في تطور جديد، أقرّت شركة شحن يونانية بانتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على النفط الإيراني المحظور.
وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عقوبات اقتصادية على إيران لمنعها من تطوير أسلحة نووية، لكن اتفاقًا أُبرم في 2015 مكّن الدولة الشرق أوسطية من ضخ النفط بحُريّة، ثم جاء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وأعلن انسحاب بلاده من الاتفاق، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
ووافقت شركة "إمباير نافيجيشن" (Empir Navigation) على دفع غرامة قدرها 2.4 ملايين دولار نظير نقل النفط من إيران، بالإضافة لخضوعها تحت المراقبة لمدة 3 سنوات، بحسب تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس (Associated Press) الأميركية.
الناقلة سويز راجان
كانت شحنة النفط الإيرانية على متن الناقلة "سويز راجان"، وصادرتها الولايات المتحدة في أبريل/نيسان المنصرم 2023، عندما كانت في طريقها إلى الصين.
في المقابل، ردّت إيران باحتجاز ناقلة أميركية أخرى تدعى "أدفانتيدج سويت" (Advantage Sweet) التي كانت تنقل النفط الكويتي إلى شركة شيفرون الأميركية (Chevron).
يأتي ذلك رغم التقارب الأميركي-الإيراني مؤخرًا بشأن الإفراج عن أموال إيرانية في كوريا الجنوبية مقابل الإفراج عن 5 سجناء أميركيين، وإطلاق واشنطن سراح عدد من الأسرى الإيرانيين، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت "الناقلة سويز راجان" مملوكة لشركة خاصة في لوس أنغلوس، ثم بيعت لشركة إمباير اليونانية في مايو/أيار 2023.
ومكثت ناقلة النفط الإيراني "سويز راجان" في بحر الصين لعدّة أشهر قبالة الساحل الشمالي الشرقي لسنغافورة، قبل أن تنتقل فجأة إلى ساحل ولاية تكساس الأميركية، وأفرغت حمولتها في هيوستن.
وبدأت قصة ناقلة النفط "سويس راجان في فبراير/شباط من العام الماضي 2022، عندما قالت مجموعة "متحدون ضد إيران النووية"، إنها تشتبه في نقل السفينة للنفط الإيراني من جزيرة خرج قبالة سواحل إيران، وهي محطة نفط رئيسة في الخليج العربي.
مخاوف من انتقام إيراني
طلبت الحكومة الأميركية من المحكمة إغلاق أوراق القضية خوفًا من أن يُسبب الإعلان "مخاطر أمنية للمدّعى عليهم وللحكومة وناقلة سويز راجان وأفراد طاقمها"، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
يأتي ذلك بعدما هددت إيران بالتصعيد، واتخاذ إجراءات انتقامية ضد أيّ شركة تُقدِم على تفريغ حمولة ناقلة النفط الإيراني "سويز راجان" المحتجزة قبالة سواحل أميركا.
وحذّر قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني، علي رضا تنكسيري، يوم 20 يوليو/تموز (2023)، أيّ شركة تُقدِم على تفريغ حمولة ناقلة النفط سويز راجان المحتجزة في أميركا.
كما استدعت طهران سفير سويسرا لديها للتعبير عن غضبها، إذ إن سويسرا تعنى بالمصالح الأميركية في إيران منذ أزمة عام 1979.
وحذّرت المنظمات البحرية المدعومة من الغرب من تصاعد النشاط الإيراني للسيطرة على السفن بالقرب من مضيق هرمز؛ إذ يمثّل ذلك تهديدًا لمسار الشحن العالمي عبر مضيق هرمز الذي يمرّ من خلاله 20% من النفط العالمي.
كما تُحجِم الشركات الأميركية عن شراء الشحنة الإيرانية؛ خوفًا من ردّ فعل إيران، إذ قال مسؤول تنفيذي معني بالمسألة: "الشركات التي تنقل النفط ولها علاقات شحن في الخليج العربي تخشى فعل ذلك"، وفق ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".
وردًا على ذلك، عززت البحرية الأميركية وجودها في الشرق الأوسط، وأرسلت حاملة الجنود والطائرات "يو إس إس باتان" إلى مضيق هرمز.
كما تدرس أميركا نشر جنود مسلحين على السفن التجارية في المضيق لمنع إيران من الاستيلاء على السفن.
ملايين الدولارات لخزينة أميركا
كشفت المذكرة القضائية التي أصدرتها المحكمة الفيدرالية في واشنطن أن شركة الشحن اليونانية "إمباير نافيجيشن" وقّعت اتفاقية لتأجيل المحاكمة مع السلطات الأميركية يوم 19 أبريل/نيسان 2023، وبموجبها تعهدت بنقل نحو مليون برميل من النفط الإيراني لمصادرته في أميركا.
وتعتمد وثائق المحكمة على صور للأقمار الصناعية ووثائق أخرى تُثبت أن السفينة سويس راجان سعت لإخفاء تحميلها النفط الخام من ناقلة أخرى.
ويمثّل ذلك أول اعتراف علني من السلطات بأن أميركا قد استولت على نحو مليون برميل من النفط من الناقلة "سويس راجان"، كما تسلّط الضوء على العالم المظلم لمحاولة النفط الإيراني الخام التملص من العقوبات الغربية.
ومنذ عام 2019، تستولي الولايات المتحدة وحلفاؤها على شحنات النفط الإيراني، وهو ما أدى إلى وقوع سلسلة من الهجمات المنسوبة لإيران، واستيلاء قواتها العسكرية وشبه العسكرية على السفن.
من جانبها، تقول وزارة الخزانة الأميركية، إن عائدات تهريب النفط الإيراني تدعم "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، وتعمل بمنطقة الشرق الأوسط.
وتربط وثائق المحكمة بين الحرس الثوري وتجارة النفط الإيراني المهرّب للخارج.
وتعليقًا على الأزمة، قال مستشار تحرير الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الأميركيين سيطروا على ناقلة نفط يونانية محمّلة بالنفط الإيراني، ويقولون، إنها مخالفة للعقوبات، وأتوا بها إلى هيوستن، وبدؤوا تفريغها منذ أيام قليلة.
وأضاف: "نحن نتكلم عن مئات السفن شهريًا، ولكن الخبر الذي راج بصورة كبيرة هو خبر سفينة واحدة مملوكة لشركة يونانية بسيطة جدًا".
وأكد الحجي أنه لا يوجد شيء مهم في الأمر، ولكن الاستيلاء على هذه السفينة أعطى الحكومة الأميركية القدرة على الاستحواذ على 56 مليون دولار، ثمن النفط الذي تحمله، ولكن الغريب في الأمر أن هذا المبلغ سيذهب إلى صندوق لضحايا الإرهاب في حادثة 11 سبتمبر/أيلول 2001.
النفط الإيراني في أغسطس
سجل إنتاج وصادرات النفط الإيراني انتعاشة كبيرة خلال شهر أغسطس/آب المنصرم 2023، رغم العقوبات.
وتقول شركة "إس في بي إنترناشونال" SVB International، إن إنتاج النفط الإيراني في أغسطس/آب 2023 ارتفع إلى 3.15 مليون برميل يوميًا، في أعلى مستوى له منذ 2018.
كما استقرت صادرات النفط الخام والمكثفات عند أقلّ من مليوني برميل يوميًا، بحسب التقرير الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وبحسب تقديرات شركة أخرى لتتبّع مواقع السفن -رفضت الكشف عن هويتها-، فإن صادرات النفط الإيرانية في أغسطس/آب 2023 تجاوزت 1.5 مليون برميل يوميًا.
كما يقول موقع "تانكر تراكرز" TankerTrackers.com، المتخصص في تتبّع مواقع السفن وشحنات النفط، إن صادرات النفط والمكثفات الإيرانية بلغت 1.92 مليون برميل يوميًا خلال الأيام الـ27 الأولى من أغسطس/آب 2023، شكّلت حصة الخام منها 1.77 مليون برميل يوميًا.
ورغم أنه لا توجد بيانات رسمية بشأن صادرات النفط الإيراني، فإن شركات تتبّع السفن تستعمل البيانات المجمعة من الأقمار الصناعية، وعمليات الشحن في المواني لرصد تدفقات الخام.
وتتوقع إيران وصول إنتاج النفط الخام إلى 3.4 ملايين برميل يوميًا بحلول نهاية شهر سبتمبر/أيلول الجاري 2023.
موضوعات متعلقة..
- صادرات النفط الإيراني تنتعش في أغسطس.. هل رُفعت العقوبات الأميركية سرًا؟
- كيف اختفى المخزون العائم من النفط الإيراني دون اتفاق نووي؟ أنس الحجي يجيب (صوت)
- مسؤول سابق: النفط الإيراني مُحاصَر.. والخفض السعودي غير كافٍ للمنافسة
اقرأ أيضًا..
- التنقيب عن النفط والغاز في المغرب يشهد تحركات من شركات عالمية
- تقرير: أسعار النفط سترتفع إلى 95 دولارًا بعد قرار السعودية وروسيا
- تفاصيل تصدير أول شحنة غاز مسال مصرية منذ 4 أشهر (خاص)