ارتفاع الحرارة يفاقم تداعيات تغير المناخ ويعيد تشكيل اقتصاد العالم (تقرير)
توقعات بمزيد من الحرارة
حياة حسين
- اليونان تغلق متحف الأكروبوليس عدة ساعات في اليوم بسبب الحرارة.
- تحذيرات من مزيد من ارتفاع الحرارة وكوارث المناخ الطبيعية.
- الحرارة زادت بنحو 1.1 درجة مئوية في يوليو الجاري فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية.
- مسؤول بـ"الفاو" يحذر من ارتفاع الحرارة يسبب أزمة غذاء في الدول العربية.
تضرب موجة من ارتفاع الحرارة بصورة غير مسبوقة مختلف مناطق العالم، مؤكدة -باعتبارها إحدى الكوارث الطبيعية ضمن تداعيات تغير المناخ- أن حياة البشرية بدأت تتأثر، وتعيد تشكيل اقتصادات الدول.
ويرى كثير من الخبراء في أنحاء العالم أن ارتفاع الحرارة بات واقعًا، سيستمر في السنوات المقبلة؛ ما ينعكس على قدرات الدول الاقتصادية سلبًا، ما لم تستعد للسير قدمًا في ضوء تلك الحقيقة، حسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وكانت أحدث البيانات الصادرة عن خدمة "كوبرنيكوس" لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، قد أظهرت أن شهر يونيو/حزيران 2023، شهد أعلى درجات حرارة على مستوى العالم على الإطلاق؛ إذ زادت بمقدار 0.5 درجة مئوية فوق متوسط درجات الحرارة، للمدة بين عامي 1991 و2020، وفق ما ذكره موقع "يورونيوز".
وأشارت إعلانات الدول بشأن مستويات ارتفاع الحرارة بها منذ بداية شهر يوليو/تموز الجاري؛ إلى أنه قد يُسجِّل مستويات أعلى، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
سياحة اليونان ضحية
وقعت السياحة في اليونان، وهي أكثر الدول جذبًا للسياح على مستوى العالم، ضحية لمستوى جديد من ارتفاع الحرارة؛ إذ بلغت 40 درجة مئوية في جنوب البلاد، الأسبوع الماضي.
واضطرت السلطات إلى الإعلان عن إغلاق متحف الأكروبوليس في العاصمة (أثينا) لعدة ساعات خلال أوقات ذروة الحرارة باليوم، مع تكرر طلبات السائحين للرعاية الطبية بسبب تأثرهم بالحرارة.
وكشف ارتفاع الحرارة في اليونان عن مدى هشاشة دول أوروبا المطلة على البحر الأبيض المتوسط تجاه هذه الظاهرة الناجمة عن تداعيات تغير المناخ، كما أظهر أنها وجاراتها لا تختبر تلك الظروف بمفردها.
ولن تكون صناعة السياحة الوحيدة التي سيضطر المسؤولون عنها في أنحاء الدول للتعديل من طريقة الأداء لتتعامل مع واقع جديد يسمى "ارتفاع الحرارة"، بسبب تداعيات تغير المناخ.
تحذير بالتكرار
يحذر العلماء من أن كوارث وتداعيات تغير المناخ الطبيعية متضمنةً ارتفاع الحرارة، ستصبح متكررة، مع كل زيادة، حتى وإن كانت محدودة كسرية في درجة الحرارة العالمية.
وصعدت الحرارة خلال شهر يوليو/تموز 2023 بنحو 1.1 درجة مئوية فوق مستواها قبل الثورة الصناعية.
وسجّلت دول مثل أميركا وأوروبا وآسيا، الواقعة تحت ما يسمى بـ"القبة الحرارية" زيادة قياسية، كانت أكثرها من الصين وإيطاليا، وفق ما ذكرته صحيفة "فايننشال تايمز" واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتعمل القبة الحرارية على احتجاز الهواء الساخن ذي الضغط المرتفع في طبقة قريبة من سطح الأرض، بطريقة تشبه عمل الصوبات الزجاجية.
وتعاني الدول العربية مستويات غير مسبوقة من الحرارة، تجاوزت في بعض البلدان 50 درجة مئوية، وتعاني بعضها مثل مصر ظاهرة القبة الحرارية.
أزمة جوع
رغم أن دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا من أقل الدول إسهامًا في الانبعاثات المتسببة في الاحترار العالمي وتغير المناخ؛ فإنها تُعَد الأكثر تأثرًا بتداعيات تغير المناخ، خاصةً في صورة ارتفاع الحرارة والجفاف وتأثر هطول الأمطار.
وقال المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" الدكتور عبدالحكيم الواعر، خلال مؤتمر عُقد في العاصمة المصرية (القاهرة)، الأسبوع الماضي، وحضرته منصة الطاقة المتخصصة، إن موسم الشتاء الماضي لم يشهد سقوطًا للأمطار في المنطقة العربية.
وحذّر عبدالحكيم الواعر من أن تغير المناخ وما سبّبه من جفاف وارتفاع حرارة، يهدد 30% من سكان الدول العربية بالجوع، بسبب انعكاسات تلك الظواهر على إنتاج الغذاء.
وبحسب قادة أنشطة الأعمال وصناع السياسات -حاليًا- فإن تكلفة ارتفاع الحرارة تؤثر في الإنتاجية.
خسائر تداعيات تغير المناخ
أشارت دراسة أكاديمية حديثة إلى أن الأنشطة البشرية المتسببة في تغير المناخ، كلّفت الاقتصاد العالمي نحو 16 تريليون دولار خلال 21 عامًا منذ تسعينيات القرن الماضي حتى الآن.
وقالت مديرة مركز التكيف في مجلس الأطلسي "أدرين أرشت-روكفلر" كاثي باوغمان مكلود: "إن اقتصادنا ينخفض.. ارتفاع الحرارة يسحب اقتصاداتنا لأسفل؛ فالطرق السريعة تتوقف والقطارات تغلق أبوابها وتضطر المطاعم لتعليق أنشطتها بسبب حرارة المطابخ بالغة الصعوبة"
وأضاف وزير المناخ الدنماركي دان جورجنسن، "أن الأنباء الأكثر تراجيدية المتعلقة بمسألة ارتفاع الحرارة هي أنها تتجه لتصبح أسوأ".
ويؤثر ارتفاع الحرارة سلبًا في إنتاجية الإنسان؛ لأنها تسبب صعوبات في العمل.
وقالت المسؤولة في معهد "ميكانيكال إنجنيرينغ" لورا كنت: "إن نشاط العمال سيكون أبطأ؛ ما يعني مزيدًا من مخاطر الإنتاجية".
وكانت دراسة لمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة قد توقّعت أن العالم سيفقد 2% من ساعات العمل سنويًا بحلول 2030، نتيجة ارتفاع الحرارة، والتي ستُسَبِّب تباطؤًا في قدرة العمال على العمل.
سكان المدن
يواجه 200 مليون إنسان يقطنون المدن حاليًا مخاطر ارتفاع الحرارة، سيزيد هذا العدد بمقدار 8 أضعاف بحلول عام 2050، وفق مدير شبكة (سي 40) المناخية ساتشين بويت.
ولم تقرر سوى مجموعة محدودة من الدول قواعد لتوقف العمل لأسباب مناخية، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي بريطانيا، ونظرًا إلى أن ارتفاع الحرارة لم يكن ظاهرة تاريخية؛ فقد وضعت توصيات بتوقف أنشطة الأعمال عند انخفاض الحرارة إلى مستويات محددة.
وأظهرت دراسات عديدة أن المدن معرّضة بصورة أكبر لمخاطر ارتفاع الحرارة الخطير بسبب ظاهرة تُعرف باسم "الجزر الحرارية الحضرية"؛ إذ إن المباني والطرق والبُنى التحتية تمتص حرارة الشمس وتنشرها أكثر من مناطق الغابات والمناطق الريفية والمسطحات المائية، وفق ما ذكره موقع "دويتش فيله"، يوم الأربعاء 19 يوليو/تموز 2023.
لذلك وضعت أثينا، وهي المدينة اليونانية الأكثر جاذبية للزوار، خطة عمل شاملة لتوعية المواطنين حول مخاطر ارتفاع الحرارة والعمل على زيادة المساحات الخضراء.
وأنشأت أثينا المتنزهات العشر المعروفة باسم "بوكتباركس" والتي أقامتها على أرض غير مأهولة.
فوائد الأشجار
كشفت دراسة أجرتها جامعة ويسكونسن "ماديسون" الأميركية عن أن زراعة الأشجار وانتشار المساحات الخضراء يعملان على خفض حرارة الأرض خلال الصيف بمعدل 10 درجات فهرنهايت.
وتسعى اليونان في المستقبل القريب، إلى تحويل 30% من مساحة أثينا إلى مساحات خضراء، وفق تقرير "يورونيوز".
وتراهن دول أفريقية عدة، لا تزال تتمتع بمساحات شاسعة من الغابات على أشجارها في علاج تغير المناخ واقتحام سوق الكربون العالمية، لتوفير تمويلات لمشروعات تحول الطاقة، وفق خبراء مختلفين حاورتهم منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- السفر بالطائرات يهدد علاج تغير المناخ في سويسرا (مسح)
- تغير المناخ في أفريقيا يطارد التمويل وقناعات قادة الدول (تقرير)
- 13 من قادة العالم يتعهدون بدعم العمل المناخي في قمة كوب 28
اقرأ أيضًا..
- التخلص من الوقود الأحفوري.. ما بين الحرب النفسية والانتقال الوهمي للطاقة (تقرير)
- ما علاقة العقوبات على إيران بصفقة زيت الوقود العراقي؟ أنس الحجي يجيب
- سيناريو واحد فقط يصعد بأسعار النفط إلى 100 دولار