التقاريرتقارير الطاقة النوويةرئيسيةطاقة نووية

اليورانيوم في النيجر.. ثروة ضخمة تتصارع عليها فرنسا وروسيا (تقرير)

يشكّل اليورانيوم في النيجر واحدًا من معطيات الأزمة السياسية والانقلاب الذي شهدته البلاد الأسبوع الماضي، بعد أن أطاح عدد من القادة العسكريين بالرئيس محمد بازوم.

ووسط إدانات دولية ومظاهرات محلية ما بين مؤيدة ورافضة للانقلاب العسكري، برزت أسماء عدد من اللاعبين الدوليين وسط الأزمة، على رأسهم فرنسا وروسيا.

ففي الوقت الذي تلوح فيه إشارات إلى دعم روسي لقادة الانقلاب العسكري في النيجر، تهدد فرنسا بالتصعيد واتخاذ إجراءات عقابية من شأنها التأثير في مستقبل البلد الذي يعدّ أحد حلفاء باريس في منطقة الساحل الأفريقي.

احتياطيات اليورانيوم في النيجر

تعدّ النيجر سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وفقًا للرابطة النووية العالمية، وأحد أكبر المورّدين لهذه المادة -المستعملة في توليد الكهرباء من الطاقة النووية- إلى فرنسا وأوروبا.

ويعدّ المعدن المشعّ الوقود الأكثر استعمالًا للطاقة النووية، كما أنه يُستعمل في علاج السرطان، وللدفع البحري، وفي الأسلحة النووية.

وبلغ إنتاج اليورانيوم في النيجر -التي تمتلك خامات يورانيوم عالية الجودة في إفريقيا- 2020 طنًا في عام 2022، أي نحو 5% من الإنتاج العالمي، متراجعًا من 2991 طنًا في عام 2020، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

أحد مواقع تعدين اليورانيوم في النيجر
أحد مواقع تعدين اليورانيوم في النيجر - أرشيفية

وتمتلك النيجر عملية تعدين رئيسة واحدة في الشمال تديرها شركة أورانو "Orano" الفرنسية المملوكة للدولة، ومنجم رئيس آخر أُغلِق عام 2021، مع واحد قيد التطوير.

وقالت أورانو يوم الجمعة 28 يوليو/تموز 2023، إنها تواصل التعدين رغم "الأحداث الأمنية" الجارية، موضحة أن محطات الطاقة النووية الفرنسية استحوذت على أقلّ من 10% من إنتاج الشركة من اليورانيوم في النيجر.

وبدأت الشركة النووية الفرنسية تعدين احتياطيات اليورانيوم في النيجر منذ عام 1970، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة

مواقع تعدين اليورانيوم في النيجر

يقع العديد من مواقع التعدين المفتوحة بالقرب من مدينة أرليت، في الشمال الغربي، وتديرها شركة "سومير" Somair، وهي مشروع مشترك بين "أورانو" و"سوبامين" Sopamin المملوكة للدولة في النيجر.

وأنتج منجم أكوتا لليورانيوم "Akouta Mine" تحت الأرض بالقرب من أكوكان، جنوب غرب أرليت، 75 ألف طن من اليورانيوم منذ عام 1978 حتى مارس/آذار 2021 ، عندما أُغلِق بعد استنفاد احتياطياته من الخام.

ومنجم أكوتا مملوك لشركة "كوميناك" Cominak التي تملك "أورانو" 59% من أسهمها مقابل 31% لشركة "سوبامين" و10% لشركة "إينوسا" Enusa المملوكة للدولة الإسبانية.

ويحتوي منجم "إيمورارين" Imouraren، الواقع على بُعد 50 ميلاً جنوب أرليت، على واحد من أكبر احتياطيات اليورانيوم في العالم، حسبما ذكرت وكالة رويترز.

مُنِح تصريح تشغيل المنجم في عام 2009، ولكن عُلِّقَ العمل على تشغيل المنجم في عام 2014 حتى تتحسن أسعار اليورانيوم، من أجل تحقيق مكاسب تجارية مثمرة.

الصراعات السياسية في النيجر

قال ضباط عسكريون في النيجر يوم الجمعة 28 يوليو/تموز، إنهم علّقوا العمل بالدستور وحلّ جميع المؤسسات بعد الإطاحة بالرئيس محمد بازوم.

وبعد الانقلاب على الرئيس محمد بازوم، الأربعاء 26 يوليو/تموز (2023)، وتوجيه القادة الجدد تحذيرًا لباريس من التدخل، بات مصير القوات الفرنسية البالغ عددها 1500 عسكريًا هناك محلّ قلق، إذ إن النيجر تعدّ أحد أهم شركاء باريس في غرب أفريقيا، بعد طرد قواتها من مالي المجاورة عام 2022.

ووسط قرارات أوروبية وأفريقية وأميركية بوقف الدعم المالي المقدّم إلى النيجر، وإعطاء العسكريين مهلة 15 يوما لإعادة "السلطة الدستورية"، تلوح في الأفق إشارات إلى دعم روسي.

فبعد أن خرجت خلال اليوم الأول للانقلاب أعداد لدعم الرئيس بازوم، انطلقت عدّة مظاهرات في اليوم التالي لأنصار مؤيدين للانقلاب إلى الشوارع، وحاصرت السفارة الفرنسية ورفعت شعارات "تسقط فرنسا"، "تحيا روسيا".

وأكدت نتائج الاجتماع الأمني الذي عقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن النيجر السبت الماضي قلق باريس بشأن مصالحها في البلد الأفريقي، وخوفًا من تراجع نفوذها لصالح قوى أخرى، وهو ما قد يعيد تشكيل الخريطة السياسية في المنطقة.

وأعلنت باريس عدّة قرارات عقابية، في اجتماع مجلس الدفاع والأمن القومي المخصص للنيجر برئاسة إيمانويل ماكرون، تضمَّن تعليق جميع الإجراءات الخاصة بالمساعدات التنموية التي تقدّمها للنيجر، وتعليق ما يخصّ دعم ميزانية الدولة الواقعة غرب أفريقيا، وضرورة العودة دون تأخير إلى النظام الدستوري النيجري، والتشديد على شرعية الرئيس المنتخب.

عبدالرحمن تياني، القائد السابق للحرس الرئاسي في النيجر
القائد السابق للحرس الرئاسي في النيجر عبدالرحمن تياني

وترفض الدول الأجنبية المتحالفة مع النيجر حتى الآن الاعتراف بحكومة عبدالرحمن تياني، القائد السابق للحرس الرئاسي، والذي أعلنه قادة عسكريون رئيسا للدولة منذ يوم الجمعة.

ونقلت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عن محلل في الشؤون الأفريقية، قوله، إنه إذا استقال محمد بازوم من الرئاسة، فمن المحتمل أن تنتقل النيجر إلى قائمة الدول التي ستسعى مجموعة فاغنر إلى التوسع فيها، إذ تضع أنظارها بالفعل على النيجر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها منتج كبير لليورانيوم، تسعى إليه روسيا، في وقت شكّل فيه بازوم عائقًا أمام فاغنر بسبب موقفه المؤيد لفرنسا وأميركا وانتقاده فاغنر علنًا.

من جانبه، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض أن الإدارة الأميركية ليس لديها دليل على أن روسيا أو مجموعة "فاغنر" وراء الانقلاب، رغم أن المجموعة المسلحة الروسية تنشط في أفريقيا، ويقودها يفغيني بريغوجين حليف الرئيس فلاديمير بوتين.

وقف تصدير اليورانيوم

من جانبهم، بدأ القادة العسكريون تنفيذ خطوات عقابية من شأنها التأثير في فرنسا من خلال وقف صادرات الذهب واليورانيوم إلى باريس.

وتمثّل النيجر كنزًا ثمينًا لفرنسا بصفتها أحد أقوى حلفاء باريس في دول الساحل والصحراء، فضلًا عن كونها مصدرًا رئيسًا للإمداد باليوارنيوم المستعمل في إنتاج الكهرباء لملايين الأسر في فرنسا بصفة خاصة، وأوروبا بصفة عامة.

وزوّدت النيجر الاتحاد الأوروبي خلال عام 2021 بما يقرب من 25% من إمدادات اليورانيوم، إذ اشترت دول القارة العجوز نحو 2905 طنًا من يورانيوم النيجر، ما ساعد على إنتاج الكهرباء لملايين الأسر.

وكانت النيجر قد أقرّت في عام 2006 قانونًا بشأن المناجم لزيادة الضرائب على المعادن المستخرجة من 5.5% إلى 12%، مع إلغاء عدد من الإعفاءات الضريبية.

على الرغم من الإمكانات الكبيرة، لم تستفد النيجر على مدار تاريخها من ثراء تربتها من اليورانيوم، ففي 2020، لم تتجاوز مساهمتها في الميزانية الوطنية 1.2%، ووفقًا لبيانات البنك الدولي، يعدّ اليورانيوم ثاني أكبر صادرات النيجر من الناحية النقدية بعد الذهب.

وتحتلّ النيجر المرتبة 174 في قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، والتي تضم 177 دولة، فالبلاد غير قادرة على تجاوز معضلة الفقر التي يعاني منها الشعب، رغم كونها سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم.

ودفعت احتياطيات اليورانيوم في النيجر خلال السنوات الأخيرة العديد من الدول الأخرى للدول لمنافسة فرنسا على هذا المورد المهم، إذ استحوذت شركات صينية وأسترالية وأميركية وبريطانية وإيطالية وكندية وهندية وروسية على تصاريح للتنقيب.

وكان وزير المناجم النيجري يعقوبة هاديزاتو أوسيني قد أكد في تصريحات سابقة أن بلاده لديها 31 امتيازًا للتنقيب عن اليورانيوم و11 تصريحًا لتعدين اليورانيوم، سارية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق