخر (Delayed Shutdown)، الذي سيجيز إطالة العمر التشغيلي لمحطات الطاقة العاملة بالفحم في جنوب أفريقيا لسنوات عديدة، تتجاوز تواريخ الغلق المتوقعة لتلك المحطات.
أما السيناريو الخامس والأخير في خطة أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا فهو رينيوابول بلاس كول (Renewable Plus Coal)، الذي تستبدل فيه محطات الطاقة العاملة بالغاز والفحم، السعة التي تُعزى إلى الطاقة الشمسية المركزة أو الطاقة النووية في السيناريوهات الأخرى.
تكاليف السيناريوهات الـ5
في أبريل/نيسان (2023) أظهر تقرير تكاليف الطاقة الصادر عن بنك لازارد (Lazard) الأميركي، أكبر مصرف استثماري مستقل في العالم، أسعار تقنيات الطاقة المختلفة -المتجددة والفحم والغاز والطاقة النووية- التي تختلف عن التكاليف التي كان يتعيّن على الحكومة الجنوب أفريقية أن تضمنها في خطة الكهرباء.
وجاءت حسابات تكاليف الطاقة وفق أرقام لازارد كما يلي:
- أسعار الطاقة الشمسية على نطاق المرافق تتراوح بين 24 و96 دولارًا أميركيًا لكل ميغاواط/ساعة.
- أسعار الطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الكهرباء على نطاق المرافق تتراوح بين 46 و102 دولار أميركي لكل ميغاواط/ساعة.
- أسعار طاقة الرياح البرية تتراوح بين 24 و75 دولارًا أميركيًا لكل ميغاواط/ساعة.
- أسعار الفحم تتراوح بين 86 و166 دولارًا أميركيًا لكل ميغاواط/ساعة للسعات الجديدة، وبين 29 و74 ميغاواط للمحطات القائمة بالفعل.
- أسعار الطاقة النووية تتراوح بين 141 و221 دولارًا أميركيًا لكل ميغاواط/ساعة بالنسبة إلى السعات الجديدة، وما يتراوح بين 29 و34 بالنسبة إلى محطات الطاقة القائمة.
وتُظهر تلك التكاليف أن طاقة الشمس والرياح هي الخيار الأرخص، عكس ما ساقته الحكومة في خطتها لمواجهة أزمة الكهرباء.
وفي هذا الصدد تحظى جنوب أفريقيا بمستويات عالية من السطوع الشمسي والرياح الجيدة، ما من شأنه أن يقلل تكاليف هذين المصدرين المتجددين، إلى ما يقرب من أدنى مستوياتهما في النطاقات المذكورة سابقًا.
موضوعات متعلقة..
- أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا تشهد خطوة جديدة باتجاه الحل
- أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا تتفاقم بسبب ديون إسكوم
- بعد أن ربطها بالجريمة المنظمة.. إسكوم تجبر رئيسها الـ13 على الرحيل الفوري
اقرأ أيضًا..
- هل تدير أسواق الطاقة ظهرها لاضطرابات البحر الأحمر؟ تجار يجيبون
- مصفاة موتيفا التابعة لأرامكو السعودية تفقد 460 ألف برميل يوميًا
- ماذا يعني التسعير التلقائي للوقود في مصر؟.. وخطوة استثنائية قد تحدث