تعزيز التقنيات النظيفة طريق الهند لتحقيق هدف استقلال الطاقة (تقرير)
والوصول إلى الحياد الكربوني
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- الهند تُحقق تقدمًا في إزالة الكربون من قطاع الكهرباء.
- الطاقة النظيفة تدعم استقلال الطاقة وإزالة الكربون في الهند.
- الطاقة المتجددة في الهند تمثل أقل من ربع قدرة توليد الكهرباء.
- الهند تحتاج إلى ضخ استثمارات ضخمة لخفض انبعاثات استعمال الوقود الأحفوري.
يُعَد تسريع نشر التقنيات النظيفة؛ على رأسها الطاقة الشمسية والرياح والسيارات الكهربائية، أبرز الحلول أمام الهند لكي تتمكن من الوصول إلى ذروة الانبعاثات قبل عام 2030 وتحقيق هدف استقلال الطاقة بحلول 2047.
ويرى تقرير حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن سعي الهند للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 يعمل على توفير فرص استثمارية تقترب من 12.7 تريليون دولار، ويدعم هدف استقلال الطاقة.
وتناول التقرير الصادر عن منصة بلومبرغ نيو إنرجي فايننس المتخصصة (BloombergNEF) سيناريوهين حول توقعات تحولات الطاقة في الهند والفرص والتحديات التي تتعرض لها البلاد في أثناء تنفيذ خطة الوصول إلى الحياد الكربوني ونشر التقنيات النظيفة.
توقعات السيناريوهات
في السيناريو الأساسي للتحول الاقتصادي، بما يتوافق مع ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 2.6 درجة مئوية بحلول عام 2050، يرى التقرير أن الهند ستنجح في تحقيق تقدم كبير نحو هدفي استقلال الطاقة وإزالة الكربون، إلا أنها لن تحقق أيًا من الهدفين بصورة كاملة بحلول 2050.
وفي ظل السيناريو الثاني وهو الوصول إلى الحياد الكربوني، يتطلب من الحكومة الهندية العمل على تعزيز الدعم الحكومي واستثمارات القطاع الخاص والاعتماد على التقنيات النظيفة، التي أثبتت جدارتها عالميًا، وبفضل ذلك قد تنجح البلاد في تحقيق هدف استقلال قطاع الطاقة منتصف القرن (2050)، وبأقل تكلفة.
ومن شأن تحقيق استقلال الطاقة أن يوفر فوائد اقتصادية وبيئية كبيرة، ويشمل ذلك 2.5 تريليون دولار من مدخرات المستهلكين حتى عام 2047، وخفض نفقات واردات الوقود الأحفوري بنسبة 90% أو 240 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2047، فضلًا عن تمكين التزام البلاد بهدف الحياد الكربوني قبل الموعد المحدد بحلول 2070، وفق لدراسة أجراها مختبر لورانس بيركلي الوطني في أميركا.
وتؤكد بلومبرغ نيو إنرجي فايننس أن الهند تحقق تقدمًا في إزالة الكربون من قطاع الكهرباء، وهو ما يبرز بشكل واضح في نشر التقنيات النظيفة عبر إضافة نحو 53 غيغاواط من الطاقة الشمسية والرياح بين عامي 2018 و2022، منها 16 غيغاواط من السعة الشمسية على نطاق المرافق خلال العام الماضي فقط.
ورغم ذلك النجاح، تمثل الطاقة الشمسية والرياح أقل من ربع قدرة توليد الكهرباء في البلاد حتى الآن، بينما يستحوذ الفحم والمصادر الأحفورية الأخرى على النسبة المتبقية؛ ما يجعل قطاع الكهرباء في الهند الأكثر انبعاثًا للغازات الضارة.
ويستعرض الإنفوغرافيك التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، أكثر 10 دول اعتمادًا على الفحم في العالم، وتأتي الهند بالمركز الثالث:
التقنيات النظيفة أرخص وسيلة لإزالة الكربون
توصل تحليل بلومبرغ نيو إنرجي إلى أن نشر التقنيات النظيفة ومنها الطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة إلى الطاقة النووية وتخزين الكهرباء، واحتجاز الكربون وتخزينه بمحطات توليد الكهرباء التقليدية، يمثل أرخص وسيلة للهند لإزالة الكربون من قطاع الكهرباء.
ويشار إلى أن محطات الطاقة النظيفة من المصدر الشمسي والرياح الجديدة في الهند نجحت بالفعل في خفض تكلفة توليد الكهرباء مقارنة بمحطات الكهرباء التقليدية.
ويؤكد التقرير أنه بحلول منتصف العقد المقبل (2035) ستكون تكلفة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، أرخص مقارنة بتكلفة المحطات العاملة بالفحم، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وفي سيناريو الحياد الكربوني، من المتوقع أن تنمو إجمالي القدرة المركبة من الطاقة الشمسية والرياح بمقدار 30 مرة لترتفع من 99 غيغاواط في عام 2021 إلى 2998 غيغاواط بحلول عام 2050.
ومن المقرر -بحسب السيناريو- أن يشكل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح 80% من الكهرباء المولّدة في عام 2050، بالإضافة إلى نسبة 9% توفرها الطاقة النووية.
بينما ستأتي النسبة المتبقية من التوليد عبر محطات الطاقة المائية والكتلة الحيوية والهيدروجين ومحطات الطاقة التقليدية المجهزة بتقنية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه.
أما في السيناريو الأساسي لبلومبرغ نيو إنرجي؛ فمن المتوقع أن تهيمن التقنيات النظيفة (الطاقة الشمسية والرياح) على نسبة أقل تبلغ 67% من الكهرباء المولدة بحلول عام 2050.
فرص استثمارية كبيرة
من المتوقع أن يسهم سعي الهند للوصول إلى حيادية الكربون في توفير فرص استثمارية لا تقل عن 12.7 تريليون دولار، بمتوسط سنوي قدره 438 مليار دولار وهو ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع.
وفي السيناريو الأساسي للتحول الاقتصادي، من المتوقع أن تصل استثمارات العرض والطلب على الطاقة لنحو 7.6 تريليون دولار خلال المدة الزمنية من 2022 حتى 2050 بمتوسط سنوي قدره 262 مليار دولار.
وعلى صعيد استثمارات الوقود الأحفوري، من المتوقع أن تنخفض من 317 مليار دولار في سيناريو التحول الاقتصادي إلى 142 مليار دولار في سيناريو الحياد الكربوني، وفق التقرير، الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
كما يشير التقرير إلى أن الهند تحتاج إلى استثمار نحو 870 مليار دولار في مجال احتجاز الكربون وتخزينه من أجل خفض الانبعاثات الناتجة عن استعمال الوقود الأحفوري، بحسب سيناريو الحياد الكربوني.
وضمن إطار نشر التقنيات النظيفة، تستحوذ مبيعات السيارات الكهربائية على الحصة الأكبر من استثمارات الطلب على الطاقة في السيناريوهين.
ويتوقع سيناريو الحياد الكربوني إنفاق نحو 3.9 تريليون دولار على نشر المركبات الكهربائية؛ ما يتطلب جهودًا سياسية من قِبل الدولة للانتقال إلى أسطول سيارات خالٍ من الانبعاثات بحلول عام 2050.
بينما توقع الباحث المشارك بالشأن الهندي في بلومبرغ نيو إنرجي فايننس، كومال كارير، أن يؤدي انخفاض تكاليف البطاريات إلى تسريع نشر السيارات الكهربائية بعد عام 2030، وهو ما يشجع التصنيع المحلي للسيارات والبطاريات في الوقت نفسه.
ويرى رئيس أبحاث الشأن الهندي في بلومبرغ نيو إنرجي، شانتانو جايسوال، أنه بفضل السيارات الكهربائية والتقنيات النظيفة الأخرى يمكن للهند التخلص من الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري وتحقيق استقلال الطاقة بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها في عام 2047.
دور كبير للهيدروجين النظيف
من المتوقع كذلك أن تكون للهيدروجين وتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه أهمية كبيرة في محاربة الانبعاثات الصناعية المتزايدة، بالتوازي مع نشر التقنيات النظيفة الأخرى على رأسها الشمس والرياح.
وفي سيناريو التحول الاقتصادي، من المقدر أن تتجاوز انبعاثات قطاع الصناعة في الهند قطاع الكهرباء بحلول أوائل أربعينيات القرن الحالي (2040)، بدافع من نمو صناعات الصلب والألومنيوم والبتروكيماويات والأسمنت.
وعلى سبيل المثال، من المتوقع أن تتضاعف انبعاثات صناعة الصلب في الهند من 351 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون إلى 948 مليون طن خلال المدة الزمنية من 2021 حتى 2050، بسبب زيادة استهلاك القطاع للفحم.
وفي السياق نفسه، من المتوقع ارتفاع استهلاك صناعة الأسمنت من الفحم لـ5 مرات ليصل إلى 83 مليون طن بحلول عام 2050، لترتفع انبعاثات القطاع بمقدار 5 أمثال إلى 289 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول منتصف القرن.
ومن هنا، ترى بلومبرغ نيو إنرجي أن الهيدروجين الأخضر واحتجاز الكربون وتخزينه عنصران أساسيان في إزالة الكربون من قطاع الصناعة.
وفي سيناريو الحياد الكربوني، يمكن أن يسهم استعمال الهيدروجين النظيف في خفض انبعاثات صناعة الصلب بنسبة 54% خلال المدة الزمنية من 2022 حتى 2050، وكذلك خفض انبعاثات إنتاج الأسمنت بنسبة 56%.
ووفق السيناريو نفسه؛ فإن انبعاثات القطاع الصناعي في الهند تبلغ ذروتها في عام 2031، ومن ثم تبدأ في الانخفاض الحاد بمنتصف ثلاثينيات القرن الحالي بدافع من زيادة استعمال الهيدروجين واحتجاز الكربون وإزالته من إنتاج الصلب والأسمنت والبتروكيماويات.
ومن المتوقع بحلول عام 2050، أن يرتفع الطلب المحلي على الهيدروجين بنحو 10 أمثال ليصل إلى 53 مليون طن، بدعم من زيادة الاعتماد على أفران الاختزال المباشر التي تعمل بالهيدروجين في صناعة الصلب.
موضوعات متعلقة..
- المصادر المتجددة ستمثل 65% من مزيج الطاقة في الهند بحلول 2030 (تقرير)
- زيادة قدرات الفحم في الهند نكسة لتحول الطاقة.. وحل وحيد للأزمة (تقرير)
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في الهند ماضٍ دون "توتال إنرجي".. ما السبب؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- شركات النفط الصخري الأميركية تعزز إنفاقها.. هل انتهت إستراتيجية الانضباط المالي؟
- صفقة شركة وقود الجيش المصري تقترب من الحسم.. من يفوز بـ"وطنية"؟
- هل صادرات النفط والغاز في الجزائر وراء استبعادها من عضوية بريكس؟