أخذت أزمة الوقود في باكستان منعطفًا جديدًا مع الكشف عن تطور قد يهدد بتفاقم الأوضاع في البلاد التي تعاني أزمة حادة في توفير العملة الأجنبية اللازمة للاستيراد.
وكشف تجار النقاب عن زيادة معدلات تهريب الوقود الإيراني إلى الأراضي الباكستانية عبر الحدود، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
وارتفعت نسبة الديزل الإيراني المهرب إلى 35%، الذي انتشر في جميع أنحاء باكستان، بحسب تقرير لرابطة تجار النفط، اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
في السابق، كان الوقود الإيراني يُهرّب بنسب محدودة عبر مقاطعة بلوشستان الحدودية التي تُعد مسرحًا لجماعات انفصالية متمردة تطالب بالاستقلال، بحسب الرابطة.
الوقود الإيراني إلى باكستان
كانت وزارة الطاقة طلبت من قوات الأمن تضييق الخناق على مهربي الوقود الإيراني، وفي مذكرة رسمية أقرت الوزارة بأن مبيعات الديزل انخفضت بأكثر من 40% بسبب عمليات التهريب.
وتأتي معظم واردات الوقود في باكستان من دول الشرق الأوسط، إلا أن الوقود الذي تشتريه من الخارج يُهرّب -أيضًا- عبر الحدود غربًا مع إيران، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويُعد الوقود الإيراني أرخص بنحو 53 روبية (0.1235 دولارًا أميركيًا) مقارنة بالسعر الرسمي لسعر بيع اللتر بالتجزئة، بحسب منصة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس.
ويقول تقرير المنصة: "حقّق تجار القطاع الخاص أرباحًا كبيرة عبر بيع الديزل الإيراني بأرخص بمقدار 35 روبية للتر، مقارنة بالتجارة المحليين".
يأتي ذلك في الوقت الذي سجلت فيه نسبة التضخم ارتفاعًا قياسيًا بلغ 36.4% في أبريل/نيسان المنصرم، وهو ما قلّص القوة الشرائية لكل من المواطنين والشركات.
وجاءت ضغوط الأسعار المتزايدة على المواطنين، في أعقاب رفع البنك المركزي أسعار الفائدة، وذلك على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في تعطل الإمدادات ورفع الأسعار.
أسعار الوقود في إسلام آباد
تستورد باكستان 70% من احتياجاتها من البنزين، بالإضافة إلى 60% من الديزل، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويُقدّر حجم الواردات النفطية بنحو 30 ألف طن متري من البنزين، و200 ألف طن متري من الديزل، و650 ألف طن متري من النفط الخام، بتكلفة إجمالية قيمتها 1.3 مليار دولار أميركي شهريًا.
وكان وزير النفط الباكستاني مُصدق مالك، قد أعلن في فبراير/شباط 2023، أن بلاده لديها مخزون من البنزين يكفيها لمدة 21 يومًا فقط، في حين يكفي الديزل احتياجات البلاد لمدة 29 يومًا.
وتواجه البلاد عجزًا حادًا في ميزان المدفوعات، بسبب شح الدولار الكافي للدفع مقابل الواردات لتلبية الطلب المحلي المتزايد، بالإضافة إلى انخفاض قيمة العملة المحلية.
وسعيًا للخروج من الأزمة التي تؤرّق الباكستانيين، لجأت الحكومة إلى صندوق النقد الدولي للإفراج عن حزمة إنقاذ بقيمة 1.1 مليار دولار أميركي.
واشترط الصندوق رفع أسعار الوقود في باكستان، التي شهدت زيادة بمقدار 143 روبية (0.50 دولارًا أميركيًا) بنسبة زيادة 100% على مدار الأشهر الـ12 الماضية.
أضرار لصناعة النفط الباكستانية
نقلت وزارة الطاقة عن هيئة تنظيم النفط والغاز قولها، إن قرابة 4 آلاف طن يوميًا من الوقود الإيراني المهرب إلى باكستان تسببت في خسائر تُقدّر بنحو 10.2 مليار روبية شهريًا.
وقالت رابطة تجار النفط، إن الوقود الإيراني المهرب إلى باكستان يضر بالصناعة التي تعاني تراجع المبيعات.
واتهم رئيس الرابطة، عبدالسامي خان، الحكومة بالتسبب في ذلك، قائلًا: "أعتقد أنها تسمح بتهريب النفط الإيراني إلى داخل البلاد بسبب نقص العملة الأجنبية".
وأضاف: "في السابق، كان الوقود المهرب مقصورًا على بلوشستان، إلا أنه انتشر في كل مكان"، بحسب التصريحات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت مبيعات النفط الباكستاني سجلت انخفاضًا كبيرًا بنسبة 46% إلى 8.8 مليون برميل في أبريل/نيسان الماضي، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي (2022)، بحسب المجلس الاستشاري لشركات النفط.
وتبع ذلك انخفاض في مبيعات الديزل بنسبة 50% على أساس سنوي -باستثناء الديزل المهرب- مقارنة بالعام الماضي.
*(الروبية الباكستانية = 0.0035 دولارًا أميركيًا)
استيراد النفط الروسي
سعيًا نحو تأمين إمدادات رخيصة من الوقود في باكستان، لجأت الحكومة إلى تقديم أول طلب لاستيراد خام الأورال الروسي بخصم 30%، الذي ستعالجه المصافي المحلية في أبريل/نيسان المنصرم.
ومن المتوقع أن تصل الإمدادات إلى 100 ألف برميل يوميًا، كما تأمل باكستان بأن يلبي النفط الروسي نحو 35% من احتياجاتها النفطية.
يُشار إلى أن واردات إسلام آباد من الطاقة خلال العام المالي الماضي شكّلت 29% من إجمالي واردات البلاد، وبلغت 23.3 مليار دولار أميركي.
وخلال العام المالي الحالي، استوردت إسلام آباد منتجات طاقة بقيمة 7.7 مليار دولار، وفقًا لمكتب الإحصاء الباكستاني، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
أزمة في مصافي التكرير
تواجه المصافي المحلية مشكلات تتعلق باستيعاب المخزون، بسبب عمليات التهريب، كما أقرت وزارة الطاقة بوجود تهديد يتعلق بانعدام أمن إمدادات المنتجات النفطية -غير الديزل- بسبب عمل المصافي بطاقة تشغيلية تتراوح بين 50 و70% فقط.
وفي وقت سابق من شهر مايو/أيار الجاري، قالت مصفاة تكرير شركة أتوك ليمتد (إيه آر إل) في إفصاح للبورصة، إنها ستعمل بطاقة 25% تقريبًا بسبب تراجع المبيعات، وعزت الأمر إلى "أسباب متعددة من بينها التدفق المحتمل لمنتجات مهربة في المعروض لدينا".
وسبق ذلك إعلان الشركة في ديسمبر/كانون الأول 2022 إغلاقًا مؤقتًا آخر، بسبب ضعف الطلب على زيت الوقود ونقص التكنولوجيا، وفقًا لصحيفة ذا إكسبريس تربيون المحلية (tribune).
ويُهدد الإغلاق الجزئي لمصافي التكرير بانخفاض إنتاج المشتقات النفطية خاصة البنزين والديزل؛ ما ينذر بتفاقم أزمة الوقود في باكستان.
موضوعات متعلقة..
- صندوق النقد الدولي يترقب مقترح تسعير الوقود في باكستان قبل التوقيع
- أزمة الوقود في باكستان تشتعل.. وملاحقة المحطات المتورطة بإجراءات رادعة
- أزمة الوقود في باكستان تتفاقم بعد إغلاق إحدى المصافي الرئيسة مؤقتًا
اقرأ أيضًا..
- إدارة معلومات الطاقة تخفّض توقعات أسعار النفط إلى أقل من 80 دولارًا
- انخفاض واردات الصين من النفط مع زيادة الغاز.. ما السر؟
- مبيعات الطاقة الشمسية خارج الشبكة عالميًا تتعافى لمستويات ما قبل كورونا (تقرير)