الري بالطاقة الشمسية أمل مزارعي أفريقيا لتحسين ظروفهم المعيشية
نوار صبح
- تتزايد الدعوات لزيادة الري في جميع أنحاء القارة الأفريقية محاولةً لتحسين الأمن الغذائي
- الري من المياه الجوفية يُعدّ حلًا واعدًا لأنه لا يحتاج إلى المعالجة
- معظم عمليات ضخ المياه الجوفية الريفية في أفريقيا تجري حاليًا بالمضخات اليدوية المجتمعية
- مشكلات التركيب والصيانة تعني أن التكنولوجيا ليست منتشرة كما ينبغي
يرى العديد من الخبراء أن التحول إلى الري بالطاقة الشمسية من خلال تشغيل مضخات المياه الجوفية، يمكن للمزارعين في المناطق المنكوبة بالجفاف وغير المتصلة بالشبكة في أفريقيا وأماكن أخرى استعماله لريّ الحقول، ويسهم في زيادة دخلهم وتحسين ظروفهم المعيشية.
ويؤكد المزارعون أهمية نشر المزيد من المعلومات أو الأخبار عن استعمال الطاقة الشمسية في الري، بما في ذلك كيفية الوصول إلى التكنولوجيا ودفع ثمنها، وخيارات التمويل المتاحة لتمكين تركيب المضخات العاملة بالطاقة الشمسية، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
عالميًا، تُروى 20% من الأراضي الزراعية بالمياه الجوفية، ولكن هذا الرقم ينخفض إلى 5% فقط في أفريقيا، وفقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
أهمية الري بالطاقة الشمسية
تتزايد الدعوات لزيادة الري بالطاقة الشمسية في جميع أنحاء القارة السمراء محاولةً لتحسين الأمن الغذائي، إذ أصبحت تأثيرات تغير المناخ حقيقة يومية، كما كتب باحثون في ورقة نُشرت في مجلة كوميوني كيشنز إيرث آند إنفيرونمنت، التابعة لمجموعة نيتشر، في فبراير/شباط 2023.
ويُعدّ الري من المياه الجوفية حلًا واعدًا لأنه على عكس المياه السطحية لا يحتاج إلى المعالجة، كما يقول باحثون من جامعة باريس.
وتجري معظم عمليات ضخ المياه الجوفية الريفية في أفريقيا، حاليًا، بمضخات يدوية مجتمعية، ولكن "مشكلات التركيب والصيانة" تعني أن التكنولوجيا ليست منتشرة كما ينبغي، كما يقول الأستاذ المساعد بجامعة باريس ساكلي، سيمون مونييه وزملاؤه.
يرى العديد من الخبراء أن الري بالطاقة الشمسية قد يسهم في وضع حلّ لتداعيات أزمة التغير المناخي، إذ تراجعت جودة أكثر من 700 مليون هكتار من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء القارة.
وتخسر قارة أفريقيا 4 ملايين هكتار إضافية سنويًا من الأراضي، ويتزامن ذلك مع حالات الجفاف وانعدام الأمن الغذائي الذي يُجبر الناس على الهجرة، ويُضعف التنوع البيولوجي ويُؤثّر في الحياة وسُبل العيش.
وقال سيمون مونييه: "إن "أهداف التنمية المستدامة تدعو إلى مستوى أعلى من الخدمة، مع توفير المياه الصالحة للشرب بشكل موثوق في المنازل الفردية،" حسبما نشره موقع إنرجي مونيتور (energymonitor).
وقال الباحثون: "تعدّ أنظمة الضخ التي تعمل بالطاقة الكهروضوئية حلًا واعدًا لتحسين الوصول إلى المياه في العديد من المناطق خارج الشبكة دون زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري".
وأضافوا: "إنها قادرة على المنافسة اقتصاديًا في العديد من المجالات، وقد أدى التقدم التكنولوجي إلى زيادة عمرها التشغيلي، وأظهرت دراسات الحالة المحلية نتائج واعدة ".
المضخات الشمسية.. إمكانات السوق
ترى "حملة الطاقة للجميع" غير الربحية أن مضخات الري بالطاقة الشمسية لديها القدرة على تزويد المزارعين في أفريقيا والبلدان الأخرى التي تكافح من أجل الوصول إلى المياه خارج الشبكة ببعض المكاسب السهلة، في شكل مصدر مياه موثوق به وفعال من حيث التكلفة وصديق للبيئة.
وتشير إلى أن تلك المضخات تتيح زيادة الوصول إلى مياه الشرب والطهي الصحية، وتستغرق وقتًا وجهدًا أقلّ في جمع المياه وزيادة فرص الحصول على الكهرباء وتقليل فقر الطاقة.
في عام 2020، بلغت قيمة السوق العالمية لمضخات الري بالطاقة الشمسية 2.38 مليار دولار، من المتوقع أن تصل إلى 5.64 مليار دولار بحلول عام 2028، بحسب "حملة الطاقة للجميع" (باور فور أوول).
خلال ندوة منقولة بتقنية الاتصال المرئي، استضافتها "حملة الطاقة للجميع"، كان المزارعون الذين تحدّثوا عن تجاربهم مع مضخات المياه بالطاقة الشمسية متحمسين لهذه التكنولوجيا، وأشاروا إلى أن فرصة أن تصبح أكثر انتشارًا دون حملات إعلامية أفضل.
خلال الندوة، قال مزارع من أوغندا، نيلسون كيكونغوي: "محاصيلي الآن جيدة جدًا، ولا أعاني من مشكلات"، مشيرًا إلى أنه شهدَ تحسنًا كبيرًا في إنتاجه منذ تركيب مضخته والقدرة على ري محاصيله، بحسب موقع إنرجي مونيتور (energymonitor).
وأوضح أنه يستعمل مضخة الري بالطاقة الشمسية لرش محاصيله ولضخّ المياه لقبيلته ولعائلته، ملمّحًا إلى أنه لم يعرف النظام إلّا عن طريق الصدفة، عند "البحث في موقع فيسبوك"، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
من ناحيتها، تروي المزارعة الأوغندية إدونيا كونسوليت، من مدينة آروا شمال غرب العاصمة الأوغندية كمبالا، قصة مماثلة.
وقالت، إنها اختارت شراء مضخة مياه تعمل بالطاقة الشمسية، في عام 2022، لزيادة الإنتاج عن طريق ريّ الطماطم التي تزرعها في البيت الزراعي البلاستيكي لديها، لبيعها لجيرانها وسوق أروا الرئيس والفنادق والأسواق الصغيرة في المراكز التجارية القريبة.
وأوضحت إدونيا كونسوليت أنها دفعت 1200 دولار ثمن مجموعة الطاقة الشمسية، بموجب قرض منخفض الفائدة تسدّده شهريًا.
وأضافت: "كنت أعتمد على إمدادات المياه الوطنية وجمع مياه الأمطار، ولكن في بعض الأحيان لا تهطل الأمطار، وفي بعض الأحيان لا يمكن الاعتماد على إمدادات المياه الوطنية".
ليست حلا سحريًا
لا تُعدّ مضخات المياه الجوفية الشمسية حلًا سحريًا، كما يخلص مقال نشره خبراء من معهد النمو الأخضر العالمي عام 2019.
ويحذّر المقال من أن الإفراط في استعمالها يمكن أن يسهم في "أزمة المياه الجوفية بالعالم، وأشاروا إلى أن "الري بالطاقة الشمسية لا يكاد يكون له أيّ تكاليف هامشية، ويمكن للمضخات أن تستمر في العمل حتى عندما لا تكون هناك حاجة فعلية للمياه أو تُستعمل في المحاصيل منخفضة القيمة أو المحتاجة للمياه".
وأكدوا: "إذا تسبّبت مضخات الديزل والكهرباء في حدوث أزمة، فإن الطاقة الشمسية لديها القدرة على تفاقمها."
على صعيد آخر، يمكن أن يكون أحد الحلول لتقليل مخاطر استنفاد المياه الجوفية بوساطة الري بالطاقة الشمسية هو ربط أنظمة الري بشبكات الكهرباء، حيثما يكون ذلك ممكنًا، وفقًا لما يقترحه علماء من الهند، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويستشهد العلماء بمخطط تجريبي من بلادهم يوضح أنه عندما لا يكون المزارعون متصلين بالشبكة، فإنهم يستعملون كل طاقتهم المولدة من الطاقة الشمسية لريّ حقولهم وحقول جيرانهم، ولكن عند الاتصال بالشبكة، باعوا قدرًا كبيرًا من الكهرباء حسب استطاعتهم، واستعملوا 35% فقط ممّا أُنتِج من أجل الضخ.
بهذه الطريقة، يمكن أن تصبح مبيعات الطاقة الشمسية "مصدرًا إضافيًا للدخل للمزارعين، وتسهم في الشبكة الوطنية، ويمكن أن تقلل الدعم الحالي للوقود الأحفوري للري"، وفقًا لخبراء معهد النمو الأخضر العالمي.
اقرأ أيضًا..
- العراق يحاول إحياء خطوط أنابيب النفط مع 3 دول عربية في مقدمتها السعودية
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر.. استثمارات ضخمة وتحديات قد تعرقل الحلم (خاص)
- عقود الغاز المسال طويلة الأجل تنتعش من جديد.. وطفرة في سلطنة عمان (تقرير)