تقارير النفطرئيسيةنفط

غاز النفط المسال يرسم مستقبل الطهو النظيف في أفريقيا

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يتسارع استعمال غاز النفط المسال في أفريقيا لأغراض الطهو النظيف
  • غاز النفط المسال هو منتج ثانوي في عملية إنتاج النفط والغاز
  • يتحول الكثير من الدول الأفريقية نحو تطوير مصادر طاقة متجددة
  • التكلفة من التحديات التي تواجه استعمال غاز النفط المسال
  • استحدثت دول أفريقية تقنيات مهمة لإدارة تكاليف الطهو باستعمال غاز النفط المسال

تتزايد أهمية غاز النفط المسال في أفريقيا يومًا تلو الآخر، بعد أن برز أحد أهم مصادر الوقود الأحفوري منخفضة الكربون، ما يجعل استعماله مثاليًا لأغراض الطهو النظيف.

ورغم سهولة النقل والتخزين، تبقى هناك تحديات عديدة قد تعرقل ازدهار تلك السلعة الإستراتيجية في القارة السمراء، وهو ما يتعين معه مواجهتها على مستوى الحكومات، بهدف جذب الاستثمارات الخاصة اللازمة للتوسع في تلك السوق الحيوية.

وفي هذا الإطار، يحتاج سكان أفريقيا الذين تتنامى أعدادهم بوتيرة سريعة إلى طاقة نظيفة وحديثة في منازلهم، إذ ما يزال أكثر من 900 مليون شخص، أو ما يعادل 85% من سكان القارة، يعتمدون على الوقود الحيوي الصلب (مثل الخشب وفحم الكوك)، والكيروسين لأغراض الطهو، وفق تقرير لموقع "ذا كونفيرزيشن" الأسترالي.

وتتسبب مصادر الطاقة تلك في انبعاثات كثيفة من غاز ثاني أكسيد الكربون، إلى جانب كونها غير آمنة، أو حتى كافية، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

الطاقة المتجددة

يتحول الكثير من الدول الأفريقية -الآن- نحو تطوير مصادر طاقة متجددة لسدّ تلك الفجوة، وتشتمل تلك المصادر على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية والإيثانول وموارد الغاز الحيوي.

وحددت وكالة الطاقة الدولية غاز النفط المسال بوصفه أهم وقود للطهو النظيف خلال مرحلة التحول تلك، مشيرة إلى أنه أكثر خيار عملي ومتوافر وميسور التكلفة بين الخيارات الحالية المتاحة.

وغاز النفط المسال هو منتَج ثانوي في عملية إنتاج النفط والغاز، ورغم أنه يعدّ من مصادر الوقود الأحفوري، فإنه أحد أقلّ تلك المصادر خطورة على المناخ، بالنظر إلى كفاءة حرقه، إلى جانب ارتفاع محتوياته من الهيدروجين نسبة إلى الكربون، ما ينتج عنه طاقة أعلى وانبعاثات كربونية أقلّ.

وبخلاف الخشب والفحم، لا يعتمد غاز النفط المسال على احتياطيات الغابات، كما أنه لا يُسهم بقوة في انبعاثات الكربون الأسود والميثان، اللذين يُعدّان من أكثر العوامل المسببة للاحترار العالمي.

محطة طاقة شمسية على سطح أحد المباني
محطة طاقة شمسية على سطح أحد المباني -الصورة من .thoughtco

سيناريو أفريقيا المستدامة

في العام الماضي (2022)، كشفت وكالة الطاقة الدولية عمّا أسمته "سيناريو أفريقيا المستدامة"، والذي ينصّ على أنه بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، سيستعمل نصف الأسر في القارة السمراء غاز النفط المسال، في حين ستستعمل 10% منها الكهرباء و 10% (الغاز الحيوي) و 6% (وقود الكحول)، وستظل 41% من أسر القارة تستعمل الكتلة الحيوية الصلبة.

إلّا أن السرعة المطلوبة لتحقيق تلك التوقعات على الأرض هائلة -على ما يبدو، فالوصول إلى الطهو النظيف في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ( يُطلق عليها أيضًا "أفريقيا السوداء") يحتاج إلى التحسن بوتيرة أسرع بنحو 15 مرة خلال المدة من عام 2022 إلى عام 2030، مقارنة بما كانت عليه قبل ذلك.

مميزات عديدة

توقّع خبراء أنه على مدى السنوات الـ10 إلى 20 سنة المقبلة، سيكون غاز النفط المسال هو الوقود النظيف الوحيد الذي يستوفي كل المعايير، مشيرين إلى أنه يلبي احتياجات الأسر، كما أنه سهل النقل والتخزين، إلى جانب كونه متاحًا -الآن- بالكميات المطلوبة.

ومنحت العديد من الحكومات الأفريقية الأولوية لاستعمال غاز النفط المسال بهدف تأمين طهو نظيف وحماية الغابات، إلى جانب الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا لا يلقى غاز النفط المسال رواجًا في أفريقيا، رغم كونه وقودًا نظيفًا وأكثر كفاءة، مقارنة بمصادر الوقود الأحفوري الأخرى؟

عراقيل في الطريق

هناك بعض العوامل التي تؤثّر في استعمال غاز النفط المسال على نطاق واسع، ما يتعين على الحكومات الأفريقية وضعها في الحسبان عند استحداث أيّ إستراتيجيات لتعزيز هذا الوقود النظيف، وهذه العوامل هي:

التكلفة

تكلفة شراء أسطوانة غاز نفط مسال وموقد قد تكون باهظة بالنسبة للأسر الفقيرة، لكن استعمال هذا الوقود في الطهو ليس أكثر كلفة من شراء الخشب أو فحم الكوك أو الكيروسين.

ويمكن أن تؤثّر عوامل عدّة في أسعار غاز النفط المسال، فعلى سبيل المثال، رفعت الحرب الروسية-الأوكرانية التي اندلعت شرارتها في 24 فبراير/شباط (2022) تكلفة غاز النفط المسال في كينيا.

وفي هذا الخصوص، يمكن للسياسات الحكومية أن تساعد المستهلكين، فعلى سبيل المثال، خفضت الحكومية الكينية ضريبة القيمة المضافة المفروضة على إعادة ملء أسطوانة غاز النفط المسال من 16% إلى 8% في يوليو/تموز (2022) لتشجيع المواطنين على استعمال هذا الوقود النظيف.

ولم تكتفِ نيروبي بهذا الخفض فحسب، بل أعلنت -مؤخرًا- -خططًا مماثلة لإلغاء ضريبة القيمة المضافة تلك كلّيًا.

وفي هذا الإطار، استحدثت دول أفريقية تقنيات مهمة لإدارة تكاليف الطهو باستعمال غاز النفط المسال، من بينها "الدفع أولاً بأول"، وهي طريقة تستعمل العدادات الذكية وتقنيات الأموال المتنقلة، ما يتيح للأسر الفقيرة شراء كمية الغاز التي تحتاجها يوميًا.

محطة لإنتاج غاز النفط المسال
محطة لإنتاج غاز النفط المسال – الصورة من en.trend.az

موثوقية وسلامة الإمدادات

تتطلب الإمدادات المحلية الآمنة لغاز النفط المسال استثمارات ضخمة لمساعدة الشركات على النمو، إلى جانب لوائح تنظيمية مفعلة لضمان أفضل الممارسات.

ولعل الأساس في كفاءة أداء أسواق غاز النفط المسال يتمثل باستعمال نموذج إعادة تدوير الأسطوانة، وذلك حينما تكون شركات التسويق التي توزع وتبيع غاز النفط المسال مسؤولة -أيضًا- عن المحافظة على سلامة أسطواناتها.

وبموجب هذا النموذج، عندما يحتاج العملاء لمزيد من الغاز، فإنهم يستبدلون أسطوانة كاملة آمنة بأخرى فارغة، ويتبنى العديد من الدول الأفريقية، مثل الكاميرون، هذا النموذج -حاليًا- وتطبّقه منذ سنوات.

إحجام المتبرعين عن الاستثمار

لم تعد المخاوف إزاء استعمال غاز النفط المسال لأغراض الطهو في أفريقيا لكونه وقودًا أحفوريًا، في محلّها -الآن-، لا سيما في ضوء التقدم الكبير الذي يُحرَز لتحقيق هدف التنمية المستدامة السابع (إس جي دي 7).

و"إس جي دي 7" هو أحد بنود أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي أقرّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2015، ويستهدف إتاحة مصادر طاقة حديثة ومستدامة يمكن الاعتماد عليها بتكلفة ميسورة للجميع.

وهناك أدلة على أنّ تحوُّل السكان من الكتلة الحيوية الصلبة إلى غاز النفط المسال من الممكن أن يجلب فوائد صحية كبيرة، مع تأثير طفيف في التغيرات المناخية وحماية موارد الغابات.

وينبغي أن تُبنى السياسات كذلك على مبادئ العدالة البيئية، ومقارنة بالدول الغنية، فإن مساهمة دول أفريقيا في التغيرات المناخية ضئيلة جدًا مقارنة بدول القارات الأخرى، إذ إن الطهو بالكتلة الحيوية ينتج عنه غازات دفيئة أكثر بنسبة 60% على الأقلّ، مقارنة بغاز النفط المسال.

وعلى هذا الأساس، ينبغي أن يتحرك المجتمع الدولي بسرعة لدعم الحكومات الأفريقية في تأمين استعمال واسع النطاق لهذا الوقود النظيف لأغراض الطهو، إلى جانب تطوير بدائل طاقة متجددة يمكن أن تحلّ في النهاية محلّ الوقود الأحفوري.

ويمكن أن يساعد هذا النهج في تحقيق الوصول العالمي إلى الطاقة الحديثة النظيفة بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، دون تهديد أهداف خفض الاحترار العالمي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق