حوادث خطوط أنابيب البلطيق.. هل يخذل الغاز الطبيعي النرويجي أوروبا هذا الشتاء؟
محمد عبد السند
- أوروبا تحبس أنفاسها بسبب مخاوف إزاء انقطاع وارداتها من الغاز النرويجي
- تبرز النرويج المورد الرئيس للغاز الطبيعي إلى أوروبا
- تصدر الدولة الإسكندنافية الغاز عبر شبكة من خطوط الأنابيب المارة أسفل سطح البحر إلى المستهلكين
- تظل خطوط أنابيب الغاز الواصلة تحت سطح البحر واسعة جدًا إلى الحد الذي يصعب معه حمايتها
- هبطت صادرات الغاز الطبيعي النرويجي الواصلة إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب بنسبة 6.4%
تشتعل المخاوف في أوروبا إزاء الغاز الطبيعي النرويجي في أعقاب الأضرار التي طالت أحد خطوط الأنابيب المارة أسفل بحر البلطيق، نتيجة "نشاط خارجي"، ما يضع مستقبل إمدادات تلك السلعة الحيوية الواصلة إلى أوروبا على صفيح ساخن.
وتبرز النرويج بصفتها المورد الرئيس للغاز الطبيعي إلى أوروبا التي تسعى جاهدةً لفطم نفسها عن إمدادات الطاقة الروسية في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية في 24 فبراير/شباط (2022)، وما تلاها من نقص في إمدادات الطاقة الآتية من موسكو.
وفي العام الماضي (2022)، أصبحت النرويج أكبر مصدر للغاز الطبيعي إلى أوروبا، إذ عززت إنتاجها بنحو 8%، ومع ارتفاع الأسعار، تضاعفت إيرادات الحكومة في البلد الواقع شمال أوروبا من قطاع النفط 3 مرات -تقريبًا- في العام ذاته، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي ضوء ذلك، أثار الضرر الحاصل في خطيْ أنابيب غاز، وبيانات يصلان بين فنلندا وإستونيا أسفل مياه بحر البلطيق في 8 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، مخاوف متنامية إزاء أمن إمدادات الطاقة في دول الشمال الأوروبي، بحسب ما نشرته وكالة رويترز.
خطوط الأنابيب
تُصنف النرويج، جارة فنلندا، أكبر مصدر للغاز في أوروبا، بسعة صادرات تزيد على 120 مليار متر مكعب في العام الماضي (2022).
وتصدّر الدولة الإسكندنافية الغاز عبر شبكة من خطوط الأنابيب المارة أسفل سطح البحر إلى المستهلكين، مثل بريطانيا وألمانيا، إلى جانب كون النرويج مُصدرًا للغاز الطبيعي المسال.
وفي 2022 شحنت النرويج 116.9 مليار متر مكعب من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عبر نظام أنابيب غاز يمتد لأكثر من 8 آلاف و800 متر، ويتألف من 22 خط أنابيب تشغله شركة غازكو Gassco النرويجية.
وعلاوة على ذلك؛ يُصدر الغاز المُنتَج من حقلي ألفهايم Alvheim ومارتن لينغ Martin Linge إلى بريطانيا عبر خطوط أنابيب تديرها شركات تشغيل أخرى.
ويُشَغل خط أنابيب غاز ساغ SAGE الذي ينقل الغاز من ألفهايم، بوساطة شركة أنكالا ميدستريم Ancala Midstream، في حين يُدار خط أنابيب فوكا FUKA الذي يشحن الغاز من مارتن لينغ، بواسطة شركة نورث سي ميدستريم بارتنرز North Sea Midstream Partners.
من يستورد الغاز الطبيعي النرويجي؟
تتصل خطوط أنابيب الغاز الطبيعي النرويجي بـ7 محطات، تمتلك بريطانيا وألمانيا محطتين لكل منهما، إلى جانب بلجيكا والدنمارك وفرنسا التي تمتلك كل منها محطة واحدة.
وتستقبل محطة إيزينغتون Easington الواقعة على الساحل الشرقي لإنجلترا، الغاز الطبيعي النرويجي عبر خط أنابيب لانغيلد، في حين تتصل محطة سانت فيرغوس St Fergus في أسكتلندا بخطي أنابيب فلاغز Flags وفيسترلد Vesterled، وفق بيانات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي ألمانيا تتصل محطتا الغاز الواقعتان في دورنوم وإمدن، على طول الشريط الساحلي لبحر الشمال، بالقرب من الحدود الهولندية، بخطوط أنابيب "يوروبايب 1" و"يوروبايب 2"، و"نوربايب" على الترتيب.
وفي بلجيكا تتصل محطة الغاز الكائنة في ميناء زيبروغ بخط أنابيب "زيبايب"، في حين تستقبل المحطة الواقعة في بلدية دونكيرك الفرنسية الغاز الواصل إليها عبر خط أنابيب "فرانبايب".
ومنذ عام 2022، تستقبل محطة "نيبرو" الواقعة على الساحل الغربي للدنمارك صادرات الغاز النرويجية عبر خط أنابيب البلطيق الذي يعبر الدنمارك قبل مواصلة السير تحت مياه البحر وصولًا إلى بولندا.
الغاز الطبيعي المسال
تدير النرويج -أيضًا- محطة إسالة واحدة في مدينة هامرفست القطبية، وتُعرف باسم ملكويا التي تلامس سعتها الإنتاجية 6.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويًا، ما يمثل قرابة 5% من صادرات الغاز الطبيعي النرويجي.
وفي عام 2022، سجلت صادرات الغاز المسال النرويجي من المحطة المذكورة 3.7 مليار متر مكعب فقط لخروج المحطة من الخدمة حتى نهاية مايو/أيار (2022) في أعقاب حريق نشب في سبتمبر/أيلول (2020).
ورغم أن ناقلات الغاز الطبيعي المسال يمكنها توسيع نطاق وصول الغاز الطبيعي النرويجي إلى ما هو أبعد من أوروبا، فإن الصادرات كافّة ذهبت -تقريبًا- إلى وجهات صادرات في القارة العجوز في العام الماضي (2022).
من يُنتِج الغاز الطبيعي النرويجي؟
جذبت النرويج اهتمام شركات عالمية، من بينها فينترسهال دِيا Wintershall Dea الألمانية، وتوتال إنرجي TotalEnergies الفرنسية، وكونوكوفيبليبس ConocoPhillips الأميركية، وشل Shell متعددة الجنسيات.
ومع ذلك تبرز عملاقة الطاقة النرويجية إكوينور Equinor التي تمتلك الحكومة حصة الأغلبية بها، بصفتها اللاعب الأكبر في قطاع الطاقة في البلاد.
ويلامس إنتاج إكوينور أكثر من 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ما يمثّل 36% من إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي النرويجي البالغ 123.8 مليار متر مكعب في عام 2022.
وعلاوة على ذلك، تبيع إكوينور الغاز الطبيعي نيابة عن شركة بيتورو النرويجية الحكومية التي تمتلك حصص أسهم في حقول غاز بحرية، لكنها لا تشغل أي أصول بنفسها.
إجراءات أمنية مشددة
تراقب النرويج، أكبر مورد للغاز في أوروبا، عن كثب التقدم المُحرز في نتائج التحقيق في الأضرار غير المبررة التي لحقت مؤخرًا بخط أنابيب الغاز في بحر البلطيق، بعد أن عززت الأمن في منشآت الطاقة لديها في أعقاب الانفجارات التي طالت خط أنابيب غاز نورد ستريم في 2022، وفق ما قاله موقع ناشورال غاز وورلد Natural Gas World.
وقال ناطق باسم شركة غازكو المشغلة لشبكة أنابيب الغاز في النرويج: "نحن الآن في مباحثات مكثفة مع سلطات الأمن المعنية، ونتابع الموقف عن كثب لتقييم الإجراءات الأمنية ذات الصلة"، خلال تصريحات أدلى بها إلى وكالة رويترز، وتابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف المتحدث: "لم يجر الإبلاغ عن أي حوادث مماثلة في النرويج".
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، قالت مصادر في الشرطة النرويجية إنها كثفت الدوريات الأمنية في محيط التركيبات البحرية على الساحل الغربي، الذي يضم مصفاة نفط مونغستاد، ومحطتين لمعالجة الغاز: كولسنيس وكارستو.
من جهته، قال متحدث باسم هيئة صناعة النفط "أوفشور نورغ": "المستوى الأمني في تزايد مستمر منذ أحداث العام الماضي، وما يزال على تلك الحالة"، في إشارة منه إلى أعمال التخريب التي طالت خط أنابيب نورد ستريم في سبتمبر/أيلول (2022).
ومع ذلك تظل خطوط أنابيب الغاز الواصلة تحت سطح البحر واسعة جدًا إلى الحد الذي يصعب معه حمايتها.
وفي هذا السياق قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، ينس ستولتنبرغ: "نحن نتحدث عن آلاف الكيلومترات من خطوط أنابيب الغاز"، في تصريحات أدلى بها في 12 أكتوبر/تشرين الأول (2023) في أعقاب اجتماع على مدار يومين للحلف، ناقش واقعة بحر البلطيق.
وأضاف ستولتنبرغ: "بالطبع يستحيل توفير وجود عسكري على طول خطوط أنابيب الغاز تلك، والبنية التحتية ذات الصلة طوال الوقت".
صادرات الغاز الطبيعي النرويجي
هبطت صادرات الغاز الطبيعي النرويجي الواصلة إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب بنسبة 6.4% على أساس سنوي، نتيجة أعمال الصيانة المكثفة التي خضعت لها تلك الأنابيب، غير أن البلد الأوروبي مستعد لإتاحة الغاز الذي تشتد إليه الحاجة في فصل الشتاء، حسبما أعلن رئيس شركة غازكو، فرودي ليفرزوند في تصريحات إلى وكالة رويترز.
ولامس إجمالي تسليمات الغاز الطبيعي النرويجي الواصلة عبر خطوط الأنابيب من قبل شركة غازكو خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب (2023) 73 مليار متر مكعب، منخفضًا من 78 مليار متر مكعب في المدة نفسها من عام 2022.
موضوعات متعلقة..
- كيف تصل صادرات الغاز النرويجية إلى الأسواق الأوروبية؟
- الغاز النرويجي يغزو أوروبا في 2023 رغم ثبات الإنتاج.. هل تواصل الجزائر المنافسة؟
- حقول النفط والغاز النرويجية تجذب استثمارات بأكثر من 20 مليار دولار
- صناعة النفط والغاز النرويجية تترقب 10 مشروعات جديدة قبل نهاية 2022
اقرأ أيضًا..
- طرح أول مناقصة لبيع الهيدروجين الأخضر عبر خطوط الغاز في أوروبا
- قصة مدينة أميركية عمرها 400 عام تهددها التغيرات المناخية بالغرق (صور)
- نتاج أوبك النفطي في سبتمبر يقفز 273 ألف برميل يوميًا
- أنس الحجي: الغاز الإسرائيلي في ورطة.. وهذا موقف مصر