إنتاج الغاز غير التقليدي ينتظر طفرة لتلبية الطلب المتزايد.. ما دور السعودية؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- اكتشافات الغاز التقليدي تواجه ترددًا في اتخاذ القرارات الاستثمارية.
- حصة الغاز غير التقليدي العالمية تضاعفت مرات خلال عقدين.
- توقعات بوصول حصة الغاز غير التقليدي إلى الثلث بحلول 2030.
- الشرق الأوسط سيؤدي دور المحرك الرئيس، والسعودية الأبرز.
- إنتاج حقل الجافورة الصخري قد يمثل 15% من الغاز السعودي.
شهد إنتاج الغاز غير التقليدي زخمًا واسعًا على مدار السنوات الماضية، مع توقعات باقتناصه حصة متزايدة من الإمدادات؛ لتلبية الطلب العالمي، وسط تراجع الاكتشافات التقليدية.
ورجّح تقرير حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- الحاجة إلى مزيد من إنتاج الغاز الطبيعي في العالم لتلبية ارتفاع الطلب المستمر والمتوقع حتى عام 2040.
وتوقع التقرير الصادر عن شركة أبحاث الطاقة "ريستاد إنرجي" عدم كفاية إنتاج الغاز من الحقول الحالية لتلبية الطلب حتى عام 2040، حتى في ظل سيناريوهات ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.9 درجة أو 2.5 درجة مئوية والنمو السريع للطاقة المتجددة؛ ما يعني الحاجة إلى تعزيز إنتاج الغاز غير التقليدي.
كما توقّع التقرير أن تؤثر توقعات الطلب العالمي المرتفع خلال العقد المقبل في زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 12.5% خلال المدة من 2023 إلى 2030.
طفرة الغاز غير التقليدي
تراهن ريستاد إنرجي على تأدية المناطق الجغرافية الغنية بالغاز مثل الشرق الأوسط، مثل حوض الربع الخالي، دورًا رئيسًا في تلبية الطلب مع قدرتها على توفير 20 مليون طن سنويًا من الغاز المسال بحلول 2040.
وشهد إنتاج الغاز غير التقليدي مثل الغاز الصخري نموًا سريعًا في السنوات الأخيرة، بسبب التقدم التقني وانخفاض المدد الزمنية للإنتاج؛ ما أسهم في تضاعف حصته في إمدادات الغاز العالمية خلال العقدين الأخيرين من 4% عام 2000 إلى 12% في عام 2022.
وتشير التوقعات إلى أن الغاز غير التقليدي سيواصل تأدية دور بارز مع ارتفاع حصته إلى الثلث تقريبًا من إجمالي الإنتاج العالمي للغاز الطبيعى بحلول عام 2030، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتستند هذه التوقعات إلى تراجع نسب نجاح استكشاف النفط والغاز التقليدي خلال العقد الماضي بصورة ملحوظة؛ ما أدى إلى تراجع إجمالي إمدادات الغاز التقليدي في العالم.
ويرجح هذا الوضع تحول البلدان المعتمدة على المصادر التقليدية للغاز إلى تطوير الكميات غير التقليدية إذا لم تُضَخ استثمارات جديدة في الغاز التقليدي خلال السنوات المقبلة، بحسب ريستاد إنرجي.
اكتشافات الغاز التقليدي تواجه تحديات
يطلق النفط أو الغاز غير التقليدي على الموارد المستخرجة بطرق غير تقليدية مثل النفط والغاز الصخريين في أميركا عن طريق الحفر الأفقي والتكسير المائي (الهيدروليكي)، ويختلف هذا النوع عن النفط والغاز التقليدي المستخرج بطريقة الحفر المعروفة عبر اندفاع النفط إلى الأعلى، وهو النوع السائد في أغلب العالم، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأدت زيادة تدفقات الغاز غير التقليدي بأسعار معقولة مع الإمدادات المستمرة من الدول المصدرة مثل روسيا إلى إضعاف جهود التنقيب عن الغاز التقليدي خلال السنوات الأخيرة.
ولم يزِد إنتاج الغاز التقليدي على 32% من الكميات المكتشفة منذ عام 2010، مع وجود أكثر من 50% من الكميات المكتشفة دون موافقة على تطويرها حتى الآن؛ ما يشير إلى وجود عقبات وتردد في تطوير بعض هذه الاكتشافات.
وهيمنت روسيا والشرق الأوسط تاريخيًا على إنتاج الغاز التقليدي، ولا يتوقع تباطؤ إنتاجهما في الأمد القريب؛ إذ تعمل هذه الدول -في الشرق الأوسط تحديدًا- على زيادة أحجام الغاز في إطار إستراتيجياتها الجديدة لتحول الطاقة.
ما دور السعودية في معادلة الإنتاج؟
يراهن على الغاز الطبيعي لتأدية دور انتقالي في خطط تحول الطاقة العالمية الرامية إلى خفض الانبعاثات والوصول إلى عالم محايد كربونيًا بحلول عام 2050 أو 2060 في أغلب دول العالم.
ومن المتوقع أن يؤدي الشرق الأوسط دور المحرك الرئيس في هذا التحول، مع تحركه نحو تطوير وزيادة أحجام الغاز، خاصة الاكتشافات غير التقليدية، بحسب محلل النفط والغاز في ريستاد إنرجي آتيشا ماهاجان.
يوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إنتاج الغاز في السعودية منذ عام 1970 حتى 2022:
وتصنّف منطقة مجلس التعاون الخليجي تاريخيًا بأنها مركز لإنتاج النفط والغاز، لكن خلال السنوات الأخيرة حدث انخفاض في الاكتشافات التقليدية الكبيرة؛ ما دفع بلدان المنطقة إلى زيادة استكشاف الموارد غير التقليدية.
وتعد المملكة العربية السعودية مثالًا بارزًا على هذا التحول؛ حيث تهدف المملكة إلى خفض الاعتماد على النفط تدريجيًا في إنتاج الكهرباء، عبر زيادة حصة كل من الطاقة المتجددة والغاز إلى 50% لكل منهما بحلول عام 2030.
وتعتمد السعودية على الغاز الطبيعي بنسبة 67% في توليد الكهرباء، بينما تعتمد على النفط بنحو 32.7%، إلى جانب نسبة ضئيلة من الطاقة المتجددة (الشمس والرياح بصفة خاصة)، بحسب بيانات عام 2022، الصادرة عن معهد الطاقة البريطاني.
ومن المتوقع أن يدعم هذا التحول تنويع مشهد الطاقة في السعودية باتجاه الغاز الذي يتوقع زيادة الطلب عليه إلى 125 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2030.
تطوير حقل الجافورة بـ100 مليار دولار
تحتاج المملكة إلى تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي من حقول الغاز غير المصاحب إضافة إلى حقول الغاز غير التقليدي، مثل حقل الجافورة، أكبر حقل للغاز الصخري الغني بالسوائل في الشرق الأوسط.
ورصدت شركة أرامكو السعودية العملاقة استثمارات تقدر بـ100 مليار دولار لتطوير مشروع حقل الجافورة، وسط توقعات بالوصول إلى ذروته إنتاجه من الغاز الصخري عند 2 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول عام 2030.
وتقدر ريستاد إنرجي الوصول إلى هدف الذروة الإنتاجية متأخرًا قليلًا بعد عام 2035؛ ما يمثّل 15% من إجمالي إنتاج الغاز في السعودية بحلول هذا التاريخ.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- إمكانات حقل الجافورة السعودي واحتياطياته وخطة إنتاجه:
وبصفة عامة، رغم توقعات ارتفاع الطلب العالمي على الغاز حتى عام 2035؛ فإن ريستاد إنرجي ما زالت تتوقع وصول حقول الغاز المنتجة وتحت التطوير -حاليًا- إلى ذروتها الإنتاجية خلال العامين المقبلين، قبل أن تبدأ في الانخفاض تدريجيًا، حتى مع أخذ الحقول التي لم تصل إلى قرار الاستثمار النهائي في الحسبان.
وتشير سيناريوهات الاحتباس الحراري لدى شركة الأبحاث النرويجية، إلى أن العالم ما زال بحاجة إلى مزيد من عمليات استكشاف الغاز وإنتاجه حتى في سيناريو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.9 درجة أو 2.5 درجة مئوية.
وفي كل السيناريوهات باستثناء 1.6 درجة مئوية، هناك حاجة إلى موارد غاز إضافية لتلبية الطلب؛ ما يعنى أن زيادة الاستثمارات في أحواض الغاز الحالية أو في الدول الغنية بالغاز صار أمرًا ضروريًا.
موضوعات متعلقة..
- الإنفاق على آبار النفط والغاز المنتجة قد يقفز 20%..السعودية والجزائر أكبر اللاعبين
- أرامكو السعودية تمنح عقدًا جديدًا لتطوير الغاز الطبيعي غير التقليدي
- الغاز غير التقليدي.. سلاح صيني جديد في معركة أمن الطاقة
- حقل الجافورة السعودي يحوي أكبر طبقة غاز صخري في الشرق الأوسط (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- سر إقالة "حكار" من رئاسة سوناطراك.. هل يتغلب حشيشي على التحديات؟
- توقعات بتراجع صادرات أستراليا من الغاز المسال إلى 79 مليون طن سنويًا
- الشرق الأوسط والأميركتان يستحوذان على ثلثي إنتاج النفط والغاز بحلول 2030 (تقرير)